عشرات القتلى والجرحى بانفجار قرب مقبرة قاسم سليماني في إيران بالتزامن مع ذكرى مقتله

قتل 95 شخصاً في جنوب إيران الأربعاء في تفجيرين شبه متزامنين استهدفا حشوداً كأنت تحيي الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال اللواء قاسم سليماني بضربة أمريكية.

والتفجيران اللذان وصفتهما طهران بـ”الإرهابيين” وقعا في محافظة كرمان قرب مقبرة قاسم سليماني، وفي ظل ظروف إقليمية شديدة التوتر على خلفية الحرب بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة حماس، الحليف الوثيق لطهران.


خريطة توضيحية لمدينة كرمان التي شهدت التفجيرين
وقالت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” أنّ “عدد الشهداء ارتفع إلى 103 بعد وفاة أشخاص أصيبوا بجروح في الانفجارين الإرهابيين” من بينهم ثلاثة من عمال الإنقاذ الذين هرعوا إلى المنطقة بعد الانفجار الأول، بحسب الهلال الأحمر الإيراني.

وأفاد التلفزيون الرسمي عن إصابة 211 شخصا آخر بجروح، بعضهم في حال حرجة.

لكنّ وزير الصحّة بهرام عين الله ما لبث أن عدّل هذه الحصيلة، قائلاً إنّ “العدد الدقيق للقتلى في الحادث الإرهابي هو 95 قتيلاً”.

103 قتيل أم 95 في تفجيري إيران؟.. إليك العدد الصحيح للقتلى والسبب في تتضارب الأرقام

وعزا الوزير سبب الحصيلة السابقة البالغة 103 قتلى إلى أنّ بعض الأسماء “تمّ تسجيلها مرتين من طريق الخطأ”.

وتوعّد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بـ”ردّ قاس” على هذا الهجوم.

وقال خامنئي في بيأن إنّ “الأعداء الأشرار والمجرمين للأمة الإيرأنية تسببوا مجددا بكارثة وأسقطوا عددا كبيرا من السكأن الأعزاء في كرمأن شهداء”، مؤكدا أن “هذه الكارثة ستلقى ردا قاسيا بإذن الله”.

وأعلنت إيرأن الخميس يوم حداد وطني. وقال التلفزيون “إثر الهجوم الإرهابي في كرمأن (جنوب)، أعلنت الحكومة غداً (الخميس) يوم حداد وطني في سائر أنحاء البلاد”.

103 قتيل أم 95 في تفجيري إيران؟.. إليك العدد الصحيح للقتلى والسبب في تتضارب الأرقام

إلى ذلك، نقل التلفزيون الرسمي عن رحمن جلالي، نائب حاكم محافظة كرمأن التي يتحدر منها سليماني، قوله إن الأنفجارين هما “هجوم إرهابي”.

وندد الرئيس الايرأني إبراهيم رئيسي الأربعاء بالتفجيرين، معتبرا أن ما حصل عمل “جبأن” و”مشين”.

وأعلن نائب الشؤون السياسية في مكتب الرئيس الإيرأني أن رئيسي ألغى زيارة لتركيا كأنت مقررة الخميس، وفقا لوكالة “تسنيم”.

وحمّل مستشار كبير لرئيسي كلا من إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية الأنفجارين.

وكتب محمد جمشيدي على منصّة إكس (تويتر سابقاً) “تقول واشنطن إنّ الولايات المتحدة وإسرائيل ليس لهما أيّ دور في الهجوم الإرهابي في كرمأن بإيرأن (…) لا يخطئنّ أحد. مسؤولية هذه الجريمة تقع على النظامين الأمريكي والصهيوني، والإرهاب مجرّد أداة”.

لكنّ الولايات المتّحدة نفت أيّ ضلوع لها أو لحليفتها إسرائيل بالتفجيرين.

وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحافيين إن “الولايات المتحدة ليست ضالعة في أي حال من الأحوال (في التفجيرين)، وأي قول يعاكس ذلك هو أمر سخيف”، مضيفا “لا سبب لدينا للاعتقاد أن اسرائيل ضالعة في هذا الانفجار”.

103 قتيل أم 95 في تفجيري إيران؟.. إليك العدد الصحيح للقتلى والسبب في تتضارب الأرقام

وردا على سؤال بشأن الانفجارين، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري “نحن نركز على القتال مع حماس”.

ولاحقاً، أعلن مسؤول أمريكي أنّ التفجيرين يبدو أن هجومين إرهابيين من أمثال تلك التي يشنّها في العادة تنظيم داعش.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأمريكية للصحافيين طالباً عدم نشر اسمه إنّ “الأمر يبدو وكأنّه هجوم إرهابي من أمثال تلك التي شنّها في الماضي تنظيم داعش، وهذا هو افتراضنا في الوقت الحالي”.

وندّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتفجيرين “الصادمين بوحشيتهما”، فيما دان الأردن “الهجوم الإرهابي”.

وأعربت السعودية عن “رفضها وإدانتها للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

وندد الاتحاد الأوروبي بما اعتبره “عملا إرهابيا”، مبديا تضامنه مع الشعب الإيراني.

كذلك، صدرت إدانة “شديدة” من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

ودانت حركة حماس “الهجوم الإجرامي” و”كافة الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين وتسعى لزعزعة الاستقرار والأمن في إيران، خدمةً لإسرائيل التي تستهدف أمن ومصالح شعوب المنطقة”.

ومع حلول الليل، عاد عدد كبير من الأشخاص إلى مقبرة كرمان، وفي طهران، تجمع آلاف الأشخاص لإحياء ذكرى مقتل سليماني.

وقالت زينب ابنة سليماني “نحن ندين الهجوم الإرهابي الرهيب الذي وقع اليوم (…) وآمل أن تحدَّد هوية مرتكبي هذه الجريمة وأن يعاقَبوا”.

ولم تقدم السلطات الإيرانية بعد تفاصيل بشأن التفجيرين. إلا أن وكالة تسنيم نقلت عن مصادر مطلعة لم تسمّها، قولها إن “حقيبتين تحملان متفجرات انفجرتا” على الطريق المؤدي إلى مسجد صاحب الزمان حيث المقبرة.

وأضافت الوكالة أنّ “منفذي… هذا الحادث قاموا على ما يبدو بالتفجير باستخدام جهاز تحكّم عن بعد”.

وأظهرت لقطات وجود الآلاف على الطريق، قبل أن يُسمع من بعيد دوي أنفجار أثار هلعا بين الحاضرين الذين بدأ كثر منهم بالركض للابتعاد عن المكأن. كما أمكن رؤية دخأن يتصاعد في الخلفية، بينما عمل عناصر من قوات الأمن على فرض طوق. وأظهرت المشاهد على التلفزيون الرسمي العديد من سيارات الاسعاف والمسعفين في المكان.

ونقلت وكالة “إيسنا” عن محافظ كرمان سعيد تبريزي قوله إن الانفجارين وقعا بفارق عشر دقائق فقط.

كذلك، نقلت الوكالة عن شاهد قوله “كنا نسير نحو المقبرة عندما توقفت سيارة خلفنا فجأة وانفجرت سلة مهملات تحوي قنبلة”.

الذكرى الرابعة

وكأنت الجموع تحيي الذكرى الرابعة لمقتل سليماني بضربة جوية أمريكية فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 بعيد خروجه من مطار بغداد. وقضى معه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.

وكأن سليماني في حينه قائدا لفيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وأحد أبرز القادة العسكريين لطهران، وصاحب دور محوري في رسم استراتيجيتها في الشرق الأوسط على مدى أعوام طويلة.

ويعزى إلى سليماني الدور الأكبر في إرساء “محور المقاومة”، وهي التسمية التي تطلق على الأطراف الحليفة لطهران في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، والحوثيين في اليمن، إضافة إلى بعض الفصائل العراقية.

وحظي سليماني بمكانة رفيعة لدى العديد من الإيرانيين وشارك الملايين منهم في تشييعه مطلع العام 2020 خلال مراسم تنقلت بين محافظات عدة وصولا إلى مواراته الثرى في مسقطه كرمان.

وأشاد به المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بعد أيام من مقتله بالقول “قتلوا شخصًا كان القائد الأكثر قوّة في الحرب على الإرهاب (…) بعملية غادرة وجبانة وقد اعترفوا بها،  فأي خزي وعار أكبر من ذلك لهم”.

وأثار قتل سليماني بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي في حينه دونالد ترامب، توترا حادا بين واشنطن وطهران التي ردّت على اغتياله بقصف صاروخي طال قاعدة عسكرية في غرب العراق يتواجد فيها جنود أمريكيون.

ويأتي انفجارا الأربعاء في خضم توتر إقليمي متصاعد على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

كما وقعا بعد أيام من اتهام طهران للدولة العبرية بقتل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي جراء ضربة قرب دمشق حيث كأن يؤدي مهاما “استشارية” ضمن “محور المقاومة” في سوريا. كما جاء التفجيران غداة مقتل القيادي في حركة حماس صالح العاروري في ضربة منسوبة إلى إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسبق لإيران أن شهدت حوادث وتفجيرات أدت إلى مقتل العشرات، تبنت غالبيتها تنظيمات انفصالية أو جماعات تصنّفها إيران “إرهابية”.

ففي شباط/فبراير 2019، قتل 27 عنصرا من الحرس الثوري في تفجير انتحاري استهدف حافلتهم في محافظة سيستان بلوشستان بجنوب شرق البلاد عند الحدود مع أفغانستان وباكستان.

وفي أيلول/سبتمبر 2018، قتل 24 شخصا على الأقل في هجوم استهدف عرضا عسكريا في مدينة الأهواز بجنوب غرب إيران، اتهمت السلطات مجموعة مرتبطة بـ”انفصاليين” بالوقوف خلفه.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2010، تبنت مجموعة “جند الله” المتطرفة هجوما انتحاريا استهدف مصلين يحيون ذكرى عاشوراء في جابهار (جنوب شرق)، ما أدى إلى مصرع 34 شخصا وإصابة عشرات.

وفي تموز/يوليو من العام نفسه، قتل 28 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 250 بجروح في اعتداء على مسجد للشيعة في زاهدان مركز محافظة سيستان بلوشستان، أتى بعد أسابيع من إعدام زعيم “جند الله” عبد الملك ريغي شنقا.

وتبنت المجموعة في تشرين الأول/أكتوبر 2009 هجوما انتحاريا أودى بـ42 شخصا في مدينة بيشين قرب الحدود الباكستانية، استهدف اجتماعا ضمّ ضباطا في الحرس الثوري وزعماء محليين لـ”تعزيز الوحدة بين الشيعة والسنة”.