من عامل نظافة بالأردن إلى رياضي واعد
قبل أن يتخذ وليد قرار مغادرة اليمن في عمر 18 سنة فقط، كانت حياته تتمحور حول العمل مع عائلته. كانت والدته وأخته تعدان الأكلات الشعبية في البيت، فيما كان يبيعها برفقة أخيه على بسطة في الشارع. يقول وليد عن تلك الأيام:”كنت أحب العمل مع عائلتي، وكنت أذهب بعد العصر للعب كرة القدم مع أصدقائي بعدما يغطي أخي عني في البسطة”،
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في اليمن بسبب الحرب، شعر وليد بضرورة البحث عن مستقبل أفضل. فقرر السفر إلى الأردن رفقة أخته للعمل في محاولة لمساعدة عائلتهما. يستذكر وليد تلك اللحظة بحنين عميق : لم تكن الرحلة صعبة ولكنها لم تكن سهلة كذلك، فقد تركت خلفي أعلي وأصحابي والشوارع والأماكن التي نشأت وترعرعت فيها.، ولكنني كنت عازما على الخروج من الضائقة المالية التي تواجهها العائلة والمحاولة خارج اليمن.
في عمّان: البداية الصعبة
عند وصوله إلى عمّان، بدأ وليد رحلة البحث عن عمل. يقول في حديثه لأخبار الآن:”كان عمري 18 سنة ولم أكن أملك سوى عزيمتي”. في البداية كان الكل يرفض توظيفي بسبب صغر سني، إلى أن ساعدتي أختي في الحصول على وظيفة كعامل نظافة في صالة رياضية. كان الأمر غريبا علي في البداية، فلم أكن أملك أدنى فكرة عن كيفية التنظيف. “وبينما كنت أمسح معدات الصالة، دائمًا ما كنت أراقب اللاعبين وهم يتدربون، وكنت أشعر أنني قادر على فعل ما يفعلونه.”
تقول أخته هند: وليد شخص مثابر جدا، لم يكن ليستسلم للظروف، صراحة وليد بالنسبة لي أكثر من أخ، وليد صديقي وهو حنون جدا، شخص يضرب به المثل في الالتزام ين. ولعل أهم درس تعلمته منه هو الإصرار، وأن ليس هنالك مستحيل”
اكتشاف موهبته في الكلاستنيكس
لم تكن عين المدرب أمجد في القاعة الرياضية التي يعمل بها وليد بعيدة عن ملاحظة قدراته البدنية وشغفه. يقول أمجد: “شاهدت وليد وهو يقوم ببعض التمارين خلال استراحته، كان واضحًا أنه كان مهتما جدا. ولكن نقطة التحول كانت حينما عاد أمجد ذات ليلة في وقت متأخر ليجد وليد يتدرب وحيدا. يقول أمجد عن ذلك:” ما رأيته ألهني فعلا و حمسني في أن أشجع وليد على التدرب واقف إلى جانبه أنا وبقية المدربين.”
بعد تشجيع أمجد ودعمه، بدأ وليد تدريبات جدية في رياضة الكلاستنيكس، وهي رياضة تعتمد على وزن الجسم لتحسين القوة والمرونة. تفوق وليد في هذه الرياضة بسرعة وأجاد حركات معقدة في وقت قصير لأنها كان جسديا مهيئا لذلك. يقول وليد: ” فتحت لي التدريبات بابًا جديدًا. لم أكن أعرف أنني أملك هذا القدر من القوة، لكن الدعم الذي تلقيته من المدربين وأصدقائي ساعدني على التطور بسرعة.”
دعم العائلة المتجدد
خلال رحلته، لم تكن العائلة بعيدة عن قلب وليد. رغم المسافة التي تفصله عنهم، كانت علاقته بأخته هند، التي كانت شريكته في العمل على البسطة في اليمن، قوية جدًا. تقول هند: ” في اليمن لم نكن نقضي وقتا كثيرا مع بعض، وكانت هناك جوانب كثيرة لم نعرفها عن بعضنا إلا بعد أن جئنا لعمان .” وتواصل: ” الإحساس بأن ليس لنا إلا بعضنا البعض حعلنا أكثر قربا، هو الآن يعتني بي في كل شيء وكأنه هو الآخ الأكبر وليس العكس”
من جهته يعتبر وليد هند رفيقة دربه في غربته وأنه يراها اكثر من مجرد أخت كما يستمد من علاقتهما الحماس والإصرار لمواصلة العمل في ليكون شخصا وبطلا يذكر اسمه. كما أنها لا تقصر في منحه هذا الدعم النفسي إذ لا تتخلف عن حضور المسابقات التي يشارك فيها، وهي تستذكر كيف كان ينظر إليها حينما يشهر بالاجهاد أو أنه غير قادر على المواصلة فتشجعه بنظراتها ليواصل ويحس أنه ليس حلمه لوحده.
خطوة خطوة
رغم الصعوبات التي واجهها في بداية حياته في الأردن، لم يستسلم وليد. يقول عن ذلك: “كانت هناك لحظات شعرت فيها باليأس، لكن التدريب كان دائماً وسيلتي للهروب من الضغوط.” تدريبه المستمر واجتهاده قاداه إلى المشاركة في بطولات محلية وتحقيق نتائج مشرفة. عن ذلك يقول:”حلمي الآن هو أن أصبح مدربًا رياضيًا وأحقق بطولات أكبر.”
لا يرغب وليد في أن يتوقف حلمه عند البطولات المحلية. إذ ينهي كلامه: “أريد أن أعود إلى اليمن يومًا ما وأفتح صالة رياضية هناك لتدريب الشباب وإعطائهم الفرصة التي حصلت عليها هنا.” فيما يقول مدربه أمجد: أريد أن يستلهم الناس من تجربة أمجد أن الإنسان إذا امتلك الشغف والإرادة فإن كل شيء يصير ممكنا”