كيف تبخرت وعود الانتقام بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل سليماني
في عشرين دقيقة
كيف تبخرت وعود الانتقام بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل سليماني
/

كيف تبخرت وعود الانتقام بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل سليماني

شاهو القره داغي

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة في الذكرى الثالثة لمقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني في بغداد، تبخرت كافة الوعود والتهديدات التي أطلقتها الميليشيات العراقية منذ اليوم الأول للحادثة، حيث تخشى هذه الأطراف من الإقدام ...

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

في الذكرى الثالثة لمقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني في بغداد، تبخرت كافة الوعود والتهديدات التي أطلقتها الميليشيات العراقية منذ اليوم الأول للحادثة، حيث تخشى هذه الأطراف من الإقدام على خطوات تصعيدية قد تؤثر سلبيا على أداء الحكومة الحالية التابعة للإطار التنسيقي الذي يجمع كافة الفصائل والجماعات السياسية المقربة من إيران، وفضلت حماية مصالحها ونفوذها وعدم المجازفة بخسارة هذه المصالح بسبب مواقف تصعيدية .

ضيف الحلقة المحلل السياسي الاستاذ باسم الخزرجي
إعداد و تقديم: شاهو القره داغي

نص الحلقة :

في عشرين دقيقة بودكاست راديو الأن

شاهو :"كيف تبخرت وعود الانتقام بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل سليماني في بغداد

في الذكرى الثالثة لحادثة مطار بغداد الدولي وقيام الولايات المتحدة الامريكية بقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس على طريق المطار في العاصمة بغداد ، يتجدد تهديدات ووعود الفصائل المسلحة بالثأر والانتقام من أمريكا وإخراج القوات الامريكية من العراق بسبب هذه العملية، إلا أن الواقع يؤكد تبخر وانتهاء هذه الوعود وعجز الفصائل المسلحة عن تنفيذ وعودها واستهداف المصالح الامريكية خوفاً على الحكومة الجديدة التي تشكلت بدعم ومساندة من الإطار التنسيقي والذي يحتوي علي كافة جماعات المقاومة والفصائل المسلحة والذي قد ينهار في حال الإقدام على خطوات تصعيدية من قبل الأطراف المسلحة الموالية لإيران.
مرحبا بكم في حلقة جديدة من بودكاست في عشرين دقيقة، نتحدث فيها عن الذكرى الثالثة لمقتل قاسم سليماني في العراق وتبخر الوعود والتهديدات بالثأر والانتقام من قبل قادة الميليشيات المسلحة.
شكل مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في الحرس الثوري الإيراني صدمة كبيرة للجمهورية الإسلامية في إيران ووكلائها وحلافئها في المنطقة بالكامل، حيث أسس سليماني الكثير من الفصائل والميليشيات وكان يقوم بالإشراف على عمل هذه الأطراف المسلحة وتوجيهها والتحكم بها بصورة سهلة، وكان يُشكل القطب الأبرز في النفوذ الخارجي الإيراني الذي فشل النظام الإيراني في ملء الفراغ الذي حدث بعد مقتله حتى اليوم نتيجة لصعوبة وجود شخصيات قادرة على ضبط المشهد الخارجي كما كان يفعل سليماني.
وكان لسليماني علاقات واسعة وشخصية مع أبرز قادة الجماعات والأحزاب والفصائل المسلحة داخل العراق، وكانت هذه العلاقة تمتد لعشرات السنين وتعود لزمن الحرب الإيرانية العراقية التي شارك فيها زعماء الفصائل المسلحة مع إيران ضد بلدهم العراق ومن حينها تشكلت هذه العلاقة الوطيدة وانعكست بصورة واضحة على حجم نفوذ وثقل سليماني ودوره الكبير في إحداث التغييرات الجوهرية والمصيرية داخل الساحة العراقية، وقد أدى مقتله في حادثة المطار إلى فقدان طهران للكثير من نفوذها ودخول العراق في مراحل من الفراغ السياسي وعجز بدلاء سليماني عن لعب نفس الدور الذي كان يلعبه في جمع السياسيين على أهداف واضحة ومحددة.
ومنذ اليوم الأول من مقتل سليماني تعهد قيادات الفصائل والجماعات المسلحة في العراق بضرورة أخذ الثأر والانتقام من الولايات المتحدة الامريكية، حيث دعا قيس الخزعلي زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" مسلحي فصيله إلى الاستعداد، متوعداً بإخراج القوات الامريكية من العراق، قائلاً: "إن النتيجة الطبيعية للحاج القائد قاسم سليماني والحاج القائد ابو مهدي المهندس هي الشهادة والنتيجة الحتمية لأمريكا واسرائيل هي الخسارة، وإزالة كل الوجود العسكري الأمريكي في العراق مقابل دماء الشهيد قاسم سليماني وزوال إسرائيل من الوجود".
كما أكدت كتائب حزب الله العراقية ان حادثة مقتل سليماني وابو مهدي المهندس بداية النهاية للوجود الأمريكي بالعراق، وأن الحادثة وضعت العراق والمنطقة والعالم أمام منعطف خطير قد تدفع تداعياتها الى الانزلاق نحو حرب لا تبقي ولا تذر، ولا شك أن عواقبها الوخيمة تتحملها أمريكا وإسرائيل ويدفعون الثمن باهضاً حسب تعبير كتائب حزب الله.
بينما وصف عضو المكتب السياسي لحركة النجباء العراقية فراس الياسر، الجنرال قاسم سليماني بأيقونة محور المقاومة، وأن كل المصالح الأمريكية تحت مرمى نيراننا، وإن قتل سليماني بمثابة إعلان حرب على جبهة المحور المقاوم بكل رقعته الجغرافية الممتد من لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى اليمن.
وبعد عامين على مقتل سليماني أعلن الأمين العام لكتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي عن فتح باب التطوع لصفوف الكتائب تحضيراً لما سماها" بالمواجهة الحاسمة"، حيث أعلن عن فتح باب الانتماء والتطوع لصفوفها ودعوة العراقيين لرفع مستوى الجهوزية تحضيراً للمواجهة الحاسمة والتاريخية مع الاحتلال الامريكي في 31/12/2021 بعد الساعة 12 ليلاً.
وتم الإعلان عن تطوع آلاف الشباب في صفوف حركة كتائب سيد الشهداء حينها لمواجهة القوات الامريكية مع بداية العام الجديد2022 ، إلا أن كتائب سيد الشهداء قرر تأجيل العمليات العسكرية ضد أمريكا بحجة أعياد رأس السنة، واستمر هذا التأجيل لأكثر من عام دون إعادة فتح هذا الملف أو ذكره إعلامياً في إشارة واضحة على إلغاء الفكرة من الأساس وعجز هذه الميليشيات عن الرد خوفاً من الانتقام الأمريكي.

وتعمل إيران دائماً على تذكير الميليشيات الموالية لها في العراق بأن سليماني قُتل داخل الأراضي العراقية وبالتالي تدفع هذه الجهات إلى إحداث المشاكل وتنفيذ هجمات ضد المصالح الامريكية، بينما تخلت طهران فعلياً على الانتقام من سليماني وأصبحت تعمل على ترميم الأضرار التي وقعت نفوذها داخل المنطقة، اضافة الي تركيز علي الاحداث الايرانيه الداخليه بخصوص المظاهرات التي امتدت لأكثر من 4 أشهر والتي تطالب بإلغاء الجمهورية الإسلاميه والتي تطالب بإنهاء سلطة وسطوة المرشد الأعل علي خامنئي ۔
بعكس الأطراف العراقية التي لديها استعداد للقيام بخطوات تساهم في زعزعة الاستقرار في العراق والإضرار بسمعة البلاد وتخريب العلاقات الخارجية استجابة للرغبات الإيرانية المستمرة .
وحول هذه النقطة نتحدث مع المحلل السياسي الاستاذ "باسم الخزرجي،" ونسأله اولا:
بعد مرور ثلاث سنوات على حادثة المطار ومقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، لماذا تبخرت وعود الانتقام والثأر من قبل قادة الفصائل المسلحة في العراق ؟

باسم الخزرجي :" يعني حقيقة قضية الإنتقام من الولايات المتحدة التي نسمعها من حين للأخر من قبل بعض القيادات رموز الفصائل المسلحة المحسوبة علي المعسكر الإيراني هي قضية لا تتعدي كونها دعاية إعلامية بمعني أنه الإنتقام من الولايات المتحدة يتطلب قوة ردع عسكرية وإمكانيات وأسلحة ومعدات هي غير موجودة أصلا طبعا لدي الفصائل المسلحة ما يجعل قضية الإنتقام هي الاستهلاك الإعلامي وهي أيضا محاولة اخفاء صورة قوية لهذه الفصائل لأنها أصلا متآكلة من الداخل ولا تمتلك القدرة على اتخاذ القرار ، قرار استهداف المصالح او مصالح الولايات المتحدة لأن القرار ببساطة يأتيها من طهران وهم يعلمون بأن الولايات المتحدة قادرة على استهداف رموز الفصائل في اي بقعة من الأرض كما ان هذه الفصائل لاتمتلك امكانيات عسكرية تقابل فيها الآلة العسكرية الأقوى في العالم ، نحن نتحدث عن حاملة الطائرات USSهناك أيضا غواصات أمريكية عملاقة متواجدة في مياه الخليج العربي نتحدث أيضا عن القاذفات B52 وغيرها من المعدات العملاقة والتي تجعل الحديث عن الانتقام مضحك وغير دقيق وثمنه باهظ جدا "

شاهو :" ولماذا يثير بعض القيادات في العراق قضية حادثة المطار ويطلقون التهديدات ضد أمريكا وغيرها من البلدان أكثر من إيران نفسها المشغولة بملفات داخلية وخارجية اقتصادية وسياسية وأمنية أخرى أكثر أهمية من هذا الملف ؟ "

باسم الخزرجي :" قضية اطلاق تهديدات من قبل القيادات المحسوبة على المعسكر الايراني بخصوص مقتل سليماني ومهندي المهندس وهو أولا لتنفيذ أوامر تأتي لهذه الفصائل مباشرة من طهران وثانيا لأنهم وقعوا ف حرج كبير عندما تعهدوا بالانتقام على مقتل سليماني والمهندس وانهم سيثأرون وان الرد سيكون كبيرا وهم يعلمون تماما ان اطلاق رصاصة واحدة على مصالح الولايات المتحدة في العراق او في المنطقة سيدفعون ثمنه غاليا جدا وقد يكون الثمن هو رأس قادة هذه الفصائل ونحن نعلم تماما ان هناك أسماء لقادة الفصائل مطلوبة للولايات المتحدة ومسجلة على قوائم الارهاب في البنتاجون وهناك الكثير من التهديدات الموثقة اعلاميا والتي يطلقها قادة الفصائل حول مقتل سليماني والمهندس لكن سرعان ما يخرجون علينا ببيانات ينفون بها تصريحاتهم بسبب الخوف من ردة الفعل الأمريكية أقول بأن فاقد الشئ لا يعطيه وهم حسبوها تماما ان الثمن الذي سيدفعونه سيكون باهظا وبالتالي تخلوا تماما عن فكرة الانتقام لمقتل سليماني والمهندس "

شاهو : " وهل تستغل إيران وكلائها داخل العراق لإثارة هذه القضية وازعاج الولايات المتحدة الامريكية لكسب نقاط قوة في صراعها مع امريكا والتأكيد على أن العراق مازال ساحة لإرسال الرسائل الإيرانية؟ "

باسم الخزرجي :" الصراع بين ايران والولايات المتحدة في المنطقة برأي الشخصي هو صراع غير متكافئ خصوصا خلال هذه الفترة لاعتبارات كثيرة منها أولا ان الوضع السياسي المتأزم الموجود داخل ايران يثقل كاهل النظام الايراني وثانيا النقمة الشعبية والمظاهرات العارمة التي تجتاح ايران منذ عدة أشهر والتي يتم التعتيم عليها من قبل الحكومة الايرانية وصلت الأمور الى حد ان شبكة الانترنت متوقفة في ايران تماما منذ عدة أشهر حتى لا يتم نقل الكم الوحشي الذي يتعرض له المتظاهرون وعلى عمليات الاعتقال العشوائية التي يقوم بها النظام لأن الشرطيين والمتظاهرين وصل الأمر أيضا حسب وسائل الاعلام مؤكدة الى تنفيذ حكم الاعدام لأعداد كثيرة من هؤلاء المتظاهرين ومنهم نساء كما ان انهيار الاقتصاد الايراني ووصول عملة ايران الى الهاوية هو نتيجة طبيعية للعقوبات القاسية التي تفرضها الولايات المتحدة على ايران وخلال هذه الأيام أيضا قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على 16 مصرفا عراقيا هي أغلبها تعمل لمصلحة ايران ولمصلحة الحرس الثوري الايراني ومتهمة تماما بتهريب الأموال العراقية الي طهران لمحاولة الالتفاف على العقوبات الأمريكية ولانقاذ ما يمكن انقاذه من تدهور الوضع المالي في ايران ، كل هذه العوامل تؤكد بان الصراع بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية صراع غير متكافئ وبالتالي عملية اشراك وكلائها المتمثلة في الفصائل المسلحة هي محاولة يائسة لأن الطرف الآخر هو أعظم قوى عسكرية في العالم وبالتالي الكفة لن تميل لمصلحة ايران وفصائلها "

شاهو : " ولم يقتصر الأمر على تبخر التهديدات و عدم تنفيذ الوعود والتهديدات بالثأر من الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الفصائل المسلحة، بل وصل الأمر إلى حد إلغاء المسيرة المليونية السنوية التي كان من المزمع القيام بها في الثالث من يناير من هذا العام بالتزامن مع ذكرى مقتل سليماني، وقد أثار هذا الأمر أنصار الفصائل والميليشيات المسلحة الذين عبروا عن اعتراضهم في وسائل التواصل الاجتماعي ووجهوا انتقادات لقيادات الاطار التنسيقي و شعروا بالخذلان بسبب قرارات قادتهم الذين تخلوا عن أبرز الشعارات التي رفعوها خلال السنوات الماضية وخاصة في ظل حكومة مصطفى الكاظمي.
ويبدو أن وصول الإطار التنسيقي إلى السلطة وتشكيل الحكومة من قبل محمد شياع السوداني المقرب منهم هو الدافع وراء مراجعة قيادات الإطار والمقاومة في العراق للكثير من الأفكار والقرارات والمواقف، حيث تشعر هذه القيادات أن الترويج للمسيرات والوقفات أمام السفارة الأمريكية قد يؤدي الى تصعيد قد يؤثر سلبياً على أداء الحكومة وبالتالي الإضرار بنفوذ الإطار التنسيقي الذي يعتبر نفسه مسؤولا عن أداء الحكومة الجديدة ، حيث يُدرك الجميع أن الحكومة الجديدة لازالت في بدايتها وتواجه الكثير من التحديات السياسية والامنية والاقتصادية وقد لا تتحمل عواقب المواجهة مع أمريكا او التصعيد مع جهات إقليمية ودولية.
وبالتالي لجأت قيادات الاطار الى اتخاذ وتبني خطوات تهدئة والسير باتجاه فتح علاقات متينة مع الدول الاقليمية وكافة دول العالم لإعطاء صورة مختلفة عن الحكومة الجديدة وتصويرها كحكومة محايدة مستقلة تركز على مصالح العراق والعراقيين بعيدا عن التأثيرات العراقية

ونتيجة لهذه التطورات هناك تضارب وخلافات داخل قيادات الإطار التنسيقي بخصوص التعامل مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي، حيث شعرت قيادات الاطار ان ازمة صعود أسعار الدولار وانخفاض الدينار العراقي بمستوى قياسي غير مسبوق كانت إشارة واضحة لضعف الحكومة العراقية وإمكانية إضعاف العملة العراقية وتحولها كنموذج للعملة السورية واللبنانية في حال اتخاذ قرارات تصعيدية مع أمريكا، وخاصة فيما يتعلق بملف سليماني وإطلاق التهديدات التي قد تؤدي في النهاية إلى ردة فعل أميركية قاسية تؤثر على الاقتصاد العراقي وتؤدي الى انهيار الحكومة الجديدة

وكان واضحا تخلي قيادات الاطار التنسيقي والفصائل المسلحة للكثير من شعاراتها مع تشكيل الحكومة الجديدة حيث توقفت العمليات التخريبية والقصف العشوائي الذي كان مستمرا على العاصمة العراقية بغداد وعلى المؤسسات الدبلوماسية في زمن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بينما مع الحكومة الجديدة بقيادة السوداني تبخرت كل هذه الجماعات والفصائل المسلحة وانتهت عمليات القصف العشوائي للمؤسسات الدبلوماسية والسفارة الأمريكية في بغداد اضافة الى تبخر الكثير من الميليشيات الفرعية التي تم تأسيسها خلال فترة الكاظمي لإحداث المشاكل الأمنية واستهداف المصالح الأمريكية داخل العراق وفيما يبدوا ان هذا الهدوء يجسد التغير الحاصل لدى توجهات وأفكار قيادات الاطار التنسيقي بضرورة التهدئة والتخلي عن الوعود والتهديدات بالثأر والانتقام وتفضيل مصالحها وخاصة في ما يتعلق في هذه الحكومة وتأجيل الرد على الولايات المتحدة الأمريكية او تجميد المشروع بالكامل

الى هنا ننتهي من حلقة هذا الاسبوع من بودكاست في عشرين دقيقة تحدثنا فيها عن أسباب وكيفية تبخر الوعود بالانتقام والثأر من دماء قاسم سليماني بعد مرور 3 سنوات على حادثة المطار ، شكرا لكم لحسن الاستماع والى اللقاء في الحلقات القادمة ۔


قائمة الحلقات