أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (البيان)

بعد أن ظل تعبير "الصيرفة الذكية" لسنوات عديدة مصطلحاً أكاديمياً نظرياً لا يتعامل به إلا المتخصصون وشرائح محددة من العاملين بالقطاع المصرفي، تحول إلى ظاهرة اقتصادية في معظم دول العالم خصوصاً المتقدمة ومن بينها الإمارات التي يلعب القطاع المصرفي فيها دوراً ريادياً ليس على المستوى الإقليمي فحسب ولكن على المستوى الدولي كذلك، حيث تقود الدولة قاطرة تحول بنوك المنطقة إلى ما يمكن تسميته بعصر "البنوك الملازمة للعملاء" الذي تتاح فيه معظم الخدمات المصرفية للشخص من خلال هاتفه أو جاهزة الذكي في أي وقت وفي أي مكان ليتلاشى تدريجياً دور الفروع المصرفية التقليدية.

اقرأ أيضا: شركة تشيكية تبتكر طائرة مسيرة متطورة

ويتزايد التفاؤل في أوساط القيادات المصرفية والمساهمين في البنوك المحلية بارتفاع معدلات أرباحهم مستقبلا نتيجة التقليل التدريجي للمصروفات المتمثلة في إيجارات الفروع المصرفية ونفقاتها الإدارية والرواتب الشهرية لأعداد غفيرة من الموظفين الذين تتقلص الحاجة لهم تدريجيا بالتحول إلى التعاملات الإلكترونية المباشرة..

ويشعر العملاء بالارتياح والسعادة بالتسهيلات التي يتمتعون بها نتيجة وصول الخدمات المصرفية إلى أيديهم وهم في أماكنهم دون تكبد عناء الذهاب للبنوك وانتظار الدور ما يوفر جهدهم وأوقاتهم.. لكن على الجانب الآخر ينظر العديد من الموظفين التقليديين بالبنوك لـ "الصيرفة الذكية" وكأنها شبح مخيف يهدد بقاءهم في وظائفهم ليتعرضوا لفقدان مواقعهم في أي لحظة لو لم يطوروا من أدواتهم ومهاراتهم لتتمكن الإدارات من تعديل مساراتهم الوظيفية مع تقليص أعداد الفروع المصرفية تدريجيا.

إنفاق

ويقدر خبراء مصرفيون وماليون حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات بالقطاع المصرفي الإماراتي بما يتراوح بين 15 و20 مليار درهم سنويا، مؤكدين أن التقنيات الرقمية تلعب دورا أساسيا في رسم مستقبل قطاع المصارف والتمويل فمن خلالها يمكن جلب عوائد جيدة للاستثمارات بقطاع الابتكار والتكنولوجيا بالخدمات المالية والمصرفية في ظل النشاط الملحوظ الذي يشهده قطاع تكنولوجيا الخدمات المالية مع إطلاق عدد كبير من المبادرات من قبل البنوك الإماراتية خلال السنوات الخمس الأخيرة والفترة المنقضية من العام الحالي مع توقعات إطلاق مبادرات أخرى خلال المرحلة المقبلة في إطار السعي للحفاظ على مركز متقدم في مجال التكنولوجيا وتلبية توقعات العملاء والحفاظ على القدرة التنافسية.

كما توقعوا انخفاض عدد الفروع المصرفية بالدولة بنسبة 5 % سنويا خلال المرحلة المقبلة نتيجة التوسع في الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة في القطاع المصرفي والمالي والذي قد يتبعه أيضا انخفاض بأعداد الموظفين بالقطاع المصرفي بنسبة مشابهة، إلا أن الخبراء أشاروا إلى أن الموظفين الذين سيقومون بتطوير مهاراتهم للتعامل بكفاءة مع الأنظمة الذكية والأدوات المصرفية الحديثة سيكونون في وضع وظيفي أكثر استقرارا من غيرهم.

خدمات

وقال محمد نصر عابدين الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد الوطني: إن معظم البنوك العاملة بالدولة بدأت توظف استثماراتها في التوسع الداخلي على التوسع في الخدمات الإلكترونية عبر الهواتف الذكية والأجهزة الشخصية الإلكترونية وبدأ التركيز يقل نسبيا على التوسع بافتتاح فروع جديدة بعد أن أصبحت الصيرفة الذكية أكثر انتشارا وسهولة للعميل كما أن عائدها الاستثماري قد يكون على المدى المتوسط والبعيد أفضل من العائد الاستثماري الناجم عن التوسع في الفروع المصرفية التقليدية.

وأفاد عابدين بأن بنك الاتحاد الوطني يولي اهتماما كبيرا لهذه النوعية من الخدمات الذكية خصوصا الخدمات المصرفية التي تقدم عبر الهواتف المحمولة، حيث طرح البنك هذه الخدمات منذ عدة سنوات وكان من أوائل البنوك التي طرحتها بالمنطقة، كما أن البنك يوسع نطاق هذه الخدمات بشكل مستمر انطلاقا من حرصه على تقديم خدمات متطورة وتسهيلات أكثر للعملاء.

وذكر أن البنك يولي اهتماما خاصا لتوفير معايير الأمن المعلوماتي حرصا على مصالح وحقوق وخصوصية العملاء بالخدمات الذكية، مشيرا إلى أن حجم الإنفاق السنوي للبنك على تكنولوجيا المعلومات يتجاوز 100 مليون درهم.

تطورات

من جانبه قال صالح عمر عبد الله مدير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية في أبوظبي: إنه بفضل التطورات التكنولوجية تزايد عدد عملاء المصارف الباحثين عن خيارات عمل مصرفي سريعة وسهلة، مؤكدا ضرورة تحول المصارف الإماراتية من فروع بمنشآت تقليدية إلى مصارف رقمية للنشاطات اليومية تقدّم الخدمات إلى العملاء في أي مكان وزمان، موضحا أن التكنولوجيا الحديثة تمنح أسواق المال وشركات التأمين وشركات المدفوعات الإلكترونية القدرة على وضع أنظمة معلوماتية آمنة وتسهيل الترابط فيما بينها لتسيير العمل في الكثير من العمليات المالية الإلكترونية.

وأكد أن المصارف العاملة بالإمارات نجحت في تحقيق قدر كبير من إجراء تغيير في نشاطاتها الرقمية لتؤمن حلولاً متكاملة تناسب حاجات العملاء اليومية مثل إدارة الأموال والادخار والاستثمار وشراء المنازل والحرص على أن يكون العملاء والمصارف والشركاء مترابطين رقمياً في كل أرجاء العالم باستخدام حلول لتمكين المصارف من اتّباع آلية للترابط البيني تجمع بين المستخدمين والشبكات والسحابات وغيرها من قدرات تكنولوجيا المعلومات.

وأوضح أن اعتماد المصارف على التكنولوجيا يزداد بشكل كبير ومتسارع بهدف تعزيز الإيرادات والكفاءة، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت خطوات متسارعة في هذا المجال بين المصارف في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام وفي دولة الإمارات بصفة خاصة حيث تستثمر البنوك بكثافة في مجال خدمات تكنولوجيا المعلومات القادرة على دعم البيانات والتحليلات الكبيرة.

وذكر أنه يتم ضخ استثمارات من البنوك للبرمجيات وفي مجالات تطوير الأعمال والبنية التحتية ومركز البيانات إلى جانب تطبيقات الأجهزة المتحركة والحوسبة السحابية وإدارة علاقات العملاء والأمن، مؤكدا أن الابتكار والمرونة والخبرة وإدارة المخاطر لتكنولوجيا المعلومات تشكل عوامل وتعد من الأولويات الرئيسية بالنسبة للاستراتيجيات الاستثمارية الخاصة بالمصارف.

تغيرات

وأعرب صالح عمر عبد الله عن اعتقاده بأن طبيعة التوسع المصرفي تشهد تغيرات جوهرية، حيث بدأت التوسع التقني يطغى على التوسع بالفروع التقليدية، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضا محدودا في عدد الفروع المصرفية نتيجة التوسع في الخدمات المصرفية الذكية إلا أنه توقع استقرارا نسبيا في أعداد الموظفين، حيث تقوم البنوك في الدولة بشكل عام بتطوير موظفيها لإعادة توظيف إمكانياتهم بما يتماشى مع التطور التكنولوجي الحالي.

وأشار إلى أن المصرف المركزي قام بخطوات عديدة لوضع خريطة طريق لدعم مبادرة "الحكومة الذكية" لدولة الإمارات حيث تم منح الأولوية لمجال الدفعات الرقمية بهدف ترقية وتعزيز الإطار الرقابي لوسائل الدفع مخزّنة القيمة وتأسيس البينة التحتية اللازمة لدعم قابلية التشغيل المتبادل للدفعات الرقمية بين كافة المؤسسات المالية في الدولة.

وذكر أن المصرف المركزي يتشاور بشكل مستمر مع المؤسسات المالية والسلطات الرقابية للتفاعل مع التطورات الإقليمية والدولية في مجال البني التحتية للسوق المالي والدفعات باعتبارها ممارسات مالية شديدة الأهمية.

ممارسات

وقال المهندس علي محمد العبيدي مدير «مؤسسة برج البلد»: إن القطاع المصرفي الإماراتي تمكن من تحقيق تحولات جوهرية نحو تقديم أرقى الخدمات الذكية التي جعلت القطاع يتصدر المصارف في الشرق الأوسط من حيث تطور الخدمات المصرفية المقدمة بدعم قوي من المصرف المركزي الذي حرص على تطوير البني التحتية للسوق المالي وخدمات الدفع الإلكتروني والرقمي لتتماشى مع أفضل الممارسات في الاقتصادات المتقدمة وبصورة روعي خلالها إدارة المخاطر الكلية على نحو أكثر فاعلية مع تشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني وزيادة كفاءة ترتيبات تسوية معاملات الدفع بكافة أنواعها.

وتوقع العبيدي أن يشهد العام الحالي والعامان المقبلان مزيدا من التوسع في الخدمات المصرفية الذكية توسع في الاعتماد على "النقود الرقمية" وتوجه الإمارات بشكل فعال نحو "بيئة خالية من الدفعات النقدية"، مؤكدين أن البنى التحتية الرقمية والتكنولوجية تعد من المقومات الأساسية للتطوير المستمر للقطاع المصرفي والأسواق المالية نظرا لأنها تتيح انسياب الأموال والأصول المالية بالاقتصاد بشكل أكثر أمانا وانسيابية مما يرفع الثقة بالتعاملات المالية وفي العملة الوطنية ويساهم في دعم عمليات السياسة النقدية واستقرار النظام المالي بوجه عام.

وأكد أن المصرف المركزي يقوم بدور محوري في هذا المجال من خلال توفير خدمات الدفع والتسوية والإشراف على البني التحتية للسوق المالية وأدوات الدفع.

توسع

ويؤكد أحمد سيف الدين مدير عام شركة ضمان المالية أن المصارف تركز في المرحلة الراهنة على التوسع في الخدمات المصرفية الذكية والهاتفية مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من من عملاء المصارف بدأوا يتحولون إلى خدمات المصارف الذكية وعبر الهواتف المحمولة مؤكدا أن البنوك التي لن تطور خدماتها لتتماشى مع الأنظمة الذكية سيتراجع تواجدها بالقطاع المصرفي وستواجه أضرارا كبيرة.

اقرأ أيضا 

توقعات بإنفاق الإمارات على أمن المعلومات 1.7 مليار دولار في2017

محمد بن راشد يطلق "منطقة2071" لتكون نواة لتصميم المستقبل