سطح منزلها.. مشروع ينبت ورودا وعلاج

نص الحلقة :

" أنا لم أحب إني أكون جالسة أو استسلم للمرض - لم أحب أستسلم للمرض نهائي - الحمد لله الصبح أشرب قهوتي, المساء أشرب قهوتي في الحديقة, أنا والله أحببته خاصةً أنه فادني كثير في العلاج مثل علاج تلطيفي لي, والله كل إنسان يستطع أن يستفيد من سطحه أو من أي مساحة صغيرة موجودة عنده يقدر يستفيد منها, يقدر مثلاً يعمل على إعادة تدوير لكل شيء, الزراعة أُنميها بأحفادي لدرجة أن هم يقولوا لي .. يلا تي تي نزرع .. "

هبة: عطاء السيدات لا يوجد شيء يوقفه, لا التقاعد ولا العمر ولا حتى المرض, كثير من السيدات استطعن تحويل كل شيء حولهن لشيء ينطق ويتحرك ومفيد حتى لو كان جماد,     تيتا ( ميسّر ) واحد من بين السيدات اللي رغم التقاعد ورغم المرض استطاعت أن تحول سطح منزلها لمكان مليء ورود ونباتات, وهذا السطح تحول لحديقة, وهذه الحديقة صارت مشروع ومصدر دخل, ميسّر سوف تحكي لنا قصتها القصيرة.

ميسّر: كنت موظفة عند دائرة الشؤون الفلسطينية كاتبة, تقاعدت, وحين تقاعدت نتيجة مرض أصابني _ اللي هو سرطان بنخاع العظم _ صارت لدي وقت فراغ كثير, وصار لدي قليلاً اكتئاب, لذلك أحببت أصعد على السطح, حين صعدت على السطح لم يعجبني المنظر كان كله كراكب وحاجات وأشياء, كان يوجد حوضين كان فيهم تراب أحببت زراعتهم, زرعتهم واحد بصل وواحد ثوم واعتنيت بهم, وتبارك الرحمن أعجبتني الفكرة من هذا المنطلق, صرت قليلاً قليلاً أكبّر الأحواض, أزيد في المزروعات, صرت أزرع الخضراوات كلها اللي هي مثلاً الطماطم, الفقوس ( القِثَّاء ), الخيار, والبامية والفاصولياء والفليفلة, أعجبتني الفكرة كثير لذلك قلت الآن سأجلب شجر, أحضرت براميل كبيرة وحضرت لها التربة, صرت أصنع على يدي المبيد مثلاً إذا يوجد مثلاً فطريات أو حاجات صرت أكافحها أنا من نفسي, وصرت أصنع سماد طبيعي بعيد عن الكيماويات نهائياً لذلك أصبح طعامي كله من الطبيعة بعيد عن الكيماويات, لدرجة أنه حين أذهب إلى المستشفى يقول لي الطبيب " ما شاء الله ماذا تفعلي .. فحوصاتك ما شاء الله.. " أقول له " والله أنا هكذا عملت على السطوح وآكل من الطبيعة, بمعنى بعيدة عن أي شيء كيماوي ", وهو يقول لي " هذا أفضل شيء.. ", ومفيدة أيضاً للعلاج التلطيفي ما أجملها.. , بمعنى تصعدي إلى السطح تري حديقة كلها ورد, تري الفقوس والبامية, وتري الفاصولياء وعين الشمس والأشياء اللي مثل هذه, شيء يفرح القلب وأكبر علاج للإنسان, خاصةً يعطي قوّة إيجابية بشكل جميل جداً.

هبة: المساحة اللي أعطت لميسّر أمل وصارت ملتقى لصديقاتها وجاراتها, أعطتها أيضاً فرصة لتتناول طعام صحي خالي من المواد الكيماوية, لكن هي لم تقف عن هذا الحد, أكملت طريقها وطوّرت من السطح ليصبح مشروع.

ميسّر: يكفي أن الشخص حين يشعر بضيق, يشعر بحاجة.. يخرج يكون عنده متنفّس جميل جداً, وغير ذلك أيضاً أحببت أتطور الشيء, بدأت بأشياء بسيطة مثلاً أعمل "عُقَل " حن يكون بوقتها مثل تقليم الدوالي أو التين أو الورد الجوري, أجلب العقل أزرعها وأستطع أستفيد منها, وصرت أنشر على المجموعات وأنشر على صفحتي على الفيس بوك, وأصبح يوجد إقبال.. أصبحوا يشتروا, وشيء جميل جداً, وأهم شيء أنه يوجد منها زيادة دخل ومنها يكون راحة نفسية للشخص, لذلك لا يجوز يكون عند أي إنسان سطح ولا يستغله بأشياء مفيدة, والمشروع البسيط جميل أنه يكون له ولبيته ولأسرته.

هبة: خبراء الزراعة يؤكدون أنه زراعة الأسطح تعتبر ثورة في عالم الزراعة, لأنها تسهم بالنهوض في الإنتاج المحلي للمدن والدول, بل إضافة لتأثيرها البيئي والاقتصادي والصحي, طبعاً ابتكار طرق زراعية لا تقوم على اشتراط وجود التربة كان حلم, وهذا جزء من البحث المستمر على طرق تكفي الأُسر وتعكس إيجابياً على المنظر العام للمدن أيضاً, ميسّر فهمت جداً الذي تفعله وكيف يعكس على حالها وعلى أسرتها وعلى البيئة, لذلك تستفيد من كل الأدوات اللي حولها وتعيد تدوريها من جديد.

ميسّر: بما أني ساكنة بجانب سوق, والسوق لديه مخلفات كثيرة اللي مثلاً أحواض اللبن, أحواض السمك الأشياء اللي مثل هذه, كلها آخذها وأعمل على إعادتها وأزرع فيها ومنظرها جميل جداً, الشخص يستطيع يستفيد من أي شيء عنده في بيته, عند زملاؤه, عند أصحابه, عند صاحباتها للمرأة مثلاً, الأشياء التي لا يريدونها تستطع تستفيد بها للزراعة, ليس خطأ أن الإنسان يبدأ ويكافح, الخطأ أن يبقى جالس, وهذه الأشياء أُنمي فيها بأحفادي, الزراعة أُنميها بأحفادي لدرجة أن هم يقولوا لي " يلا تي تي نزرع.. ".

هبة: الجلسة مع فنجان القهوة يخرج ميسّر من الاكتئاب, ويجعلها لا تستسلم للمرض, ورغم بساطة الزرع عندها إلا أنه كافي يكون مفتاح للسعادة والصحة بالنسبة لها.

ميسّر: ليس خطأ أن الإنسان يكافح, وليس خطأ أن الإنسان يعمل, وليس خطأ أن الإنسان يحاول, يحاول أن يعمل مشروع على حجمه, بمعنى أنا لم أحب إني أكون جالسة أو استسلم للمرض - لم أحب أستسلم للمرض نهائي - الحمد لله الصبح أشرب قهوتي, المساء أشرب قهوتي في الحديقة, الشخص يكون جالس لديه الورد الجوري, لديه حاجات وأشياء صحيح هي بسيطة لكن لها دور كبير بإعطاء النفس علاج تلطيفي جداً مفيد, يلهي الشخص نفسه, يقيم عنه الاكتئاب, يزيد من دخله المادي, يساعد أن يأكل حاجات بعيدة عن الكيماويات مثلاً حين أنا أقطف الطماطم من حديقتي أعلم أن لا يوجد فيها كيماويات, وأعلم ما هي, أو البامية أو .. كلها بعيدة عن المواد المسرطنة والكيماوية, بمعنى كلها من الطبيعة, خاصةً تعلمت كيف مثلاً أعالج إذا كان يوجد إصابة كيف أعالجها, بالنسبة للنبات كيف أعمل التراب, أي علاج أستطع عمله من داخل البيت.. من أغراض البيت, وأكافح الحشرات والمن والأشياء التي تحدث بالزرع,    يا ريت أنا أتمنى كل الناس أو كل الشباب أو كل الصبايا بأنهم يستفيدوا من أسطح منازلهم, لماذا لا يستفيدوا ؟ يستفيدوا من الشرفة, خاصةً حالياً الأيام هذه يوجد أشجار مقزمة وجميلة جداً تعطي حاجات جميلة.

هبة: بالحقيقة كثير من الدول تشجّع مواطنيها وسكانها للبداية بمشروع يحقق لهم اكتفاء ذاتي من ناحية, ويزين بيوتهم من ناحية ثانية والمدينة أيضاً, ويزيد من الأوكسجين, لذلك كان هناك كثير مبادرات تقول للناس إنه ازرعوا فوق أسطح بيوتكم وبأي مساحة تراها حتى لو شيء بسيط, لأنه هذا الموضوع يخفف من أعباء الاقتصادية والتغير المناخي ومن أزمات الأمن الغذائي.