ما التغيير الذي سيطرأ على محرك غوغل؟

على مدار أكثر من عقدين، تسيّدت شركة غوغل مجال محركات البحث على الإنترنت، حتى بعد ظهور محرك البحث Bing الذي أطلقته مايكروسوفت في 2009.

لكن في مارس الماضي أصيب موظفو غوغل بالصدمة، عندما علموا أن شركة سامسونغ تدرس استبدال غوغل بـBing كمحرك بحث افتراضي على أجهزتها الإلكترونية، وذلك بعدما أضافت إليه مايكروسوفت مؤخرًا تقنية ذكاء اصطناعي جديدة، وأدمجت به روبوت الدردشة Bing AI.

وكان رد فعل غوغل على تهديد سامسونغ هو “الذعر”، وفق رسائل داخلية استعرضتها صحيفة “نيويورك تايمز”، لأن ذلك يعني أن الإيرادات السنوية المقدرة بـ3 مليارات دولار على المحك مع عقد سامسونغ، كما أن هناك عقد مشابه مع شركة أبل قيمته 20 مليار دولار من المقرر تجديده هذا العام.

واستجابة لهذا التهديد تسابق غوغل الزمن لبناء محرك بحث جديد تمامًا مدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، كما تقوم أيضًا بترقية الميزة الحالية بميزات مرتبكة بالذكاء الاصطناعي، وفقًا وثائق داخلية استعرضتها صحيفة “التايمز”.

مشروع (Magi)

وتطمح غوغل لإضافة ميزات جديدة لمحرك بحثها الشهير، في مشروع أطلقت عليه اسم (Magi)، حيث يعمل مهندسو الشركة على تعديل واختبار أحدث الإصدارات، وسيوفر محرك البحث الجديد للمستخدمين تجربة أكثر تخصيصًا بكثير من خدمة الشركة الحالية، في محاولة لتلبية احتياجات المستخدمين.

وقال لارا ليفين، المتحدثة باسم غوغل في بيان: “نحن متحمسون لجلب ميزات جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي للبحث، وسنشارك المزيد من التفاصيل قريبًا”.

ويستخدم مليارات الأشخاص محرك البحث الشهير غوغل يوميًا لكل شيء، بدءًا من العثور على المطاعم والتوجيهات وحتى فهم التشخيص الطبي، وهذه الصفحة البيضاء البسيطة التي تحمل شعار الشركة وشريط فارغ في المنتصف هي واحدة من أكثر صفحات الويب استخدامًا في العالم، وفق مجلة “إم آي تي تكنولوجي ريفيو”.

لكن مع ظهور روبوت الدردشة ChatGPT في نوفمبر الماضي، وما أعقبه من ظهور روبوت الدردشة Bing AI الملحق بمحرك البحث Bing، انقلبت الأمور رأسًا على عقب.

بعد تهديد أصابها بالذعر.. غوغل تواجه طوفان الذكاء الاصطناعي بتغييرات جذرية في محرك بحثها

ولم تخفي غوغل قلقها بشأن المنافسين المدعومين بالذكاء الاصطناعي منذ ظهور ChatGPT، وبعد حوالي أسبوعين من إطلاقه في نوفمبر الماضي، أنشأت غوغل فريق عمل في قسم البحث التابع لها لبدء بناء منتجات الذكاء الاصطناعي، لأنها باتت تدرك أن تحديث محرك بحثها التقليدي أصبح هاجسًا، ويمكن أن تؤدي التغييرات المخطط لها إلى وضع تقنية ذكاء اصطناعي جديدة في الهواتف والمنازل في جميع أنحاء العالم.

ويمثل تهديد سامسونغ لغوغل أول صدع محتمل في أعمال البحث والتطوير التي يبدو أنها منيعة على غوغل، والتي بلغت قيمتها 162 مليار دولار العام الماضي.

وعلى الرغم من أنه لم يكن من الواضح ما إذا كان عمل مايكروسوفت مع الذكاء الاصطناعي هو السبب الرئيسي وراء تفكير سامسونغ في تغيير وجهتها بعد 12 عامًا من التعاقد مع غوغل.

ولا يزال العقد بين غوغل وسامسونغ قيد التفاوض، ويمكن أن تلتزم الأخيرة بشراكتها مع غوغل.

وأشار متحدث باسم غوغل إن الشركة تعمل باستمرار على تحسين محرك البحث الخاص بها لمنح الشركاء مزيدًا من الأسباب لاختيار غوغل، وأن صانعي هواتف أندرويد، يتمتعون بالحرية في تبني تقنيات من شركات مختلفة لتحسين تجربة مستخدميهم.

تغييرات جذرية

تقوم غوغل بأبحاث الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، ويعتبر مختبر (DeepMind) في لندن أحد أفضل مراكز أبحاث الذكاء الاصطناعي في العالم، وكانت الشركة رائدة في مشاريع الذكاء الاصطناعي، مثل السيارات ذاتية القيادة وما يسمى بالنماذج اللغوية الكبيرة التي تُستخدم في تطوير روبوتات المحادثة.

وفي السنوات الأخيرة، استخدمت غوغل نماذج لغوية كبيرة لتحسين جودة نتائج البحث الخاصة بها، لكنها أوقفت الاعتماد الكامل للذكاء الاصطناعي لأنه كان عرضة لتوليد بيانات خاطئة ومتحيزة.

ولمواكبة طوفان الذكاء الاصطناعي الذي أصاب العالم بالذهول نتيجة إمكانياته الهائلة في الإجابة على تساؤلات المستخدمين، أصدرت غوغل الشهر الماضي روبوت الدردشة الخاص بها Google Bard.

بعد تهديد أصابها بالذعر.. غوغل تواجه طوفان الذكاء الاصطناعي بتغييرات جذرية في محرك بحثها

كما تطمح غوغل لإضافة تغييرات جذرية لمحرك بحثها الشهير.

ووفقا لهذه التغييرات المنتظرة، سيتعلم النظام ما يريد المستخدمون معرفته بناءً على ما يبحثون عنه عند بدء استخدامه.

وسيقدم قوائم بالخيارات المحددة مسبقًا للأشياء المراد شراؤها، ومعلومات للبحث وغيرها من المعلومات، وسيكون أيضًا أكثر تخاطبًا، لأنه سيشبه الدردشة مع شخص مفيد.

ويمكن أن تجيب إضافات البحث المخطط لها أيضًا على أسئلة حول ترميز البرامج وكتابة التعليمات البرمجية بناءً على طلب المستخدم.

ولدى غوغل حاليا أكثر من 160 مطورًا يعملون بدوام كامل لإنجاز هذه التغييرات.

وخلال الأسبوع الماضي، دعت غوغل بعض الموظفين لاختبار الميزات الجديدة، وشجعتهم على طرح أسئلة متابعة لمحرك البحث للحكم على قدرته على إجراء محادثة، ومن المتوقع أن تطرح غوغل  الأدوات للجمهور الشهر المقبل، وتضيف المزيد من الميزات في الخريف.

وتخطط الشركة لإصدار الميزات مبدئيًا إلى مليون شخص كحد أقصى، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد تدريجياً إلى 30 مليوناً بحلول نهاية العام، وستتوفر الميزات حصريًا في الولايات المتحدة.

واستكشفت غوغل أيضًا الجهود المبذولة للسماح للأشخاص باستخدام تقنية رسم خرائط Google Earth بمساعدة الذكاء الاصطناعي والبحث عن الموسيقى من خلال محادثة مع روبوت دردشة، كما كتب أحد مديري غوغل في مستند.

وهناك أفكار لمنتجات أخرى في مراحل مختلفة من التطوير، وستستخدم غوغل أداة تسمى (GIFI AI) لإنشاء صور في نتائج صور غوغل، بالإضافة لأداة أخرى تسمى (Tivoli Tutor) من شأنها أن تعلم المستخدمين لغة جديدة من خلال محادثات نصية مفتوحة النهاية للذكاء الاصطناعي.

وهناك منتج آخر يسمى (Searchalong) سيسمح للمستخدمين بطرح أسئلة على روبوت الدردشة أثناء تصفح الويب من خلال متصفح غوغل كروم.

وقال مسؤول سابق في مبيعات وخدمات غوغل، إن الشركة قد تم دفعها إلى العمل وعليها الآن إقناع المستخدمين بأنها “قوية ومعاصرة” مثل منافسيها.