قصتها القصيرة 92 | متلازمة الحب.. تفاصيل من التحديات والنجاح

ليلى العوف

تسترجع السيدة رانيا أبو الراغب تفاصيل تعود إلى ٢٨ عاما، حينما أنجبت ابنتها ميرا وكيف تعاملت مع وجود طفلة من متلازمة داون

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

تسترجع السيدة رانيا أبو الراغب تفاصيل تعود إلى ٢٨ عاما، حينما أنجبت ابنتها ميرا وكيف تعاملت مع وجود طفلة من متلازمة داون، تسترجع أم ميرال التفاصيل التي تمكنت من تحدي الصدمة والنظرة المجتمعية والبيئة التعليمية.

نص الحلقة :

رانيا ( أم ميرال ) : " حالياً عمر ميرال 28 سنة والحمد لله, هي لا تقرأ ولا تكتب لكن هي ترسم الحروف تجلس تكتبها, أنا لا يهمني بصراحة إنها تتعلّم تكتب وتقرأ بقدر ما يهمني تعليمها إنه يكون.. الحياة كيف تعيشها وكيف تتعامل مع الناس والمجتمع وكيف تقوي نفسها إنها تواجه كل المجتمع.. هذا أنا اللي كان يهمني أكثر من إنها لا تقرأ وتكتب, لم يحضرها لي إلا لثاني يوم العصر, بعد ما ترجيّتهم أحضروها لي, وبعدها شعرت ملامحها مختلفة, طبعاً لم أعلم إنها هي " Downs syndrome " إلا بعدها علمت بعد شهرين لأنه كلهم خافوا عليّ إنه بعد الولادة يصيبني شيء, وبعدها حين علمت طبعاً دخلت بحالة نفسية سيئة ".
هبة : التحضير للمولود الجديد شيء تنتظره العيلة, الآباء يكونوا منشغلين بالزينة والملابس, والحفل اللي سوف يصير استقبالاً للمولود الجديد, والأم تنتظر على أحرّ من الجمر لترى الطفل اللي حملته 9 شهور بين يديها, مرّات هذه الفرحة ممكن تتحول لصدمة والحياة الجديدة تبدأ بالتحديات, هذا اللي صار مع أم ميرال اللي سوف تحكي قصتها القصيرة.
رانيا ( أم ميرال ) : أنا اسمي رانيا أو الراغب, أم لثلاث أولاد منهم " ميرال لحام ", أم لمتلازمة الحب وهي متلازمة داون, وأنا موظفة.
هبة : ميرال اليوم عمرها 28 سنة, استطاعت أمها إنها تسترجع اللحظات الأولى ل ولادتها, وكيف بعد فترة علمت إنه بنتها عندها متلازمة داون, كانوا خافيين عليها كرمال لا تتفاجأ, كيف تعاملت مع هذه اللحظات ؟
رانيا : بصراحة حين أنا كنت حامل ب ميرال لم يكن باين أيّ شيء, وكنت أفحص عادي و كان الدكتور يقول لي كل شيء طبيعي.. لا يوجد شيء باين, لكن حين ولدت ميرال لم يحضرها لي إلا لثاني يوم العصر, بعد ما ترجيّتهم أحضروها لي, وبعدها شعرت ملامحها مختلفة, طبعاً لم أعلم إنها هي " Downs syndrome " إلا بعدها علمت بعد شهرين لأنه كلهم خافوا عليّ إنه بعد الولادة يصيبني شيء, وبعدها حين علمت طبعاً دخلت بحالة نفسية سيئة, حين دخلت بهذه الحالة النفسية السيئة.. طبعاً كل الأمهات أكيد كانوا داخلين معي بهذه الحالة إنهم بين الحقيقة والخيال غير عارفين إنه هذا صح أو غلط, غير عارفين الحالة اللي نريد نتعامل معها كيف هي؟ بعدها جلست مع دكتورة نفسية وحكت لي عن وضع ميرال وقالت لي إما أنت تأخذينها إلى بر الأمان.. إما تبقي وضعها كما هو, أنت اللي سوف تخلقي منها اللي أنت تريديه, والحمد لله قدرت اتخطى هذه المرحلة, وعرفت أتعامل مع بنتي والحمد لله.
هبة : المخاوف اللي تحملها أي أم تضاعف, خاصةً حين ترافقها نظرات مجتمع لا ترحم, وتحمل الكثير من الأسئلة غير التنمر طبعاً, الناس اللي جاءت تبارك كانت نظراتها تترك كثير من المخاوف في نفس الأم.
رانيا : أكيد كان عندي مخاوف كثيرأساساً أول شيء من المجتمع, وأكيد حتى هذه المخاوف واجهتنا لاحقاً, إنه التنمر والنظرات.. حتى وهي صغيرة حين كانوا الناس يأتوا يباركوا لي كانت نظراتهم ينظروا إلى ميرال ويتمعنوا بها وأنا أشعر إنه هذه النظرات غير طبيعية, وأنا اشعر البنت فيها شيء لكن غير عارفة ما هو, صرت أخبئها بصدري ولا أريد أحد يشوفها ولا اريد الناس تشوفها, بعدها الحمد لله خرجنا من هذه المرحلة, اكيد يوجد عثرات كبيرة واجهتنا منها.. كيف أريد أعلمها.. كيف أريد أتعامل معها.. ما هي البرامج اللي أخطط أعملها معها, وصرت الحمد لله أجلب لها معلمات إلى البيت ويدربوني كل اسبوع ماذا أعمل معها وماذا أفعل والحمد لله يا ربي, صدقيني إنه أصعب بحياتي موقف حين علمت إنه ابنتي كذلك, بصراحة لم أكن أعلم شيء عن متلازمة الحب, أو لم أكن أهتم بهم إذا رأيت أحد منهم ماشي بالشارع أو شيء, الآن صرت أحس بكل أم ومعاناتها, كثير صعبة كثير صعبة إنك تعرفي ابنتك أو ابنك من ذوي الاحتياجات الخاصة, لا أعرف عالم.. صعب صعب.. اعتزلت الناس كلها.. لا أريد أحكي مع أحد, ولا أريد أحد يرى ابنتي, ولا أريد.. غير عارفة أوصف لك الشعور بصراحة, و كثير تعرضت لمواقف كنت أقف وأصرّخ في الناس لماذا هكذا تنظروا في ابنتي.. ولماذا نظراتكم هكذا.. كثير أشياء غير عارفة حالياً أحكيها.
هبة : هكذا بدأت القصة, القصة بعد التأقلم والاستعداد ومواجهة المجتمع والدفاع عن الاختلاف, الأهل يبدئوا رحلة جديدة.. رحلة التعليم والبحث عن مدارس وبيئة مجهزة, وهنا أكملت أم ميرال دفاعها عن حق ابنتها بالمعرفة والتعلم.
رانيا : أيضاً أريد أتكلم شيء إنه أكثر شيء واجهني في مراكز اللي لدينا ليست مؤهلة أبداً لاستقبال هذه الحالات, كنت أنا أضع ميرال بالمركز عدة ايام واذهب فجأة أجدهم واضعين كل الحالات الخفيفة و الكثير.. كلهم مع بعض, وأنا ابنتي درجتها الحمد لله ليست كثيرة.. تعبت عليها, وهم فوراً يقلدون بعضهم.. أخاف ابنتي تتراجع, كنت أضعها اسبوع وفوراً أخرجها وأضعها في البيت وأقول لاء أنا ادربها لا أريد أضعها بمركز وتتراجع, هذه من أكثر الأشياء اللي أزعجتني عندنا إنه لا يوجد مراكز مؤهلة لاستقبالهم أو لا يهتموا بهم الاهتمام الكافي, مثل ما ذكرت لك بالمراكز كثير تعذبت لأنه لا يوجد مراكز مؤهلة لاستقبال هذه الحالات.. الحالات بشكل صحيح, أنا بصراحة كل اللي وضعتهم ميرال في المدرسة أو المركز حوالي فقط 3 سنين, لأنه أنا باعتقادي الأم هي المدرسة الوحيدة لابنتها وهي التي تستطيع تعليمها وتدريسها الأشياء اللي لا يستطيعوا هم يعلموا إياها, لو وضعناها في مراكز ربما تتراجع ولا تكون ميرال بهذه.. إنها تكون نظرتها كذلك وثقتها بنفسها ولا إنها هي تكون كذلك.
أول شيء أنا كنت أتعامل مع معلمات يأتين إليها إلى البيت, أول شيء يعلموني الأشياء اللي ممكن تساعدها على إنه نتخطى الليونة اللي عندها بالجسم لأنه متلازمة داون عندهم كثير ليونة بالجسم وضروري نقوي لهم عضلاتهم.. وضروري نقوي لهم عضلات الفك لأنه عندهم اللسان كثير ثقيل وتخين ويبقون يخرجونه من فمهم, بقيت أعمل على هذا الشيء من وهي أشهر عمرها كرمال نقدر نجعلها تتخطى هذه الأمور, والحمد لله ميرال سارت مثل أي طفل طبيعي وكانت حتى حين ذهب إلى الحمام كانت كأي طفل طبيعي.. كان عمرها سنة ونصف.
هبة : بعد ما تعلمت ميرال وتخطت كثير من العقبات التعليمية بجهد أمها, بدأت حياتها العملية.
رانيا : ميرال اشتغلت أول شيء في مطعم, أول شيء كيف جاءت الفكرة.. رأيت بنت من متلازمة داون بالتلفزيون وضعوا عنها إنها تشتغل بمطعم وكثير أحببت الفكرة, وبقيت أفكر فيها إنه كيف أضع ميرال.. كيف أتركها لوحدها.. هي غير متعودة إلا دائماً أنا معها أين ما ذهب.. أين ما جاءت, أخاف عليها مثل أي أحد إنه أخاف عليها لكن خوفي عليها زائد, حين رأيت هذه البنت تشجعت إنه أضع ميرال إنها تعمل, والحمد لله جاهدت كرمال هي تعمل وكانت هي ثاني بنت تعمل الحمد لله في المطعم, ووجدت كم هي سعيدة وترجع تحكي لي عن العمل.. وتصحيني منذ الصبح باكراً.. " هيّا أريد أن أذهب إلى العمل " وسعيدة كثير ميرال إنها عملت, لكن كان عندي أولاً أنا مخاوف, كل واحدة بنا تخاف كيف تريد تتركها في مجتمع غير عارفين كيف سيكون هذا المجتمع, ممكن يتنمروا عليها.. ممكن لا يتقبلوها.. ممكن تسمع كلام يجرحها.. لكن الحمد لله تخطينا هذا الأمر ووجدت إنه كل الناس كم تحبها وتدللها.. على العكس يسألوا عنها بالاسم ويذهبوا خصوصاً كرمال ميرال إنهم يأكلوا من هذا المطعم.
هبة : لكن في الجائحة وقفت الدنيا, وسكرت المطاعم ووقف العمل, هذا الشيء لم يجعل ميرال وأمها يقفوا عن التعليم والعمل, لذلك بدأت ميرال مشروعها.. متلازمة الحب.
رانيا : بصراحة ظهر المشروع وقت الحظر اللي كان وقت كورونا, وأنا أعشق البشاكير "أشغال يدوية " بصراحة وكنا محظورين, وأريد أعلم شيء أو أجعل ميرال تتسلى, أخرجت اللي عندي بشاكير وكان عندي اكسسوارات وهكذا وقلت لها هيّا نعمل أشياء جميلة ونتسلى, وأنا بصراحة أريدها أيضاً تحسّن إدراكها باللمس والاشياء هذه, وبدأنا أنا وهي.. أعلمها التطريز على البشاكير, وبدأت تحب هذه المهنة وتبدع فيها, والحمد لله عملت لها صفحة لتسويق بشاكيرها والحمد لله الكل فرح على المنتجات اللي عملتهم, وأتصور البشاكير اللي تعملهم لا يوجد مثلهم بكل الأردن.
هبة : عادةً الأمهات يخضن كل الحروب ليكونوا أولادهم بأحسن الأماكن, غير التعليم والإنتاج اشتغلت أم ميرال على كل اللي حواليها وعلى عائلتها إنه يشعروا بالفخر لوجود ميرال في العائلة.. إنهم يتخطوا أي نظرة مجتمعية, وقدرت فعلاً إنه تحوّل أي مشاعر بالخجل لمشاعر فخر.
رانيا : أنا برأي إنه يجب كل أم تهتم بابنها أو بنتها, هي اللي تجعل المجتمع إنه يحترمه وتجعله ينجح, أنا أقول دائماً الأم والأهل هم لهم النسبة الكبيرة من نجاح هذا الطفل, أنا دائماً اقول لأولادي هذه وصيتكم ابنتي, دائماً ابقوها معززة مكرمة.. لا أحد إنه يستقوى عليها, بالعكس أنا عودت أولادي.. دائماً يأخذونها إلى المول.. ويجلسون معها ويتغدوا ويذهبوا على المقهى ويخرجوها مشوار, وعمرهم لم يخجلوا من أختهم ويمشوا معها بكل ثقة.. على العكس يكونوا فخورين إنه أختهم ميرال, ابني دايماً يشارك نجاحها كله عنده على الفيس بوك ويتكلم عن نجاحات أخته كم يكون فخور بها, ويجب كل أم تكون فخورة طبعاً في ابنتها, ربما نحن نكون فخورين بأولادنا من متلازمة داون ربما أكثر من أولادنا العاديين, لأنه ربما نجد بهم نجاحنا وتعبنا وكم نحن تعبنا معهم, نرى هذا النجاح يترسّم بهم يوم عن يوم.
هبة : أما عن أمنيات أم ميرال فهي إنه توصل ابنتها للعالمية وأكثر من ذلك.
رانيا : حلمي مثل أي أم إني أفرح بابنتي وأجعلها أفضل واحدة في العالم, واجعلها تصل للعالمية بعملها والحمد لله, أساساً ميرال هي تعمل في مطعم الحمد لله وأثبتت وجودها, وأنا أريد أقول رسالة لكل أم إنها تهتم بابنها وهي تجعله إنه تكون الدافع له لأي عمل ناجح, أجد أمهات ليس كثيراً يهتموا بأولادهم ويخافوا عليهم كثير ولا يسمحوا لهم يعملوا أي شيء, على العكس هم هكذا يدمروهم ويجعلونهم لا يواجهوا الحياة صح, أحلى فرحة في حياتي حين أرى ميرال سعيدة وتضحك والناس كيف متقبليها وكيف الناس أبطلت تقف تنظر إليها نظرات اللي تزعج الواحد, وكيف هم يعاملوها.. على فكرة كثير المجتمع عنا تغيّر.. كثير صار الناس أبطلت تتنمّر الحمد لله, وأبطلوا ينظروا هذه النظرة اللي كانت تقتلنا من داخلنا الأمهات, الحمد لله يا رب.


قائمة الحلقات

  • حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية
    هبة جوهر

    حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية

    حارسة الذاكرة بالحكاية والأغنية الشعبية فوزية كتانة أم وجدة أعادت إحياء التراث من خلال الأغاني والحكايات الشعبية بعد تقاعدها وتمكنت من الوصول إلى جيل الشباب.  إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ...

  • وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة
    هبة جوهر

    وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة

    وجه واحد لزوجة محبة وأم حنون وامرأة عاملة حياة النساء مليئة بالتفاصيل والتحديات، ومهما كثرت مسؤوليتها تتمكن في السيطرة على توازن إيقاع البيت، كما فعلت آيات الشاويش. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro ...

  • سلام تحقق حلم الطفولة بالوصول إلى الفضاء
    هبة جوهر

    سلام تحقق حلم الطفولة بالوصول إلى الفضاء

    سلام أبو الهيجاء شابة عشرينية ومهندسة ميكانيك، وهي أول مصممة بدلات فضائية في الأردن. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ديجيتال الإشراف العام: محمد علي

  • مشروع أردني غيّر مفهوم "العزومية"
    هبة جوهر

    مشروع أردني غيّر مفهوم "العزومية"

    أطلق محمود النابلسي مشروع مطعم "عزوتي" والذي يمثل التكافل الاجتماعي وبين العازم والمعزوم، وهناك المتطوع، التي تروي قصته الممرضة سارة محفوظ. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة Feedz Pro الهوية البصرية: سرد ديجيتال الإشراف العام: محمد علي

  • النرجس لغة حب
    هبة جوهر

    النرجس لغة حب

    النرجس لغة حب تميم وريم هو مشروع للزوجين مأمون عودة وهبة جموم، اللذان عاشا قصة حب بدأت من ورد النرجس، وتعلمت هبة لغة الإشارة لتنشر الحب في كل مكان. إعداد وتقديم: هبة جوهر الإخراج الصوتي: شركة ...

  • حلم الأمومة المؤجل
    هبة جوهر

    حلم الأمومة المؤجل

    حلم الأمومة المؤجل يرى الكثيرون عملية تجميد البويضات على أنها خطة بدلية للحفاظ على حق الأمومة، على الرغم من ذلك تواجه العملية رفضا مجتمعيا وحيرة، فـ ما تفاصيل هذه العملية وكيف يراها المجتمع؟ إعداد وتقديم: ...