كيف يمكن وصف العلاقة بين الإعلام التقليدي من جهة والاعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي من جهة ثانية؟
– الإعلام الإلكتروني هو امتداد وتطور طبيعي للإعلام التقليدي، فالمواقع الإلكترونية ظهرت منذ عقود، والعلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الإلكتروني علاقة تكاملية. وقد أصبحت معظم وسائل الإعلام التقليدي أي الصحف والتليفزيون والإذاعة تعتمد بشكل أساسي على موقعها الإلكتروني لمواكبة السرعة والانتشار والتفاعلية مع المجتمع.

خلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا زيادة تدريجية لقوة مواقع التواصل الاجتماعي، وحضوراً كبيراً جداً لمنصات مثل تويتر وفيسبوك على صعيد الاخبار، وما حصل مع الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب كان أكبر مثال على مدى أهمية السوشيل ميديا في السياسة وتأثيرها على الناس، ترامب كان يستعمل تويتر وكأنه وسيلة اعلام خاصة به وكذلك الأمر بالنسبة لفيسبوك، وفي النهاية وصل الأمر بتويتر أن منعه من التغريد فيما قرر فيسبوك تعليق حسابه لمدة سنتين.

ماذا عن أبرز نقاط الاختلاف بين الاعلام التقليدي والسوشيل ميديا؟

هناك خمس نقاط سنتطرق إليها:
١- سلطة المباشر أو فورية البث والتلقي.
في الإعلام التقليدي، يوجد فارق زمني بين تصميم الرسالة وبثها، لكن مع شبكات التواصل الاجتماعي يوجد ما يمكن أن نطلق عليه “التدوين المباشر” عبر تويتر مثلاً.

٢- شبكات التواصل الاجتماعي باتت مصدراً للأخبار.
يصل الخبر إلى الصحافي عبر شبكات التواصل الاجتماعي كما يصل لأي مواطن عادي، فيمكن ان يقدم وزير استقالته عبر حسابه على تويتر، كما أن الكثير من السياسيين باتوا يكتبون على شبكات التواصل الاجتماعي المضمون الذين يريدونه بدلاً من إرساله إلى الصحافيين.

٣- شبكات التواصل الاجتماعي مؤشر لاتجاهات الرأي العام.
توفر شبكات التواصل الاجتماعي، وبشكل علني وسريع، ما يقبله المجتمع وما يرفضه الناس في لحظة تاريخية معينة، وصار ما هو مقبول في شبكات التواصل الاجتماعي مقبولاً في المجتمع الواقعي. لذلك، على الصحافي أن يراعي اليوم ما يدور ويُتدَاوَل داخل شبكات التواصل الاجتماعي وهو مُطالب بتتبع اتجاهات الرأي العام الافتراضي.

٤- شبكات التواصل الاجتماعي صارت سلطة ضد سوء استخدام السلطة.
السوشيل ميديا توفر فرصاً أكثر للمواطنين للمشاركة في الحياة العامة وضخ دماء جديدة في الديمقراطية. يمكن اليوم عبر هذه الشبكات إيصال رسالة أجير مظلوم، أو طفل في حاجة إلى علاج، أو التشهير بموظف طلب رشوة، صارت هذه المظاهر سلطة في يد رواد شبكات التواصل الاجتماعي، أي أنه بات في مقدورك أن تتوجه مباشرة إلى الرأي العام والمسؤول وكل من له دخل في ملف هذه القضية السياسية أو الإنسانية أو تلك. وبالفعل، تحول العديد من الشكاوى إلى محاكمات لمسؤولين عُزلوا بعدما تضامن رواد الشبكات مع الضحية او الضحايا.

٥- شبكات التواصل الاجتماعي أوجدت صحافة المواطن.
مع طفرة شبكات التواصل الاجتماعي، لم يعد للصحافي سلطة مطلقة على عملية إنتاج الأخبار. فمن خلال السوشيل ميديا، أصبح بإمكان أي مواطن يكون شاهداً على حدث ما، أن يشارك سواه تفاصيله التي جمعها سواء بالكاميرا أو بالتدوين أو بالصوت. هذه هي صحافة المواطن وبات لزاماً على الصحافي أن يتحرى ويعود إلى أكثر من مصدر قبل عرض خبره على الجمهور.

ما هي حسنات الاعلام الجديد ووسائل التواصل وسيئاتها، بالنسبة للأخبار تحديداً؟

– الحسنات أكتر من السيئات، وسنتوقف بداية عند السيئات وأبرزها اثنتا:.
١. العناوين الرئيسة المثيرة: تُستخدَم بمثابة طُعم او clickbait لجذب القرّاء، بغض النظر عن صحة الأخبار المنشورة، قد نقرأ مثلاً خبراً يقول عنوانه: “وفاة رجل مباشرة بعد تناوله الشوكولا”، عندما تدخل إلى متن الخبر، تكتشف أن الرجل تعرض لإصابات قوية بسبب حادث سير وعندما كان في المستشفى توفي متأثراً بجروحه، بعيد تناوله لوح شوكولا!

٢. عدم وجود رقابة أو خطوط حمراء: في معظم الدول، ما من رقابة على الاعلام الجديد أو على وسائل التواصل. وبالتالي في إمكان أي كان أن يقول ما يشاء وهذا احياناً أمر مُضرّ، خاصة عندما ينشر البعض اخباراً كاذبة أو مزيفة أو يشتم الآخرين أو يتنمر عليهم، طبعاً، منصات كتويتر وفيسبوك تحجب أو تزيل أخباراً أو تعليقات معينة بعد نشرها، لكن الضرر يكون قد وقع، مع تفشي وباء كورونا، لاحظنا كم انتشرت على السوشيل ميديا شائعات غريبة ومعلومات غير دقيقة، منها مثلاً: “موزة واحدة في اليوم تحميك من كورونا”، مع العلم الا أساس علمياً لهذه المعلومة وما من دراسات تؤكد صوابيتها.

اما الحسنات فنذكر ستاً منها:
١. التفاعلية: حيث يتبادل القائم بالاتصال والمتلقي الأدوار، وتكون ممارسة الاتصال ثنائية الاتجاه وتبادلية، وليس في اتجاه أحادي، بل يكون هناك حوار بين الطرفين.

٢. الحركة والمرونة: الكمبيوتر المحمول او الهاتف الذكي او اللوح الاكتروني يمكن ان يكونوا معنا في أي مكان، وبالتالي فإن الاعلام الجديد يمكن ان يكون معنا في أي مكان.

٣. اندماج الوسائط: في الإعلام الجديد، تُستخدم كل وسائل الاتصال، مثل النصوص والصوت والصورة الثابتة والصورة المتحركة والرسوم البيانية.

٤. الانتباه والتركيز: المتلقي لوسائل الإعلام الجديد والسوشيل ميديا يقوم بعمل فاعل في اختيار المحتوى والتفاعل معه، فيتميز بدرجة عالية من الانتباه والتركيز، على عكس الوضع بين المتلقي ووسائل الإعلام التقليدي.

٥-الكتابة والنشر عبر الانترنت يتميزان بالسرعة الفائقة وبإمكانية تصحيح العبارات والكلمات وتعديلها مباشرة، وهذا ما لا يتوفر في المطبوعات.

٦-الكتابة والنشر في الانترنت يتميزان بالمكافأة الفورية حيث تستطيع أن تقرأ ما كتبته فوراً، ويصبح منشوراً في الفضاء العالمي، كما يمكن للمادة المنشورة أن تُنشر في عشرات المواقع الأخرى من خلال تداولها بسرعة كبيرة، وهذا يحقق الانتشار الواسع للصحافي. وكل ذلك يشجع الصحافي ويحفزه على الكتابة، بينما الوضع بالنسبة للإعلام التقليدي مختلف تماماً.

هل على الصحافيين أن يروّجوا الأخبار عبر السوشيل الميديا؟

– مع تزايد الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات والأخبار، أصبحت هذه الوسائل أحد أهم الطرق لترويج المحتوى للصحافيين والإعلاميين.

وصار الصحافيون يستخدمون حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للمحتوى المُنتج، وهذا الأمر أوجد حالة من الجدل في الوسط الصحافي وداخل المؤسسات الصحافية التي تضع بعض القيود. عملياً، هناك رأيان: بعض الصحافيين والمتخصصين يقولون إن “تحويل الصفحات الشخصية للصحافيين إلى مواقع لإنتاج محتوى ضرورةٌ لبناء الهوية المهنية وتقديم تغطيات خاصة”، واخرون يقولون إنها “مجرد حسابات شخصية، ينبغي ألا تستخدم في أغراض مهنية، خاصة لناحية ما يتعلق بمدى صحة المعلومات المنشورة من قبل البعض”.

في حال قررنا أن نستعمل صفحاتنا على السوشيل ميديا للترويج، كيف يمكننا أن نروّج الأخبار؟

– يجب أن يكون التركيز في شكل أساسي على حساباتنا على فيسبوك وتويتر، حيث يكثر تداول الأخبار.

بمقدورك أن تشارك الاخبار وتنشئ مجموعة على فيسبوك، وتتفاعل مع الأشخاص فيها، وعلى تويتر، نشر الاخبار لا يكفي إذا لم تستعمل الوسم الاكثر رواجاً بالنسبة للموضوع الذي تنشر عنه.

بالنسبة لطريقة النشر، ننصح الصحافيين بخلق محتوى تشويقي، أي الا يكتفوا بنشر رابط الخبر، في حال كان الخبر مكتوباً، ننصحهم أن ينشروا فوق الرابط مقطعاً مهماً منه او صورة لافتة تعبّر عن الخبر مع الرابط، وإذا كان الخبر عبارة عن فيديو، ننصح باقتطاع مقطع مهم من الفيديو ونشره مع معلومة عنه واضافة رابط الفيديو الكامل.

إذا كنتم على تويتر وأردتم مشاركة خبر موجود على صفحة مؤسستكم الاعلامية، الأفضل اعتماد الـ quote tweet بدل الريتويت وأن تضيفوا جملة مهمة أو لافتة على علاقة بالخبر أو الفيديو الذي تشاركونه، يمكن اعتماد طريقة مماثلة على فيسبوك أيضاً من خلال خاصية الـ share.