النظام الإيراني أكبر المستفيدين من تنبي داعش لهجمات شيراز

  • ردد معارضو النظام الإيراني أنه ”ليس مستبعداً“ أن يكون الحرس الثوري الإيراني وراء الهجوم
  • في الفيديو، ظهر رجل ملثم يردد نص البيعة تلقيناً من آخر لم يظهر في التسجيل

الحقيقة الدامغة هي أن هجوم شيراز خدم النظام الإيراني الذي يبذل الغالي والرخيص في سبيل إحباط انتفاضة إيران العارمة إذ تدخل شهرها الثاني، وعليه، سواء أدرك داعش، الذي تبنى الهجوم، خطورة التوقيت أم لم يدركه، فإن ذلك لن يغير حقيقة أن المستفيد الأول والأخير من الهجوم هو النظام الإيراني.

داعش في خدمة ملالي إيران

”أبو عائشة العُمري“

مساء السبت ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٢، بثت مؤسسة أعماق، الذراع الإعلامية الرسمية لداعش، تسجيلاً مرئياً يظهر فيه شخص يحمل اسماً له دلالة في الأدبيات المناهضة للشيعة وهو أبو عائشة العُمري معلناً الولاء لزعيم التنظيم المزعوم أبي الحسن الهاشمي القرشي.

بهذا يؤكد التنظيم مسؤوليته عن الهجوم في مرقد شاه جراغ في شيراز يوم الأربعاء ٢٦ أكتوبر الذي قُتل فيه ما لا يقل عن ١٥ شخصاً بينهم أطفال.

 

في الفيديو، ظهر رجل ملثم يردد نص البيعة تلقيناً من آخر لم يظهر في التسجيل. من لهجة الاثنين الثقيلة، يتضح أنهما ليسا عربيي اللسان.

داعش في خدمة ملالي إيران

كان لافتاً أن يظهر الرجل ملثماً وهو يعلن البيعة؛ لكن بعد قليل، نشرت أعماق صورة للرجل بغير لثام وهو يحمل السلاح. وبدا التطابق بين الصورة المنشورة والرجل الذي ظهر في تسجيل كاميرا المراقبة وهو يطلق الرصاص على المصلين في المرقد.

ولفت باحثون على تويتر إلى أن الصورة تشبه صورة رجل قالت وسائل إعلام إيرانية معارضة إنها لإرهابي الضريح وقد أُخذ ”للعلاج.“

في خدمة من؟

بعد هجوم شيراز، أنحى كبار مسؤولي النظام الإيراني باللائمة على المحتجين. الرئيس إبراهيم رئيسي قال: ”يريد العدو من الاحتجاجات أن تمهد للهجمات الإرهابية.“ المرشد الإيراني علي خامنئي اعتبر الهجوم نتيجة ”مؤامرة من الأعداء؛“ داعياً الجميع ”أجهزة أمنية وقضائية وناشطين“ إلى الاتحاد ”في وجه موجة تتجاهل حياة الناس وأمنهم وما يقدسون ولا تكن لها احتراماً.“

في المقابل، ردد معارضو النظام الإيراني أنه ”ليس مستبعداً“ أن يكون الحرس الثوري الإيراني وراء الهجوم ”لتغيير مسار الأحداث بعد تصاعد ثورة الشعوب الإيرانية ولخلق خطر مشترك يلهي شعوب إيران.“

داعش في خدمة ملالي إيران

الكثير من التعليقات ترى أن الحرس الثوري وراء استهداف الضريح.

في خدمة الملالي

بغض النظر عن نظرية المؤامرة على طرفي النقيض، الثابت هو أن توقيت الهجوم يأتي في مصلحة النظام الإيراني.

من ناحية، يحاول النظام الإيراني جاهداً خلع الشرعية عن الاحتجاجات الشعبية الدائرة منذ أكثر من أربعين يوماً بتجييرها إلى جهات خارجية. في ١٣ سبتمبر انطلقت الاحتجاجات في طهران ومدن إيرانية أخرى بعد قتل الشابة مهسا أميني وهي في قبضة الشرطة الإيرانية. المحتجون يطالبون بالعدالة الاجتماعية ورفع القبضة الأمنية القاهرة. هجوم شيراز يأتي بالضبط في اليوم الأربعين لقتل مهسا؛ وهو اليوم الذي شهد احتجاجات واسعة في الذكرى.

من ناحية أخرى، آخر هجوم لداعش في إيران كان في سبتمبر ٢٠١٨ عندما استهدفوا عرضاً عسكرياً هناك. ونُسب وقتها الهجوم إلى داعش خراسان. أي أن هذا الهجوم جاء بعد ”سبات“ دام أربعة أعوام. صحيح أن هجمات داعش عشوائية وبشعة؛ فليس ثمة جدوى من السؤال عن ”هدف استراتيجي.“ لكن مسألة التوقيت لا يمكن تجاهلها. فيحق السؤال إذاً: لماذا الآن؟

هل كان داعش ينتظر الاحتجاجات حتى يهاجم؟ هل انتظر داعش أربعة أعوام حتى يمولوا سلاح القاتل؟ أو دخوله إلى إيران إن كان غير إيراني؟ وإن كان داعش يدرك أهمية الرمز في اسم الرجل – أبي عائشة العمري -؛ ألم يخطر في بال المخطط والمنفذ أهمية الرمز في التوقيت؟

هذه أسئلة مشروعة. وإلى أن يجيب داعش نفسه عنها، تظل الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الهجوم في هذا التوقيت خدم النظام الإيراني أولاً وأخيراً؛ وما كانت السلطات الإيرانية لتتمنى حدثاً يخدم روايتها في قمع الاحتجاجات أكثر من هذا الهجوم.

وفي المحصلة، ليس غريباً على النظام الإيراني توظيف الجماعات ”الجهادية“ لخدمة أهدافه حتى إن تطلب الأمر ضرب شعبه وشيعته. استغلال إيران لتنظيم القاعدة لتنفيذ مخطط يخدم الحوثيين في اليمن لا يزال حاضراً.