لماذا لجأت روسيا لعدم تجديد اتفاقية الحبوب ومن أهم أبرز المتأثرين؟

في يوليو من العام الماضي، وقعت روسيا وأوكرانيا على اتفاقية الحبوب برعاية أممية ووساطة تركية بهدف ضمان شحن وتصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في الموانئ عبر البحر الأسود بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ووصف حينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاق بكونه “منارة أمل” للعالم.

ومنذ ذاك الحين، جرى تمديد الاتفاق الذي يُعرف رسميا باسم “مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب” عدة مرات، ولكن وكعادة الروس، أعلن الكرملين يوم الاثنين الماضي، إن روسيا علقت مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود. الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو الماضي يهدف إلى تخفيف حدة أزمة الغذاء العالمية بفتح – “منارة أمل” كما قال غوتيريش –  باب التصدير بأمان أمام الحبوب الأوكرانية، الذي أدى الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا إلى حجزها في موانئ البحر الأسود قبل إقرار الاتفاقية بين جميع الأطراف، ولكن بعد الانسحاب الروسي وعدم تجديد اتفاقيىة الحبوب، قد يكون لذلك عواقب على أجزاء كبيرة من العالم.

ماذا يعني الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب؟

فكما قالت روسيا، لا عودة لاتفاقية الحبوب إلا بشرط تنفيذ الجزء الآخر منها، وهو السماح بوصول الأسمدة والحبوب الروسية إلى الأسواق العالمية، هكذا ردت روسيا على العالم بعد قراراها بوقف تمديد العمل بالاتفاقية، فالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا تصدتم بالرغبة الروسية في السماح بوصول حبوبها إلى الأسواق، كما أن الأمم المتحدة وأمريكا والغرب أدانوا الموقف الروسي، بيد أن إردوغان يبني العديد من الأمال بغية إقناع بوتين بالعدول عن قراره، فهل ستجبر روسيا الغرب على رفع العقوبات عنها مقابل العودة من جديد لاتفاقية الحبوب، أم أن أمام الدول الغربية بدائلًا أخرى، وما هي؟

هذه كانت محاور حلقة الليلة في “ستديو أخبار الآن”.

الموقف التركي تجاه القرار الروسي

وبالحديث عن الدور التركي في الوصول إلى اتفاق مع الجانب الروسي وعدول بوتين عن قراره بالانسحاب من الاتفاقية، قال ضيف “ستديو أخبار الآن” … الدكتور “محمود عنبر” أستاذ الاقتصاد بجامعة أسوان والاستشاري لدى البنك الدولي: “منذ العام السابق كانت الاتفاقية الأولى بوساطة تركية، كما أن هناك تصريحات متفائلة من جانب تركيا باحتمالية الوصول إلى توافق في هذا الإطار، فربما أن تكون روسيا ونظرًا للعقوبات الاقتصادية الموقعة عليها من الغرب قد ا نسحبت من القرار، فالاشتراطات الخمسة التي تشترطها روسيا، تدور في مجملها حول تصدير منتجاتها الزراعية، مما يوحي بأنه قد تكون هناك تجاوبات من الطرف الغربي، وقد تلعب تركيا دور الوساطة في هذا الإطار وذلك لتوفيق مثل هذه الأمور”.

ماذا يعني الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب؟

وأتبع: “لكن في كل الأحوال، أرى أن هذا وإن كان تصورًا فهو تصورًا مؤقتًا، فالأصعب من ذلك ليس فقط فكرة تصدير الحبوب في حد ذاتها، فعلى الرغم من مخاطرها الاقتصادية، ولكن الأصعب من هذا يُعد فكرة الإيمان باستخدام العقوبات الاقتصادية في حالات الصراع، فمن يتحمل تكلفة هذا الأمر هي الدول الفقيرة”.

وأكمل: “وفي ظل التداعيات الاقتصادية التي تؤثر على كافة دول العالم المتقدم والنامي، يجب أن يتم تجريم استخدام العقوبات الاقتصادية كعقوبات في الصراعات بين الدول”.

ما هي أهمية اتفاق الحبوب؟

وتعود أهمية الاتفاق إلى موقع أوكرانيا في سوق الحبوب العالمي إذ تعد واحدة من أكبر موردي الحبوب حيث يعتمد 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على الحبوب الأوكرانية، وفقا لأرقام برنامج الغذاء العالمي.

وعندما بدأت  روسيا غزوها العسكري لأوكرانيا  أواخر فبراير من العام الماضي، أعربت الكثير من دول العالم عن مخاوفها من وقوع مجاعة خاصة في البلدان الفقيرة وتحديدًا في إفريقيا والشرق الأوسط وسط قلق متنام حيال نفاذ الوقت أمام إبعاد شبح أزمة مجاعة.

وكانت أسعار المواد الغذائية  قد شهدت قبل الحرب ضد أوكرانيا ارتفاعا جراء تداعيات جائحة كورونا وأزمة سلاسل التوريد، بيد أن الغزو الروسي أدى إلى تفاقم الأزمة خاصة وأن الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود أسفر عن تعرض ملايين الأطنان من الحبوب في الصوامع الأوكرانية لخطر التعفن. وعلى وقع ذلك، قال الاتحاد الأوروبي إن عملية “الحفاظ على  إمدادات الحبوب  الأوكرانية يعد أمرا بالغ الأهمية للأمن الغذائي العالمي”.

لماذا قررت روسيا عدم تجديد اتفاقية الحبوب؟

ماذا يعني الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب؟

وعن الأسباب التي جعلت روسيا تلجأ إلى عدم تجديد اتفاقية الحبوب، تحدث ضيف “ستوديو أخبار الآن” … الخبير الاقتصادي المغربي “رشيد الساري” رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، قائلًا: “اليوم تعرضت روسيا لجميع أنواع العقوبات، لذلك اختارت روسيا هذا الوقت لعدم تجديد اتفاقية الحبوب، والتي كانت تجدد على فترات، ولكن ربما في هذا الوقت لم تكن روسيا في وضع حرج مقارنة بالوقت الحالي، فروسيا مونيت بمجموعة من الخسارات على المستوى العسكري والاقتصادي، حتى أن نسبة النمو لن تتجاوز 0.8% بالنسبة لروسيا هذا العام، لذلك لجأت روسيا لهذا الحل لكي تعود للمنتدى الدولي وأن تتعافى اقتصاديًا”.

وأضاف: “اليوم لروسيا خسارات كبيرة وكبيرة جدًا، فحتى على مستوى الطاقة وقفت العوامل المناخية ضد روسيا، فالاتحاد الأوروبي هذا العام مر عليه شتاءًا دافئًا، فلم يستهلك الغاز بالشكل الكبير الذي كان عليه في السابق”.

وأتبع: “يجب التأكيد على أن روسيا لجأت إلى عدم تجديد اتفاقية الحبوب لتهديد الأمن الغذائي العالمي، فقط من أجل الوصول إلى تحقيق مجموعة من المكتسبات”.