المرصد ١٧٤: خريجة كابول ١٩٧١، الدكتورة عفاف تخاطب الأفغانيات في الخارج: لا تتركن أخواتَكن وحيدات

نهاد الجريري

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢ إلى ٨ يناير ٢٠٢٣.  في العناوين هذا الأسبوع:  الجولاني ”في وضع صعب“: هل تركته تركيا ...

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢ إلى ٨ يناير ٢٠٢٣.  في العناوين هذا الأسبوع: 

  • الجولاني ”في وضع صعب“: هل تركته تركيا وحيداً؟ 
  • وثائق سرية تبين تخبط داعش في قضية اقتحام سجن غويران 

 

إذاً، ضيفة الأسبوع، الدكتورة عفاف زيدان، أستاذة اللغة الفارسية والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية في جامعة الأزهر، صاحبة السيرة الذاتية: مصرية في بلاد الأفغان. نتحدث عن قرار طالبان منع البنات من التعليم. 

 

القاعدة تخطط لتزوير شهادة وفاة الظواهري

نبدأ في عجالة بملف طالبان والقاعدة. خمسة أشهر مضت ولما يتطرق تنظيم القاعدة إلى مصير زعيمه أيمن الظواهري حياً كان أم ميتاً. في اليوم الأخير من يوليو ٢٠٢١، أعلنت أمريكا أنها قتلت الظواهري في منزله في العاصمة الأفغانية كابول ما تسبب في إحراج حكومة طالبان التي ما انفكت تنفي علمها بوجود الظواهري هناك. طالبان متهمون بخرق اتفاق الدوحة الذي أتى بهم إلى كابول إذ ينص صراحة على أنهم لن يسمحوا بإيواء أي من القاعدة. فكيف سيتعامل القاعدة وطالبان مع هذه المعضلة؟ 

الصحفي الأفغاني سامي يوسف زاي، مراسل CBS وDaily Beast، نقل عن مصادر داخل القاعدة أن التنظيم سوف يعلن قريباً عن وفاة الظواهري ”بالمرض؛“ وأن طالبان ”توسلوا“ إلى القاعدة كي لا يعلنوا أنه قُتل في كابول.  

مثل هذا السيناريو معقول جداً ومريح بالنسبة لطالبان الذين لهم تجربة مع إخفاء موت الملا عمر عامين كاملين. لكن الضرر حصل وانتهى. 

القاعدة وطالبان وأمريكا يعلمون الحقيقة. فمن يريد التكذيب عليه الإثبات. هل ستنشر القاعدة صورة لجنازة الظواهري مثلاً؟ 

وإن كان هذا هو الحال، لماذا صمت تنظيم القاعدة خمسة أشهر؟ 

أما إن قُتل الظواهري حقاً في كابول، فمن وشى به وأدخل الـ CIA إلى أدق تفاصيل حياته؟ حساب داعش على التلغرام باسم ”إحزام الظهر“ علّق: ”اسأل نفسك يا عنصر القاعدة ثم ادركها“

 

الجولاني وتركيا: من الحفرة إلى البئر

تصالُح تركيا مع نظام الأسد برعاية روسيا بات في حكم الواقع. فأين هيئة تحرير الشام ممّا يبدو أنه وضع نهائي؟ 

في ٢ يناير ٢٠٢٣، ظهر زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في كلمة مرئية مقتضبة يؤكد أن ”لا تصالح.“  

في الكملة التي نقلتها أمجاد، الذراع الإعلامية للهيئة، اعتبر الجولاني مباحثات النظام وروسيا مع تركيا ”انحرافاً خطيراً يمس أهداف الثورة السورية،“ و“مكافأة“ لنظام تجنى على الشعب السوري طوال أكثر من عقد.

وعليه، فإن ”المعركة“ ليست سياسية ”يتنازع فيها الناس على المناصب، وليست هي حرباً أهلية داخل البيت الواحد، بل هي معركة بين الحق والباطل.“ 

وبالتالي أعلن الجولاني أنه ”أعدننا عدتنا، وهيأنا أنفسنا لأيام عظيمة قادمة،“ داعياً ”كل مخلص غيور“ أن ”يصطف إلى جانبنا في مواجهة هذه التحديات، ومواصلة العهد حتى إسقاط النظام،“ والاستقرار في دمشق حيث ”نبني الشام من جديد، ونباهي بها العالم أجمع.“ 

الجولاني لم يتطرق إلى شكل العلاقة مع تركيا في حال اختمرت المصالحة. هل ستقاتل الهيئة تركيا التي تسيّر دورياتها مع الروس على أطراف أدلب؟ وكيف ستؤمن الهيئة احتياجاتها عبر المعابر التي هي عماد اقتصادها؟ وهل ستعتبر الجيش الوطني في درع الفرات وغصن الزيتون امتداداً لتركيا لتبدأ حرب طاحنة تحت هذا المسمى؟ المسألة معقدة. 

بعد هذا الخطاب، كثف الجولاني لقاءاته مع فعاليات شعبية مختلفة في أدلب ومحيطها. في لقاء مع نشطاء، نُقل عنه أنه يرى أن تنفيذ هذا المسار السياسي – أي المصالحة- ”سيكون سبباً لتدفق ملايين الناس باتجاه تركيا وأوروبا.“ فهل يهدد الجولاني تركيا بمزيد من اللاجئين كما تركيا هددت أوروبا ذات التهديد في وقت سابق؟ 

أعاد الجولاني تأكيد أهمية ”جمع الكلمة.“ وهو توجه قال إنه يسعى إليه كان منذ بدأ ولكن بشكل متقطع التوجه شمالاً حتى إنه بلغ اعزاز في الصيف الماضي. اليوم، يؤكد الجولاني أنه جاهز لدخول حلب وإداراتها باعتبار نموذج ”الحكم“ الذي أسسه في إدلب. 

في نفس الوقت، يبدو أن الجولاني حفظ خط الرجعة عندما قال ”لا بد من حسابات دقيقة“ و”لن تؤخذ قرارات كبرى بناء على ردة فعل.“ 

في الأثناء، كثفت الهيئة بشكل غير مسبوق هجماتها ضد النظام. فلا يكاد يمر يوم دون أن يوثق إعلامها هجمتين أو ثلاثة؛ بالإضافة إلى التذكير المستمر هذه الأيام بـ“جاهزية“ عسكرها. 

 

الجولاني أحرج الثورة 

في ردود الفعل، اعتبر أنصار الهيئة وكبار قاداتها أن الكلمة المفتاح فيما قاله الجولاني كان الدعوة إلى ”رص الصفوف.“ أحمد موفق زيدان قال إن الجولاني ”أحرج“ الفصائل العسكرية والسياسية السورية ”الصامتة“ على التطبيع التركي مع نظام الأسد. 

أما معارضو الهيئة فاعتبروا أن كلام الجولاني هذا هو ”دليل بغي جديد.“ المحامي عصام خطيب في منشور لافت انتهى إلى أن الجولاني ”لم يحرج الفصائل فقط، بل أحرج الجميع.“ يقول: ”لقد أحرجنا الجولاني عندما صدقنا أنه صاحب مشروع إسلامي ثم تبين أنه … (ساعٍ إلى) معابر ودولار وأجير عند مخابرات الشرق والغرب.“حساب قناة أبو محمد نصر كتب: ”طبق سوتشي وأستاذنا، أوقف الجبهات واعتقل الصادقين .. حمى الدوريات الروسية. فتح المعابر … كل هذه الأفعال وغيرها والجولاني قال ‘لن نصالح‘ فكيف إذا أراد المصالحة؟!“ حساب جلاد المرجئة وهو حساب قاعدي اعتبر أنه يجب ”سحب الثقة من قيادة الهيئة الحالية“ على اعتبار أنها ”غير مؤهلة بَعدَ هذا السجل الأسود.“ 

الحساب المخضرم أس الصراع في الشام اعتبر أن ”الجولاني وضعه سيئ جداً .. فإن رفض ما سيطلب منه سيتم إنهاء جماعته وهو الذي كان يظن أنه لاعب محترف، وإن استجاب للمصالحة سيقتله جنوده. لو كنت مكانه، لأوقفت الضغط على الوطنية لفرطها، انسحبت من عفرين، بيضت السجون، أعدت المجالس المحلية لمناطقها.“ 

في الأثناء، خرج السوريون في مناطق الهيئة ودرع الفرات وغصن الزيتون في مظاهرات ترفض المصالحة التركية مع النظام السوري. 

أنصار الهيئة ومعارضوها على حد سواء احتفوا بهذه التظاهرات. لكن المعارضين رفعوا شعارات تقول: ”من أراد رفض المصالحات عملياً فليقم وليفتح الجبهات.“ 

فيما اجترّ أنصار الهيئة ما قاله الجولاني في كلمة أمجاد. 

أما في مناطق درع الفرات، فكان الخطاب موجهاً لتركيا. لفت شعار في قباسين تحديداً، شمال شرق الباب يقول: ”ما رح نصالح الأسد، وإذا بدك تصالح، صالح قسد.“ 

 

غويران غيت 

عام على اقتحام داعش سجن غويران. في صباح الخميس ٢٠ يناير ٢٠٢٢، بدأ مقاتلو داعش هجوماً واسعاً على سجن الصناعة الخاضع لإدارة قوات سوريا الديمقراطية ”قسد“. السجن في بلدة غويران يُعد أكبر منشأة يُعتقل فيها أخطر عناصر داعش. 

الهجوم كان منسقاً من خارج السجن وداخله وفاجأ قسد. تمكن عدد غير محدد من الفرار والاستحكام في أحياء البلدة ما أدى إلى نزوح الأهالي. 

كل شيئ كان يسير في مصلحة داعش؛ حتى إن أنصار التنظيم اعتبروا الحدث مفصلاً في تاريخهم سيعيد لهم مجدهم الغابر. 

لكن مساء الأربعاء ٢٦ يناير، أنهت قسد التمرد مدعومة بطيران التحالف وأعلنت السيطرة على السجن. وفتح التحالف تحقيقاً في الاخفاق الامني الذي ادى لهذا الاقتحام. تحول خطاب داعش من تضخيم ألانا إلى التسطيح. 

إعلام داعش الرسمي، في العدد ٣٢٣ من صحيفة التنظيم الأسبوعية النبأ  – التي تأخر صدورها على غير العادة إلى فجر الجمعة ٢٨ يناير ٢٠٢٢، حاول التخفيف من وطأة الحدث وقال إن الهدف كان اقتحام السجن من دون  ”فتح جبهات قتال ضد … (الأكراد) في المنطقة ولكن بعد الانهيار السريع لدفاعات(هم) … والسيطرة …. على مخازن السلاح، قرروا (داعش) توسيع رقعة الاشتباكات للاستنزاف وتشتيت العدو عن عمليات إخلاء المحررين.“  

لم يتضح عدد الفارين أو هويتاتهم. لكن الطريقة التي انتهى بها الهجوم، وما تواتر من أنباء عن فارين في المنطقة يشي بأن المستفيد كان ثلة من المتنفذين تآمروا مع قيادة التنظيم المركزية واتخذوا من مئات السجناء الآخرين ثمناً لحريتهم. 

يعزز هذا مراسلات بين قيادة داعش في الشام وسجناء سجن غويران. حصلنا على ١٣ مراسلة من مصدر قريب من سجناء داعش. لا نستطيع أن نذكر أكثر من هذا بناء على طلب المصدر. ولكن نستطيع أن نقول أن السجناء ليسوا في المنطقة الكردية. عرضنا المراسلات على ثلاثة خبراء أكدوا لنا صدقية المراسلات من حيث أن الشكل والمحتوى لا يتيح مجالاً للشك أنها ليست من داعش. 

 

قصة غويران

بحسب المراسلات التي لدينا يمكن أن نروي قصة التحضيرات كما يلي مع الانتباه إلى أن المحرك والقائد في هذه العملية كان ولاية الشام من حيث مخاطبة السجناء وتوفير مستلزمات الاقتحام. كانت ولاية الشام ولم تكن ولاية العراق التي تقليدياً تحظى بثقل أكبر. الواضح من المراسلات أن ولاية العراق لم تقدم أي شيئ نافع. 

في تاريخ ٢٥ مارس ٢٠٢١، كتب أمني ولاية الشام عبدالله الجهني إلى الزبير الشامي نائب والي الشام، يوجز فيها رأياً بخصوص ما يبدو أنه اقتراح ورد من سجن غويران.

بعد يومين وفي تاريخ ٢٧ مارس ٢٠٢١، يرفع نائب الوالي إلى الوالي تصوراً لتنفيذ اقتحام غويران وذلك بعد التشاور مع معنيين. التصور طموح ويكاد يكون مثالي. وهذا مهم بالنظر إلى أمرين: أولاً، اعتراف مبكر بعدم توفر العناصر البشرية اللازمة لبدء الهجوم كانتحاريين وانغماسيين. وثانياً، اعتراف مبكر بعدم وجود خطة لسحب الفارين إلى مكان آمن. فكيف يكون إذاً مشروع ”هدم الأسوار“ ناجعاً؟ 

يقترح الكاتب أن يُترك الأمر للفارين على أن توفر لهم ولاية الشام ”براميل بلاستيكية“ تدفن بالقرب من المكان وفيها أسلحة وجوالات وخرائط وأجهزة اتصال وحتى بدلات عسكرية مثل التي يرتديها الأكراد! يُتفق على كلمة سر بين الفارين تميزهم عن الأكراد. يخصص كل برميل لسبعة فقط من الفارين على أن يُزودوا بإحداثيات البرميل في وقت مسبق. 

خطة مثالية تكاد تكون غير واقعية بالنظر إلى العدد المتوقع من الفارين. ولا ينتهي هذا التصور هنا، بل يقترح أن يسيطر الفارون على مدينة ما يستحكمون بها. 

لكن في ١ أبريل ٢٠٢١، وردت رسالة تشي بوجود خلافات بين السجناء حول قيادة هذا المشروع وهو ما سيتطور إلى خلاف على حيثيات المشروع. يبدو أن ولاية الشام أزاحت الأمير الحالي للسجن وعينت مكانه رجلاً اسمه صفوك أبو علي الأنصاري. لا يبدو أن صفوك حظي بإجماع المعنيين في السجن. 

تبرر ولاية الشام تعيين صفوك بأنه جاء بناء على تزكية من ”مشايخ“ ولأنه يتمتع ”بالحكمة والعقلانية“ اللازمتين لإنجاز المشروع. لكن الرسالة تشير إلى أن المتنفذين في السجن لم يسمحوا لقيادة الولاية بالتحدث مع صفوك حتى يتبينوا موقفه. وهذا دليل عدم ثقة بل وتخبط. 

يظهر التخبط لاحقاً عندما، يُزاح صفوك ويُعين المدعو أبو رحمة العراقي أميراً على السجن. 

في تفصيل آخر مهم، انقسم السجناء إلى قسمين فيما يتعلق بالإضراب عن الطعام مقدمة للتمرد. قسم أضرب وآخر أخذ بالرخصة لضعف بدني. القسم الأول لم يعجبه أخذ الرخصة ويبدو أنهم تجنوا على القسم الثاني. 

في الأثناء، يكرر المركز أنه عاجز توفير المصادر البشرية اللازمة للاقتحام مثل الانغماسيين والانتحاريين. وأنه عاجز عن توفير المواد المالية. يبدو أن السجناء طالبوا بتأمين عائلاتهم بمعاشات، لكن المركز اعتذر متذرعاً بالخشية من تسريب معلومات عن السجن أثناء التواصل مع العوائل. 

في حيثيات ضعف الحال وقلة الحيلة، تذكر قيادة ولاية الشام أن ولاية العراق لم تنفعهم في شيئ. وهذا لافت بالنظر إلى الصورة البراقة التي تظهر بها هذه الولايات في الإعلام. وكيف أن عناصر داعش يرهنون حياتهم فداء لـ ”هدم الأسوار“ وتحرير الأسرى والأسيرات. في نهاية الأمر، لا يحتكمون على شيئ نافع. 

ثمة تفاصيل تثير حتى سخريتهم هم. فمثلاً، يزكي السجناء رجلاً يُقال له الشمري للمساعدة في تأمين مستلزمات الاقتحام. وتوافق الولاية عليه ”بعد الدراسة.“ ثم تعود الولاية وتشكك في ولاء الرجل. في حادثة أخرى، السجناء يزكون آخر ”عنده انغماسيون.“ لكن الولاية تشرح أن الانغماسيين المتوفرين هم ”بين تارك ومطرود من جندية (داعش).“ 

ربما التفصيل الأهم، هو أنه بحسب ما قيل لولاية الشام، ثمة أربعة أشخاص فقط في السجن يعرفون بالخطة. حتى إن المركز يستغرب كيف قسموا المهاجع إذاً ووزعوا المهام بين آلاف السجناء. وهذا يعزز ما نُقل من أخبار لاحقاً عن أن الفارين هم قلة قليلة من الأمراء المتنفذين على حساب السجناء الآخرين. 


قائمة الحلقات