جهود حثيثة من عطّون والجولاني لـ”تبييض” صفحة الهيئة

 

ليست المرة الأولى التي يظهر فيها عبدالرحيم عطّون شرعي هيئة تحرير الشام المتنفذ وقد خلع غطاء الرأس الشرعي المعتاد، مذكراً بمقابلة أبي محمد الجولاني مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث مطلع العام وقد خلع العباءة ولبس البدلة “الإفرنجي.”

في فبراير الماضي، نُشرت لعطّون صورة مشابهة في حفل تخريج بإدلب، حساب مزمجر الثورة السورية المعارض وصف المشهد “بالصاعقة”، وقال: “صاعقة جديدة تضرب عقول الكثيرين بسبب ظهور الشرعي العام للهيئة عبد الرحيم عطون مقصر اللحى كاشف الرأس.”

يوم الثلاثاء ١٤ سبتمبر ٢٠٢١، قدم عطون ندوة في المركز الثقافي في مدينة إدلب  بعنوان “الجهاد والمقاومة في العالم الإسلامي”. قارن فيها عطون بين طالبان وحماس و”الثورة السورية.” وخلص إلى أن استنساخ تجربة طالبان أمر غير منطقي نظراً للاختلاف بين الحالتين السورية والأفغانية، وفي الفقرة المعنونة “العلاقة مع الجوار” أشار إلى طيب العلاقة بين الهيئة وتركيا.

وتسعى الهيئة حثيثاً منذ عامين تقريباً إلى الحصول على اعتراف دولي أو على الأقل إلى أن تُشطب من قوائم الإرهاب وأن يحرر زعيمها الجولاني من مكافأة العشرة ملايين دولار المرصودة منذ ٢٠١٣ لمن يدلي بمعلومات عنه.

يفعل هذا بأن يتواصل مع الإعلام الغربي؛ فيرسل من خلالهم رسائل صريحة بأنه يصلح حليفاً جيداً خاصة عندما يتعلق الأمر بكبح الجماعات الجهادية في سوريا.

ومن قبيل ذلك أنه ما انفك يؤكد أن صفحة القاعدة طُويت من غير رجعة. ومن قبيل ذلك أيضاً انقضاض الهيئة على حراس الدين وجهاديين مستقلين منذ صيف العام الماضي.

الجولاني يحاول أن يظهر بمظهر “تقدمي” غير متزمت: فيلبس البدل الغربية ويقصّر اللحى.

عطّون يشارك أيضاً في حملة العلاقات العامة هذه، ففي مقابلة مع صحيفة “Le Temps” السويسرية في أيلول الماضي، قال إن الهيئة لا تشكل خطراً على الغرب، ونذكر أنه في تلك المقابلة دار جدل حول فعل “ننظف” صورتنا أو “نقدم” صورتنا.” في الحالتين الجولاني وعطون يسعيان إلى “تغيير” الصورة كاملة.

لا يظهر عطون في الإعلام كثيراً، ولا ينشط في السوشيال ميديا مثل مظهر الويس القيادي الشرعي الآخر في الهيئة أو أبي ماريا القحطاني، القيادي الأمني. لكنه يحتل جزءاً كبيراً من انتقادات المعارضين.

حساب مزمجر الثورة السورية على التلغرام يعيد نشر مقاطع لوالد عطون وعمه وهما رجلا دين ينتقدان الهيئة ويدعوان إلى نبذ العمل معها لأن فيه مخالفة شرعية.

عطون شخصية فارقة في هيئة تحرير الشام. هو الذي تولى الرد على زعيم القاعدة الظواهري مرتين. في ديسمبر ٢٠١٧، رد عطون على كلمة الظواهري المعنونة “فلنقاتلهم بنياناً مرصوصاً” التي بثت في نوفمبر ذلك العام والتي رفض فيها الظواهري فك الارتباط مع جبهة النصرة.

في تلك الكلمة الصوتية، وصف الظواهري الجولاني بـ”نكث العهد” واعتبر أن الهيئة تشق الصف وتفرق المجاهدين. عطون فند كلام الظواهري، وكشف عن خلل في الاتصال بين الظواهري وأعوانه مثل ممثله ومندوبه أبي الخير المصري، الذي كان بارك فك الارتباط، ومثل سيف العدل الذي حرّض على الجولاني.

في الأزمة التي انتهت صيف العام الماضي باجتثاث الحراس من إدلب، تولى عطون الرد على بيان القاعدة المركزية المعنون “إن الله أبى عليّ قتل مؤمن” والمنشور في ٢٥ يونيو ذلك العام. عطون فند بيان القاعدة وقلب الطاولة عليهم وردّ بمثل ما كانوا يقولون في ٢٠١٧، عندما قررت الهيئة الاستقلال عن القاعدة.

لا تزال الولايات المتحدة تعتبر هيئة تحرير الشام إرهابية، جيمز جيفري، السفير الأمريكي السابق الذي كان مسؤول ملف سوريا في الخارجية الأمريكية، قال في وثائقي “الجهادي” الذي أعده مارتن سميث، إنه غير معني بنقل رسائل الجولاني إلى الإدارة الأمريكية والمساهمة في تبييض اسمه وشطبه من القوائم السوداء.