الجزائر تعتمد استراتيجية لمكافحة الإرهاب

  • الخطة تمثل تغيرا لافتا في سياسة الجزائر
  • بلعمري: مبادرات الجزائر كانت تواجه بخطط فرنسية لإفشالها

ناقشت حلقة الاثنين من برنامج “ستديو الآن”، والتي قدمتها رشا مقران، تداعيات خطة الجزائر لمواجهة الإرهابيين، وذلك بعد سنوات من موقفها الحيادي، فيما يحدث في منطقة الساحل الإفريقي.

وقالت مقران في مقدمة الحلقة: “الجزائر التي اكتوت بنار الإرهاب، وبعد سنوات من الحياد تضع خطة لمواجهة الإرهابيين في الساحل الإفريقي، ما اعتبر موقفاً لافتاً في السياسة الجزائرية إزاء هذا الملف”.

وأضافت: “الجزائر لن تكون بعيدة عن محاربة الإرهاب، لكن هذه المرة ستعتمد مقاربة استراتيجية جديدة تقوم على اللاعنف وضمان الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي“. مضيفة: “غير أن الجزائر لن تكون الوحيدة التي ستنفذ هذه الاستراتيجية بل ستكون بالمشاركة مع كل من موريتانيا والنيجر”.

وبعد فترة طويلة من الدبلوماسية الجزائرية التي ترسخت منذ الاستقلال حتى نهاية الثمانينيات، بالاعتماد على عدم الانحياز والحياد، قررت الجزائر وضع خطة جديدة لمواجهة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي.

ووصف تقرير نشره موقع “موند أفريك“، الخطة بأنها تمثل “تغيرا لافتا في السياسة الجزائرية إزاء هذا الملف”، خاصة أنها ستكون بالشراكة مع النيجر وموريتانيا.

وتطرق الموقع إلى أن “دبلوماسية الجزائر تراجعت وأصيبت بالشلل بعد اعتماد البلاد منذ استقلالها وحتى نهاية الثمانينيات على عدم الانحياز بحيث صارت مكبلة خاصة حيال قضايا العالم الثالث بمبدأ عدم التدخل.

كما أشار أيضًا إلى تعدد أصحاب المصلحة في علاقة بالسياسة الخارجية وهو ما جعل من الصعب التحدث عن الدبلوماسية الجزائرية.

لكن التقرير أوضح أنه “في هذا السياق بالذات حاولت السلطات في الجزائر على مدى العامين الماضيين مواجهة انفجار الوضع في دول الساحل، وتجنب تداعيات تحركات الجماعات الإرهابية على الأراضي الجزائرية“.

إذ تم وضع استراتيجية جمعت بين الاستمرارية في المبادئ والواقعية في التدخلات لإدارة جحيم الساحل بعد رحيل فرنسا ومعظم الشركاء الغربيين من المنطقة.

وفق التقرير، يعتبر العقيد المتقاعد محمد شفيق مصباح، وهو عضو سابق في دائرة الأمن والمعلومات، أحد ضحايا الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة. وهو اليوم يقود هذه الخطة الخاصة بمنطقة الساحل الإفريقي.

من ناحيته قال الدكتور أحمد ميزاب، المختص في الشأن الأمني، في حواره مع رشا مقران، لبرنامج “ستديو الآن”، إن “الجزائر تتبنى استراتيجية عنوانها الأساسي السلم والتنمية في إطار مواجهة مختلف التحديات الأمنية، والتي تعرفها المنطقة الإفريقية، من خلال تحقيق معادلة مُركبة من ثلاثة عناصر أساسية (السلم والأمن والتنمية) باعتبار أنه من خلال تحليل طبيعة الواقع والتحديات الأمنية التي تعيش فيها المنطقة، خاصة منطقة الساحل الإفريقي، ندرك جيدا أنها تتمحور في خمس معضلات أمنية”.

وأضاف ميزاب، أن “هذه المعضلات الأمنية تشكل محاور، في إطار تكرر سيناريوهات الأزمات الأمنية المعقدة في كل مرة: مشيرا إلى أن هذا يستوجب أن يكون هناك بحث عن مقاربة متكاملة تضمن حل دائم، من خلال أولا تحقيق معادلة الاستقرار، ومنها معادلة التنمية، وهذا ما يخلق بيئة محلية رافضة لكل ما له علاقة بالإرهاب أو بالجماعات المسلحة، ويسهم بشكل كبير جدا كذلك في إدراج مشاريع تنموية، تسهم في فك العزلة، وتجاوز كافة المعضلات التي تعرفها هذه المنطقة”.

وأكد أنه يجب البحث عن حلول طويلة المدى، كما يجب أن “تُبنى هذه الحلول على مبدأ السلم والتنمية، وأن تتسم هذه المبادرات بمبدأ الاستمرارية، آخذة في عين الاعتبار الواقعية في تحليل وتشخيص الأوضاع”.

من ناحيته قال أمين بلعمري، رئيس تحرير في جريدة الشعب الجزائرية، في حواره مع رشا مقران، لبرنامج “ستديو الآن”، إن “الجزائر كان لها مبادرات سابقة لمحاصرة الإرهاب، خاصة في منطقة الساحل والصحراء، من بينها رئاسة أركان دول الميدان، التي كانت تضم كل دول الساحل والصحراء، اعتبارا من 2010، ولكن كل هذه المبادرات الجزائرية كانت تواجه بمبادرات أخرى فرنسية لإفشال كل الجهود الإفريقية، والجزائرية تحديدا لمكافحة الإرهاب”.

 

وأكدت الخطة أن “الجزائر تسعى إلى إيجاد حل طويل الأمد غير قائم على العنف، من شأنه أن يجعل من الممكن توطين السكان وضمان الاستقرار الدائم في منطقة الساحل” وبينت أن “أول بلدين تمت دعوتهما للمشاركة في تنفيذ الخطة الجديدة هما موريتانيا والنيجر“.

وأشار الموقع الفرنسي إلى أن “وصول محمد ولد الغزواني إلى السلطة في نواكشوط، ومحمد بازوم في نيامي، وهما أكثر الشخصيات احترامًا في مكافحة الإرهاب في المنطقة، سهل تنفيذ هذا التوجه الجديد للجزائر“.

ورأى أن “المقاربة الجزائرية الجديدة في مكافحة الجماعات المتشددة تعتمد على رؤية الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون“، التي أعلنها بحزم حين قال إن “الجزائر لن تترك مالي تتحول إلى ملاذ للمتشددين“.

وتابع التقرير أنه، في مايو 2021، وبعد وقت قصير من الإعلان عن انسحاب قوة “برخان“ وفرنسا من مالي، أعلن الرئيس تبون أن الجزائر لن تسمح لمالي بالتحول إلى ملاذ للجماعات الجهادية أو تقسيم البلاد“.

وجاء هذا البيان المدوي بعد أشهر قليلة من اعتماد دستور جديد يسمح الآن للجيش الجزائري بالتدخل في الخارج وتقنين هذا الانتشار، وفق “موند أفريك“

لا يزال هناك تطور في العلاقات بين الجزائر وروما وأنقرة ، والذي يمكن أن يؤدي إلى استراتيجية أكثر تطوراً لمنطقة الساحل بما في ذلك الجانب الأمني ​​والعسكري والتكامل الإقليمي، بعد أن أبرمت تركيا اتفاقية دفاع مع النيجر وموريتانيا وعلاقات جيدة مع نظام باماكو.