خلافة الوريث قيد التنفيذ
بعد علي خامنئي من سيكون المرشد الأعلى في إيران؟

تقف إيران على أعتاب تحوّل كبير، وهو واقع لا تتفق عليه مختلف الأطراف، سواء من المعارضين لنظام الحكم الحالي في إيران أو من أنصاره.

بعد مرور أكثر من عام على  حدوث أوسع احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران، يعتقد العديد من جماعات المعارضة، داخل إيران وخارجها، أنّ نظام الجمهورية الإسلامية على حافة الانهيار. وقد تمّ التداول بذلك الادعاء منذ العام 2009، عندما اندلعت أولى الاحتجاجات المناهضة للحكومة الكبرى في البلاد.

بغض النظر عن مدى توافق تقييم جماعات المعارضة مع الوضع الفعلي في إيران، لا شك أنّ الحكومة فقدت جزءاً كبيراً من شرعيتها. قمع الاحتجاجات، والأوضاع الاقتصادية السيئة الناجمة عن العقوبات الشديدة - وهي نتيجة للسياسة الخارجية العدوانية للجمهورية الإيرانية - وبالطبع، رغبة المجتمع في حريات اجتماعية وسياسية أفضل، كلّها عوامل ألقت بالجمهورية الإيرانية في أتون الأزمة.

مرض خامنئي يتقدم

ومع ذلك، من ناحية أخرى، فإنّ الجمهورية الإسلامية نفسها تقف عند مفترق طرق حاسم. ويعاني علي خامنئي البالغ من العمر 84 عاماً، من المرض، وقد ظهرت في السنوات الأخيرة تقارير موثوقة تتحدّث عن تدهور حالته الصحية.

في وثيقة نشرتها ويكيليكس العام 2009، زعمت القنصلية الأميركية في إسطنبول، مستشهدة بمصدر مقرّب من هاشمي رفسنجاني، أنّ علي خامنئي يعاني من نوع من سرطان الدم. واستشهدت الوثيقة بعدّة مصادر في الأوساط الغربية كمصدر للمعلومة. لكن ذلك التقرير لم يكن يستند على مصدر موثوق

لكن العام 2014، أُعلن لأول مرة وبشكل رسمي عن دخول خامنئي إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية. وقيل إنّه يعاني من مشكلة صحية بسيطة. لكن بعد مرور عام، أكّدت صحيفة لوفيغارو الفرنسية الشائعات حول تشخيص إصابته بسرطان البروستات. وفي سبتمبر العام 2022، أدّى إلغاء اجتماع خامنئي مع أعضاء مجلس الخبراء ثمّ إلغاء عدد من الاحتفالات التي كان من المفترض أن يحضرها، إلى زيادة التكهنات حول صحته.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في 16 سبتمبر نقلاً عن 4 مصادر مطّلعة، أنّ خامنئي عانى من آلام شديدة في المعدة وارتفاع في درجة الحرارة الأسبوع السابق وقد خضع لعملية جراحية بسبب انسداد معوي. وكتبت الصحيفة نفسها نقلاً عن مصدر فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ علي خامنئي وبينما كان في رحلة إلى مشهد قبل أسبوعين، أخبر مَنْ كان معه أنّه يشعر بأنّ هذه الرحلة ستكون زيارته الأخيرة إلى مشهد.

وقبل ذلك بشهر، حذّر مير حسين موسوي، أحد قادة الحركة الخضراء والمرشح الذي احتج على التزوير في الانتخابات الرئاسية العام 2009، والذي ظل قيد الإقامة الجبرية بأمر من خامنئي طوال الـ 13 عاماً الماضية، من توريث القيادة في الجمهورية الإسلامية، ووصفها بأنّها "مؤامرة". وسأل عمّا إذا كانت إيران قد عادت إلى النظام الملكي حيث يخلف الابن والده.

مير حسين موسوي

مير حسين موسوي

مير حسين موسوي

صعود الابن الطموح لخلافة أبيه

وكان مير حسين موسوي يشير إلى مشروع خلافة مجتبى خامنئي، ابن زعيم الجمهورية الإسلامية الناشط بشكل كبير على الصعيد السياسي، والذي كان أحد اللاعبين الرئيسيين في المشهد السياسي الإيراني منذ ما يقارب العقدين من الزمن، والذي تزايد حضوره العام بشكل واضح على مدى السنوات القليلة الماضية.


وبعد شهر من ذلك التصريح، أواخر أغسطس العام 2022، وتزامناً مع انتشار أنباء عن تدهور صحة خامنئي، استخدمت وكالة أنباء الحوزة الإيرانية، لقب "آية الله" لمجتبى خامنئي لأوّل مرة. وزعم التقرير أنّ مجتبى خامنئي يتمتع بخبرة 13 عاماً في إعطاء دروس متقدمة في المبادئ والفقه الإسلامي.


وبعد أسبوع، أشاد مهدي تاج زاده، إمام صلاة الجمعة في بهارستان في محافظة أصفهان، بمجتبى خامنئي وشبهه بالإمام الثاني للشيعة، في إطار الدفاع عن فكرة خلافته لوالده.


خلال خطبة الجمعة، أشار تاج زاده إلى أنّه إذا اختارت جمعية خبراء القيادة ابن خامنئي ليكون الزعيم القادم، فلن يكون الحكم في الجمهورية الإسلامية وراثياً على الإطلاق، لأنّه وعلى حدّ قوله بعد وفاة أوّل إمام شيعي خلفه ابنه.


وقال: "حقيقة استهداف العدو لسماحة آية الله مجتبى خامنئي ومهاجمة هذا الفقيه والعالم والورع والزاهد والمدير والحكيم، في الإعلام الغربي منذ زمن طويل، دليل على خوفهم منه".


وأشار إمام صلاة الجمعة إلى أنّ الصفات التي ذكرها، مثل الفقيه والورع والمدير والحكيم، هي صفات يتمتع بها مجتبى خامنئي، وهي أيضاً نفس الخصائص التي ينصّ عليها دستور الجمهورية الإيرانية للفرد المؤهل أن يكون قائداً.

نجل خامنئي الأكثر نشاطاً على الصعيد السياسي


لدى علي خامنئي 4 أبناء: مصطفى، مجتبى، مسعود وميسم. وبينما يكرّس معظم أبناء خامنئي أنفسهم لشؤون الأسرة، يعدّ مجتبى بلا شك، الابن الأكثر نشاطاً في المجال السياسي.


وُلد مجتبى خامنئي في 8 سبتمبر العام 1969 في مشهد. وقد درس العلوم الدينية على يد شخصيات بارزة مثل محمود هاشمي شهرودي، وعلي خامنئي، ومحمد تقي مصباح يزدي، ولطف الله صافي كلبايغاني في الحوزة العلمية في قم.


ظهر اسمه لأوّل مرّة في الخطاب السياسي الإيراني خلال الانتخابات الرئاسية العام 2005، وذلك عندما انتقد مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني لفترتين والمرشح للرئاسة، نجل خامنئي لتدخله في الانتخابات في رسالة وجهها إلى خامنئي.


وكتب: "سمعت أنّ أحد العظماء أخبر فخامتك أنّ ابنك يدعم هذا الشخص، وقلت إنّه آغا (سيد) وليس آغازاده (ابن وجهاء). على أيّ حال، أصبح واضحاً أنّ تلك التأييدات كانت تعبّر عن آراء السيد مجتبى الشخصية".

ولكن كيف تمكّن مجتبى خامنئي من التدخل بذلك الشكل الكبير في الانتخابات؟ للإجابة على ذلك السؤال، علينا العودة إلى الماضي، إلى منتصف الثمانينات. العام 1986، انضم مجتبى خامنئي إلى جبهة الحرب الإيرانية العراقية في الشلامجة، وأصبح عضواً في كتيبة حبيب بن مظاهر، إحدى الكتائب الرئيسية في فرقة محمد رسول الله الـ 27 في الحرس الثوري.


في ذلك الوقت، كان والد مجتبى رئيساً لإيران، لكنّه لم يكن يتمتع بشعبية بين قادة وجنود الحرس الثوري الإيراني. وكان يعارض مير حسين موسوي، رئيس الوزراء، الذي أصبح رئيساً للحكومة بدعم من الخميني. وكان موقف الجيش في ذلك الوقت أقرب إلى آراء الخميني أيضاً.

دائرة كتيبة الحبيب.. الدائرة السياسية لـ مجتبى خامنئي

قبل عام، حاول خامنئي الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني الشعبي، لكنّه فشل، وقد أدّى ذلك الفشل إلى خلق بيئة صعبة بالنسبة لابنه مجتبى، الذي انتقل بعد عام إلى فرقة سيد الشهداء العاشرة في كرج. خلال تلك الفترة، كوّن مجتبى عدة صداقات مع أشخاص شكّلوا بعد 3 سنوات، أي بعد وفاة الخميني وبعد اختيار والده غير المتوقع زعيماً للجمهورية الإسلامية، مجموعة تسمى بـ"دائرة كتيبة الحبيب"، وقد راح نفوذ تلك المجموعة يقوى بشكل تدريجي في الجمهورية الإيرانية.

أحد أعضاء تلك المجموعة كان حسين طائب الذي كان يعمل في وزارة الاستخبارات في عهد حكومة أكبر هاشمي رفسنجاني، وقد لعب دوراً بارزاً في تلفيق قضايا ضدّ مهدي كما ابن الرئيس آنذاك. كما ارتبط اسمه بحادثة اختفاء رجل الأعمال الإيراني البريطاني عباس يزدانباناه يزدي العام 2013 في الخليج. 

بعد فترة وجيزة من بثّ اعترافه في المحكمة ضدّ مهدي هاشمي،  وفي فبراير العام 2014، حكمت محكمة على 6 مواطنين إيرانيين بالسجن مدى الحياة بتهمة اختطاف عباس يزدانباناه يزدي. وذكرت وكالة رويترز للأنباء يوم الخميس 7 فبراير نقلاً عن جهات قضائية، أنّ المتهم تمكّن من نقل السيد يزدي من ميناء في إحدى دول الخليج، إلى إيران بعد مهاجمته وحقنه بالمخدّرات. واعتبرت الأوساط السياسية الإيرانية أنّ حسين طائب، هو المسؤول عن اختطاف يزدانباناه. 

العام 1995، طرد هاشمي رفسنجاني حسين طائب من وزارة الاستخبارات. وبعد عامين، وتزامناً مع انتخاب محمد خاتمي، الرئيس الإصلاحي، أنشأ طائب، بضوء أخضر من خامنئي، شبكة استخباراتية موازية داخل الحرس الثوري. وكان الهدف من تلك المؤسسة إضعاف وزارة الاستخبارات والعمل كهيئة استخباراتية مستقلة لعلي خامنئي وابنه مجتبى.

وبمساعدة مجموعة أخرى من المنفيين من وزارة الاستخبارات، قام بتشكيل وحدة استخبارات الحرس الثوري.

شقيقه، مهدي طائب، وهو عضو أيضاً في دائرة كتيبة الحبيب، يقود مقر عمار الذي تشكّل بعد  حدوث الاضطرابات التي أعقبت انتخابات العام 2009 لمواجهة "الحرب الناعمة". ويستخدم أنصار الحكومة مصطلح "الحرب الناعمة" لوصف خطة الغرب لإحداث تغييرات جذرية في إيران.

* أمّا الأعضاء الآخرون في دائرة كتيبة الحبيب فهم: 

العميد حسن محقق، معاون استخبارات الحرس الثوري، والعميد محمد إسماعيل كوثري، النائب السابق لقائد مقر ثار الله (المسؤول عن الأمن في طهران أثناء الاحتجاجات) وهو عضو متشدد في البرلمان، وكذلك العميد علي فضلي نائب منسق الحرس الثوري

بالإضافة إلى العميد إبراهيم جباري، قائد فيلق حماية المرشد الأعلى حتى عام 2022 (قوة أمنية لعلي خامنئي)، والعميد حسين نجاة، الاسم الحقيقي محمد حسين زيباي نجاد، قائد مقر ثار الله، علي رضا بناهيان، عضو مكتب تمثيل المرشد الأعلى في الجامعات ورئيس أسرة خامنئي.

الأعضاء في دائرة كتيبة الحبيب

العميد حسن محقق

معاون استخبارات الحرس الثوري

العميد
محمد إسماعيل كوثري

النائب السابق لقائد مقر ثار الله (المسؤول عن الأمن في طهران أثناء الاحتجاجات) عضو متشدد في البرلمان

العميد علي فضلي

نائب منسق الحرس الثوري

العميد إبراهيم جباري

قائد فيلق حماية المرشد الأعلى حتى عام 2022 (قوة أمنية لعلي خامنئي)

العميد حسين نجاة

الاسم الحقيقي محمد حسين زيباي نجاد، قائد مقر ثار الله

علي رضا بناهيان

عضو مكتب تمثيل المرشد الأعلى في الجامعات ورئيس أسرة خامنئي.

الدخول الرسمي إلى السياسة عبر الباسيج

أصبح هؤلاء الأفراد الركائز الأساسية لإمبراطورية نفوذ مجتبى خامنئي. دعم حسين طائب، ومجتبى خامنئي في انتخابات العام 2009، في البداية محمد باقر قاليباف، رئيس الشرطة السابق، لمنع استمرار المعتدلين في السلطة. لكن، في الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، غيّروا مرشحهم واستخدموا قوات الباسيج لتحويل الانتخابات لصالح محمود أحمدي نجاد.


واحتج مهدي كروبي، المرشح في الانتخابات، في مقطع فيديو نشرته وكالة أسوشيتد برس أيضاً، على تدخل الباسيج في الانتخابات واتهم مجتبى خامنئي بالتدخل في ذلك الإستحقاق.


وفي وقت لاحق، كشف اسفنديار رحيم مشائي، اليد اليمنى لأحمدي نجاد، أنّ مجتبى خامنئي كان يريد أن يصبح طائب وزيراً للاستخبارات، لكن أحمدي نجاد عارض ذلك.


وبعد عامين، اي العام 2011، أصبح طائب قائداً لقوّة الباسيج ليتمتع بسلطة أكبر للتدخل في السياسة ومساعدة مجتبى. والعام 2009، وبموجب مرسوم من علي خامنئي، أصبح رئيساً لمنظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني المنشأة حديثاً. وقام بتجنيد جميع المنفيين المتشدّدين من وزارة الاستخبارات وأعطى كلّ منهم منزلاً بالقرب من مقرّ إقامة خامنئي.

"مجتبى أتمنى أن تموت قبل أن ترى القيادة"

لعب مجتبى خامنئي دوراً مهمّاً في الانتخابات الرئاسية العام 2009، وبمساعدة الباسيج، نجح في تأمين فوز أحمدي نجاد مرّة أخرى عن طريق الاحتيال. كما ساهمت تلك الانتخابات في استمرار الصراع الخفي بين خامنئي ومير حسين موسوي. 

وأكدت صحيفة الغارديان البريطانية، العام نفسه، نقلاً عن مسؤول حكومي رفيع المستوى، تدخل مجتبى خامنئي في الانتخابات عبر الباسيج. ومع بداية الاحتجاجات التي انطلقت في الشوارع ضدّ تزوير الانتخابات، بدأت قوات الباسيج، بالتعاون مع جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني، حملة قمع واسعة النطاق ضدّ المتظاهرين. وبحسب الحرس الثوري، فقد قُتل 29 شخصاً في تلك الاحتجاجات، على الرغم من أنّ لجنة متابعة مهدي كروبي ومير حسين موسوي، المرشحين المحتجين، أفادت بمقتل 72 شخصاً، خلال تلك الاحتجاجات سُمعت لأوّل مرة شعارات ضدّ مجتبى خامنئي وطموحه للقيادة، حيث هتف المتظاهرون: "مجتبى، نتمنّى أن تموت قبل أن ترى القيادة".

"المتظاهرون يهتفون "مجتبى، نتمنّى أن تموت قبل أن ترى القيادة

"المتظاهرون يهتفون "مجتبى، نتمنّى أن تموت قبل أن ترى القيادة

وذهب تورّطه في عمليات القمع إلى حدّ أنّه في العام 2019، قال مصطفى تاج زاده، وهو شخصية إصلاحية بارزة في إيران، إنّ القضية القانونية المرفوعة ضده وضد زوجته يشرف عليها مباشرة مجتبى خامنئي.

في نوفمبر العام 2009، بدأ مجتبى خامنئي بتدريس دورات فقهية متقدمة لـ 25 شخصاً في مكتب خامنئي في قم. وتعتبر دورة الفقه المتقدّمة أعلى مستوى من التدريس في الحوزات العلمية الشيعية. ويطلق على الذين يقومون بتدريس دورات فقهية متقدمة اسم المجتهدين.


واجه ذلك الإجراء معارضة واحتجاجاً من قبل السلطات الدينية والعلماء الشيعة. وقالوا إنّ مجتبى كان يستغل منصب والده لأنّه لم يكن مؤهلاً لتدريس ذلك المستوى المتقدّم من العلوم الدينية. واعتبر المحللون تلك الخطوة بمثابة مقدّمة لمشروع خلافة مجتبى خامنئي، ومن الانتقادات التي وُجهت لقيادة والده العام 1989 هي أنّه لم يكن مجتهداً، فوفقاً للدستور، يشترط أن يكون المرشد الأعلى مجتهداً.


بعد مرور عام، وتحديداً في أكتوبر العام 2010، أصدر عدد من المعلمين والطلاب من حوزتي قم والنجف، بياناً جاء فيه أنّ هدف زيارة زعيم الجمهورية الإيرانية إلى قم هو تأكيد سلطته الدينية والحصول على إذن اجتهاد (سلطة في الفقه الإسلامي) لابنه، مجتبى خامنئي.

اتصالات مع طالبان وقوات الحشد الشعبي

خلال فترة رئاسة أحمدي نجاد التي استمرت 8 سنوات، سيطرت الدائرة المقرّبة من مجتبى على العديد من المناصب الرئيسية في الحكومة، لكن علاقاتهم بدأت تشهد فتوراً منذ العام 2010.

وتظهر إحدى الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس أنّ الابن الثاني لزعيم الجمهورية الإيرانية كان يشارك في إدارة شؤون إيران على أعلى مستوى خلال تلك الفترة. ووفقاً لتلك الوثيقة، فقد ذكر مسؤول في وزارة الخارجية أنّ مجتبى خامنئي وأحمدي نجاد كانت بينهما خلافات جوهرية حول السياسة الخارجية. وبحسب ذلك المصدر، فإنّ مجتبى كان يدير عمليات تبادل الأسلحة مقابل المخدرات التي كان يقوم بها  الحرس الثوري مع حركة طالبان.

كذلك كان مجتبى خامنئي الداعم الرئيسي لفكرة تقديم المساعدة العسكرية للميليشيات الشيعية العراقية، التي كانت تحت إدارة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني آنذاك. وبينما كان أحمدي نجاد يتجه نحو القومية ويريد خفض الدعم المقدم للعراق، أصرّ مجتبى خامنئي على زيادة المساعدات للميليشيات الشيعية في العراق.

قلق الأب من الإبن!


حتى أنّ نفوذ مجتبى المتصاعد في السياسة الإيرانية كان يُقلق والده في بعض الأحيان. ففي 12 نوفمبر 2011، أدّى انفجار في مستودع ذخيرة تابع للحرس الثوري في بيدغانه، بالقرب من مدينة مالارد، إلى مقتل حسن طهراني مقدم، وهو شخصية مهمة في برنامج الصواريخ الإيراني، كما قُتل 34 شخصاً أيضاً
كان الانفجار قوياً جدّاً لدرجة أنّه هزّ أجزاء من طهران التي وصفته بأنّه مجرّد حادث آنذاك. لكن بعد 8 سنوات، في مسلسل تلفزيوني بعنوان "غاندو"، من إنتاج منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، تمّ الكشف عن أنّ الانفجار كان أكثر من مجرّد حادث، وأنّه كان نتيجة عمل تخريبي.


ونشر موقع ويكيليكس وثيقة من مركز أبحاث ستراتفورد، تشير إلى أنّه كان من المفترض أن يزور علي خامنئي مستودع ذخيرة الحرس الثوري في مالارد في ذلك اليوم لكنه ألغى الزيارة، وقال المصدر إنّه بعد الحادث أمر خامنئي بإجراء تحقيق مع فريقه الأمني، وحتى مع مجتبى خامنئي.


لطالما دفعت العلاقات الوثيقة التي تربط مجتبى خامنئي بكبار قادة الحرس الثوري بعض المحللين إلى التفكير في إمكانية حدوث انقلاب عسكري للوصول به إلى السلطة. وعلى الرغم من صعوبة حصول ذلك الأمر إلّا أنّه لا يمكن استبعاده تماماً.

القضاء على صانع القيادة، أوّلاً في الانتخابات ومن ثم في بركة فرح

وبينما كانت أهداف حكومة أحمدي نجاد على وشك التوافق مع أهداف خامنئي في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، كانت الجمهورية الإيرانية تخضع لأشدّ العقوبات الدولية في تاريخ إيران. وكانت إيران، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على وشك التعرّض لهجوم عسكري أجنبي. 

تلك الأحداث دفعت خامنئي، حتى قبل انتهاء ولاية أحمدي نجاد، إلى إصدار الأمر ببدء مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة في عمان. مهّد الوضع الدولي مرّة أخرى الطريق أمام شخصية أكثر اعتدالاًَ للوصول إلى السلطة في الجمهورية. أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي لعب دوراً رئيسياً في صعود خامنئي إلى السلطة العام 1989، ترشّح للانتخابات الرئاسية العام 2013، لكن تمّ استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور، ما شكّل مفاجأة للجميع.

ويتولى مجلس صيانة الدستور، الذي يتكون من 6 فقهاء و6 محامين يعينهم خامنئي، مسؤولية ضمان توافق قوانين البلاد مع الشريعة والدستور. ومع ذلك، فقد تحوّل لسنوات إلى الذراع التنفيذية لخامنئي لهندسة الانتخابات، حيث يقوم أعضاؤه بمراجعة أو تدقيق مؤهّلات المرشحين.

العام 2007، مع وفاة رئيس مجلس خبراء القيادة حينها، أصبح هاشمي رفسنجاني رئيساً لذلك المجلس الاستراتيجي. مجلس خبراء القيادة مسؤول عن اختيار مرشد جديد بعد وفاة المرشد الحالي.

منذ العام 1990، وبعد تدخّل خامنئي وهاشمي، أصبح مجلس خبراء القيادة متماهياً تماماً مع خامنئي، ولم يتمكن سوى رجال الدين المدعومين من مرشد الجمهورية من دخول ذلك المجلس.

على الرغم من أنّ ذلك كان الحال سابقاً أيضاً، إلّا أنّه في ذلك الوقت، مع وجود عدد قليل من رجال الدين المعتدلين في المجلس، كان الإصلاحيون يتأملون في إمكانية تغيير ذلك الوضع.

أطاح رجال الدين المتشدّدون المؤيدون لخامنئي بهاشمي رفسنجاني في الانتخابات الداخلية لمجلس الخبراء العام 2010، وخطوة استبعاده من الانتخابات الرئاسية العام 2013 أوضحت نيّة علي ومجتبى خامنئي في إزاحة هاشمي من السلطة.

مع استبعاد هاشمي، أصبح أحد المقرّبين منه، حسن روحاني، وبدعم منه، رئيساً لجمهورية إيران، وقد واصل عملية المفاوضات مع الغرب. لكن العام 2014، صرّح هاشمي في مقابلة له أنّه ليس من الضروري أن يكون رئيساً لمجلس الخبراء في لحظة حرجة.

كان يقصد بعبارة "اللحظة الحرجة" وفاة علي خامنئي. وكان هاشمي بصفته نائب رئيس مجلس الخبراء، قد ساهم في وصول خامنئي إلى السلطة.

وبعد مرور عام، تمّ انتخاب هاشمي كمرشح أعلى، في انتخابات مجلس الخبراء لكن خامنئي لم يسمح له بأن يصبح الرئيس. وخلال تلك السنوات حاول خامنئي الضغط على هاشمي من خلال التعامل مع مهدي هاشمي نجل هاشمي رفسنجاني.

في 8 يناير العام 2017، تمّ الإعلان عن خبر وفاة أكبر هاشمي رفسنجاني. وبحسب التقرير الرسمي، فقد تعرّض لأزمة قلبية وتوفي أثناء السباحة بمفرده في مسبح قصر سعد آباد التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام. وكانت ظروف وفاته مثيرة للريبة وأعلنت ابنته فائزة هاشمي، بحضور أفراد الأسرة، أنّ جثة والدها تحتوي على مستوى إشعاع أعلى بعشر مرات من الحد المسموح به.

وقال محسن، الابن الأكبر لهاشمي، إنّ الحكومة لم تسمح لهم برؤية لقطات الكاميرات الموجودة في الحديقة وحوض السباحة حيث توفي والده. ولم يعتبر المجلس الأعلى للأمن القومي في البداية أنّ سبب وفاته مشبوهاً، لكن حسن روحاني، رئيس المجلس، أعاد التقرير، ولم تُغلق القضية.

البركة التي توفي فيها هاشمي رفسنجاني كانت لفرح بهلوي، ملكة إيران في عهد محمد رضا شاه بهلوي. وبعد عامين من وفاة هاشمي، حمل رجال الدين المؤيّدون لخامنئي، لافتات تهدّد حسن روحاني بنفس مصير هاشمي في بركة فرح.

"شكرا الحاج آغا مجتبى": تورّط مجتبى خامنئي في الفساد وإقالة رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية


منذ ثورة العام 1979، أبقى دستور الجمهورية الإيرانية الإذاعة والتلفزيون تحت سيطرة الحكومة، ولم يسمح لأيّ وسيلة إعلامية خاصة مسموعة أو مرئية أن تعمل في إيران. كما يتمّ تعيين رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (إذاعة جمهورية إيران الإسلامية المعروفة محلياً باسم صدى وسما) من قبل زعيم الجمهورية.


وتعتبر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إحدى أكبر المؤسسات الاقتصادية، وتموّل من ميزانية الحكومة. يختار خامنئي رؤساء تلك المنظمة من بين الأفراد المقرّبين منه. ويتقدّم رؤساء تلك المنظمة لاحقًا في البنية السياسية. فعلى سبيل المثال، أصبح علي لاريجاني، بعد تبوئه منصب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، رئيساً للبرلمان الإيراني لثلاث دورات. أمّا عزت الله ضرغامي، الرئيس التالي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، فهو حالياً وزير الثقافة والسياحة.


بالإضافة إلى رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، يختار خامنئي شخصياً أيضاً نائب رئيس الأخبار في هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو المسؤول عن بثّ الأخبار والبرامج السياسية.


في نوفمبر العام 2014، عيّن خامنئي محمد سرافراز رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية لكن بعد عام ونصف، استقال بسبب خلافات مع حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، ومجتبى خامنئي.

محمد سرافراز - رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الايرانيه السابق

محمد سرافراز - رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الايرانيه السابق

محمد سرافراز - رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الايرانيه السابق


نشر سرافراز مذكراته في سبتمبر العام 2019 في كتاب بعنوان "رواية استقالة"، وهو أُجبر على الاستقالة بسبب جهوده في منع الفساد الاقتصادي داخل جهاز استخبارات الحرس الثوري، وقد ذكر في كتابه حواراً دار بينه وبين طائب حول دور مجتبى خامنئي في إقالته:
"خلال عطلة نوروز في مارس العام 2016- قبل إعلان استقالتي - التقيت بالسيد طائب، رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، وقلت له إنّني ممتن له، وبما أنّني قد لا أرى السادة مرّة أخرى، أرجو أن تتفضلوا بتقديم الشكر للسيد حسين محمدي، نائب التحقيقات بمكتب المرشد، وحاج آغا مجتبى نيابة عنّي، لأنّكم سهّلتم خروجي من هيئة الإذاعة والتلفزيون، وأنا ممتن لذلك؛ سيكون بمثابة راحة لي. وبدلاً من أن ينكر ذلك، سألني عمّا أعتزم القيام به بعد الإستقالة، قلت له أنّني سأتقاعد".


لم ينكر مكتب خامنئي ذلك الحديث مطلقاً، وهو ما يؤكّد ضمنياً دور مجتبى خامنئي في واحدة من أبرز القضايا التي تشغل البلاد.

مجتبى ضالع في إحدى أكبر قضايا الفساد في إيران

شهرزاد مير قلي خان، المفتشة الخاص لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في عهد محمد سارافراز، غادرت إيران وذهبت إلى عمان قبل 4 أشهر من استقالتها. وهي الزوجة السابقة لمحمود سيف، أحد الشخصيات الثلاثة الرئيسية في قضايا الفساد الاقتصادي في الحرس الثوري. وفي العام 2007، ألقي القبض عليها وسُجنت في الولايات المتحدة بتهمة التصدير غير القانوني للمعدّات العسكرية، بما في ذلك كاميرات الرؤية الليلية. وكانت قد اعتقلت سابقاً  في النمسا بتهم مماثلة.

في أغسطس العام 2017، أُفرج عنها وعادت إلى إيران بعد وساطة قام بها السلطان قابوس، ملك عُمان آنذاك. خلال فترة عملها كمفتشة خاصة لهيئة الإذاعة والتلفزيون، طلبت من محمد سرافراز أن يحدّد لها مقابلة مع علي خامنئي لإبلاغه  عن الفساد  الموجود داخل  مؤسسة استخبارات الحرس الثوري، وبعد محاولات سرافراز المتكرّرة، تمّ ترتيب الاجتماع مع مجتبى خامنئي بدلاً من علي خامنئي.

تروي شهرزاد مير قلي خان في كتابها "قوة القلم ضدّ الأسلحة الفتاكة" ما حصل في ذلك اللقاء. خلال ذلك الاجتماع، الذي حدث في 29 أبريل العام 2015، تحدث مجتبى عن المفاوضات النووية وأظهر عداءاً واضحاً للغرب، وقال: "كلّهم أعداؤنا لكن أخطرهم أميركا وإسرائيل، قريباً سنعطيهم درساً لم يسبق له مثيل في التاريخ. لم يتصرفوا أبداً على أساس إنساني في قضيتك عندما وضعوك في السجن ولا في قضية أي سجين آخر. هم يريدون فقط تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية خاصة، تماماً كما يفعلون الآن في مفاوضات النووي. لن نثق بهم أبداً، ونحن نستثمر فقط في الدول التي لن تخذلنا عندما نحتاج إليها".

يُعرف مجتبى خامنئي بميوله المتشدّدة في السياسة الخارجية، وقد يظهر أكثر تشدّداً من والده في بعض النواحي. فهو يُعد من أشدّ الداعمين لتقديم الدعم للفصائل التي تدعمها الجمهورية الإسلامية في المنطقة، من العراق إلى لبنان واليمن. 

كان مقرّباً من قاسم سليماني، كما يُشار إلى ضلوعه بشكل رئيسي في إحدى أكبر قضايا الفساد في إيران، والتي استفاد منها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

تهميش منافسي مجتبى خامنئي.. تكرار سيناريو لعبة العروش

مع وفاة هاشمي رفسنجاني، سعى الثنائي طائب ومجتبى خامنئي إلى القضاء على بقية الخلفاء المحتملين. ومع تقدّم خامنئي في السن، كانت موضوع اختيار خليفة له  يثار في بعض الأحيان.

في تاريخ الجمهورية الإيرانية، تمّ تعيين نائباً للمرشد الأعلى مرّة واحدة فقط. وفي نوفمبر العام 1985، عيّن مجلس الخبراء حسين علي منتظري، أحد المرجعيات الشيعية، نائباً للمرشد الأعلى وزعيماً مستقبلياً للجمهورية الإسلامية.

احتج منتظري على عمليات الإعدام الواسعة النطاق التي جرت بحقّ معارضي النظام في سجون إيران خلال صيف العام 1988. في ذلك الصيف، وبعد الهجوم الذي شنته منظمة مجاهدي خلق على إيران في يوليو، نفّذت  الجمهورية الإسلامية عمليات إعدام بحقّ آلاف  السجناء السياسيين، الذين كانوا يقضون عقوباتهم في السجون ودفنتهم في مقابر جماعية مجهولة.

ومع تزايد الخلافات بين الخميني ومنتظري، قام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آنذاك بإقالة منتظري من منصبه كنائب في رسالة أرسلها في مارس العام 1989.

بعد بضعة أشهر من وفاة الخميني، اختار مجلس الخبراء خامنئي ليكون المرشد الأعلى  الجديد للجمهورية الإسلامية، وذلك في جلسة أدارها هاشمي رفسنجاني. لعب هاشمي دوراً محورياً في ترجيح كفّة الميزان لصالح خامنئي، حيث روى 3 ذكريات عن الخميني تؤكّد استحقاقه منصب القيادة العليا، ما مهّد الطريق لاختياره.

قبل وفاة الخميني، تشكّل تحالف ثلاثي بين أحمد الخميني، نجل الخميني، وهاشمي رفسنجاني، وعلي خامنئي، بهدف إزاحة منتظري أوّلاً، والسيطرة على مستقبل الحكومة والقيادة. وعد كلّ من هاشمي وخامنئي أحمد الخميني بأنّ القيادة الجديدة للحكومة ستكون من قبل مجلس، وليس بيد فرد واحد، كما وعدوه بأن يكون عضواً في ذلك المجلس.

إلّا أنّ هاشمي، الذي كان يعتبر علي خامنئي شخصية ضعيفة، دعمه للوصول إلى القيادة بهدف السيطرة الفعلية على البلاد بنفسه. استمر ذلك الوضع لمدة 8 سنوات إلى أن قام خامنئي تدريجياً، وبمساعدة الحرس الثوري، بالاستئثار بالسلطة.

في سيناريو مشابه لتمهيد الطريق لوصول مجتبى خامنئي إلى السلطة، كان يجب أن يتمّ استبعاد المرشحين المحتملين للخلافة، بينهم محمود هاشمي شاهرودي، رئيس القضاء السابق، والذي كان يحظى بتقدير كبير في الفقه ومتمرّس بالعمل التنفيذي. كان رئيس مجلس مصلحة النظام ونائب رئيس مجلس خبراء القيادة وعضواً في مجلس صيانة الدستور. و بينما كانت تُحضّر قضية فساد اقتصادي ضخمة ضدّه، أصيب بمرض خطير. وذكرت المصادر الرسمية أنّه أصيب بمرض شديد في الجهاز الهضمي، وقد سافر إلى ألمانيا لتلقي العلاج في مركز متخصص بالأمراض العصبية. ولاحقاً اضطر إلى مغادرتها بسبب اتهامه بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية،  وقد صدرت أحكام  الإعدام من قادة حزب ألماني، وذكرت صحيفة بيلد الألمانية أنّه كان يعاني من ورم في المخ.

محمود هاشمي شاهرودي

محمود هاشمي شاهرودي

محمود هاشمي شاهرودي

محمود هاشمي شاهرودي، من مواليد النجف وأحد معلّمي مجتبى خامنئي، توفي في طهران في 24 ديسمبر العام 2018. وزعم محمد رضا باهونار، النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني، في مقابلة له، أنّ شاهرودي توفي نتيجة إهمال طبي، وبحسب زعمه تمّ استئصال كليته بدل الورم أثناء العملية الجراحية. 

ومع ذلك، بدأ العمل على  مشروع القضاء على منافسي مجتبى خامنئي وقد امتد الأمر على مدى عامين. وكان أحد أبرز المرشحين للخلافة صادق آملي لاريجاني، عضو مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء، ورئيس السلطة القضائية السابق. وهو واحد من الأخوة الـ 5 لـ لاريجاني الذين لهم حضور بارز في السياسة الإيرانية.

صادق آملي لاريجاني

صادق آملي لاريجاني

صادق آملي لاريجاني

هذا العالم الديني، مولود في النجف وهو أحد أساتذة مجتبى خامنئي في الحوزة العلمية. عندما كان رئيساً للسلطة القضائية، كان شقيقه رئيساً للبرلمان. وقد سيطر على اثنين من الفروع الـ3 الرئيسية للحكومة. كان يبلغ من العمر 57 عاماً في نهاية ولايته كرئيس للسلطة القضائية، وذلك جعله مرشحاً محتملاً للخلافة.

بعد تولّي إبراهيم رئيسي السلطة القضائية، كشف مجتبى خامنئي وحسين طائب عن قضية فساد كبيرة. تمّ القبض على أكبر طباري، الذي كان نائباً تنفيذياً لرئيسي السلطة القضائية (هاشمي شاهرودي وآمولي لاريجاني) لأكثر من 20 عاماً، بتهمة الرشوة. تمّ القبض على طباري في فيلا آمولي لاريجاني الخاصة. وقد وجهت إليه، إلى جانب مجموعة من قضاة السلطة القضائية، تهمتي الرشوة والفساد. وحظيت محاكمة طباري بتغطية إعلامية واسعة في التلفزيون وفي وسائل الإعلام، ما أدّى إلى تراجع مصداقية لاريجاني تماماً بين مؤيّدي النظام. وبعدما حقق مجتبى خامنئي وطائب هدفهما، قال خامنئي في خطاب إنّ مكافحة الفساد قد بدأت خلال فترة ولاية آمولي لاريجاني. لاحقاً، تمّت تبرئة جميع المتهمين في قضية أكبر طباري بهدوء.

إبراهيم رئيسي.. عملاق المرحلة الأخيرة؟

منذ العام 2017، بذلت أسرة علي خامنئي، بقيادة مجتبى وحسين طائب، جهوداً كبيرة في الترويج لإبراهيم رئيسي ضدّ حسن روحاني. في انتخابات الرئاسة العام 2017، خسر رئيسي أمام روحاني. ومع ذلك، بعد عامين، عيّنه خامنئي رئيساً للسلطة القضائية ليقوم، من جهة، بتلفيق قضايا ضدّ مقرّبين من روحاني - كثير منهم كانوا متورّطين بالفعل في الفساد - ومن جهة أخرى، ليصوّره كشخصية محاربة للفساد.

العام 1400 (2021)، ترشّح إبراهيم رئيسي للإنتخابات الرئاسية في الدقيقة الأخيرة. كانت تلك خطة مجتبى وحسين طائب لإبعاده عن مسار الخلافة. عادةً في إيران، يفقد الرؤساء سمعتهم بسبب عدم قدرتهم على إدارة البلاد. ومن خلال تسليم الرئاسة لرئيسي، ضرب مجتبى وطائب عصفورين بحجر واحد. فمن ناحية أصبح النظام أحادياً تماماً لأوّل مرّة، حيث سقط كلّ من البرلمان والحكومة في أيدي المتشددين، ومن ناحية أخرى، تقلّصت فرصه في أن يتولى قيادة البلاد.

كان خامنئي يستغل مجلس صيانة الدستور للسيطرة على نتائج الانتخابات، وكان يقوم هو شخصياً باختيار المرشحين، لكن في العام 1400 [2021]، ولضمان فوز رئيسي، ذهب إلى أبعد من ذلك واستبعد علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي لـ 3 دورات وأحدّ المقربين منه، لضمان وصول رئيسي إلى سدّة الرئاسة.

شهد الربيع الماضي حدثاً بارزاً، فقد حصلت سلسلة عمليات للموساد داخل إيران، وكان أسوأها استجواب رئيس فريق مكافحة الإرهاب في الحرس الثوري داخل حدود إيران، فتمّت إقالة حسين طائب من منصبه كرئيس للاستخبارات في الحرس الثوري، مع العلم أنّ طائب كان أقرب شخص إلى مجتبى خامنئي. 

أثارت تلك الإقالة تكهّنات كثيرة، تركّزت حول احتمالين رئيسيين: دور مجتبى خامنئي في الإقالة، ودور إبراهيم رئيسي، وتحالفه مع فصيل آخر داخل الحرس الثوري ضدّ حسين طائب.

مجلس الخبراء.. مجلس من رجال دين مسنين

من الناحية الفنية، تقع مسؤولية اختيار المرشد وخليفته على مجلس الخبراء، وهو هيئة أصبحت بعد 45 عاماً عبارة عن مجموعة من العلماء اختارهم خامنئي. يتمّ فحص مؤهلات أعضاء مجلس الخبراء من قبل مجلس صيانة الدستور، الذي يعين خامنئي أعضاءه أيضاً. 

وذلك يعني أنّ مجلس الخبراء قد ابتعد إلى حدّ كبير عن الهدف الذي أنشىء من أجله. واجب ذلك المجلس هو انتخاب المرشد والإشراف على آدائه، لكن على مرّ السنين، قال العلماء الذين دخلوا إلى ذلك المجلس أنّ مرشد الجمهورية هو نائب الإمام الـ 12 للشيعة، وأنّ مهمّة مجلس الخبراء الوحيدة هي اكتشاف المرشد.

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس الخبراء كلّ 8 سنوات. في الدورة الأخيرة، توفي ما لا يقل عن 19 من أصل 88 عضواً، أي 21 % من الأعضاء. أمّا الذين وصلوا إلى ذلك المجلس من خلال الانتخابات، فقد فازوا في مقاطعات تساوى فيها عدد المرشحين مع عدد المقاعد.

ومع ذلك، في 28 نوفمبر، كشف رحيم تافكول، عضو مجلس الخبراء، للمرّة الأولى أنّ لجنة سرّية في مجلس الخبراء تقوم بمراجعة المرشحين لخلافة خامنئي.  وقال إنّ تلك اللجنة تدرس الخيارات بشكل سرّي، ولا يتشاور أعضاؤها إلّا مع خامنئي نفسه.

 وذكر تفاكول أنّه وإبراهيم رئيسي وأحمد خاتمي أعضاء في تلك اللجنة، كما أنّ أحمد جنتي رئيس مجلس الخبراء يعرف أسماء المرشحين. ويُعتبر الـ 4 من بين رجال الدين الأكثر تشدّداًُ في الجمهورية.

ومن المقرّر إجراء انتخابات مجلس خبراء القيادة في شهر فبراير\ مارس في اسفند. وبالفعل، تشنّ وسائل الإعلام الموالية للحرس الثوري الإيراني ولخامنئي هجمات على المرشحين القلائل ذوي التوجهات المعتدلة مثل حسن روحاني، وتطالب بتنحيتهم. ومن المرجح أن تختار الجمعية القادمة خليفة علي خامنئي. المؤشّرات تدل  على أنّ خامنئي إمّا يريد تعيين ابنه قبل وفاته أو أنّه رتّب الأمور بحيث يتمّ اختيار مجتبى خامنئي زعيماً بعد وفاته. إلّا إذا حدث شيء غير متوقع أثناء وفاته، منع انتقال السلطة إلى ابنه.

 أسرار حياة مجتبى خامنئي

لقد انتشرت العديد من التقارير والشائعات التي تناولت  الحياة الشخصية والاجتماعية لمجتبى خامنئي، لكنّنا سنركز هنا على المعلومات الموثوقة التي تمّ التحقق  منها:

في السنوات الأخيرة، بذلت شخصيات قريبة من بيت علي خامنئي جهوداً كبيرة لتصوير نمط حياة بسيط لخامنئي وأبنائه. ففي العام 2018، ادّعى رئيس مكتب المرشد الأعلى، محمد محمدي كلبايكاني، أنّ أبناء خامنئي الـ 4 يعيشون في منازل بالإيجار ولا يمتلكون منازل خاصة. وقال أيضاً إنّ أبناءه إذا استخدموا آلة التصوير في مكتب خامنئي، فإنّهم يدفعون ثمنها كي لا يكلّفوا خزينة الدولة.

محمد محمدي كلبايكاني

محمد محمدي كلبايكاني

محمد محمدي كلبايكاني

ويزعم غلام علي حداد عادل، أحد كبار مستشاري خامنئي ورئيس البرلمان السابق، ووالد زوجة مجتبى خامنئي، أنّ نجل خامنئي وزوجته يعيشان حياة متواضعة.

وتزوج مجتبى خامنئي من زهرة ابنة حداد عادل العام 1998. وروى حداد عادل المعروف بـ "أبو المشاغل" بسبب شغله 25 منصباً، أنّ خامنئي قال له قبل زواج أبنائهما: "أنا لا أملك مالاً لشراء منزل، استأجرنا منزلاً أعطينا طابقاً لمصطفى وطابقاً آخر لمجتبى، تحدّث مع ابنتك حتى لا تعتقد أنّ كونها زوجة ابن القائد ستعيش حياة مرفّهة، هذا نمط حياتنا. لكن أنت تعيش حياة جيّدة نسبياً. الآن، إذا أرادت أن تدخل هذه الحياة، عليها أن تعرف أنّ الأمر قد يكون صعباً عليها. مجتبى لم يصبح رجل دين بعد، وهو يريد أن يذهب إلى قم للدراسة ليصبح رجل دين. أخبرها كلّ تلك الأشياء حتى تعرف ما ينتظرها".

في يناير العام 2013، نفى حداد عادل في مقابلة صحة الأخبار المتعلقة بنقل مجتبى خامنئي لشاحنة محمّلة بالذهب إلى تركيا. والعام 2009، أُعلن رسمياً عن مغادرة شاحنة تحمل ذهباً وعملات نقدية بقيمة 18.5 مليار دولار من إيران إلى تركيا. وأكّدت السلطات التركية ضبط تلك الشحنة. ونشرت بعض وسائل الإعلام غير الرسمية أخباراً عن كون تلك الشحنة ملكاً لمجتبى خامنئي، لكن لم يتم تأكيد ذلك الخبر رسمياً أبداً.

ومع ذلك، وفقاً لوثائق نشرتها ويكيليكس مستشهدةً بأحد أفراد عائلة محمود طالقاني، وهو أحد الشخصيات البارزة في الثورة الإسلامية، فقد استثمر كلّ من مصطفى ومجتبي خامنئي نحو 10 مليارات دولار في الصناعات الثقيلة في جنوب أفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تورّط مجتبى خامنئي، إلى جانب حسين طائب، رئيس منظمة الاستخبارات بالحرس الثوري الإيراني سابقاً، في عمليات فساد مالي كبيرة، أشهرها ما حدث في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.

حسن طائب

حسن طائب

حسن طائب

وانتشرت أخبار أخرى مثيرة للجدل حول مجتبى خامنئي تتعلق بمسألة إنجابه وسفره إلى بريطانيا لتلقي العلاج، وهو اليوم لديه 3 أبناء هم محمد باقر ومحمد أمين وفاطمة.

في تقرير صادر عن السفارة الأميركية في لندن، ونشرته ويكيليكس، ورد أنّ مجتبى خامنئي سافر إلى لندن 3 مرات لتلقي علاج للعقم، وقد تلقى العلاج في مستشفيي كرومويل وويلينغتون. ووصفه كاتب التقرير بأنّه شخصية مؤثّرة وذكية وواعدة.

وفي مقابلة مع مركز وثائق الثورة الإسلامية، ذكرت فهيمة داري، زوجة سعيد إمامي، مسؤول استخبارات إيراني كبير توفي في ظروف غامضة في السجن بعد اعتقاله لضلوعه في سلسلة جرائم قتل العام 1998، أنّ سعيد إمامي اصطحب عائلة علي خامنئي إلى لندن للعمل العام 1990 وعاش معهم لمدة شهرين.

نفي غلام علي حداد عادل، والد زوجة  مجتبى خامنئي، تلك الأخبار. وقال في مقابلة له إنّ ابن مجتبى خامنئي ولد في مستشفى رسالات الدرجة الثالثة التي تقع تحت جسر سيد خندان عل يد  الدكتورة مرضية دستجردي، بتكلفة 500 ألف تومان، والوثائق والسجلات الموجودة تؤكّد ذلك.

شاهدوا ايضاً: هؤلاء هم أكبر تجار المـخدّرات في الشرق الأوسط