طهران في مأزق

دعا رئيس السلطة القضائية في إيران الأحد إلى “عدم التساهل” مع المتظاهرين بعد تسعة أيام من الاحتجاجات في أنحاء البلاد على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء توقيفها لدى الشرطة، قُتل فيها 41 شخصا.

ووجّه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في وقت سابق الأحد سلطات إنفاذ القانون بـ”التعامل بحزم مع المخلين بالأمن العام واستقرار البلاد”، وفق ما نقلت عنه وكالة “إرنا”.

وشدد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي على “ضرورة التعامل بدون أي تساهل” مع المحرضين على “أعمال الشغب”، حسبما ذكرت وكالة أنباء السلطة القضائية “ميزان أون لاين”.

ونُظمت تظاهرات دعما للاحتجاجات في إيران السبت في دول عدة بينها كندا والولايات المتحدة وتشيلي وفرنسا وبلجيكا وهولندا والعراق والسويد.

في لندن، أصيب خمسة شرطيين على الأقل “بجروح خطرة” واعتقل 12 شخصا في حوادث على هامش احتجاج خارج السفارة الإيرانية الأحد.

اندلعت الاحتجاجات في 16 أيلول/سبتمبر في إيران، يوم وفاة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران بتهمة “ارتداء ملابس غير لائقة” وخرقها قواعد لباس المرأة الصارمة في إيران.

وهذه الاحتجاجات هي الأوسع منذ تظاهرات تشرين الثاني/نوفمبر 2019 التي نجمت من ارتفاع أسعار البنزين في خضم الأزمة الاقتصادية، وشملت حينها حوالى مئة مدينة إيرانية وتعرضت لقمع شديد (230 قتيلاً بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 300 حسب منظمة العفو الدولية).

وتخللتها مواجهات مع قوات الأمن وإطلاق شعارات مناهضة للنظام، بحسب وسائل اعلام وناشطين. ومنذ أيام عدة، تظهر مقاطع مصورة نشرت على الانترنت مشاهد عنف في طهران ومدن كبرى أخرى مثل تبريز (شمال غرب). وبدت قوات الأمن في بعض هذه المقاطع تطلق النار في اتجاه المتظاهرين.

وتظهر لقطات نشرت السبت محتجين يدمرون صورة لآية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية أمام جامعة نوشيرفاني للتكنولوجيا في بابُل بمحافظة مازندران (شمال).

تظاهرات مناهضة للحكومة

تنفي السلطات أي ضلوع لها في وفاة أميني (22 عاما) المتحدرة من محافظة كردستان (شمال غرب). لكن منذ 16 أيلول/سبتمبر، يخرج إيرانيون غاضبون إلى الشوارع ليلا للتظاهر.

وجدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأحد تحميل الولايات المتحدة مسؤولية هذه الاضطرابات، متهما واشنطن بـ”التدخل في الشؤون الإيرانية (…) ودعم المشاغبين في شكل استفزازي”.

ومنذ بدء التظاهرات، أوقف أكثر من 700 شخص في محافظة واحدة في الشمال، علما بأن العدد قد يكون أكبر في مجمل أنحاء البلاد.

وأفادت لجنة حماية الصحافيين التي مقرّها في الولايات المتحدة، بأن 17 صحافيا أوقفوا في إيران منذ بدء الاحتجاجات.

وبحسب حصيلة رسمية غير مفصّلة تشمل متظاهرين وعناصر أمن، قتل 41 شخصا. لكن الحصيلة قد تكون أكبر، إذ أعلنت منظمة “إيران هيومن رايتس” غير الحكومية ومقرها أوسلو مقتل ما لا يقل عن 57 متظاهرا.

ومساء الأحد، تجددت التظاهرات الاحتجاجية لليوم العاشر على التوالي في مدن عدة، بينها شيراز (وسط) وطهران، وفق منظمة “إيران هيومن رايتس”. وهتف المتظاهرون في العاصمة بحسب مقطع مصور بثته المنظمة على تويتر “الموت للديكتاتور”.

وفي وقت سابق الأحد، نظمت تظاهرات عدة مؤيدة للحكومة في كثير من المدن الإيرانية. وكانت التظاهرة الأكبر في العاصمة تلبية لدعوة السلطات.

وقالت نفيسة (28 عاما) التي شاركت في تظاهرة طهران الأحد لوكالة فرانس برس “يجب وضع حد لأعمال الشغب هذه لأنها تضر بالبلاد”.

“نساء شجاعات”

يتوجب على النساء في إيران تغطية شعرهن وأجسامهن بلباس يتجاوز الركبتين في الفضاء العام، وعدم ارتداء سراويل ضيقة أو الجينز الممزق، من بين أزياء أخرى.

وأظهرت مشاهد انتشرت على نطاق واسع إيرانيات يحرقن حجابهن خلال الاحتجاجات.

من جهته حضّ حزب “اتحاد شعب إيران الإسلامي” الإصلاحي الدولة السبت على إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب وإطلاق سراح الموقوفين.

واستمر انقطاع الاتصالات عبر الانترنت الأحد مع وقف خدمتي واتساب وانستغرام. واشار موقع “نتبلوكس” الذي مقره في لندن ويرصد انقطاع الانترنت في مختلف انحاء العالم الى أن الحجب طال ايضا خدمة سكايب.

وفي تصريح باسم الاتحاد الأوروبي، ندد مسؤول العلاقات الخارجية جوزيب بوريل الأحد “بقرار السلطات الإيرانية تقييد الوصول إلى الانترنت بشكل صارم وتعطيل منصات الرسائل السريعة” ما يشكل “انتهاكا فاضحا لحرية التعبير”.

ورأى أن الاستخدام “غير المتكافئ والمعمم” للقوة في حق المتظاهرين في إيران “مرفوض وغير مبرر”.

وحضّ المخرج الإيراني الحائز جائزتي أوسكار أصغر فرهادي في منشور جديد على موقع إنستغرام شعوب العالم على “التضامن” مع المتظاهرين في إيران، مشيدا بـ”النساء التقدميات والشجاعات اللواتي قدن الاحتجاجات من أجل حقوقهن”.