كيف نقلع عن التدخين بطريقة صحيحة؟

  • التدخين يضُعف بنية القلب ويقلل كفاءته في ضخ الدم
  • متى يستعيد القلب كامل صحته بعد الإقلاع؟
  • كيف ومتى أبدأ في الإقلاع عن التدخين؟

 

ضرر التدخين على صحة الرئتين، دائماً ما يستحوذ على اهتمام واسع، لكن ربما لا يدرك المدخنون جيدًا، الضرر البالغ الذي يقع على قلوبهم أيضًا، بالإضافة إلى قلوب غيرهم ممن يتواجدون على مقربة منهم، ويطالهم ضرر الدخان المتطاير عبر التدخين السلبي.

منظمة الصحة العالمية  حذّرت مراراً من عواقب التدخين على صحة القلب، مؤكدة أن أمراض القلب والأوعية الدموية تحصد أرواح الناس بمعدل يفوق أية أسباب أخرى للوفاة بجميع أنحاء العالم؛ إذ يسهم تعاطي التبغ والتعرّض لدخانه غير المباشر في وقوع وفيات نسبتها 12% تقريباً من مجموع الوفيات الناجمة عن أمراض القلب، علماً بأن تعاطي التبغ هو السبب الرئيسي الثاني للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعد ارتفاع ضغط الدم.

ثمة أرقام مفزعة لضحايا التبغ، الذي يُعد أحد أكبر التهديدات الصحية العامة التي شهدها العالم على مرّ التاريخ؛ إذ يقتل زهاء نصف من يتعاطونه.

يودي التبغ بحياة أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً، والوفيات لا تقع فقط بين المدخنين، إذ أن أكثر من 7 ملايين من هذه الوفيات تسجل في أوساط من يتعاطونه مباشرة، في حين أن نحو 1,2 مليون وفاة تحدث في أوساط غير المدخّنين الذين يتعرّضون لدخانه لا إرادياً.

تدخين السجائر يعتبر مسؤولاً أيضاً عن 50٪ من جميع الوفيات التي يمكن تجنبها لدى المدخنين، نصفها بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية تصلب الشرايين مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، نتيجة التأثير المُدمر للتدخين على الشرايين وتسببه بأمراض الشرايين مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية.

خبر سار.. طريقة لإصلاح قلوب المدخنين المُدمًّرة بسبب التدخين

السجائر والقلب.. ما طبيعة التأثير؟

الأرقام الصادمة لضحايا التبغ، تظهر مدى الضرر الذي يسببه التدخين على صحة الجسم، وجاءت دراسة حديثة لتدق ناقوس الخطر من جديد، حول التأثيرات المميتة للتدخين على صحة القلب تحديدًا؛ إذ حذّرت من أنه كلما زاد عدد المدخنين، أصبحت وظائف القلب أسوأ.

لكن في الوقت ذاته، زفّت الدراسة خبراً ساراً، هو أن الفرصة لازالت سانحة وأن الوقت لم يفت لتصحيح الوضع، حيث يمكن استعادة وظائف القلب والتعافي بعد الإقلاع عن التدخين.

كما أظهرت الدراسات التي أجريت في مستشفى هيرليف وجينتوفتي في كوبنهاغن بالدنمارك، أن التدخين مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بفشل القلب؛ حيث لا تضخ عضلة القلب الدم إلى جميع أنحاء الجسم كما ينبغي، عادةً لأنها ضعيفة جداً أو متصلبة؛ وهذا يعني أن الجسم لا يتلقى الأكسجين والعناصر الغذائية التي يحتاجها ليعمل بشكل طبيعي.

ورغم رسوخ الضرر البالغ للتدخين على صحة القلب، لم يتم فحص العلاقة بين التدخين وبنية القلب ووظيفته بشكل كامل؛ لذلك استكشفت هذه الدراسة الجديدة، ما إذا كان التدخين مرتبطاً بالتغيرات في بنية ووظيفة القلب لدى الأشخاص غير المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتأثير تغيير عادات التدخين.

وللوصول إلى النتائج، بحثت الدراسة في عوامل الخطر القلبية الوعائية والأمراض في مدينة كوبنهاغن، وتم تسجيل 3874 مشاركاً من الرجال النساء تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 99 عاماً وغير مصابين بأمراض القلب.

وحول عدد المدخنين الحاليين والسابقين بين المشاركين في الدراسة، كان ما يقرب من فرد من كل 5 مشاركين مدخنين حاليين (18.6٪)، بينما كان 40.9٪ مدخنين سابقين و40.5٪ لم يدخنوا قط.

وتم استخدام استبيان ذاتي للحصول على معلومات عن تاريخ التدخين وعدد السجائر التي يتم تدخينها، كما خضع المشاركون لفحص الموجات فوق الصوتية للقلب ويطلق عليه “مخطط صدى القلب”، والذي يوفر معلومات حول هيكله ومدى عمله بشكل جيد.

لاحتساب تأثيرات التدخين على القلب بدقة، قارن الباحثون بين مقاييس “مخطط صدى القلب” للمدخنين الحاليين مع غير المدخنين بعد ضبط العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والسكري ووظيفة الرئة.

وعن حالة القلب عقب الفحص، اكتشف الباحثون أن لدى المدخنين الحاليين قلوباً أكثر ثخانة وضعفاً وأثقل، مقارنة بغير المدخنين الذين لم يدخنوا أبداً، كما ارتبطت زيادة سنوات التدخين بانخفاض كفاءة القلب في ضخ الدم إلى أعضاء الجسم.

في تعليقها على النتائج، قالت مؤلفة الدراسة الدكتورة إيفا هولت: “من المعروف أن التدخين يسبب انسداد الشرايين؛ ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية، لكن دراستنا تشير إلى أن التدخين لا يضر الأوعية الدموية فحسب؛ بل يضر بنية القلب بشكل مباشر أيضاً”.

وعن تفسيرها لطبيعة الضرر أضافت: “تظهر دراستنا أن التدخين يؤدي أيضاً إلى سماكة القلوب وضعفها؛ وهذا يعني أن المدخنين لديهم كمية أقل من الدم في حجرة القلب اليسرى وقوة أقل لضخها إلى باقي الجسم. كلما دخنت أكثر، كلما أصبحت وظيفة قلبك أسوأ. وجدنا أن التدخين الحالي وتراكم السنوات يرتبطان بتدهور بنية ووظيفة غرفة القلب اليسرى -الجزء الأكثر أهمية في القلب- علاوة على ذلك، وجدنا أنه على مدى 10 سنوات، فإن أولئك الذين استمروا في التدخين كانت قلوبهم أثقل وأضعف وأقل قدرة على ضخ الدم مقارنة بمن لم يدخنوا مطلقاً وأولئك الذين أقلعوا عن التدخين خلال تلك الفترة.

لكنها في الوقت ذاته، أكدت أن الخبر السار في هذه الدراسة أن باب الأمل لايزال مفتوحاً للتعافي من هذا الضرر، وذلك عبر الإقلاع عن التدخين فورا دون تأجيل: “يمكن للقلب أن يتعافى إلى حد ما مع الإقلاع عن التدخين، لذلك لم يفت الأوان بعد للإقلاع عن التدخين”.

خبر سار.. طريقة لإصلاح قلوب المدخنين المُدمًّرة بسبب التدخين

متى يستعيد القلب كامل صحته بعد الإقلاع؟

إجابة هذا السؤال ربما تُحفّز المدخنين على الإقلاع، خاصة إذا عرفوا أن التأثير الإيجابي لترك هذه العادة الضارة بالصحة يبدأ على الفور.

هذا التأثير يحدث بسرعة أكثر مما نتخيل، نتيجة لبعض التغيرات الفسيولوجية السريعة في أجسامنا بمجرد توقفك عن التدخين.

يكفي أن تعرف أنه بعد 20 دقيقة فقط من آخر سيجارة كنت تدخنها، يعود ضغط الدم لوضعه الطبيعي، وبعد 8 ساعات يتراجع معدل أحادي أكسيد الكربون في الدم، وهو الذي ينتج عن تناول النيكوتين، ويُسبب مشكلات في العضلات والعقل، حيث يمنع الأكسجين من الدخول إلى الرئتين والدم. أما بعد 24 ساعة فيتراجع خطر التعرض لسكتة قلبية.

وعقب 5 سنوات من التوقف التام عن التدخين يتراجع خطر الإصابة بجلطة دماغية بنسبة 50%، وبعد 10 سنوات يتراجع احتمال الإصابة بسرطان الرئة بمقدار النصف أيضاً، وكذلك خطر الإصابة بسرطان الكلية والمري والقصبات الهوائية ومنطقة الفم.

لكن في المقابل، فإن الشفاء التام للقلب من تأثيرات التدخين قد يستغرق من 10 إلى 15 عاماً، وفق دراسة سابقة،  راقبت من أقلعوا عن التدخين لمدة 26 عاماً.

الدراسة أوصت بأنه من الأفضل ألا نبدأ بالتدخين أبدًا، لكن بالنسبة لأولئك الذين يدخنون، فمن المهم التوقف عن التدخين تمامًا في أسرع وقت ممكن.

خبر سار.. طريقة لإصلاح قلوب المدخنين المُدمًّرة بسبب التدخين

كيف ومتى أبدأ؟

قرار الإقلاع عن التدخين، من القرارات المصيرية التي يمكن أن تغير حياتك للأفضل بنسبة 100%، لكن هذا القرار يحتاج إلى شجاعة وصبر، حتى تجني ثمار مجهودك.

وبناء على تجارب كثيرة ونصائح من متخصصين، هناك طرق مجربة يمكن أن تساعدك في مقاومة الرغبة الملحّة في التدخين وفق عيادات “مايو كلينيك”، التي حددت أبرز الطرق منها العلاج ببدائل النيكوتين تحت إشراف الطبيب، وممارسة الأنشطة البدنية، بالإضافة إلى ممارسة بعض أساليب الاسترخاء مثل تمارين التنفس العميق، أو إرخاء العضلات، أو اليوغا.

كما أن هناك حيل أخرى يمكن أن تتبعها أيضاً منها تجنب المثيرات، وعدم التواجد في مكان أو مع أشخاص يمكن أن يجعلونك تنتكس وتعود إلى التدخين.

ومن الحيل أيضاً هي صرف الانتباه، كلما أخذتك الرغبة في التدخين، وذلك بمضغ علكة بدون سكر أو حلوى صلبة، أو تناول الجزر النيء، أو المكسرات، أو بذور عباد الشمس، وأي شيء مقرمش ولذيذ.

إذا فكرت في الفوائد التي يمكن أن تجنيها، مثل تحسُّن الحالة المزاجية، والتمتع بصحة أفضل، ووقاية المحيطين بك من التدخين السلبي، وتوفير المال، ربما يحفزك ذلك على أن تبدأ.

لكن احذر من هذه الخدعة، بعدما تُقلع عن التدخين لا تعود مرة أخرى، لا تقُل إنها مجرد سيجارة واحدة، هذه خدعة، وسيؤدي تدخين سيجارة واحدة إلى تدخين الأخرى، وربما ينتهي بك المطاف بالعودة إلى التدخين مرة أخرى.

ببساطة، إذا ردت أن تصعد دَرَج بناية سكنية مرتفعة، قد يصعب الأمر عليك في البداية، وتشعر بثقل المهمة، لكن الأمر يحتاج فعليًا أن تأخذ القرار وتبدأ بصعود أول دَرَجة. بعدها سيتبدل الأمر، فقط ابدأ أولاً، ثم حافظ على خطواتك، ولا تعود إلى الوراء، وتأكد أن كل دَرَجة تصعدها تقربك من القمة، حتى تصل في النهاية إلى إنجازك الحقيقي. فقط ابدأ ولا تتأخر؛ لأن يوم واحد بلا تدخين كفيل بأن يجعلك تشعر بالفرق.