أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة 

انعكست العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدان والشعوب على المنافسات الرياضية منذ بدايات القرن العشرين، وبلغ هذا الانعكاس حدًا لافتًا حتى صارت الرياضة وبطولاتها الدولية في نظر الغالبية العظمى من المتابعين هي الوريث الشرعي للحروب.

ولم تقتصر حدة المنافسة على المنتخبات في البطولات القارية والعالمية، بل امتدت إلى المسابقات المحلية، لترث الدوريات نصيبها من خلافات تاريخية بين العائلات الكبرى وسكان المقاطعات المختلفة في الدولة الواحدة.

وفي هذه السلسلة، نحاول أن نلقي الضوء على أبرز الصراعات الرياضية الحالية، والتي ترجع جذورها إلى خلافات سياسية وإقتصادية، بل ودينية في بعض الأحيان، حتى صارت بعض المباريات بين الأندية بمثابة فرصة لاسترجاع ذكريات مؤلمة تمتد لقرون ماضية.

  • حرب الوردتين.. صراع العروش الدموي ينتقل إلى البريميرليغ

احتفل نادي ليدز يونايتد منذ أيام قليلة بعودته لمنافسات الدوري الإنكليزي الممتاز بعد غياب امتد على مدار 16 عامًا، فمنذ هبوطه للدرجة الأدنى في موسم 2003-2004، لم ينجح النادي العريق في العودة للبريميرليغ، حتى نجح في الموسم الحالي في قطع تذكرة التأهل بقيادة المدرب الأرجنتيني المخضرم مارسيلو بييلسا، بعد صراع مع ويست بروميتش ألبيون.

ومع عودة ليدز لمنافسات البريميرليغ، سيتجدد الصراع بينه وبين غريمه التاريخي مانشستر يونايتد، ذاك الصراع الذي تضرب جذوره في أعماق التاريخ البريطاني الملئ بالأحداث المثيرة والحروب الدامية.

وتعود جذور الصراع بين الناديين إلى القرن الخامس عشر، عندما اشتعلت نيران العداوة بين عائلتي لانكستر ويورك، ودارت بينهما سلسلة من المعارك الضارية امتدت لما يزيد عن ربع قرن.

وعُرفت الحرب بين العائلتين بـحرب الوردتين، نسبة إلى الشعار الذي اتخذته كل عائلة، فكانت عائلة لانكستر تحمل شعار الوردة الحمراء، بينما اتخذت عائلة يورك من الوردة البيضاء شعارًا لها.

وتعتبر هذه الحرب من أشهر المعارك في تاريخ العائلات البريطانية، حتى أنها أثارت خيال الكاتب الأمريكي جورج أر.أر. مارتن، ليستوحي منها روايته الشهيرةأغنية الجليد والنار، والتي تم تحويلها لاحقًا إلى العمل الدرامي الأضخم في تاريخ التليفزيون ”Game of Thrones“.

وكانت عائلة لانكستر تتخذ من مدينة مانشستر مقرًا لها، بينما كانت تستقر عائلة يورك في مقاطعة يوركشير التي تضم مدينة ليدز، وامتدت الحرب الدموية بين العائلتين على عرش إنكلترا في الفترة ما بين عامي 1455 و1487.

وبعد انتهاء حرب الوردتين، لم ينتهي الصراع بين العائلتين، وألقت العداوة بظلالها على كافة مناحي الحياة، لتشتعل المنافسة بين الطرفين في مجالي الزراعة والصناعة على مر قرون متعاقبة.

  • كرة القدم ترث العداء التاريخي

ومع بداية القرن العشرين، انتقلت هذه العداوة إلى ملاعب كرة القدم، حيث بدأ الصراع بين المدينتين في عام 1906 عندما فاز ليدز على مانشستر يونايتد بثلاثية نظيفة ضمن منافسات دوري القسم الثاني. وبعدها بشهور قليلة، استطاع يونايتد أن ينتقم لهزيمته وحقق فوزًا كبيرًا بثلاثة أهداف مقابل هدف على أرض غريمه، ومنذ ذلك الحين أصبحت زيارات يونايتد لملعب إيلاند رود مغلفة بالخوف والقلق.

ووفقًا للموقع الرسمي لناديمانشستر يونايتد، فقد تقابل الفريقان للمرة الأولى في الدرجة الممتازة من الدوري الإنكليزي في موسم 1925-1926، واستطاع ليدز الفوز في المباراة بهدفين نظيفين، قبل أن يعود يونايتد للفوز في مباراة الدور الثاني بهدفين مقابل هدف في ملعب أولد ترافورد.

وفي عام 1930، استطاع ليدز الفوز على يونايتد بخماسية نظيفة في مباراة شهدت تسجيل بوبي تيرنبول لثلاثة أهداف. بعد ذلك، كان لليدز اليد العليا في معظم المباريات ضد يونايتد حتى الحرب العالمية الثانية.

  • فصل جديد من الصراع

وبعد ذلك، مالت الكفة إلى مانشستر يونايتد، واستطاع الفريق تحقيق الفوز في 8 من التسع مباريات التالية ضد ليدز مع بداية توهج فريق المدرب مات باسبي منتصف الخمسينات. وما زاد من إثارة هذه المواجهات كان إضطرار بوبي شارلتون، الذي كان زائرًا معتادًا لشباك ليدز، لمواجهة شقيقه جاك الذي كان يلعب في صفوف أبناء يوركشاير.

وفي حقبة المدرب دون ريفي مع ليدز يونايتد والتي امتدت في الفترة ما بين عامي 1961 و1974، أعادت مباريات الفريقين ذكريات حرب الوردتين إلى الأذهان، حيث اتسم أداء لاعبي ليدز بالقوة والعنف الشديد ضد كل المنافسينأما في أواخر السبعينات، ازدادت العداوة بين الناديين، خاصة بعد تعاقد مانشستر يونايتد مع لاعبي ليدز جو جوردان وجوردان ماكوين عام 1978، ليشتعل غضب جماهير الفريق الأبيض.

  • حقبة البريميرليغ

ومع بداية حقبة البريميرليغ، اتخذ العداء بين الناديين منعطفًا جديدًا، خاصة بعد فوز مانشستر يونايتد على ليدز في أولد ترافورد في شهر سبتمبر عام 1992، ثم تعاقد الشياطين الحمر مع النجم الفرنسي إيريك كانتونا بعد تلك المباراة بثلاثة أشهر، وهي الصفقة التي أذهلت الجميع وأثارت غضب مشجعي ليدز.

وبعد انتقال كانتونا إلى القلعة الحمراء، قاد النجم الفرنسي مانشستر يونايتد إلى العديد من النجاحات والألقاب المحلية، وعلى صعيد مواجهاته ضد فريقه القديم، فقد نجح في هز شباكهم في 3 مباريات. ومن بين هذه الأهداف، برز هدفه الذي احتفل به أمام جماهير ليدز في آخر مباريات المدرب هاورد ويلكينسون على مقعد الإدارة الفنية للفريق الأبيض.

ولم يكن كانتونا هو النجم الوحيد المنتقل من ليدز إلى مانشستر يونايتد، إذ شهد صيف عام 2002 صفقة تاريخية أخرى بانتقال المدافع الدولي الإنكليزي ريو فرديناند إلى قلعة أولد ترافورد في صفقة وضعته على رأس قائمة المدافعين الأغلى في العالم، ليشتعل غضب جماهير ليدز مرة أخرى بعد فقدان نجم جديد لمصلحة غريمهم التاريخي.

  • معركة في المدرجات

وعلى مدار تاريخهما الطويل، التقى الفريقان في 88 مناسبة في جميع المسابقات، وكان التفوق لمصلحة مانشستر يونايتد حيث حقق 35 فوزًا في مقابل 23 لمصلحة ليدز يونايتد، بينما حسم التعادل 30 مواجهة بينهما.

وخلال هذه المواجهات، ومع اشتعال المنافسة على أرض الملعب، كانت مدرجات أولد ترافورد وإيلاند رود تزخر بمعارك خاصة بين الأنصار، وشهدت فترة السبعينات موجات الصدام الأكثر عنفًا بين جماهير الناديين، مع انتشار ظاهرة الشغب الجماهيري في الملاعب الإنكليزية خلال تلك الفترة. واعتبرت الصحافة البريطانية أن المعارك الدموية المشتعلة ما بين جماهير الناديين تعد من بين أسوأ الظواهر في المنافسات الكروية في إنكلترا.

وبعد تاريخ طويل وذكريات متباينة في الدوري الإنكليزي، عانى جمهور ليدز من كابوس الهبوط للدرجة الثانية في صيف عام 2004، ليخوض الفريق صراعًا مؤلمًا على مدار 16 عامًا من أجل استعادة مكانته، حتى نجح أخيرًا في إنهاء هذه الحقبة المظلمة، لتعود أجواء البريميرليغ إلى ملعب إيلاند روود، ويعود معها الترقب لتجدد المواجهة الملتهبة أمام مانشستر يونايتد، وتشتعل مرة أخرى نيران صراع تاريخي لم تخبو جذوتها تحت رماد السنوات.

مصدر الصورة: Getty

اقرأ أيضاً:

تشيلسي يقصي مانشستر يونايتد بثلاثية ويضرب موعداً مع أرسنال في نهائي الكأس

كورتوا يعيد جائزة زامورا لريال مدريد ويحقق إنجازاً يحدث لأول مرة في تاريخ الليغا