في تجلٍ جديد لانفصام السلطة.. احتجاجات متزامنة في محافظات عدة في إيران تنديداً بالأحوال المعيشية المتردية

فيما تقدّم إيران نفسها زعما على أنها قوى إقليمية مناصرة لقضايا الشعوب، يفتقر مواطنوها إلى أبسط مقوّمات العيش ويرزحون تحت وطأة الفقر والعوز، وهذا ما دفعهم إلى التحرك في الشوارع احتجاجاً على تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.

في التفاصيل، نظم المتقاعدون من شركة “التأمين الاجتماعي” وصناعات الفولاذ، وكذلك العمال في شركة النفط والغاز في مدينة كجساران، وعمال الطرق في محافظة إيلام، مظاهرات احتجاجية بشكل متزامن، كما تظاهر ذوو الاحتياجات الخاصة أمام مبنى منظمة التخطيط والميزانية في طهران؛ احتجاجًا على عدم النظر في مشاكلهم ومعاناتهم المعيشية من قِبل السلطات الحاكمة.

وضرب طوق أمني مشدد بالقرب من مبنى منظمة التخطيط والميزانية؛ بهدف قمع المحتجين من ذوي الاحتياجات الخاصة.

حضور في الإقليم وغياب داخل الحدود.. انفصام السلطات في إيران يشعل الاحتجاجات

وقد نقل موقع إيران انترنشنال عن مدير حملة ذوي الاحتياجات الخاصة، بهروز مروتي قوله إنه مهدد بالاعتقال، إذا انضم إلى هذا التجمع، وقال: “إن مسؤولية وعواقب أي شيء يحدث للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا التجمع تقع على عاتق النظام بشكل مباشر”.

وحاول المواطنون ذوو الإعاقة التأكيد على ضرورة تنفيذ مطالبهم وتحسين ظروفهم الاقتصادية من خلال نشر البيانات وتنظيم المسيرات.

في غضون ذلك تظاهر عمال شركة النفط والغاز في مدينة كجساران جنوب غربي إيران؛ تنديدًا بعدم تلبية مطالبهم من قِبل المسؤولين وتحسين ظروف العمل المعيشية بالإضافة إلى خلق بيئة آمنة في عملهم.

وفي سياق متصل نظم متقاعدو شركة التأمين الاجتماعي في مدينة الأهواز جنوب غربي إيران وقفات احتجاجية أمام المبنى الرئيس للشركة.


وبشكل متزامن مع متقاعدي الأهواز، تظاهر المتقاعدون في مدينة الشوش، وتجمعوا أمام مبنى الحكومة الرئيس في المدينة الواقعة شمال محافظة خوزستان.

وردد المتظاهرون هتافات ضد الحكومة والبرلمان بسبب الغلاء الكبير في الأسواق، ورددوا: “رسالتنا للحكومة.. اخجلي.. اخجلي”، و”البرلمان جلب الغلاء”، و”الحكومة عدو المتقاعدين”، و”التضخم الكبير.. يصول في الأسواق“.

وفي محافظتي مازندان وأصفهان أيضًا، نظم عمال صناعات الحديد مظاهرات تطالب السلطات بتحسين أوضاعهم المعيشية، متهمين الحكومة بنهب أموال الشعب وتجاهل معاناته.

وفي السنوات الماضية، تظاهر عمال مختلف الشركات في إيران عدة مرات؛ احتجاجًا على عدم الاستجابة لمطالبهم.

وذكرت وكالة “هرانا” الحقوقية، في تقرير لها، أنه في العام الماضي 2023، تم تنظيم ما لا يقل عن 320 تجمعًا و111 إضرابًا عماليًا، وكانت معظم هذه التجمعات تطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية.

إيران حاضرة في المنطقة وغائبة داخل حدودها

وتأتي المظاهرات الشعبية في الداخل الإيراني على وقع الغليان الذي تشهده المنطقة والذي تعتبر إيران محرّكاً ومسبباً له.

فعلى إثر التصعيد في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس، نفذت أذرع إيران المنتشرة في بلدان عدّة هجمات عدّة ضد إسرائيل، زاعمة أنها تهدف إلى مساندة جبهة غزة وبالتالي إنزال الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، في حين زعمت إيران أنها لا تتدخل في قرارات هذه الميليشيات قائلةً إن كل منها يتمتع باستقلالية لاتخاذ قراراته.

ودفع التهوّر الإيراني في دعم المجموعات المسلحة، بالمنطقة إلى مستوى قياسي من التوتر، حيث عرقلت ضربات الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران، حركة الملاحة عبر البحر الأحمر وأثّرت على التجارة العالمية بعدما غيّرت شركات الشحن البحري من مسار سفنها، لتجنّب المرور هذه المنطقة الملتهبة وبالتالي تعريض مصالحها للخطر، في ظل ارتفاع تكاليف التأمين على سفن الشحن.

أما لبنان، فلم تكن أراضيه بطبيعة الحال بعيدة عن التوترات، خصوصاً مع وجود حزب الله وتمركز عناصره المسلحة في المنطقة الجنوبية المحاذية للحدود الشمالية الإسرائيلية، فقد اتخذ حزب الله من هذه الأراضي منطلقاً لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية وهذا ما استدعى رداً إسرائيلياً، مما وضع المدنيين اللبنانيين في دائرة الخطر.

كل ذلك يتطلب أن تدرّ إيران أموالاً طائلة لتتمكن أذرعها من تنفيذ الأجندة الخاصة بها، فيما تسدّ أذنيها وتغضّ أنظارها عمن يستحق فعلاً هذه الأموال.