مرصد الجهادية: حلقة جديدة

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية، نغطي فيها الفترة من ٢٨ مارس إلى ٣ أبريل ٢٠٢١. في العناوين: 

مقابلة الجولاني مع PBS: محضر قديم في منظر جديد. نبحث في سيناريوهات أسئلة لو طُرحت عليه.  

مجلة (ذ ديبلومات) تنشر عن مفاوضات سلام سرية بين طالبان باكستان وحكومة إسلام أباد.  

وإعلام داعش يبث صوراً خطأ عن بالما؛ نبحث في الأسباب. 

ضيوف الأسبوع من حلقة مرصد الجهادية

الصحفي الموزمبيقي: توماس كويفاسي

المرصد 82 | ما سرّ الصور التي زعم داعش إنها من الهجوم على بالما شمال موزمبيق؟

الباحث البرتغالي: راؤول براغا بيريش 

والإعلامي البرتغالي: نونو غوجيايرو

المرصد 82 | ما سرّ الصور التي زعم داعش إنها من الهجوم على بالما شمال موزمبيق؟

الجولاني: قديم قديم

نشرت PBS الأمريكية مقتطفات من المقابلة المنتظرة التي أجراها الصحفي الأمريكي مارتن سميث مع زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني. المقابلة التي أعلن عنها مارتن مطلع فبراير وظهر فيها الجولاني على غير عادته يلبس بدلة ويخلع العمامة. وهو المظهر الذي أثار جدلاً. لم يأتِ الجولاني بجديد فيما قاله، أو على الأقل فيما بُثّ حتى ساعة إعداد الحلقة صباح الأحد ٤ أبريل. تحدث عن: العلاقة مع القاعدة: وقال إن أيامه مع القاعدة انتهت وهذا ما حسمه في مقابلة مجموعة الأزمات قبل أكثر من عام. وعن تصنيفه إرهابياً:  قال إنه جزء من الثورة السورية وبالتالي التصنيف جائر وأدار الطاولة على النظام فهو أولى بالتصنيف. وعن حقوق الإنسان: لا يسجن إلا المخربون مثل داعش. وهنا حدثت أمور لافتة. سُئل عن اعتقال وتعذيب كل من توقير شريف البريطاني العامل في الإغاثة، والصحفية نور الشلو. ورد كما ورد في بيانات الهيئة. لكن عندما سئل إن كان يؤكد أن توقير يكذب. قال: “ميديا شو”. فرد سميث: “هذا أيضاً استعراض إعلامي! من نصدق إذاً؟”

ردود الفعل

سنأتي على ردود الفعل من أنصار ومعارضين وفيها بيان مواطن الخلل فيما قاله الجولاني. لكن  ما الذي كان ممكن أن يقوله الجولاني فيحدث حقاً ضجة في الأوساط الجهادية؟ 

ليت سميث سأله: ماذا تريد من إدلب؟ أي نوع من الحكم تريد في إدلب؟ إمارة إسلامية؟ نظام حكم شرعي؟ نظام حكم مدني؟ أن تكون وحدك في جمهورية أو إمارة؟ أو أن تكون جزءاً من كيان تتمخض عنه صيغةُ حلّ نهائي بعيد بعيد في سوريا؟ هل لديك خطة؟ ليت سميث شدد عليه بالسؤال في مسألة تعاطيه مع داعش والقاعدة. ليت الجولاني تحدث عن أسرار وخبايا قد تفسر انضمامه وانفصاله عن هؤلاء تفسيراً منطقياً. 

على كل حال، كيف تعامل الجهاديون مع المقابلة؟ أنصار الجولاني نقلوا أجزاء منها مع هاشتاغات مثل: لقاء_القائد_أبو_محمد_الجولاني. الإعلامــــي الـــــدالاتي اعتبر أن الجولاني:- خرج من الجمود والعزلة … وسعى لحفظ الثورة … من خلال إظهار المحرر بأبهى صورة. معارضو الجولاني من مؤيدي القاعدة وغيرهم فنّدوا كل جملة قالها. 

مزمجر الثورة السورية قال: “الجولاني يربط مصيره بمصير الثورة التي قاتل فصائلها وخيرة شبابها واعتقل الباقين وصنع آلاف الذرائع للإحتلال.” علي العرجاني أبو الحسن بيّن تناقضات الجولاني عندما قال: نحن لا نتصرف كحكام في المنطقة! لكن في نفس الوقت: اعتقل شريف لأنه عمل مع مجموعة رافضة للنظام العام! جلاد المرجئة ذكّر أن الجولاني في لقاء سابق مع الجزيرة قال إن قيادة القاعدة هي من منعته من استهداف أمريكا. بمعنى أنه لو تُرك الأمر له لفعل. وبالفعل. المقابلة التي يشير إليها جلاد بُثت بتاريخ ٢٧ أيار ٢٠١٦. أنصار داعش احتفوا طبعاً بالمقابلة لأنها تطعن في رأي وحكمة الظواهري والقاعدة. حساب مناصر قال “أليس ما يقوله الجولاني اليوم هو نفسه ما تقوله قيادات طالبان المتنقلة من فندق إلى فندق منذ سنين؟ لماذا حلال على طالبان حرام على الجولاني؟”

أمن المحرر! 

تحت عنوان السقطة الفاضحة، تابع حساب مزمجر الثورة السورية خبر إلقاء القبض على داعش في أطمة الأسبوع الماضي، وقتل ما قالت هيئة تحرير الشام إنه زعيم الخلية الطاجيكي. قال مزمجر إن صورة الاثنين الذين قيل إنهما قتلا في الهجوم مزورة وإن الرجلين على قيد الحياة. ويبدو أن للقصة بقية. 

باكستان 

فيما نشرت مؤسسة عمر الذراع الإعلامية لتحريكي طالبان باكستان كلمة بالأوردو لـ نوروالي محسود أمير الحركة؛ وفيديو عن تدريب المقاتلين، نشرت مجلة The Diplomat على الإنترنت، مقالاً للصحفي (فرانز مارتي) يكشف فيه عن مفاوضات سرية بين طالبان باكستان والحكومة الباكستانية. المفاوضات تمت في وقت ما من ٢٠٢٠، ووصلت مراحل متقدمة لكنها انهارت في أواخر ٢٠٢٠ أو يناير ٢٠٢١ على أقصى تقدير. الوسيط بين الطرفين كان شبكة حقاني. الحكومة طالبت بأن توقف طالبان هجماتها، وأن ينسحب الجيش من منطقة القبائل مقابل أن تقوم طالبان بحراسة الحدود هناك. تطلق إسلام أباد سراح المعتقلين لديها من طالبان. وتسمح لهم بتطبيق الشريعة في مناطقهم. لم يتضح للكاتب لماذا انهارت المفاوضات لكن الأرجح أن خلافا وقع في أوساط طالبان باكستان؛ جيل الشباب من المقاتلين لم يوافقوا على الشروط واعتبروا أنهم سيصبحون أداة لدى الحكومة. الصحفي حاول التحدث إلى مسؤولين تحديداً في طالبان لتأكيد ذلك لكنه لم يتمكن بعد. 

أفغانستان 

قالت السلطات الأفغانية إنها قتلت اثنين يمثلان حلقة وصل بين طالبان والقاعدة في باكتيكا شرق البلاد. الأول هو دولت بيك طاجيكي المعروف بأبي محمد الطاجيكي، ويعتبر من قيادات القاعدة في شبه القارة الهندية. والثاني حضرت علي حمزة من وزيرستان وأحد قيادات طالبان. الاثنان كانا يخططان لتنفيذ هجمات مع حلول الربيع؛ وكان لهما دور مهم في تمويل القاعدة وطالبان بالعتاد والمال. 

موزمبيق 

إذا أعلن داعش يوم الاثنين: ٢٩ مارس، أنه سيطر على مدينة بالما شمال شرق موزمبيق في الهجوم الذي بدأ يوم الاربعاء ٢٤ مارس. أنصار داعش ابتهجوا طبعاً وعلق حسابُ مجريات أحداث ٢٠٢١ “التسلل بلباس الجيش الموزمبيقي، وقتها الجيش صار يلطم يضرب باصدقائه ظناً منهم أنهم المهاجمين .. كانوا بضحكوا عليهم.” ولكن يضحك كثيراً من يضحك أخيراً؛ على الأقل هذا الأسبوع. الصورة التي بثتها وكالة أعماق في خبر التبني لم تكن من بالما وإنما ماسيمبوا دا برايا البعيدة عن المكان ساعة على أقل تقدير. 

في مساء الخميس ١ أبريل، صدر عدد النبأ رقم ٢٨٠ لكنه لم يتضمن صوراً من داخل بالما. هل غياب الصور يلغي حقيقة أن دماراً وقع في بالما؟ أو أن داعش مسؤول عن هذا الدمار؟ طرحت هذا السؤال على نونو غوجيايرو، الإعلامي والمؤلف البرتغالي، الذي كان من أوائل من تفحص الصورة، ووجد فيها ما يلفت الانتباه. 

نونو غوجيايرو: “أولًا التُقِطَ الفيديو إمّا في ماسيمبوا دا برايا. وهي قرية جنوب بالما. هوجمت في اغسطس، بل هوجمت ثلاث مرات في ٢٠٢٠. لا يسكنُها أحد … إنها مدينةُ أشباح… أرضٌ مشاع. تقع إلى الشرق – جهة الساحل – من محور هو الأحدث في كابو ديلغادو. طريق اسمه ماسيمبوا دا برايا – أواس. الشارع المُعبّد الوحيد في كابو ديلغادو. 

يظهر مثل طريق عام صغير. اذاً، نعلم أنّ الفيديو التُقط في ماسيمبوا دا برايا أو قرب أواس على طول هذه الطريق. نعلم هذا من تضاريس الطريق والغطاء النباتي فيها. 

وعوامل اخرى مثل أعمدة الكهرباء وإشارات المرور. يمكن أن أظل ساعةً أشرحُ كيف استدلينا على الأمر. أرجحُ أن الفيديو التُقِطَ تحديداً في ماسيمبوا دا برايا في دوار (بي سي آي)

من الدوّار شارع باتجاه المطار وآخر باتجاه بنك (بي سي آي). الفيديو حديث. ليس من احتلال البلدة (ماسيمبوا) في أغسطس ٢٠٢٠. توصلنا للنتيجة بناء على عوامل مختلفة. مثل حالة الطقس البادية وأشكال الغيوم.

والغطاء النباتي وأمور أخرى لن نناقشها هنا. لهذا نعتقد أنه فيديو حديث. يعود إلى شهر فبراير أو يناير على أقصى تقدير. صُوِّر في الأشهر الثلاثة الماضية. بهذا المعنى هو ليس مزيفاً ولا قديماً. لكنه فيديو مزعج لعدة أسباب، أوّلها. نرى ١٢٠ مقاتلاً – ما يُطلَق عليهم لقب “مقاتلين”. في الصورة التي تتحدثين عنها نرى ٨٥ شخصاً. نرى مجموعات مدججة بالسلاح والعتاد. يبدون منظمينَ جيداً. أسلحتُهم خليطٌ من أسلحة سرقوها من قوات الدفاع: الجيش والشرطة في موزمبيق. لكن أسلحة أخرى لم تُسرق وإنما هُرِّبَت. من تنزانيا أو جمهورية الكونغو. وأخيراً وللمرة الأولى نرى في وسط الصورة، نرى رجلاً يلبس السَّواد، ملتحي. نعتقد أنه الوالي .. والي ولاية وسط إفريقيا. أو الأمير هذه أول مرة يظهر فيها الرجل في صورة. إنه أبو ياسر حسن أو المعروف بـ أبو قاسم.” 

إذاً، لماذا لم يبث داعش صوراً من داخل بالما؟ يجيب غوجيايرو: ” ربما لأنهم قاتلوا في جماعات صغيرة، الهجوم لم تقم به مجموعة واحدة كبيرة. قسّموا المجموعة الكبيرة التي بلغت بضعة مئات إلى مجموعات صغيرة من خمسة أو عشر مقاتلين. معظمهم تخفّوا كمدنيين. وربما بسبب متطلبات الهجوم التقنية، والحاجة إلى السرية، واعتبار أن الهجوم كان متواصلاً 

كل هذا منعهم من أن يلتقطوا صوراً أو فيديو لأن الهجوم كان متواصلاً. ولم يكن ثمة ما يتفاخرون به مثل الاستيلاء على موقع كبير. حتى إنهم لم يهاجموا البنية التحيتة لمشاريع الغاز 

لم تكن لديهم جثث عسكريين أو شرطة حتى يتفاخروا بها . لأن قوات موزمبيق استعادت العسكريين: الجرحى والقتلى. داعش لم يستحوذ على القتلى من الجيش. فكان صعباً أو مستحيلاً تصويرُهم. هذا احتمال. احتمال آخر. هو أنه حتى الآن. لا يزال القتال دائراً في عدة أماكن. الجيش الآن يمشط المنطقة منزلاً منزلاً ليرى إن كان مقاتلو (داعش) لا يزالون هناك. الوضع خطير والمهمة صعبة تتطلب جيشاً مستعداً وقواتٍ خاصة. لن أناقشَ مسألة أن جيشَ موزمبيق لديه هذه القدرة أم لا، هذا أمرٌ آخر. لكنّ القتالَ لا يزالُ دائراً وقد يكونُ هذا سببَ عدم بث صور جديدة. الاحتمال الثالث هو أن ثمة عناصر في الهجوم تتطلبُ السرية. مثل الوجوه والملابس. ربما لم تأتِ أوامر عُليا بالكشف عنها.” 

مع نهاية الأسبوع تواصل تدفق النازحين من بالما إلى بيما عاصمة إقليم كابو ديلغادو. عن الشهادات التي رواها الناجون، تحدثت إلى الصحفي الموزمبيقي توماس كويفاسي. 

” يقول الناس إن بعضَهم ينتمي إلى بالما. شباب كانوا يعيشون هناك قبل أن ينضمّوا إلى تلك الجماعة. حتى إنّ البعض تعرّفَ عليهم مباشرة. من المقاتلين مراهقون تراوح أعمارُهم بين ١٥ و ١٨ سنة. ويقول الناس إن المقاتلين كانوا يعرفون طريقَهم. مَن يقتلون أولاً. هاجموا أولاً بنوكاً ومؤسسات حكومية. ثم بحثوا عن أعضاء ينتمون إلى الحزب الحاكم (فْري ليمو). وأعضاء حكومة في بالما. كانوا يعلمون أين منازلُهم وتوجهوا إليها لقتل الناس فيها. هذه بعض الشهادات. آخرون مثل العاملين في شركات كانت تابعة لـ (توتال). قالوا إن المعتدين ذهبوا إلى أماكن عملهم . كانوا يسألون عن الموجودين وكانوا يطلقون النار على كل من هناك. مشهد بربري. العاملون هناك اضطروا إلى الهرب من بالما إلى أفونجي حيث يقع مشروع (توتال). قالوا إنه على طول الطريق من بالما إلى أفونجي أي حوالي ١٠ كيلومتر. رأوا الجثث على الطريق، مقطوعة الرأس، ومشوّهة. هذه شهاداتهم.” 

إذاً من هؤلاء؟ نعرفهم باسم (شباب) وهم مختلفون طبعاً عن شباب الصومالية. الشهر الماضي وضعتهم واشنطن على قائمة الإرهاب وتحديداً زعيمهم أبو ياسر حسن المعروف باسم أبو قاسم، الذي لا يزال شخصية مجهولة. عن الإطار التاريخي، سألت الباحث والمحلل السياسي الدكتور راؤول بارغا بيريش المقيم في لشبونة البرتغال. 

يقول: “في مطلع القرن الحادي والعشرين. انشقت مجموعة صغيرة عن المجلس الإسلامي. كانوا شباناً درسوا في الخارج على حساب بعثات من مؤسسات إسلامية إفريقية.  عادوا وكانوا قد تَفَقَّهوا. أرادوا إحداث فجوة أجيال داخل المجلس الإسلامي. فانشقوا وسمّوا أنفسهم أهل السنة والجماعة. كان هذا في نامبولا البعيدة ٥٠٠ كيلومتراً من بالما وماسيمبوا دا برايا. منذ مطلع القرن،  وهذه الجماعة تزداد انتشاراً وقوة. وتستقطب مزيداً من الأئمة الذين يقولون للآخرين: نعرف أنكم مسلمون لكن سنعلمكم ثانيةً كيف تكونوا مسلمين بأداء طقوس جديدة. أول معلومة نعرفها عن هذه الجماعة أنه. في ٢٠١٧ ظهرت مجموعة من الشباب الصغار السن . هم أهل السنة والجماعة. جاءهم بعضُ التجار ورجالُ الأعمال من تنزانيا ممن كانوا يشرفون على مساجد هناك بدأوا يستثمرون في هذه الجماعة كان هذا في بالما … بل وتحديداً في ماسيبموا دا برايا في ٢٠١٧. الخلاصة هي  أنه بدأت هذه الجماعة من الشباب المسلم من السكان المحليين بالظهور في ماسيبموا دا باري.”