8 سنوات من الحصار.. كيف يحرم الحوثيين المواطنيين اليمنيين من حرية التنقل

أخبار الآن | عدن - ١٣ مارس 2024

أكثر من 48 ساعة قضاها أحمد براشي برفقة زوجته وطفلها ذو الست سنوات في صحراء الجوف، التي علقوا بها بعد أن انفجرت إطارات سيارتهم، التي أجبروا على الدخول بها في طريق صحراوية تمتد أكثر من 150 كم لا تتواجد فيها أي شكل من أشكال الحياة، بسبب إغلاق مليشيات الحوثي للطرقات الرئيسية بين المحافظات اليمنية، والتي كانت لا تستغرق أكثر من ٣ ساعات للوصول من منفذ الوديعة على الحدود السعودية إلى محافظة مأرب، لم تلك العائلة تتوقع النجاة بعد أن نفذ كل ما لديهم من غذاء، قبل أن يُنقذهم أحد أفراد قبيلة الشيخ مرضي كعلان أحد مشائخ محافظة مأرب الذي قام بسحب سيارتهم ومساعدتهم في تغيير إطاراتها ليكملوا طريقهم نحو مركز مدينة مأرب.

تائهون في صحراء الجوف

تائهون في صحراء الجوف

تائهون في صحراء الجوف

لا تكمن الخطورة بالمرور صحراء الجوف بإنفجار اطارات السيارات أو انغراسها في الرمال فحسب، بل فتح المرور عبر الصحراء المجال أمام قُطاع الطرق، والذين يستهدفون المسافرين والسيارات القادمة من المملكة العربية السعودية، مُستغلين انعدام تواجد الأمن في مساحات الصحراء الشاسعة، فقد رصدت أخبار الآن أكثر من 34 بلاغ، يُفيد بنهب ممتلكات خاصة للمسافرين عبر الصحراء.

لقد أصبحت صحراء الجوف والعديد من الطرقات البديلة في اليمن ثُقبًا أسود يلتهم اليمنيين، فأصبح المواطنين في اليمن مُجبرين على السفر في طرقات جبلية شديدة الوعورة او في صحاري مليئة بالفخاخ والألغام، وذلك للوصول إلى وجهاتهم داخل البلاد، بينما تمعن الأطراف المتحاربة إغلاق الطرقات الرئيسية، التي لا يوجد أي مبرر لإغلاقها سوى إعاقة حركة اليمنيين ومحاصرتهم والمُزايدة بمعاناتهم.

إنفجار لغم ارضي بسيارة مسافرين على صحراء الجوف

إنفجار لغم ارضي بسيارة مسافرين على صحراء الجوف

إنفجار لغم ارضي بسيارة مسافرين على صحراء الجوف

فيديو من الأقمار الصناعية يبين الطريق عبر صحراء الجوف

فيديو من الأقمار الصناعية يبين الطريق عبر صحراء الجوف

في منتصف فبراير 2024، انطلقت حملة شعبية إلكترونية في اليمن تحت عنوان (#افتحوا_الطريق) لمطالبة كافة أطراف الحرب بفتح الطرقات الرئيسية بين المحافظات اليمنية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد وقف إطلاق نار في هدنة غير معلنة منذ سبتمبر 2022، تأتي تلك المطالبات بعد تعرض المئات من المواطنين والمسافرين للعديد من الحوادث المؤلمة أثناء عبورهم طرقات صحراوية طويلة وغير معبدة، حيث أدى إغلاق الطرقات الرئيسية إلى إجبارهم على ذلك، في ظل رمي أطراف النزاع باليمن مسؤولية إغلاق تلك الطرقات على بعض.

استجابت الحكومة المُعترف بها دوليًا يوم 22 فبراير لتلك المطالب، فقد خرج سلطان العرادة - نائب مجلس الرئاسة اليمني ومحافظ محافظة مأرب إلى الطريق الرئيسي الذي يربط المحافظة بصنعاء، ليعلن عن فتح الطريق من طرف واحد أمام المسافرين، وذلك بعد أن اتهمت جماعة الحوثي قيادات محافظة مأرب بالتعنت في عدم فتح الطرقات.

في هذا السياق صرح العرادة بالقول: "اليوم تعلن القيادة السياسية والحكومة اليمنية فتح الطريق من طرف واحد، وكنا أول المبادرين، ولنا أمل أن يغلب الطرف الثاني مصلحة الشعب اليمني، وأن يقابلونا في الجانب الآخر بعمل نقطة أمنية لهم وفتح الطريق للمواطنين والتسهيل عليهم، هذه الطريق التي تعبر من مأرب عبر فرضة نهم إلى صنعاء ستكون سهله جدا لمرور المواطنين جميعا، لقد تحدثنا سابقا عن هذا الموضوع مع المبعوث الاممي وعدد من الوسطاء اليمنيين، ونأمل من الجميع ان نتعاون جميعا دون مزايدة على حساب المواطن اليمني وما يتعرض له، كفى ما يعانيه الشعب اليمني من ماسي و متاعب لا حصر لها، يعلم الله أننا اليوم لا نريد مزايدة الا ان نثبت للمواطن اليمني اننا على اتم الاستعداد، ولا غضاضة في ذلك، ولا نرى ان هناك اي ضرر مترتب على مرور المواطن من هذا المكان، وباقي الأمور لها مكانها وشأنها سواء كانت حرباً أو سلماً" 

لم تمر ساعات حتى قام الحوثيين من خلال القيادي في الجماعة (علي طعيمان) بإعلان فتح طريق فرعي مؤدي إلى مارب، في محاولة للهروب من مبادرة عضو مجلس الرئاسة، إلا أن ذلك أثار غضب اليمنيين الذين رأوا بأن الحوثيين يزايدوا فقط في مسألة الطرقات، ورأى ناشطون على مواقع التواصل أن مبادرة الحكومة اليمنية عرت ادعاءات مليشيا الحوثي، التي تنادي اليوم بفك الحصار عن غزة، بينما تقوم في الوقت ذاته بحصار اليمنيين والتهرب من التزاماتها تجاه المواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

سلطان العرادة - عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني

سلطان العرادة - عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني

التضليل الحوثي للهروب من الضغط الشعبي

لم تكتفي جماعة الحوثي بالهروب من المبادرة، بل قامت بالتشكيك في جدية الحكومة المعترف بها دوليًا بفتح الطرقات، إلا أن مواطنين أكدوا أنه تم ارجاعهم من النقاط العسكرية التابعة لجماعة الحوثي.

وفي وقت لاحق بدأت الجماعة بمحاولة ربط ملف الطرقات بملف المعتقلين والأسرى، وذلك من خلال اشتراطات يجب على الحكومة تنفيذها لكي تقوم الجماعة بفتح الطرقات من جهتها كما جاء في تغريدة لـ عبد القادر المرتضي - رئيس الوفد المفاوض بشأن الأسرى التابع للجماعة، بينما هناك مناقشات مستقلة جرت في سويسرا تخص ملف المعتقلين والأسرى، والتي تعيق المليشيات التقدم فيه بحسب مسؤولي الحكومة.

وردًا على تغريدة المرتضى، يقول ماجد فضائل - المتحدث باسم الوفد الحكومي في مفاوضات الأسرى والمختطفين لـ أخبار الآن، إن الحوثيين يعرقلون مسار حل ملف الأسرى والمختطفين، وإيقاف الإفراج عنهم تحت مبدأ الكل مقابل الكل، وذلك عن طريق اشتراطهم الإفراج عن اسماء وهمية ليس لها وجود حقيقي، وهذا ما تسبب في فشل المفاوضات حتى لحظة نشر هذا التحقيق.

ومع تزايد الضغط الشعبي تجاه جماعة الحوثي، اتجه قيادات الجماعه إلى الإعلان بأن ما تقوم به الحكومة المعترف بها دوليًا من فتح للطرقات من طرفٍ واحد يأتي ضمن مؤامرة أمريكية، وذلك في حملة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث قامت بنشر صورة مضللة للنائب سلطان العرادة والسفير الأمريكي كانت قد التقطت في 10 يناير 2023، ونشرها بأنها تعود لليوم الذي يسبق إعلان الحكومة عن مبادرة فتح الطرقات، وهو ما قام بنشره حسين العزي - نائب وزير الخارجية في حكومة جماعة الحوثي، وتداول العديد من القيادات الأخرى للجماعة الصورة ذاتها، وكذلك الإعلاميين ووسائل الإعلام التابعة للمليشيا

"الحوثيين يعرقلون مسار حل ملف الأسرى والمختطفين، وإيقاف الإفراج عنهم تحت مبدأ الكل مقابل الكل، وذلك عن طريق اشتراطهم الإفراج عن اسماء وهمية ليس لها وجود حقيقي"

ماجد فضائل
متحدث الوفد الحكومي في مفاوضات الأسرى والمختطفين

وفي محاولة أخرى للتضليل اتجه قادة الجماعة للنشر بأن المطالبات المجتمعية بفتح الطرقات في هذا الوقت هي مؤامرة أخرى، للتضليل على الحوثيين لأنهم وقفوا مع الشعب الفلسطيني، وهو كما قال محمد البخيتي - عضو المكتب السياسي للجماعة في تغريدة له على تطبيق X "الخطوة التي اتخذها العرادة هي بتوجيه من دول العدوان الرباعي بهدف تشتيت تركيز اليمنيين والمسلمين عن معاناة اخواننا في غزة، وذلك بإثارة معاناة داخلية لتوجيه أصابع الاتهام نحو من يتصدرون جبهة مساندة الشعب الفلسطينين".

ولم تقف نظريات المؤامرة عند هذا الحد، فقد كانت هناك حملات أخرى ايضًا لجماعة الحوثي، لشيطنة المطالبات الشعبية، تقول بأن المناداة بفتح الطرقات هي بإيعاز أمريكي تهدف إلى إدخال الدواعش والمفخخات إلى صنعاء، وهو ما تم ترويجه بين المواطنين والإذاعات في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سطوة المليشيا.

تجدر الإشارة إلى أن الحوثيين قاموا بحشد عدد من المواطنين بالإضافة إلى مسلحين تابعين لهم، تحت مبرر فتح الطرقات الواصلة بين المحافظات الشمالية نحو عدن، وعند الاقتراب من إحدى النقاط العسكرية التابعة للجيش اليمني، قام افراد الجيش بإطلاق اعيرة نارية تحذيرية، لمنعهم من الإقتراب كونها منطقة عسكرية، وبحسب مسؤولين حكوميين، فأن خطة الحوثيين وجشد المواطنين والذهاب بهم إلى منطقة عسكرية دون تنسيق مسبق، وكذلك تواجد المصورين التابعين للجماعة في أماكن بعيدة، دليل على أن الحوثيين كانوا يريدوا أن يحدث إشتباك مع افراد الجيش، للمزايدة فيما بعد والقول بأن الحكومة هي من ترفض فتح الطرقات.

مشاهد من معاناة المسافرين عبر صحراء الجوف

مشاهد من معاناة المسافرين عبر صحراء الجوف

تعز و ثمانية أعوام من الحصار 

في مطلع أكتوبر 2020 نجا عبدالرحمن سعيد ورفيقه بإعجوبة بعد أن انقلبت شاحنته، التي كانوا ينقلوا من خلالها المواد الغذائية إلى مدينة تعز، قادمة من عدن عبر طريق هيجة العبد والتي اصبحت معروفة بـ (طريق الموت) لمرورها عبر جبال شاهقة وطريق ضيقة جدًا، لا تتسع لأكثر من سيارة واحدة، بالإضافة إلى أنها غير معبدة لمرور السيارات، إلا أنها الطريق الوحيدة التي تربط مدينة تعز بالمحافظات الجنوبية، في ظل إغلاق بقية الطرقات، من قبل مليشيات الحوثي، وبالرغم من نجاة عبد الرحمن بحياتهم، إلا أنهم خرجوا من ذلك الحادث بإعاقات مستديمة، و فقدوا شاحنتهم التي كانت هي مصدر دخلهم الوحيد.

تغلق جماعة الحوثي جميع الطرقات الرئيسية التي تربط مدينة تعز بالمحافظات المجاورة، حيث تفرض حصار مُطبق على نحو 4 ملايين مواطن داخل المدينة التي تحررت في بداية الحرب، فقد كانت من اوائل المدن اليمنية التي تنتفض في وجه المليشيا، تشير التقديرات إلى أن الجماعة زرعت نحو 150 الف لغم مضاد للأفراد والدروع في محافظة تعز، بينما يتمركز القناصه التابعين لها على محيط المدينة، الذين يستهدفوا كل من يقترب من الحواجز.

الطريق الرئيسي المُغلق من قبل جماعة الحوثي

الطريق الرئيسي المُغلق من قبل جماعة الحوثي

الطريق الرئيسي المُغلق من قبل جماعة الحوثي

لكسر الحصار استحدث سكان المدينة طرقًا بديلة، لكنها ضيقة ووعرة، والسير فيها يتطلب سيارات دفع رباعي للوصول إلى المدينة، في حين تستغرق هذه الرحلة في هذه الطرقات البديلة أكثر من 8 ساعات، كل ذلك بعد أن كان القادم من المحافظات الشمالية يصل إلى المدينة في غضون 15 دقيقة قبل أن تُغلق جماعة الحوثي الطريق الرئيسي الذي يربط المدينة بمنطقة الحوبان شرق محافظة تعز.

صورة من الأقمار الصناعية تبين الطريق الرئيسي المُغلق والطريق البديل الواصل لمدينة تعز

صورة من الأقمار الصناعية تبين الطريق الرئيسي المُغلق والطريق البديل الواصل لمدينة تعز

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

تصوير: خالد القاضي

على مدى سنوات منذ العام 2016 يرفض الحوثيين فتح الطرقات التي تربط المحافظات اليمنية دون أي مبرر أو جدوى عسكرية، فقد جرت العديد من الإتفاقيات بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دوليًا، بتجنيب الطرقات البرية الحرب والتعاون في التسهيل على تنقلات المواطنين، إلا أن الجماعة لم تفي بأي اتفاقية، فقد نصت اتفاقية الكويت في منتصف 2016 على أن تفتح الطرقات دون أي شروط، وكذلك اتفاقية ظهران الجنوب في اواخر العام ذاته،  والتي وقعت فيه الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي إتفاق تنفيذي حصلت أخبار الآن على نسخة خاصة منه، إلا أنه لم يتم تطبيق أي من بنوده.

بالإضافة إلى مفاوضات جنيف 1 وجنيف 2، مرورًا بإتفاق ستوكهولم التي وقعت عليها الأطراف اليمنية، وصولاً إلى الهدنة الأممية التي اوقفت المواجهات المسلحة في اليمن منذ أبريل 2022، ونصت على " التزام من الأطراف بفتح طرق رئيسة في تعز ومحافظات أخرى، بما فيها مأرب، البيضاء، والجوف، والحديدة، والضالع"، وكذلك مفاوضات عمّان مؤخرًا إلا أن كل تلك المفاوضات لم تنتج أي تغيير على الأرض.

الجدير بالذكر أن جماعة الحوثي قامت بمضاعفة الحواجز الترابية في الطرقات التي تربط مدينة تعز بمديرية الحوبان، في محافظة تعز غرب اليمن، وذلك في الشهر ذاته لتوقيع إتفاقية الهدنة الأممية في أبريل 2022 التي نصت على فتح الطرقات الرئيسية وفك الحصار عن تعز، وذلك كما تبدو من خلال صور الأقمار الصناعية, والذي يدل على أن الجماعة لا تنوي فك الحصار عن مدينة تعز

الحوثيين يضاعفوا الحواجز الترابية في الطرقات الرئيسية التي تربط مدينة تعز بمديرية الحوبان

في مقابلة حصرية لـ أخبار الآن مع عبد الكريم شيبان - رئيس الوفد الحكومي المفاوض بشأن الطرقات، يقول أن الاتفاقات التي تتم مع الحوثي كلها شفوية وترفض توقيع اى اتفاق، لأنه دائمًا ما يبدوا استعدادهم لفتح الطرقات في المفاوضات، ولكن في وقت التنفيذ بتنصلوا عن كل ذلك، بعد أن يطلبوا وقت للنقاش مع قياداتهم، ودائمًا  يذهبوا إلى عُمان ويعودوا برأي مخالف تمامًا، ويحبطوا أي محاولة لفتح متنفس لليمنيين".

ويضيف "نقوم نحن بفتح الطرقات من جهتنا التي اتفقنا عليها، إلا أننا نتفاجئ بقيامهم شق طرقات جديدة فرعية لا علاقة لها بالطرقات التي اتفقنا عليها في المفاوضات، التي تنص على أن يتم فتح الطرقات الرسمية والرئيسية المعروفة، ولكن الجماعة تقوم بشق الطرقات بجانب معسكرات، والتي يمكن أن تخدمها عسكريًا، وهذا يضعنا نحن الوفد المفاوض أمام رفض الجانب العسكري، ويقولوا لنا لماذا لا تتم فتح الطرقات الرئيسية المعروفة، تدرك الجماعة أنها عندما تقوم بفتح وشق طرقات جديدة من جوار معسكرات بأن الجانب العسكري في الحكومة سيرفض ذلك".

عبدالكريم شيبان - رئيس الوفد الحكومي المفاوض بشأن الطرقات

عبدالكريم شيبان - رئيس الوفد الحكومي المفاوض بشأن الطرقات

عبدالكريم شيبان - رئيس الوفد الحكومي المفاوض بشأن الطرقات

ويشرح شيبان "مدينة تعز تمتلك ٥ مداخل شرقية رئيسية، يرفض الحوثيون فتح أي منها، ويذهبون لفتح طرقات فرعية وعرة ولا تخدم المواطنين، وذلك للمزايدة فقط، فالحوثي بالحقيقة لا يريد فتح الطرقات، والمفاوضات التي حدثت ليست إلا لامتصاص الغضب الشعبي وتضييع للوقت واستثمارها للحرب الإعلامية، ذهبنا في جولات مفاوضات عديدة خاصة بفتح الطرقات، رغم كثرة المؤتمرات من جنيف 1 إلى جنيف 2 إلى ظهران الجنوب في السعودية إلى مفاوضات الكويت إلى اتفاق ستوكهولم، ومفاوضات عمّان كلها حوارات عقيمة نتيجة لتعنت الحوثي رغم أنه قد وقع معنا اتفاقيات لفتح الطرق ولكنه نكث ورفض كل مقترحات المبعوثين الأمميين واخرهم غريفت، وطبعا هناك كثيرا من المبادرات المجتمعية وكلها وصلت إلى طريق مسدود".

جماعة الحوثي وتاريخ من المفاوضات غير الجادة بشأن فتح الطرقات

وقد حصلت أخبار الآن على صورًا حصرية لإتفاقية ظهران الجنوب عام 2016، والتي تم توقيعها من قبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، والتي تنص على "فتح كافة الطرقات المؤدية من وإلى مدينة تعز" وكذلك تعهد الطرفين بعدم إعتقال أي شخص يمر من الطرقات البرية، إلا أن الحوثيين لم ينفذوا أي من تلك البنود.

صور حصرية لإتفاقية ظهران الجنوب حصلت عليها أخبار الآن

إتفاقية ظهران الجنوب (الصورة 1)

إتفاقية ظهران الجنوب (الصورة 2)

مشاهد من معاناة سكان مدينة تعز أثناء السفر او نقل البضائع

مشاهد من معاناة سكان مدينة تعز أثناء السفر او نقل البضائع

لـ أخبار الآن؛ يقول محمد الوتيري - الناشط الحقوقي وأحد مؤسسي مبادرة (الطريق حق إنساني)، بأن الحوثيين يُغلقوا طرقات مدنية ليس لها اي أهمية عسكرية أو مبرر للاستمرار في إغلاقها، "خصوصًا في تعز التي يتواجد بها نحو 4 مليون مواطن، وهو ما يعيق وصول المساعدات الإنسانية والطبية، ويفاقم من معاناة المواطنين في المدينة، وهو الأمر الذي يحدث مع بقية المحافظات، إلا أن حصار تعز يُستخدم كورقة ضغط سياسي واجتماعي، وقد عملت العديد من المبادرات المجتمعية والقبلية لفك الحصار عن مدينة تعز إلا أنها لم تأتي أكلها حتى اللحظة، ما سبب يأس لدى المدنيين داخل تعز بأن الحصار لن يتم فكه بالطرق السلمية، وهذا مؤشر خطير يُنذر بعودة المواجهات المسلحة في مدينة تحوي أكبر تجمع سكاني داخل البلاد"

في يوم 19 يناير 2024 نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقرير تتهم فيه جماعة الحوثي بمزايدتهم في ما يتعلق بالحصار الإسرائيلي لغزة، بينما هم يحاصروا المدنيين في المحافظات اليمنية، ويمنعوا وصول المياه والمساعدات الطبية والغذائية إلى تعز، وفي السياق قالت نيكو جعفرنيا - مسؤولة ملف البحرين واليمن في المنظمة "من غير رفع حصارهم عن مدينة تعز اليمنية، فإن ادعاءات الحوثيين بأخلاقية هجومهم على السفن في البحرالأحمر تحت مبرر رفع الحصار عن غزة وقتل المدنيين  الفلسطينيين هي ادعاءات جوفاء ومنافقة".

"إستمرار حصار الحوثيين لتعز سبب يأس لدى السكان بأن الحصار لن يتم فكه بالطرق السلمية، وهذا مؤشر خطير يُنذر بعودة المواجهات المسلحة في مدينة تحوي أكبر تجمع سكاني داخل البلاد"

محمد الوتيري
أحد مؤسسي مبادرة (الطريق حق إنساني)

لم تكن مبادرة النائب سلطان العرادة بفتح الطرقات من جهة واحدة هي المبادرة الوحيدة، فقد أعلن العميد طارق صالح عن مبادرة سابقة في عام 2022 من طرف واحد لفتح الطرقات الرئيسية الرابطة بين مديريات محافظة الحديدة، بدلا من الطرقات البديلة التي تمتلئ بالألغام الحوثية، حيث فقد عشرات المدنيين حياتهم بسبب الألغام، إلا أن الجماعة رفضت هذه المبادرة ولا تزال تُغلق الطرقات امام المواطنين حتى اللحظة.

تكثر قصص المعاناة التي يتكبدها اليمنيين بسبب إغلاق الطرقات الرئيسية بين المحافظات اليمنية، حيث تمعن مليشيات الحوثي في تعذيب اليمنيين من جميع مناحي الحياة، إلا أنها اليوم أمام موقف صعب في الداخل اليمني، حيث انكشفت حقيقتهم لليمنيين، فقد أصبحت حاليًا في موقف المُتهم لدى اليمنيين، بعد أن رفضت العديد من المبادرات المجتمعية والحكومية، التي كان من المفترض ان تقلل من الازمة الإنسانية في اليمن، خصوصا بعد توقف المواجهات العسكرية، إلا أنها تهرب اليوم من إلتزاماتها إلى حرب جديدة في سواحل البحر الأحمر، تجر فيها اليمنيين إلى محرقة تحت مبرر مساندة الفلسطينيين وفك الحصار عنهم، إلا أنها في الوقت ذاته تفرض حصارًا أشد وطأة على اليمنيين.