من هم فاغنر؟ كيف يتمثل الوجود الروسي في أفريقيا؟ على ماذا يحتوي تقرير الأمم المتحدة الذي يتناول الوجود الروسي في جمهورية أفريقيا الوسطى؟ ما هي الجرائم التي يذكرها التقرير كل هذه الأسئلة سنحاول الاجابة عنها في حلقتنا لهذا الاسبوع، كما سنعرض شهادات بعض المدنيين الذين تعرضوا للتعذيب والاختطاف والقتل والاغتصاب في مدينة بمباري وغيرها…

وتشير المعلومات إلى أن هذه المجموعة الروسية تعمل أيضاً على حماية مناجم الذهب والالماس الذي تشكل ثروة كبيرة لهذا البلد الفقير الذي يعاني من حرب أهلية منذ عقد من الزمن تقريباً.

في تموز/ يوليو الماضي/ أورد تقرير صادر عن لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة، أن الجيش النظامي لافريقيا الوسطى وحلفاءه الروس أقدموا على 207 عمليات خرق واعتداء على حقوق الانسان خلال الفترة الممتدة بين كانون الاول/ ديسمبر من العام 2020 و30 حزيران/ يونيو من العام 2021. وأكد التقرير أن هذه الخروقات تمثلت في عمليات القتل والاعدام دون محاكمة، والتعذيب والاغتصاب واحتلال المدارس وسرقة املاك المواطنين، وذلك في العديد من المدن والقرى من بينها بوار وكاكا وبمباري ونزاكو وغيرها..

كذلك خلص تحقيق قامت به بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، إلى أن المرتزقة الروس الذين يعملون تحت اسم مجموعة فاغنر، والمنتشرين تحت ستار مستشارين عسكريين غير مسلحين، قادوا القوات الحكومية إلى المعركة خلال هجوم لطرد المتمردين من عدة بلدات في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين، كما أطلقوا الرصاص داخل مسجد التقوى منتصف شباط/ فبراير الماضي بحجة أن المتمردين اندسوا بين المصلين، مما ادى إلى مصرع العديد من المدنيين.

افريقيا الوسطى: انتهاكات فاغنر ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب… فكيف المحاسبة؟

فاغنر ليست موجودة ككيان قانوني وبالتالي لا يمكن التحاور معها كمنظمة

لمعرفة المزيد عن نشاطات الروس في ذلك البلد الفقير لكنه غني بالموارد الطبيعية كالذهب والالماس، تكلمنا مع الدكتورة سورشا ماكلويد وهي عضو المجموعة المعنية باستخدام المرتزقة التابعة للأمم المتحدة، والتي أفادتنا أنه تم توثيق مجموعة واسعة من «انتهاكات لحقوق الانسان نفذتها شركات أمنية روسية وغالباً ما يشار إليها باسم مجموعة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى، وهذا برأينا يرتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب».

وأضافت ماكلويد أن «فاغنر ليست موجودة على أرض الواقع ككيان قائم بذاته ولكن ما اكتشفناه والبراهين التي وصلتنا تشير إلى أن هذه الشركات الأمنية الروسية متورطة في عمليات قتل جماعية وعمليات واسعة النطاق لاعتقال وتعذيب المدنيين ونهب وسرقة ممتلكات خاصة».

وفي موضوع قيام الحكومة المحلية بمحاسبة المرتزقة الروس لما تقترفه عناصرها، أفادتنا الدكتورة سورشا ماكلويد، أن الأمر محاط باشكالية كبيرة في جمهورية افريقيا الوسطى، اذ تمت مراسلة حكومة بانغي والطلب منها التحقيق في مثل هذه الشكاوى، كما عبّرت عن قلق كبير لدى مجموعة العمل حول استخدام المرتزقة «إزاء فعالية التحقيق الذي تجريه الحكومة في افريقيا الوسطى حول هذه الادعاءات، هذا إذا وصلتهم أساساً، لكن إذا كان المواطنون يخافون من التعبير عن هذه الادعاءات فهذا يعني أن الشكاوى لا تصل إلى الآلية التي ستجري تحقيقًا فيها».

أما فيما يخص محاسبة شركة فاغنر دولياً لما يقترفه رجالها في جمهورية افريقيا الوسطى فتحدد سورشا ماكلويد أنه من غير الممكن محاسبة كيان غير موجود على الورق أي أن «فاغنر ليست موجودة ككيان قانوني وبالتالي لا يمكن التحاور معها كمنظمة، لذلك راسلنا الحكومة الروسية ولخصنا الادعاءات بحق الشركات الأمنية الروسية الخاصة المعروفة باسم فاغنر».

وفق ماكلويد، فإن روسيا نفت كل هذه الاتهامات بانتهاك حقوق الانسان قائلة إن هذه الشركات موجودة شرعاً في جمهورية افريقيا الوسطى بناء على اتفاق ثنائي بين وزارتي دفاع البلدين.

وأضافت ماكلويد «تدّعي روسيا أن مئات المواطنين الروس الذين أُرسلوا إلى جمهورية إفريقيا الوسطى موجودون هناك لتدريب الجيش والأجهزة الأمنية ولكن المشكلة المطروحة هي أننا نملك إثباتات على أنهم مسلحون ويشاركون في القتال وينتهكون حقوق الإنسان ولكن روسيا تقول أيضاً إن المرتزقة خارجون عن القانون ومحظورون في القانون الروسي وكذلك لا يمكن تأسيس الشركات الأمنية خاصة الروسية بموجب القانون الروسي لأنها محظورة».

الإمام ممازين يتخوف من افراغ بمباري من المسلمين

وللتعرف ميدانياً على ما تقوم به عناصر مجموعة فاغنر الروسية، جال فريقنا في مدن بمباري، باكالا، وغريماري في محافظة أواكا، ومن أجل توثيق وجود هذه العناصر، تمكنوا من تصوير المرتزقة الروس بكاميرا خفية خوفا من أي اعتداء، كما نقلوا إلينا شهادات العديد من الضحايا.

وأول من التقينا كان أحد أئمة المسجد المركزي في مدينة بمباري ويدعى حماة ممازين الذين أخبرنا ما جرى في شهر حزيران/ يونيو الماضي. حينها، وقعت مواجهة مسلحة بين المتمردين والقوات الحكومية ويدعمها المرتزقة الروس، في مكان ليس بعيداً عن مخيم «إيلفاج» الذي يأوي نازحين.

ويروي ممازين أنه في اليوم التالي عاد عناصر الجيش إلى المخيم وطلبوا من النازحين مغادرة المكان مباشرة ودون أي انذار.

وأضاف الامام ممازين «على الفور أحرق الروس الموقع وأخفوا وجوده، ولدى مغادرتهم المكان، لم يكن يعلم النازحون إلى أين يذهبون لأنهم مسلمون، إنهم يدركون تماماً أن للمؤمنين مكان واحد، لقد أتوا إلى هنا مباشرة إلى المسجد المركزي».

أما عدد النازحين الذين كانوا يقيمون في مخيم «إيلفاج» فقد وصل إلى عشرين ألف شخص وفق آخر تعداد لهم، كما أخبرنا الامام ممازين، لكن بعد طردهم منه، تفرقوا، ووصل أغلبهم إلى المسجد المركزي، ويؤكد أنه لا مكان لهم جميعًا للنوم داخله «فهناك آخرون في الخارج تحت المطر والشمس، هنالك عائلات يعيش أفرادها بعيداً عن بعضهم، وحين يحل الليل، يحمل الرجال حصائرهم كي يناموا أمام أبواب المحلات وتجتمع النساء في قاعات مدرسة المسجد».

هذا وعبّر الامام ممازين عن خوفه «إزاء افراغ مدينة بمباري من المسلمين».

افريقيا الوسطى: انتهاكات فاغنر ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب… فكيف المحاسبة؟

طردونا بقوة وقتلوا زوجي حتى أنني لم أعثر على جثته

داخل المسجد، التقى فريقنا إحدى السيدات واسمها فان عثمان، وهي زوجة رجل يدعى سليف يعقوب. إنها تتهم المرتزقة الروس باختطافه حين عودتهم إلى مخيم «إيلفاج» لطردهم منه «لقد طردونا بقوة ودون سابق انذار من مخيمنا السابق للنازحين وقد اختطفوا زوجي كي يقتلوه حتى أنني لم أعثر على جثته».

وتصف هذه السيدة فرارها من المخيم «مع خوف كبير، حمل النازحون أطفالهم وتفرقوا هاربين، منهم من وصل إلى المسجد، فحصلنا على الماء والأغطية»، كما وزع برنامج الاغذية العالمي الطعام عليهم، لكن لا هذا الطعام ولا تلك الأغطية كانت كافية لهم.

الخجل يعتري فان عثمان لاضطرارها النوم مع أولادها العشرة وأحفادها وصهرها لأن المسجد لا يتسع للجميع، كما أن الكدَر لا يفارقها لعدم استطاعتها تغيير أحوالها وتقديم ما يكفي لأولادها في حين كانت، كغيرها من النازحين في مخيم «إيلفاج»، تقوم بنشاطاتها التجارية «كنا نذهب إلى الحقل لجمع حزم الحطب ثم نبيعها، لكن المخيم مدمر بأكمله وقد خرّبه الروس».

هذا وتؤكد أرملة سليف يعقوب أنه لا يمكن لأي شخص مغادرة المسجد، وأكثر ما تخشاه هو خروج الصبية من المسجد «لأن الروس سيختطفونهم ويأخذونهم إلى جهة مجهول ويتهمونهم بالانتماء للمتمردين. كما أنهم يسألون النساء عن أزواجهن لكنني أعتقد أنهم قتلوهم».

معاناة فان عثمان لا حدود لها لأنها عاجزة عن ايجاد حل لما تعيشه «لا أملك أي حل، لا يمكنني أن اذهب كي أبني مكاناً يأويني مع أولادي».

افريقيا الوسطى: انتهاكات فاغنر ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب… فكيف المحاسبة؟

شهادتان لضحيتي اعتداء جنسي جماعي قام بهما الروس في باكالا

خلال جولتنا في مدينة باكالا غير البعيدة عن مدينة بمباري، تمكنا من التكلم مع امرأتين تم الاعتداء عليهن من قبل عناصر مجموعة فاغنر، وذلك خلال شهر نيسان/ ابريل الماضي. وقد أرادتا ابقاء هويتيهما مجهولة لذلك قمنا باخفاء وجهيهما واسميهما.

حين وصل الروس، اعتقدنا أنهم سينشرون السلام لكنهم على العكس ينشرون الرعب..

وتخبرنا إحداهما وهي أم لخمسة أولاد وتعمل في تجارة زيت النخيل، أنه لدى عودتها من عملها مرت أمام قاعدة للروس فاستدعوها فوافقت اعتقادًا منها انهم سيشترون منها بضاعتها. لكن، كما تقول «حين دخلت مخيمهم طلبوا مني وضع صفيحة الزيت على الارض، بعدها دفعوني بالقوة داخل المخيم. وفي ذلك الوقت هددوني موجهين السلاح نحوي، لقد أخذوني بالقوة كي يعتدوا عليّ، لقد استغلوني».

وتؤكد هذه السيدة أن المعتدين عليها كانوا خمسة رجال روس، قاماتهم طويلة مع رسومات موشومة على أجسادهم، ويتحدثون لغة أجنبية لم تفهمها، وقد حاولت جاهدة الاستغاثة لكنهم كمموا فمها لمنعها من الصراخ.

حين رجعت هذه الضحية إلى منزلها وأخبرت زوجها، قرر هذا الاخير أن يذهب لمواجهتهم لكنهم «هددوه بالقتل وهم يحملون السلاح فخاف وعدنا أدراجنا»، هذا وقد رفض الزوج البقاء مع زوجته لأن ما تعرضت له مشين ويجلب له العار.

وتستطرد هذه السيدة قائلة «الامر خطير جداً لدينا نحن نساء باكالا مشاكل خطيرة جدًا، حين وصل الروس، اعتقدنا أنهم سينشرون السلام وسيساعدوننا على الصعوبات، لكن على العكس، إنهم ينشرون الرعب ولا ننام الا في الحقول ولا ندري إلى أين نذهب، ولا نعلم ما يريده الروس منا؟ هل الحكومة على علم بما يقومون به؟»

وتخبرنا السيدة الأخرى، وهي في العقد الثالث من العمر، وأم لثلاثة أطفال أنها وقعت ضحية اعتداء جنسي جماعي، قام به أكثر من خمسة أشخاص من المرتزقة الروس.

وأخذت هذه السيدة الشابة تروي لنا قصتها قائلة إن الاعتداء عليها وقع عند مغيب الشمس وكانت عائدة من الحقل بعض أن قطفت أوراق المانيهوت لتطعم أولادها الجائعين، لكنها مرت قرب هؤلاء المرتزقة «دون انتباه مني، دفعوا بي بعنف كي يعتدوا عليّ. لا نعلم ماذ يريد الروس منا؟ هل الحكومة على علم بما يقومون به؟ لست الوحيدة التي جرى الاعتداء عليها فهنالك حالات عدة أخرى ماذا سيجري لحالي مع أولادي؟».

كلتا هاتين السيدتين تطالبان حكومة بانغي بأن تفتح أعينها من أجل التحقيق «بمثل هذه الفظائع».

شهادات ضحايا اختطاف وتعذيب واغتصاب يتحدثون لقناة الآن

التقى فريقنا ضحايا جرائم اخرى ارتكبتها عناصر مجموعة فاغنر الأمنية من بينها الخطف، والسجن القسري والتعذيب وأهالي قتلى.

افريقيا الوسطى: انتهاكات فاغنر ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب… فكيف المحاسبة؟

الروس يديرون كل أمورنا.. أعدموا أكثر من 60 شخصاً بلا محاكمة أو تحقيق

من بين هؤلاء الضحايا باري ماريغبا ذي السابعة والعشرين عاماً وهو أب لولدين، إنه يعيش شرق مدينة بمباري في الحي الذي وقعت فيه المواجهة المسلحة بين المتمردين والجيش النظامي بمساعدة المرتزقة الروس، ففي منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي تم اعتقاله وتعذيبه ولم يطلق سراحه إلا في شهر نيسان/ ابريل بعد طلب من المدعي العام من أجل متابعة علاجه.

ويخبرنا ماريغبا أن رجال الشرطة والمرتزقة الروس أتوا إلى منزله لتوقيفه بتهمة التعامل مع المتمردين لكنه يؤكد براءته من هذه التهمة «لقد كنت مريضاً خلال تلك الفترة، رفضوا أن يصدقوني وفسروا عدم هروبي من منزلي خلال هجوم المتمردين (تحالف الوطنيين من أجل التغيير) بانني منخرط في تلك المجموعة… فكررت قولي إن وضعي الصحي لم يسمح لي بالفرار، لكنهم أصدروا الامر بتعذيبي وضربي حتى أقول لهم الحقيقة».

ويحكي ماريغبا طريقة تعذيبه قائلا «قيّدوا يديّ ووضعوا شريطًا لاصقًا على فمي، وربطوا قدميّ ورفعوهما على مقعد صغير لضربهما، وذلك من أجل أن أكشف كل شيء، ولأنني لم أشعر بذنب بقيت على أقوالي. حينها طلب المسؤول العسكري من المترجم الروسي فتح تحقيق استقصائي بحقي عبر استجواب رئيس الحي لمعرفة إن كنت انتمي للمتمردين أم لا، لقد كنت مريضاً حقاً».

ويضيف هذا الشاب «الروس يديرون كلّ أمورنا، وما مررت به هو تقريبًا الموت، حين كنت سجينًا، أعدموا أكثر من 60 شخصًا بلا محاكمة او تحقيق».

شبان بمباري يفرون من فظائع الروس

كما ماريغبا، برينس أرشانج بونيمال وقع أيضًا بين أيدي المرتزقة الروس الذين اختطفوه في أيار/ مايو الماضي، وقاموا بتعذيبه قبل اطلاق سراحه في ٢٤ حزيران/ يونيو الماضي. إنه شاب في السادسة والعشرين من العمر، التقيناه في مدينته بمباري.

ويروي بونيمال أنه كان يتعرض يوميًا للضرب والتعذيب، ولإخلاء سبيله أنفقت والدته الكثير من المال كما باعت قطعة أرض «لقد دفعت حوالى ٤٠٠ ألف فرنك افريقي» كما أكد لنا.

ويرى بونيمال أن شبان مدينته مشتتون «إنهم سيفرون من الفظائع التي ينفذها الروس بهم إذا ظلوا في المدينة».

أما والدة هذا الشاب وتدعى بيرت بونيمال فتقول «اعتقدت أنهم أتوا لحمايتنا من متمردي السيليكا لكن على العكس، لقد أساؤوا إلينا وكذلك السيليكا يقولون إن كل الرجال ينتمون لآنتي ـ بالاكا، لذلك فر هؤلاء الرجال الشبان للاختباء في الادغال ولا ندري ما يجب القيام به كي يخرجوا من مخابئهم».

وهنا تجدر الاشارة إلى أن تحالف الوطنيين من أجل التغيير يعارض الحكم القائم في بلاده ويضم عدة مجموعات معارضة بينها سيليكا وآنتي ـ بالاكا اللتان كانتا تتحاربان سابقًا.

المرتزقة الروس «وضعوا شريطًا لاصقًا على فمه وألصقوا به تهمة ايواء المتمردين»

مينا أدجيروم هي الشقيقة الصغرى لأيوب أدجيروم الذي قتله عناصر القوات المسلحة النظامية والمرتزقة الروس، يوم اختطافه في شهر أيار/ مايو الماضي وكما أخبرتنا، كان نائمًا في منزله حين أتوا لاعتقاله «كبلوه ووضعوا شريطًا لاصقًا على فمه وتقول المعلومات التي وصلتنا إن الروس الصقوا به تهمة إيواء المتمردين ».

وتضيف هذه السيدة «في اليوم التالي، ذهبت وشقيقتي لنتأكد من وجوده في القاعدة الروسية لكنهم نفوا وجوده لديهم في النظارة ولا حتى لدى الشرطة أو الدرك فاضطررنا للعودة الى القاعدة الروسية فاكدوا لنا، مرة أخرى، بأنه غير موجود لديهم. بعدها أطلقنا حملة تفتيش عليه علمنا أنه قتل مع أربعة أشخاص آخرين على طريق كوانغو».

افريقيا الوسطى: انتهاكات فاغنر ترتقي إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب… فكيف المحاسبة؟

ما يقوم به الروس هو غير انساني

بدوره، وقع علي توادير ضحية الجيش النظامي وحلفائه المرتزقة الروس كان ذلك في شباط/ فبراير الماضي ويخبرنا ما جرى له «كنت عميلًا مساعدًا للدرك والشرطة حين سمعت دوي انفجارات، اضطررت أن أرشد عناصر الدرك الثلاثة على الطريق للفرار عبر المدافن، وحين وصل رئيسهم بسيارته طلب مني أن أعود إلى المنزل كي أهرب مع زوجتي وهكذا اختبأت معها في الحقل عند أهلها ثم حملت مؤونة من المانيهوت لإيصالها إلى عناصر الدرك الموجودين على مسافة 8 كيلومترات بعد ذلك، أتى رجال الشرطة والروس لاعتقالي بتهمة انتمائي لتحالف الوطنيين من أجل التغيير».

وكي يتم اطلاق سراحه، أنفقت والدته المبلغ الزهيد الذي بحوزتها كما باعت المنزل من أجل التفاوض لتحريره.

تواديرا، وكما يقول، كان في مركز الشرطة وليس في مركز المرتزقة الروس «لكن هؤلاء الروس كانوا موجودين».

أما كيف أمضى فترة اعتقاله، يقول هذا الرجل الذي يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا «لا أغتسل جيدًا أو آكل جيدًا حدثت أمور رهيبة يُخرج الروس السجناء من سجنهم لقتلهم وذلك ساعة يشاؤون».

وبالنسبة لوالدة علي والتي تدعى يولاند زوت فإنه بسبب الروس «نشعر بالكثير من الحزن والأسى، نحن أمهات هؤلاء الأولاد والشبان الذين هم أمل الغد إنهم يقتلون جميع الشبان فمن سيبقى في المدينة؟ ما يقوم به الروس هو غير انساني حقًا لقد تركوا المرارة عند العائلات إنني حزينة جدًا في هذه الأثناء، حين أتحدث إليكم أنا غاضبة ولا أعرف كيف أتصرف، أبيع حزم الحطب كي أطعم عائلتي. أطلب من الحكومة الانتباه لكل ما يفعله الروس، اذ يجب أن يتوقفوا عن ممارسة ما يحزن الامهات».

فاغنر قريباً في مالي ما سيزيد من سيطرة روسيا على افريقيا

لقد أصبح واضحًا أن روسيا تعمل بجهد ولكن خفية لبناء نفوذها وإبرام الصفقات التجارية للكرملين في إفريقيا، خاصة بهدف عقد صفقات الماس مربحة وقد أصبح الروس متورطين بعمق في السياسة والأمن في وسط إفريقيا.

فعلى الرغم من اعلانهم بأنهم لديهم 550 مدربًا في البلاد، لكن محققي الأمم المتحدة وجدوا أن الرقم يصل أحيانًا إلى 2100 فرد وعوضًا عن ملاحقة هذه المرتزقة ومحاسبتها على كل الجرائم ضد الانسانية التي عرضناها في هذه الحلقة نجد اصداء تؤكد وجود اتفاق جديد يشرع وجود فاغنر في مالي مما يزيد من سيطرة الكرملين في القارة الافريقية رغمً معارضة فرنسا ودول الغرب.

ووفق موقع وكالة رويترز، تؤكد أربع مصادر على أن مجموعة فاغنر سيتم تمويلها بملغ يفوق 10 ملايين دولار لتدريب الجيش المالي وحماية كبار الشخصيات هذا الامر سيدفع بفرنسا للتخوف من وصول المرتزقة الروس الى مالي مما سيدعم الارهاب في المنطقة كما أنها تحاول منع مثل هذا السيناريو.

ومن جهتها، هددت استونيا سحب جنودها المشاركين بالعملية العسكرية الفرنسية «باركان»، إذا ما وافقت الحكومة المالية على الاستعانة بمجموعة فاغنر الأمنية الروسية.

وفيما يتعلق بفرنسا، أكد وزير الدفاع الاستوني كالي جانيت، «يعود القرار لفرنسا في العمل جنبًا إلى جنب مع المجموعة الأمنية الروسية، لكن، من المؤكد أن الإستونيين لا يمكنهم ذلك لأن الخطر الكبير الذي يهدننا من الشرق ـ روسيا، والخطر الكبير الذي ما زال يهدد الناتو يأتي من هذه الجهة. وفرنسا هي عضو في حلف شمال الأطلسي، فمن المنطقي أنه لا يمكن التعاون مع عدونا الأكبر».

حتى اليوم لكن ليس هناك من موقف دولي واضح حول موضوع مجموعة فاغنر، فكيف ستتم محاربة هذا الوجود الروسي الذي يحلم بالتوسع في القارة الافريقية؟