الناتو يبدأ أكبر تدريب عسكري منذ الحرب الباردة

أعلن حلف شمال الأطلسي الخميس، أنه سيبدأ الأسبوع المقبل أكبر تدريب عسكري له منذ الحرب الباردة بمشاركة 90 ألف عسكري وعلى مدى أشهر، على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وصرح القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحلف في بروكسل، بأن التدريب Steadfast Defender (المدافع الصامد) سيستمر حتى أواخر أيار/مايو ويشمل وحدات من كل الدول الاعضاء الـ31 والدولة المرشحة السويد.

وأضاف “سيكون هذا دليلاً واضحاً على وحدتنا وقوتنا وتصميمنا على حماية بعضنا البعض”.

وستحاكي المناورات سيناريو حرب ضد “خصم ذي حجم مماثل” حسبما قال حلف شمال الأطلسي، في إشارة إلى روسيا بدون تسميتها.

ويتزامن إعلان التدريبات مع اقتراب الذكرى الثانية لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

أكبر تدريب عسكري لـ"الناتو" منذ الحرب الباردة.. ما الذي يحدث؟

وأوضح الجنرال كافولي أنّ المناورة ستشمل خصوصاً قوات “من أمريكا الشمالية” أتت بمثابة تعزيزات إلى القارة الأوروبية.

وتشارك في التدريبات نحو 50 سفينة حربية و80 طائرة و1100 مركبة قتالية من أنواع مختلفة.

وتعد هذه المناورات الحربية، الأهم منذ مناورة “ريفورجر” في العام 1988، في خضم الحرب الباردة آنذاك بين الاتحاد السوفياتي وحلف شمال الأطلسي.

عدد “غير مسبوق” من الجنود

وقال الأميرال الهولندي روب بوير، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي التي تضم قادة جيوش الدول الـ 31 الأعضاء في الحلف خلال المؤتمر الصحافي عينه “إنه رقم قياسي من حيث عدد الجنود”.

وتعتزم بريطانيا وحدها إرسال 20 ألف جندي إلى هذه التدريبات كما أعلن وزير الدفاع غرانت شابس الاثنين.

ويهدف نشر القوات الذي وصفه شابس بأنه الأكبر للمملكة المتحدة ضمن الناتو منذ أربعة عقود إلى “تقديم تطمينات مهمة” في مواجهة “التهديد” الذي يمثله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غزوه أوكرانيا، بحسب الوزير.

وسيتم نشر عناصر بريطانيين من القوة الجوية الملكية والبحرية الملكية والجيش في أوروبا وخارجها من أجل “مناورات المدافع الصامد” العسكرية، حسبما أعلنت لندن.

أكبر تدريب عسكري لـ"الناتو" منذ الحرب الباردة.. ما الذي يحدث؟

واعتبر شابس أنّ “الناتو اليوم أكبر من أي وقت مضى لكن التحديات أكبر أيضا”، مشيراً إلى أنه يتعيّن حاليا على الحلفاء الغربيين مواجهة خصوم بينهم الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا.

ولفت إلى أن أعداء الناتو باتوا “أكثر ارتباطاً بعضهم ببعض” من أي وقت مضى فيما الحلفاء الغربيون “عند منعطف”.

“عدم الافراط في التشاؤم”

وقال روب بوير إن القوات البرية الروسية تكبّدت خسائر كبيرة في الميدان في أوكرانيا، ولكنه شدّد على أنّ القوات البحرية والجوية الروسية ما زالت “كبيرة”.

وأضاف أنّ “قتالاً عنيفاً” ما زال يدور في هذه الجبهة، ولكن “على الرغم من أن الهجمات الروسية مدمرة، إلا أنها ليست مهمة من الناحية العسكرية”.

واعتبر المسؤول الكبير في الناتو أن العالم ربما كان متفائلاً بشكل مبالغ فيه خلال العام الماضي، ولذلك “من المهم ألا نكون متشائمين جداً في العام 2024”.

ولم يشهد خط الجبهة بين الجيشين الروسي والأوكراني تغيّرات كبيرة في الأشهر الأخيرة، في حين تطالب كييف بإلحاح بمزيد من الأسلحة والذخيرة آملةً بتحقيق اختراق عسكري مهم. وتطالب أوكرانيا خصوصاً بمزيد من الدفاعات الجوية، في حين تتعرض بنيتها التحتية ومدنها للقصف يومياً.

وما زالت مساعدات عسكرية أمريكية لأوكرانيا بقيمة أكثر من 60 مليار دولار معرقلة في الكونغرس بسبب إحجام المشرعين الجمهوريين عن إقرارها، في حين تتمسك المجر بقيادة فيكتور أوربان بتعطيل حزمة مساعدات أوروبية بقيمة 50 مليار يورو على مدى أربع سنوات.

ويأمل الزعماء الأوروبيون التوصل إلى إجماع بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في هذا الصدد خلال قمة أوروبية من المقرر انعقادها في الأول من شباط/فبراير في بروكسل.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 22 شباط/فبراير 2022، عزّز حلف شمال الأطلسي دفاعاته بشكل كبير على الجبهة الشرقية مرسلاً إليها آلاف العناصر.

أكبر تدريب عسكري لـ"الناتو" منذ الحرب الباردة.. ما الذي يحدث؟

فرنسا

إلى ذلك تولت فرنسا الخميس، خلال احتفال في مدينة ليل قيادة قوة برية متعدّدة الجنسيات تابعة لحلف شمال الأطلسي مدى عام، يمكن أن يبلغ عدد عناصرها حوالى 120 ألف جندي، ويمكن أن يتم نشرهم إذا كان أحد أعضاء الحلف في حالة طوارئ.

وتسلم الجنرال إيمانويل غولان، قائد فيلق الرد السريع الفرنسي (CRR-Fr)، المتمركز في ليل (شمال)، من الجنرال أرسلان من فيلق الرد السريع التركي الراية التي ترمز إلى نقل هذه المهمة إلى طرف آخر.

وأكد الجنرال غولان قائد فيلق الرد السريع الفرنسي (CRR-Fr)، ومقره في ليل (شمال) خلال الحفل أن “الحرب في أوكرانيا (…) تذكرنا بأن علينا أن نكون مستعدين لوضع كل قوتنا في جهودنا الجماعية للردع بهدف ثني عدونا وخصمنا عن تعكير صفو السلام”، محذرا من أن “كل شيء ممكن، حتى ما لا يمكن تصوره”.

ويضم فيلق الرد السريع الفرنسي حوالى 450 جنديًا من 14 جنسية. وهو هيئة الأركان الوحيدة المتعددة الجنسيات للقوات البرية، العاملة والقابلة للانتشار، والتي تنفّذ مهاماً لصالح فرنسا، وحلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي.

وأكد غولان لصحافيين أن “دور فيلق الرد السريع هو التدخل باعتباره احتياطيًا استراتيجيًا لحلف شمال الأطلسي”. وشدد على أن “أوكرانيا تمثل تغييراً كبيراً: عادت الحرب إلى أوروبا بينما كنا من قبل أكثر انخراطاً في عمليات ارساء الاستقرار، أو في قارات أخرى، ونواجه أعداء لم يكونوا غالباً دولاً، وكانت أسلحتهم أقل تطوراً”.

وتكرّس المعاهدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي، ويُفترض بموجبه أن يؤدي أي هجوم على إحدى الدول الأعضاء إلى رد جماعي من الحلف.