حاكت الأمل وصنعت منه حقائب وأحلام

ليلى العوف

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة آية تعرضت لصدمة مالية ونفسية حينما فقدت عملها، إلا أنها تمكنت من إعادة الثقة لنفسها بمشروع لصناعة الحقائب يدويا.

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

آية تعرضت لصدمة مالية ونفسية حينما فقدت عملها، إلا أنها تمكنت من إعادة الثقة لنفسها بمشروع لصناعة الحقائب يدويا.

نص الحلقة :

" علاقتي مع القطعة تبدأ ليس حين أبدأ أحيك, حين أبدأ أختار الموديل والتفصيل والغرزة, حين أشغّل سيارتي وأنزل إلى المحل أختار الخامة اللي أريد أعمل فيها, الإكسسوار, القفل, الجنزير, كل التفاصيل هنا أنا أكون أشكل تصوّر برأسي كيف القطعة ستظهر ".

" كل مرحلة بمراحل الشغل أشتغلها بحب, لحد اللحظة الحاسمة وتنتهي القطعة وأركّب آخر مستوى عليها, أختصر جوابي ما هو شعوري بهذه اللحظة بكلمة واحدة, أتطلع بأمي وأقول لها: ماما ينفع ما أسلم القطعة لصاحبتها؟ أنا أحبها ولا أريد إعطائها لأحد, أمزح طبعاً, الله يهنئ كل صبية أخذت قطعة لكن هناك شعور الأم كيف ستبعد ابنها عنها, هذه القطعة تشبهني.. هذه القطعة عملتها بكل تفاصيلها كيف أنا أحب, فعلاً أنا كل قطعة أعملها يخطر عبالي أن تبقى لي"

هبة: هذه علاقة آية مع القطع اللي تعملها, حين تنتهي من حياكة الحقائب اللي تعملهم بكل حب وشغف حتى تبيعهم للزبائن, بالحقيقة علاقة آية بالمشروع لا يمكن اختصارها بالشغف والحب فقط, المشروع اللي بدأته كان يوجد وراءه كثير من التحديات, كان يشبه الضوء الذي تجده بآخر نفق مظلم.

آية: بدأ المشروع معي كهواية جداً بسيطة من حوالي سنة, أطقم, قمصان نسائية, قطع صوف صغيرة, كان هواية ومعظمه كان هدايا, بشهر 2 اللي مضى بظروف معينة خسرت عملي, هذا الموضوع أدخلني بحالة اكتئاب حقيقي, خسرت كثير من وزني, صرت أرفض أخرج, أحكي, أتعامل مع الناس, صرت أخجل, كنت معتبرة نفسي فشلت.. فشلت بحياتي العملية, وقطعت فترة معينة بعدها صدفة جعلتني أشتري Material ( مواد ) لحقيبة واحدة, كانت تسلية ولم أكن متخيلة إني ممكن أنجر في الموضوع حتى, عملت أول قطعة, أول قطعة كانت جداً جميلة, وكنت مصدومة بنفسي أكثر من الناس اللي مصدومة بي لأنه في الأصل أنا تعلمت في يوتيوب أنا لم آخذ دورة, لم أتعمق في الموضوع كان مجرد فيديو يوتيوب وطبقته, بدأت الناس تشجعني " قطعتك جميلة.. قطعتك مميزة.. قعتك لا يوجد فيها غلطة لذلك أكملي ", عدت جلبت قطع ثانيين وكنت أيضاً أعملهم هدايا بمعنى صاحبتي.. أختي.. هذا الإطار الضيق جداً, بعدها بقليل لاء.. القطعة تستحق تنتشر, القطعة تستحق الناس تراها, فعلياً هي فن, بعدها بقليل جاءت صبية صاحبتي " وطن " أنشأت صفحة من دون أن تشاورني و بدأ المشروع.

هبة: دراسة آية وطبيعة عملها كانت بعيدة تماماً عن الكروشيه والسنّارة والخيط, لكن حين خسرت عملها خسرت معه وزنها.. ثقتها بنفسها, ودخلت بنفق من السواد اعتقدت إنه بحياتها لن تخرج منه.

آية: الحالة النفسية صعب أجاوب عنها, وصعب أتكلم عنها لأني إلى الآن أتوجع منها, إلى الآن خائفة منها, خائفة أرجع لها, كانت جداً صعبة, فقدان أمل, خجل, توتر, حزن غير مبرر, اكتئاب حقيقي كانت مرحلة اكتئاب حقيقي بكل ما تحويه الكلمة من معنى, الموضوع كان صعب الأصدقاء.. العائلة دعموني جداً لكن لم أكن قادرة آخذ أي خطوة إلى الأمام, كان كل شيء أسود, خرجت برحلة حاولت بكل الطرق المعتادة لم يكن هناك مجال لأي نوع من التحسّن لحد ما بدأت بأول حقيبة, أول حقيبة أعطتني طاقة جميلة, أنا قادرة أعمل.. أنا حتى لو فشلت بمكان معين, مع إنه أنا ربما لم أفشل لكن لظرف معين خسرت شيء كان مهم بحياتي, هذا الموضوع كان جداً صعب, غير قادرة وصفه لكن هو كان حالة فقدان شغف تام, حتى الأشياء اللي أحبها كنت أحسّها عبء عليّ, حتى الناس اللي أنا أحبهم كان حديثي معهم متعب.. مجهد, كانت جداً جداً مرحلة سيئة, أتمنى لا تتكرر وأتمنى لا أحد في الدنيا يقطع فيها.

هبة: لكن مع أول حياكة لحقيبة تغيّر الوضع, ورغم إنه آية لم تتوقع يظهر معها كل هذا الإتقان إلا أنها تفاجأت حين رأت أول حقيبة التي كانت طوق النجاة من الحالة اللي كانت تمرّ فيها.

آية: أول حقيبة بالضبط مثل ما ذكرت كانت هي الضوء اللي بآخر النفق, جلبت المواد لأول قطعة وأنا من داخلي لم أتخيل تنجح بمعنى أرى الموضوع جداً صعب.. الخيوط ثقيلة.. القصص كثيرة.. تفاصيل.. , كنت أرى نفسي أنا لست قدها, جلبت أول خيوط ومسكت السنّارة وأتكلم مع أمي, قلت لها ماما سأشتغل وأفك وأشتغل وأفك ولن ينجح معي شيء " لا تتوتري.. قالت لي لاء ابدأي بقياس أول حقيبة وانطلقي " وفعلاً بدأت بقياس أول حقيبة وانطلقت, كنت أُلاحظ من أول ساعة إنه الغرزة تُعمل صح, القطعة تُعمل صح, الخطوات ماشية فيها تمام, هذا الموضوع جعلني أسعد, ثاني يوم كنت أنجزتها, المفروض تأخذ وقت لكن كنت جداً أريد اُكمل.. جداً مستعجلة.. جداً متحمسة إني أُكمل القطعة, سار الموضوع سلكت.. اكتملت أول قطعة, دخلت بمرحلة أريد أعمل لها بطانة وسحّاب وأشياء وأنا في حياتي لم أمسك إبرة وخيط لأخيط, أخذت الموضوع تحدي وأكملت فيه ومشي الحال.

هنا أنا كنت أُريها لصاحباتي, أُريها لخالتي, أمي, اللي حولي بمعنى " شوفوا شو طلع معي ", كنت بحاجة لشيء جميل أحكيه للناس لأن كان صار لي فترة طويلة أحكي وأبكي.. أحكي وأبكي, لم أكن إيجابية بأي شيء بحياتي.

الكل تشجّع ومن أول قطعة اشتغلتها صارت الناس القريبة مني " لا.. أريد مثل هذه.. اريد قطعة قريبة من هذه.. أريد شيء مثل ذاك ", هذا الموضوع شجّعني لحد ما جاءت " وطن " صاحبتي بدون مشاورتي أنشأت الصفحة.. أنشأتها فيس بوك وقالت لي لنجرب لن نخسر شيء نحن لكن قطعك تستحق الناس تراها, تستحق العالم يراها, هكذا بدأت.

أكثر ثلاثة شجعوني كانت أمي وخالتي و وطن صديقتي.

هبة: في زمن السرعة والآلة والمواد المصنّعة ترجع صبية عمرها 32 سنة للسنّارة والخيط, عادت للحياكة التي تعتبرها جزء من الفن, ومع كل قطعة تشعر إنها أنجزت عمل فني, هذا المشروع بالنسبة لآية أكبر من أنه مكان يجلب دخل, المشروع أكبر وأهم من ذلك.

آية: زمن الآلة والصناعة اليدوية يُشبهوا شخصيتي جداً, أنا من هذا العصر اللي يعيش السوشال ميديا لكن بنفس الوقت وجدت نفسي بالسنّارة والخيط, وجدت شيء يجعلني أشعر بإنتاج جديد.. بإبداع.. ب فن.. , لا أحد لا يحب الفنون لكن لم أكن أجد نفسي بأي مكان بهذه المجالات, الناس تتوجه تريد قطعة Handmade جميلة, تريد قطعة مميزة, قطعة ليست متكررة, قطعة لا يوجد مثلها في السوق, لكن بنفس الوقت جزء كبير من مجتمعنا لا يقدّر ثقافة الصناعة اليدوية, كم هذا الشغل يأخذ سهر.. تفكير.. تخطيط.. اختيار.. الخامات كم هي مكلفة, هذه المشكلة نواجها ليس أنا لوحدي.. أنا وكل أحد يشتغل صناعة يدوية, لكن أيضاً تجدي كثير هناك ناس تقدّر هذا التعب, حتى لو كان ليس بطاقتها تشتريه لكن يوجد.. توجه لك رسائل دعم, كلام جميل, حتى لو لم يأخذ أحد هذه القطعة ورأي إنه سعرها عالي لكن هذا الشيء يشعرك بمعنى إنه لاء.. يوجد أمل.. يوجد شيء جميل ممكن يتقدم ويوجد شيء جميل الناس تقدّره.

أحب, أحب أقدم الحقيبة التي أشتغلها كتحفة ليس كسلعة, لأني جدياً أقدم فيها طاقة حب.. فعلياً حب, مثل ما قال " سعد الله ونوس " : نحن محكومون بالأمل , أملي كبير.. أملي كبير إني أقدم شيء أنا صدقاً أحببته, أملي كبير إنه الناس تحب الشيء اللي أنا أعمله, ليس لغرض تجاري بقدر ما هو لغرض هذا الموضوع ساعدني, أتمنى يكون شيء جميل لكل الناس اللي حولي.

أحلامي الصغيرة أوسع شغلي.. يصير لدي انتشار أكثر.. الناس تعرفني.. , أحلامي الكبيرة جداً إني أفتح معرض لهذا الموضوع, أٌقدر أعمل دورات تساعد الناس تتعلم هذا الشيء, ربما أكثر شيء نفسي أعلّم الناس كيف تشتغل لأن هذا الموضوع صدقاً ساعدني أتجاوز مرحلة كثير صعبة بحياتي وأتخيل ممكن تساعد كثير ناس, أجعلهم يشعروا حتى وأنت بمنزلك بين أربع جدران قادر تقدم للناس كلها قطع جميلة.

هبة: اليوم بعد ما آية استطاعت تخرج من الحالة النفسية وتجد نفسها مع السنّارة و الخيط تمكّنت إنها تحيك الأمل والفرص غرزة غرزة, وأحلامها وآمالها صارت كبيرة جداً.

آية: بالنسبة للمردود المادي فهو جيد نسبياً لمعدلات الدخل المتدنية في الأردن _ لكن ليس أعظم شيء_ لكن أنا كآية أرى الموضوع حالياً إنه أستثمر بمشروعي لست أتعامل كمردود مادي ونقطة.. بمعنى هذا المشروع بدأته من الصفر لوحدي لذلك أنا بحاجة أتعب وأُقدم ليكون إلى الأمام يوجد لدي مردود مادي يغنيني تماماً عن أي دخل ثانٍ.

أنا حياتي صارت هنا, حياتي اللي أنا أحبها صارت هنا, صرت أشعر الشيء يشبهني أكثر.


قائمة الحلقات

  • حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية
    هبة جوهر

    حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية

    حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية فوزية كتانة أم وجدة أعادت إحياء التراث من خلال الأغاني والحكايات الشعبية بعد تقاعدها وتمكنت من الوصول إلى جيل الشباب.  إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ...

  • وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة
    هبة جوهر

    وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة

    وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة حياة النساء مليئة بالتفاصيل والتحديات، ومهما كثرت مسؤوليتها تتمكن في السيطرة على توازن إيقاع البيت، كما فعلت آيات الشاويش. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro ...

  • سلام تحقق حلم الطفولة بالوصول إلى الفضاء
    هبة جوهر

    سلام تحقق حلم الطفولة بالوصول إلى الفضاء

    سلام أبو الهيجاء شابة عشرينية ومهندسة ميكانيك، وهي أول مصممة بدلات فضائية في الأردن. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ديجيتال الإشراف العام: محمد علي

  • مشروع أردني غيّر مفهوم "العزومية"
    هبة جوهر

    مشروع أردني غيّر مفهوم "العزومية"

    أطلق محمود النابلسي مشروع مطعم "عزوتي" والذي يمثل التكافل الاجتماعي وبين العازم والمعزوم، وهناك المتطوع، التي تروي قصته الممرضة سارة محفوظ. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ديجيتال الإشراف العام: محمد علي

  • النرجس لغة حب
    هبة جوهر

    النرجس لغة حب

    النرجس لغة حب تميم وريم هو مشروع للزوجين مأمون عودة وهبة جموم، اللذان عاشا قصة حب بدأت من ورد النرجس، وتعلمت هبة لغة الإشارة لتنشر الحب في كل مكان. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة ...

  • حلم الأمومة المؤجل
    هبة جوهر

    حلم الأمومة المؤجل

    حلم الأمومة المؤجل يرى الكثيرون عملية تجميد البويضات على أنها خطة بدلية للحفاظ على حق الأمومة، على الرغم من ذلك تواجه العملية رفضا مجتمعيا وحيرة، فـ ما تفاصيل هذه العملية وكيف يراها المجتمع؟ إعداد وتقديم: ...