الظهيرة 14-07

قوة الإعصار “باري” تضعف مع وصوله إلى ساحل ولاية لويزيانا

تراجعت حدةُ الإعصار باري وتحولَ من جديد إلى عاصفةٍ استوائية مع وصوله أمس السبت إلى ساحلِ ولايةِ لويزيانا الأميركية، فيما بقيت سرعة الرياح شديدة والأمطار غزيرة مع استعدادِ ملايينِ الأميركيين إلى فيضاناتٍ يتوقعُ أن تليها.

وبعدما صُنفت إعصارا لوقتٍ قصير، تراجعت قوة العاصفة باري مع وصولِها إلى المناطقِ الداخلية لكنها لا تزال خطِـرة.

وأغلق مطار نيو أورليانز أكبر مدينة في لويزيانا وأجلي الآلاف من المكان، فيما أغلقت البوابات واتخذت طواقم الطوارئ والحرس الوطني والمتطوعون مواقعها.

وحضت رئيسة بلدية المدينة الواقعة تحت مستوى سطح البحر لاتويا كانتريل “السكان والسياح على البقاء حذرين”.

وصنفت مصلحة الأرصاد الجوية باري عاصفة من جديد بعدما بلغت سرعة الرياح 115 كلم بالساعة.

وأكدت رئيسة البلدية أنه “على الرغم من أن خطر الفيضان قد مر ، إلا أن الخطر الأكبر ما زال يتمثل في هطول أمطار غزيرة”.

وعند الساعة 12,00 ت غ كانت سرعة الرياح المرافقة للعاصفة 115 كلم في الساعة، وعلى بعد حوالى 80 كلم عن مورغن سيتي إلى الغرب من نيو أورلينز.

ووصلت العاصفة إلى مدينة إنتراكوستال سيتي غرب نيو اورليانز بعدما كانت تتقدم ببطء بسرعة 8 كلم بالساعة، لكنها كانت قد ضربت ساحل خليج المكسيك مع هطول أمطار غزيرة على لويزبانا وألاباما وميسيسيبي.

وفي مورغن سيتي كانت الشوارع مقفرة وسط الأمطار الغزيرة. وفاض نهر اتشافالايا عن ضفافه، وفي مناطق سكنية اقتلعت الاشجار.

وكانت مصلحة الارصاد الجوية قد أشارت الى “ارتفاع كبير لمنسوب المياه وامطار غزيرة ورياح قوية على ساحل وسط شمال” خليج المكسيك.

وقال حاكم لويزيانا جون بل إدواردز إن نيو أورلينز، أكبر مدن الولاية، مستعدة لمواجهة العاصفة، لكنه دعا السكان في أنحاء الولاية إلى توخي الحذر، فيما حضت السلطات الناس على عدم النزول إلى الشوارع.

وكتب إدورادز على تويتر “يجب عدم اخذ هذه العاصفة باستخفاف”.

وكثفت السلطات عمليات الاخلاء فيما ألغت خطوط جوية رحلات.

وفي ولايات جنوبية عدة، أعلنت حال طوارئ فدرالية للحصول على الاموال الضرورية للتصدي للعاصفة.

– مراقبة نهر ميسيسيبي –

بالنسبة لكثيرين، تعيد العاصفة التي تهب في خليج المكسيك واحتمالات حدوث فيضانات عارمة في مناطق ساحلية وأنهر، الذكرى الأليمة للإعصار المدمر كاترينا عام 2005.

وقام آلاف السكان بجمع أغراضهم وغادروا منازلهم فيما غمرت مياه الفيضانات بعض المناطق المنخفضة مثل بلدة بلاكماينز حيث تسبب انقطاع الطرق إلى عزل بعض التجمعات السكانية.

ولجأ العشرات من أهالي بلاكماينز إلى قاعة احتفالات في البلدة، فيما توجه آخرون إلى المناطق الداخلية للبقاء مع أصدقاء وأقارب.

ومع ذلك اختار آخرون البقاء في منازلهم بانتظار العاصفة، رغم أوامر إخلاء.

ويقول كيث ديلاهوسي من أمام منزله المتنقل في بورت سالفر في جنوب نيو أورلينز، “سبق أن بقينا أثناء رياح قوية في حين كان يجب أن نغادر”.

ويضيف الميكانيكي البالغ ستين عاماً وهو يراقب مستوى مياه نهر ميسيسيبي القريب، “لكننا سنغادر إذا رأينا المياه ارتفعت هنا”.

في نيو أورلينز قام الأهالي وأصحاب المحلات بوضع أكياس رمل أمام الأبواب ولوحات خشبية على النوافذ لتدعيمها، فيما أقام مسؤولون المدينة ملاجئ للأهالي.

وتجاهل عدد من الأهالي والسياح تحذيرات رئيسة البلدية لاتويا كانترل وتوجهوا مساء الجمعة إلى الحانات وساروا ليلا في شارع بوربون.

وبات “باري” الإعصار الأول في منطقة المحيط الأطلسي لموسم الاعاصير الذي يمتد من حزيران/يونيو إلى تشرين الثاني/نوفمبر.

– ظروف خطيرة –

تتعرض لويزيانا لعدد من الظروف المناخية الاستثنائية الخطيرة التي تلتقي مع بعضها البعض، بحسب خبراء.

وبلغ مستوى نهر ميسيسيبي الذي سبق أن شهد أمطارا غير مسبوقة وفيضانات في منبعه، ما يقرب من 5,2 مترا في نيو أورلينز، أي أقل بقليل من مرحلة الفيضان.

ومن المتوقع أن يتجاوز مستوى النهر 5,18 مترا، بحسب نشرة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

لكن مع توقع هطول ما بين 25 و50 سنتيمترا من الأمطار، تراقب السلطات السدود البالغ ارتفاعها 6 أمتار التي تحمي المدينة البالغ عدد سكانها 400 ألف نسمة، من الفيضانات.

وأوضحت خبيرة الظواهر المناخية في جامعة لويزيانا جيل تريبانييه في بيان أن “مستويات مياه قسم كبير من ساحل الخليج لا سيما لويزيانا، مرتفعة للغاية وبالتالي فإن الأمطار الغزيرة وأي عاصفة محتملة ستؤدي إلى فيضانات مفاجئة”. واعتبرت أن العاصفة باري هي نموذج مثالي لتبعات التغير المناخي.

وقال مايك يني رئيس أبرشية جيفرسون القريبة من نيو اورلينز أن الأهالي اتخذوا خطوة “غير مسبوقة” بإغلاق مئات بوابات الفيضانات وخصوصا بسبب ارتفاع مستوى نهر ميسيسبي.

وأغلقت السلطات طرقا سريعة في العديد من المناطق على طول الساحل. وفي أبرشية سانت جون المحاذية لنيو أورلينز، سجلت بعض المناطق السكنية ما يصل إلى 60 سنتم من المياه، وفق تلفزيون محلي.

ولا تزال الولاية تحمل آثار الإعصار كاترينا المدمّر الذي ضربها في نهاية آب/أغسطس 2005 وبلغت قوته الدرجة الخامسة، الأعلى على سلم سافير سيمبسون. وآنذاك، انهارت السدود تحت ضغط المياه التي غمرت ثمانين بالمئة من المدينة ما تسبب بمقتل نحو ألف شخص، من أصل 1800 قتيل أثناء الكارثة.

لكن السدود على ضفاف النهر وفي نيو أورلينز يُفترض أن تصمد، حسب ما أكد حاكم الولاية، في حين تم إعداد 118 مضخة لتصريف المياه.

وقالت شبكة “جي اي سي سي” التي تضمّ خبراء مناخ من كل العالم إن “خطر باري مختلف عن كاترينا: ففي 2005، انهارت سدود الساحل، هذه المرة سيتمّ اختبار سدود النهر”.