تحولت أفريقيا إلى ملاذ آمن لمعظم المجموعات الجهادية، وداعش واحد من هذه التنظيمات. هزم داعش في العراق أو في الشرق الأوسط بشكل عام، فتحوّل إلى القارة الأفريقية سعياً لتعويض الخسارة. وقد وجد التنظيم أنّ دول القارة السمراء خاصرة رخوة، ما يمكّنه من إعادة بناء نفسه، في ظلّ ضعف الأجهزة الأمنية الدفاعية.

تأثير داعش العراق فعل ما عجزت عنه لسنوات القوات العسكرية والإستخباراتية فيأفريقيا، وتحديداً على صعيد اصطياد واستهداف كبار قادة التنظيم. هذا لا يعني أنّ داعش العراق يتفوق في أفريقيا، لكنّ التنظيم بفرعه في ولاية غرب أفريقيا، اختار أن يدخل من باب المزيد من الترهيب والإستشراس، في فرض ما فشل بتحقيقه بنفسه في العراق وسوريا.

لكن في خضم انشغاله بإعادة تجميع نفسه، كانت الصراعات الداخلية تأكله، وقد زاد تمييز قيادة داعش بين العراقيين وغير العراقيين، أو الأجانب أو المهاجرين، من حدّة الخلافات.

إذاً داعش إنتقائي للغاية، له نظام طبقي خاص به، إذ يتفوق العراقيون فيه، والجميع دون المستوى. فالقيادة تفضّل العراقيين بشكل عام، فيما تتجاهل كبار السن الأجانب فيه، وغالباً لا تتحدث عنهم أو حتى تعترف بوفاتهم.

في رسالته الأخيرة إلى بوكو حرام الذي أعاد إعلان الولاء لداعش إثر مقتل زعيمه أبي بكر شيكاو، قبل الناطق الإعلامي باسم زعيم التنظيم أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، بيعة تنظيم بوكو حرام التي أعلنها الزعيم الجديد باكورا، وحثّهم على المضي في طريق “الجهاد”، لكنّه لم يذكر أيّ كلمة عن شيكاو. هذا التجاهل من قبل داعش المركزي يؤكّد من جهة مقتل أبي بكر شيكاو، ومن جهة ثانية يظهر مدى ازدراء قادة داعش العراقي لقادته وأفراده في أفريقيا، أو الأجانب بشكل عام.

  • داعش طلب من فصيله في غرب أفريقيا أن ينفذوا هجوماً على بوكو حرام.
  • أفريقيا تحوّلت اليوم إلى ملاذ آمن لمعظم المجموعات الجهادية.
  • داعش العراق يعتبر أنه أسس دولة الخلافة وله الحق بزعامة الإسلام.

بالنسبة إلى واقعة انتحار شيكاو، فقد أوضحتها المجموعة بنفسها، أيّ فصيل بوكو حرام السابق التابع لشيكاو، ولكن أكّدها أيضاً فصيل الدولة الإسلامية في العراق وسوريا أو داعش. أمّا بالنسبة إلى ما جاء على لسان فصيل شيكاو، فإنّه كان محاصراً من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وخلال المفاوضات التي أجريت معه لكي يستسلم ويعلن ولاءه للتنظيم، قرّر أن يفّجر سترته المفخخة.

من بين الأشخاص الذين قتلوا في التفجير إلى جانب شيكاو، كان هناك بعض القادة المقرّبين منه، وأيضاً بعض القادة الكبار في تنظيم الدولة الإسلامية الذين تواجدوا هناك خلال المفاوضات معه.

أمّا رواية تنظيم الدولة الإسلامية أي ولاية غرب أفريقيا، فهي مشابهة، لكنّها قالت إنّ شيكاو قتل نفسه إلى جانب قادته المقرّبين منه فقط، من دون أن يسقط أي قائد من تنظيم الدولة الإسلامية. وأضافت الرواية أنّ التعليمات التي جاءتهم من التنظيم شدّدت على أن لا يقتلوا شيكاو، لكن أن يعملوا على دمج الفصيلين المتنافسين، وأن يسمحوا لفصيل شيكاو بإعلان ولائه للتنظيم.