أفغانستان في عهد طالبان

في الخامس عشر من أغسطس / آب  عام 2020 كان العالم على موعد مع مفاجأة مدوية تمثلت في استيلاء جماعة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول واسقاطها حكومة الرئيس السابق أشرف غني من دون مقاومة تُذكر من قبل الجيش الأفغاني الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة.

وعلى  إثر ذلك، كتبت طالبان المتشددة فصلا جديدا في حكم أفغانستان وعادت إلى السلطة مرة ثانية، حيث حكمت البلاد في السابق قبل سقوطها عام 2001 عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان.

 

التراجع إلى الوراء

ورغم الانتقادات التي طالت الحكومات الأفغانية التي تولت زمام الأمور منذ عام 2001، إلا أن أفغانستان حققت تقدما في مجالات عدة خلال العقدين الماضيين خاصة على الصعيد تعليم الفتيات وحقوق الإنسان والإعلام فيما تحسنت حياة أبناء الطبقة الوسطى نسبيا.

ومنذ سيطرة طالبان، تراجعت هذه الانجازات بشكل كبير في البلاد في ضوء إخفاق طالبان عن الوفاء بتعهداتها بموجب اتفاق الدوحة حيث ترددت عن تشكيل حكومة تضم كافة أطياف البلاد ومنعت الفتيات من مواصلة تعليمهن بعد الصف السادس فضلا عن فرض قيود صارمة على عمل وحياة النساء ما أدى إلى إبعادهن فعليا عن الحياة العامة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تهاوى الوضع في البلاد وبات اقتصاد البلاد “في حالة سقوط حر” وفق وصف الأمم المتحدة التي حذرت من كارثة إنسانية في أفغانستان.

ومنذ استيلائها على السلطة، تضغط جماعة طالبان على المجتمع الدولي للاعتراف بها  “سلطة شرعية” في أفغانستان فيما يعد هذا الأمر حاسما لطالبان لكي تتجنب انهيار اقتصاد البلاد في ظل انتشار الفقر والجوع وبلوغ انعدام الأمن الغذائي في المجتمعات الحضرية مستويات مماثلة للمناطق الريفية والنائية لأول مرة في البلاد.

وفي يناير / كانون الثاني الماضي، أطلقت الأمم المتحدة “أكبر مناشدة على الإطلاق” لتقديم مساعدات إنسانية لدولة واحدة حيث شددت على أنها في حاجة إلى تمويل يبلغ 4.4 مليار دولار (3.9 مليار يورو) للحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان التي باتت “الأسرع نموا في العالم”.

بيد أن المجتمع الدولي مازال مترددا في إرسال مساعدات مالية بشكل مباشر إلى طالبان خوفا من استخدامها لشراء أسلحة وهي المخاوف التي دفعت واشنطن إلى رفض رفع التجميد على أصول مصرفية أفغانية.

 

 

ماذا تغير في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة؟

أفغانستان غارقة في الفقر والمرض بعد عام على استحواذ طالبان على الحكم

تمثّل القاعات المزدحمة في المستشفى المتداعي في منطقة موسى قلعة في جنوب أفغانستان، أحد رموز الأزمة الإنسانية المأسوية التي تعصف بالبلاد، بعد عام على عودة جماعة طالبان إلى السلطة.

الشهر الماضي، اضطر هذا المستشفى الواقع في إقليم هلمند إلى إقفال أبوابه، إلا للأشخاص الذين يشتبه بإصابتهم بالكوليرا.

سرعان ما أكتظ المستوصف بالمرضى الواهنين، فرغم أنّه لا يملك المعدّات اللازمة لتشخيص الإصابة بالكوليرا، إلّا أنّه استقبل نحو 550 مريضاً في غضون أيام.

يبدو رئيس المستشفى إحسان الله رودي مرهقاً، لا سيما أنه لا ينام سوى خمس ساعات في اليوم منذ بدء توافد المرضى. يقول لوكالة فرانس برس “هذا صعب جداً”، مضيفاً “لم نشهد ذلك في العام الماضي، ولا في أي وقت سابق”.

“لا خبز”

وصل الفقر الذي يبدو أكثر حدة في جنوب البلاد، إلى مستويات بائسة تفاقمت بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

تقول امرأة تجلس على سرير في مستشفى في لشكركاه عاصمة إقليم هلمند، بجوار حفيدها الذي يبلغ من العمر ستة أعوام ويعاني من سوء التغذية، “منذ وصلت طالبان إلى السلطة، لا يمكننا الحصول على الزيت حتّى”.

وقف المساعدة الإنسانية

بدأت المحنة الاقتصادية في أفغانستان قبل وقت طويل من استحواذ طالبان على السلطة، ولكن وصولها إلى الحكم دفع البلد الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة إلى حافة الهاوية.

جمّدت الولايات المتحدة سبع مليارات دولار من أصول البنك المركزي، كما انهار القطاع المصرفي وتوقفت المساعدات الخارجية التي تمثّل 45 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد.

طالبان

 

خبير أممي: معاملة طالبان للنساء يمكن أن ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية

وعلى صعيد وضع المرأة في أفغانستان قال مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان أن القيود التي تفرضها طالبان على حريات النساء والفتيات قد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية.

وأعلن ريتشارد بينيت وخبراء آخرون من الأمم المتحدة أن استهداف طالبان النساء والفتيات يعمّق “الانتهاكات الفاضحة لحقوقهن الإنسانية وحرياتهن والتي هي الأسوأ على مستوى العالم ويمكن أن ترقى إلى الاضطهاد الجندري – جريمة ضد الإنسانية”.

طالبان تحظر التعليم الجامعي للفتيات في أفغانستان

في أحدث خطوة من سلسلة قرارات تستهدفت النساء في أفغانستان قررت جماعة طالبان، حظر التعليم الجامعي للنساء في البلاد إلى أجل غير مسمى، بحسب رسالة وجهتها وزارة التعليم العالي إلى جميع الجامعات الحكومية والخاصة.

ويأتي الحظر المفروض على التعليم العالي للنساء بعد أقل من ثلاثة أشهر من إجراء الآلاف منهنّ امتحانات القبول بالجامعة في أنحاء البلاد.
ودانت الولايات الولايات المتحدة قرار طالبان الذي لا يمكن الدفاع عنه بحظر النساء من الجامعات”، وفق ما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحفي .

تدهور وضع الأفغانيات

غالبية النساء اللواتي كن يعملن في وظائف حكومية فقدن عملهن، أو يتلقين مبالغ زهيدة ليبقين في المنزل، منذ استيلاء طالبان على السلطة مجددا في آب/أغسطس 2021.

ومُنعت النساء الأفغانيات أيضا من السفر من دون محرم، وأجبرن على ارتداء البرقع أو الحجاب خارج المنزل.

وهذا الشهر منعت طالبان النساء من دخول الحدائق والملاهي والنوادي الرياضية والحمامات العامة.

كما أُغلقت المدارس الثانوية في معظم أنحاء البلاد.

وكانت قد قالت الأمم المتحدة إن أفغانستان باتت الدولة الوحيدة في العالم التي تُحرم فيها الفتيات من التعليم الثانوي.

يشار إلى أن خلال العقدين الماضيين، حققت  المرأة الأفغانية  الكثير من التقدم إذ تقلدت مناصب وزارية والتحقت بسوق العمل، لكن عقب سيطرة طالبان أُرغمت النساء على البقاء في المنازل.

ورغم قيود طالبان وقبضتها الأمنية القوية، إلا أن أفغانيات خرجن إلى الشوارع للاحتجاج على قرارات طالبان القمعية فيما ردت الجماعة على الاحتجاجات بالقمع واعتقال عدد من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة.

 

“صدمة” إزاء أحكام بالجلد

وقال الخبراء إن مدافعين عن الحقوق الإنسانية للنساء تظاهروا سلميا احتجاجا على القيود، يتعرضون منذ أشهر بشكل متزايد للاستهداف والضرب والاعتقال.

واعتبروا أن إجراءات طالبان التمييزية “يتعين أن يتم التحقيق فيها بوصفها اضطهادا جندريا ينبغي أن يُلاحق بموجب القانون الدولي”.

ولا يتحدث الخبراء نيابة عن الأمم المتحدة لكن طُلب منهم إجراء التحقيق وعرض تقريرهم أمام الهيئة الدولية.

وحضوا طالبان على احترام الحقوق الأساسية للنساء، داعين المجتمع الدولي إلى المطالبة بإعادة حقوق النساء وحرياتهن.

وعبّرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بشكل منفصل عن “الصدمة” إزاء جلد 11 رجلا وثلاث نساء في أفغانستان مطالبة بـ”وفق هذا الشكل البغيض من العقاب على الفور”.

وتم جلد هؤلاء بعد أن دينوا بالسرقة وارتكاب “جرائم أخلاقية”، على ما قال مسؤول في محافظة لوغار.

 

ماذا تغير في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة؟

في أفغانستان.. تنظيم داعش يستمر بفضل فروعه بعدما فقد ملاذه الآمن في سوريا والعراق

يرى محللون أن مقتل أبي الحسن الهاشمي القرشي، ثاني زعيم لتنظيم داعش يقتل في أقل من سنة، يُظهر أن سوريا والعراق لم يعودا ملاذا آمنا له، فيما يستمدّ استمراريته خصوصا من فروعه الإفريقية والآسيوية.

ويُطرح ألف سؤال وسؤال حول مقتل القرشي الذي أعلنه التنظيم المتشدّد وأكدته واشنطن الأربعاء متحدثة عن عملية نفذتها فصائل معارضة في جنوب سوريا في متنصف تشرين الأول/أكتوبر.

ومنذ آذار/مارس الماضي، تاريخ تسميته زعيما للتنظيم، لزم أبو الحسين الهاشمي الصمت وبقي متواريا مدة التسعة أشهر هذه.

– قدرة على الإيذاء –

لكن للمفارقة، يواصل التنظيم نشاطه ويحتفظ بقدرة على زرع الموت.

فتنظيم داعش – ولاية خراسان يضغط بشكل كبير على نظام طالبان في أفغانستان. كذلك، يعرف التنظيم نموا لافتا في إفريقيا من الساحل إلى بحيرة تشاد مرورا بموزمبيق والصومال. في العراق، لا يزال التنظيم قادرا على الإيذاء من خلال خلاياه المختبئة في أمكنة نائية.

ويرى متابعو الحركات الجهادية في العالم منذ سنوات أن تنظيم داعش على غرار تنظيم القاعدة، يعتمد اللامركزية من خلال الاستناد إلى فروع محلية لاكتساب نفوذ في مناطق تشهد أزمات.

ويؤكد الأستاذ في جامعة العلوم السياسية في باريس جان-بيار فيليو المتخصص بالتطرّف أن “هشاشة القيادة العليا للتنظيم تزيد من استقلالية فروعه، لا سيما تلك النشطة جدا في أفغانستان والساحل”.

 

طالبان

الإعلام الحر في خطر في أفغانستان

ترى طالبان أن وسائل الإعلام المستقلة  بمثابة العدو لها حتى قبل وصولها إلى السلطة. وكانت أفغانستان قد حققت تقدما في مجال الإعلام خلال العقدين الماضيين، لكن مع عودة طالبان الحكم، أضطر آلاف الصحفيين إلى الفرار من البلاد أو البقاء في منازلهم بلا عمل.

وقد أفادت منظمة “مراسلون بلا حدود” بأنه جرى إغلاق 43٪ من وسائل الإعلام الأفغانية في الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفة أن قرابة أحد عشر ألف شخص “كانوا يعلمون في غرف الأخبار الأفغانية بينهم أكثر من ألفين امرأة مع بداية أغسطس / آب عام 2021، لكن في ديسمبر / كانون الأول وصل هذا العدد إلى 4360 بينهم 410 امرأة”.

 

ماذا تغير في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة؟

 

 أفغانستان.. المخاطر قادمة؟

ورغم تزايد المخاطر في أفغانستان، إلا أن أزمات البلاد باتت لا تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي مع اندلاع الحرب في أوكرانيا  وعلى إثر ذلك، يرى خبراء ثمة مقاربة بين الوضع الحالي وبين وضع أفغانستان في أواخر تسعينيات القرن الماضي حيث لم يدرك المجتمع الدولي في حينه التداعيات الخطيرة لاستيلاء طالبان على السلطة عام 1996.

وفي ظل تضاؤل الاهتمام العالمي بشأن الوضع في أفغانستان، وفرت الجماعة موطئ قدم لتنظيمات مسلحة ومتطرفة محلية وأجنبية فيما يدل مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول مؤخرا على هذا الخطر.