ما هي الحقائق المرتبطة بعلاقة سيف العدل مع إيران؟
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 13 إلى 19 مايو 2024. وأبرز عناوينها:
- ما هي الحقائق المرتبطة بعلاقة سيف العدل مع إيران؟
- هيئة تحرير الشام تفض اعتصام إدلب مستنسخين سلوك النظام في دمشق
وضيف الأسبوع، الأستاذ حسام جزماتي، الكاتب والباحث السوري، يحدثنا عمّا يريده زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني من إدلب وعن احتمال تمدده إلى الشمال.
مصرع الرئيس الإيراني
ربما كانت المعارضة السورية الأكثر ابتهاجاً بمصرع الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم المروحية يوم 19 مايو.
ما إن تواترت الأنباء عن فقدان الاتصال بالمروحية، حتى انتشرت في صفحات المعارضين في إدلب تحديداً صور التبريك من تقديم الحلوى إلى المسيرات احتفاءً. في وقت لاحق نُقل أن مساجد إدلب صدحت بالتكبير، فالصواريخ الإيرانية لا تزال تفتك بالسوريين في الشمال والشرق.
حساب مزمجر الثورة السورية دعا على ”ملالي إيران وكل أذنابهم“ الذين ”احتلوا أربع عواصم عربية وقتلوا الملايين من الأبرياء.“
في هذا اتفق أنصار هيئة تحرير الشام مع معارضيها. القيادي الشرعي عبدالرحيم عطون كتب: ”سواء كان مصرع بعض رؤوس الإجرام والطغيان في إيران بسبب استهداف أمني، أو كان حادثًا طبيعيًا؛ فإننا نحمد الله على ذلك والفرحة تغمر قلوبنا.“
أما الصحفي الموالي طاهر العمر نشر صورة ”خواتم“ تذكيراً بالخاتم الباقي من اغتيال قاسم سليماني القيادي في الحرس الثوري الإيراني في بغداد 2020.
لكن في الاتجاه الآخر، ذكّر أبو يحيى الشامي، المنشق عن الهيئة، بما قاله سابقاً عن وجود ”تفاهمات“ بين إيران وزعيم الهيئة أبي محمد الجولاني، بقرينة ”عدم فتح جبهات“ في مناطق التماس مع القوات الإيرانية في محيط إدلب؛ وبقرينة أن ”البضائع الإيرانية تدخل من باب الهوى، تحت عين الجولاني، وله النسبة الأكبر من الأرباح.“
القاعدة وسيف العدل وإيران
وهكذا، إذا كان تعطيل جماعة ”جهادية“ قتال إيران، وميليشياتها، في مناطق التماس دليلاً على تفاهمات من نوع ما، فماذا يقول أنصار القاعدة في تعطيل فرع اليمن قتال الحوثيين المدعومين إيرانياً مقابل مماحكة اليمنيين من أهل السنة؟ .
تحتفي مجموعات أنصار القاعدة التي نرصدها باقتباسات من ”القائد“ سيف العدل، الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة ساكن طهران، وهنا نأتي مرة أخرى إلى العلاقة بين إيران والقاعدة.
في هذا الملف، ثمة حقائق يتناساها أنصار القاعدة أو يجهلونها جملة وتفصيلاً. هذه حقائق قد لا تتعارض بالضرورة مع موقف معلن في أدبيات التنظيم الأرشيفية التي ما انفك يتمسح بها أنصار القاعدة باحثين عن قبس من نور ومخرج من المأزق كما مأزق مناصرة حماس؛ لكنها بالمطلق حقائق لا تُنكر ولا تُأول.
أولاً: صحيح أن سيف العدل كان ضمن صفقة التبادل في 2015 لكنه لم يغادر إيران. والشاهد هو أبو القسام الأردني خالد العاروري، صهر أبي مصعب الزرقاوي ونائبه. العاروري كان ضمن تلك الصفقة وغادر إيران إلى الشام.
في أكتوبر 2017 في ذروة الجدل بين القاعدة وهيئة تحرير الشام حول فك الارتباط، ذكر العاروري أن سيف العدل كان في طهران في ذلك الوقت يعيش ”حياة طبيعية“ وإن لم يُسمح له بالسفر. إذاً على الأقل حتى أكتوبر 2017 ، كان سيف العدل حراً طليقاً في إيران. هل غادر بعد ذلك التاريخ؟ ربما. لكن الشاهد هنا أن أنصار القاعدة يحسمون خروج سيف العدل من طهران في صفقة 2015. وهذا غير صحيح.
العاروري ذكر أيضاً أن أبا محمد المصري كان مع سيف العدل. المصري كان ضمن الصفقة ولكنه لم يغادر. في أغسطس 2020، اغتال الموساد المصري وابنته في قلب طهران. خبيب السوداني، القيادي في قاعدة اليمن، وثّق خبر الاغتيال في كتابه ”شذرات“ في طبعة 2021وطبعة 2023. فهل نقل السوداني كلاماً مرسلاً؟ الشاهد هنا هو أن قياديي القاعدة لا يزالون في طهران حتى بعد تاريخ أكتوبر 2017.
الحقيقة الثانية هي أن إيران هي من عرضت على قيادات القاعدة ”استقبالهم“ بعد هجمات سبتمبر وهذا بشهادة أبي حفص الموريتاني الذي كان مفتي القاعدة ورئيس اللجنة الشرعية فيها حتى قبيل الهجمات. أبو حفص استقال من التنظيم احتجاجاً على تنفيذ هجمات سبتمبر. فهل جانب أبو حفص الصواب؟ أم أنه شخص لا يعتد أنصار القاعدة بكلامه؟
الحقيقة الثالثة، وعوداً على بدء، الأثر الإيراني في سلوك القاعدة بادٍ للعيان في تحييد التنظيم الحوثيين المدعومين إيرانياً في اليمن بقرينة ما ينقله بل ويتفاخر به إعلام التنظيم نفسه. فهل بالغت مؤسسة الملاحم في نقل صور ”سهام الحق“ التي ما انفكت تكتمل منذ عامين تقريباً؟.
القاعدة وإسرائيل
أصدر إعلام القاعدة الرديف العدد الرابع من مجلة ”وحرض المؤمنين.“ لفت مقال في هذا العدد يبدأ بسؤال يحمل في طياته الجواب: ”(ما هو) موضع القاعدة من استهداف الصهاينة اليهود، لماذا لم نسمع أو نر عمليات تستهدفهم بينما نراهم – أي القاعدة – ينفذون عمليات ضد دول عديدة أخرى، فما السبب؟“
يجتهد كاتب المقال في تبرير سلوك القاعدة هذا باللجوء إلى ذات الحيلة التي ابتكرها أسامة بن لادن عندما خالف الملا عمر في تنفيذ هجمات سبتمر. الملا عمر أذن بضرب ”اليهود“ بعد أن أراه بن لادن صوراً لضحايا القمع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
وكان واضحاً أنه لم يأذن له بضرب أمريكا أو مصالحها لا في الداخل ولا الخارج. وهذا ثابت في شهادات كبار القاعدة من أمثال أبي محمد المصري كما جاء في كتابه ”عمليات ١١ سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك ” المنشور في 2022؛ وأبي بصير الوحيشي في مذكرات صحيفة المسرى في 2016. وعليه، فإن استهداف المواطن التونسي يهودي الدين الآمن في بلده لا صلة له باستهداف إسرائيل أو مصالحها.
وتلفت في هذا المقال الفقرة الأخيرة حيث يقول الكاتب إن القاعدة نفذت عمليات كثيرة ضد ”اليهود“ والمصالح الإسرائيلية في العالم إلا أن ”أغلب تلك العمليات لم يسمع عنها من المسلمين إلا نفر يسير وذلك لعدة أسباب لعل أهمها الضعف الإعلامي الذي عند المجاهدين.“ المفارقة أن هذه المجلة قائمة الآن وبإمكانهم الكشف عن تلك العمليات.
اعتصام إدلب
ربما كان لاعتصام إدلب أمام المحكمة العسكرية شأن لو استمر؛ بدليل الطريقة التي فضّت فيها هيئة تحرير الشام جموع المعتصمين.
الاعتصام بدأه في 12 مايو الجاري مهاجرون طالبوا بالإفراج عن أقرباء وأصدقاء يقولون إنهم معتقلي رأي. فالهيئة أطلقت سراح المئات خلال الأشهر الماضية بعضهم ثبتت عليه تهمة العمالة والجاسوسية؛ فلم لا تفرج عمّن يعارضها علناً؟.
توسعت دائرة الاعتصام لتشمل أطياف معارضي الهيئة في إدلب حتى اعتبره البعض إحياءً للثورة. لكن بعد يومين، انقضّ أمنيو الهيئة ملثمين على المعتصمين فضربوا وشتموا وقيل إنهم أطلقوا الرصاص، وانتهى الاعتصام.
المعارضون ساووا بين سلوك الهيئة تجاه المعتصمين وسلوك نظام الأسد في حالات مشابهة. وهكذا تواصلت التظاهرات التي انطلقت منذ عام تقريباً تحت شعارات ”الثورة السورية الثانية،“ و ”الجولاني عدو الثورة.“
في اليوم التالي، التقى زعيم الهيئة، أبو محمد الجولاني“ مع ”وجهاء المناطق المحررة“ لحسم ما قد يُقال عن أحداث الثلاثاء 14 مايو. فبرر ما حدث بأنه محاولة للتصحيح. وقال إن مطالب أهل إدلب ”انحرفت عن مسارها الحقيقي، وتحولت إلى حالة من التعطيل للمصالح العامة.“
لكن أشد المتحمسين لفض الاعتصام كان أحمد زيدان الذي اعتبر التظاهرات تعطيلاً لمسيرة ”الكيان السني“ في إدلب. وزاد أن من يقوم على هذا الحراك هي ”قوى خطيرة ومنظمة مثل حزب التحرير.“
نفاق داعش
نقل حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي أنه بعد حملات ترحيل عائلات داعشيين من مخيمي الهول والروج شمال سوريا، برزت أسئلة حول شرعية التسجيل في قوائم الترحيل وتوكيل محامين وما يرافق ذلك من الإفصاح عن معلومات شخصية وحركية ”للاستخبارات أثناء التحقيقات.“
يكشف الحساب أن ولاية الشام، المعنية بشؤون ساكني المخيمات، لا يديرون بالاً لتلك الأسئلة وينشر رسالة من تاريخ 1 يوليو 2022 يظهر فيها إحباط السائل من عدم وصول رد رسمي.
لنتذكر أن التنظيم في وقت سابق حرّم على ساكنات المخيمات التواصل مع محامين باعتبار أنهم يتبعون قوانين وضعية؛ تماماً كما أفتى للعموم بتحريم الخروج من الباغوز وغيرها إبان سقوط خلافتهم المزعومة من باب تحريم الهجرة إلى ”دار الكفر.“ في المقابل، كان المتنفذون يدفعون مبالغ طائلة لتهريب لعائلاتهم.