إيران تواصل التضييق على مثقفي البلاد

  • بناهي حكم عليه في العام 2010 بالسجن ست سنوات
  • قضى بناهي حينها نحو شهرين في السجن، قبل أن يتم الافراج عنه بموجب إطلاق سراح مشروط

أكدت السلطة القضائية الإيرانية أن المخرج المعارض جعفر بناهي الذي تم توقيفه الأسبوع الماضي، أودع السجن لقضاء عقوبة بالحبس ستة أعوام تعود لزهاء عقد من الزمن.

ويعدّ بناهي البالغ 62 عاما، من أبرز الأسماء في السينما المعاصرة الإيرانية ونال جوائز دولية عدة أهمها جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي عام 2015 عن “تاكسي طهران”، وأفضل سيناريو في مهرجان كانّ 2018 عن فيلمه “ثلاثة وجوه”.

وأوقف المخرج الذي حكم عليه قبل أكثر من عشرة أعوام بالسجن والمنع من إعداد الأعمال السينمائية، في 11 تموز/يوليو، بعيد توقيف زميليه محمد رسول آف ومصطفى آل أحمد بتهمة “الاخلال بالنظام العام”.

وقال المتحدث باسم السلطة القضائية مسعود ستايشي في مؤتمر صحافي إن “بناهي حكم عليه في العام 2010 بالسجن ست سنوات”.

المخرج جعفر بناهي يودع السجن في إيران لقضاء عقوبة بالحبس ستة أعوام

في هذه الصورة التي التقطت في 14 فبراير 2015 ، تتحدث الممثلة الألمانية أنكه إنجلك (إلى اليسار) بالقرب من صورة عملاقة للمخرج الإيراني المنشق جعفر بناهي بصفته رئيس لجنة تحكيم برلينالة الدولية دارين أرونوفسكي (وسط) يحمل جائزة الدب الذهبي للأفضل. (أ ف ب)

وأضاف “بناء عليه، تم إدخاله مركز الاحتجاز (السجن) في إوين (بشمال طهران) لقضاء هذه العقوبة”.

وكانت وسائل إعلام إيرانية أفادت الأسبوع الماضي أن توقيف بناهي تمّ “أثناء حضوره الى النيابة العامة في طهران لمتابعة ملف مخرج آخر هو محمد رسول آف” الذي أوقف ومصطفى آل أحمد بتهمة “الاخلال بالنظام العام” في إيران.

عُرفت عن بناهي مواقفه المعارضة للسلطات في بلاده. أوقف في العام 2010 وأدين لاحقا بتهمة “الدعاية ضد النظام” السياسي، وحكم عليه بالسجن ستة أعوام ومنع من إخراج الأفلام أو كتابتها لأعوام طويلة، أو السفر والتحدث الى وسائل الإعلام، وذلك في أعقاب تأييده التحركات الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في العام 2009.

وقضى بناهي حينها نحو شهرين في السجن، قبل أن يتم الافراج عنه بموجب إطلاق سراح مشروط يمكن العودة عنه في أي لحظة.

وكشف الاعلام الرسمي عن توقيف رسول آف وآل أحمد بعد مساندتهما لتحركات احتجاجية شهدتها مناطق إيرانية على خلفية انهيار مبنى بجنوب غرب البلاد في أيار/مايو، في حادثة أودت بـ43 شخصا.

تسبب انهيار مبنى “متروبول” الذي كان قيد الإنشاء في آبادان بمحافظة خوزستان، بكارثة تعد من الأسوأ في إيران خلال الأعوام الماضية، تلتها تحركات في مدن عدة تضامنا مع عائلات الضحايا، واحتجاجا على الفساد وعدم الكفاءة وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحادث.

ونشرت مجموعة من السينمائيين الإيرانيين بقيادة رسول آف رسالة مفتوحة في أواخر أيار/مايو دعت فيها قوات الأمن إلى “إلقاء أسلحتها” في مواجهة الغضب حيال “الفساد والسرقة وعدم الكفاءة والقمع”.

كذلك، كان رسول آف وبناهي من ضمن الموقعين في الشهر نفسه على كتاب مفتوح ينتقد توقيف السلطات الإيرانية عددا من زملائهم في تلك الفترة.

 

توقيف احتياطي لتاج زاده

ودعت إدارات مهرجانات سينمائية دولية مثل البندقية وبرلين وكانّ، الى إطلاق سراح بناهي وزملائه، في حين ندّدت الولايات المتّحدة بالجهود الإيرانية “المتواصلة لمنع ممارسة حرية التعبير”.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “نطالب بإلحاح الحكومة الإيرانية على الإفراج عن جميع الإعلاميين والنشطاء والمتظاهرين السلميين الذين احتجزتهم بشكل تعسّفي”.

وفي باريس أبدت وزارة الخارجية الفرنسية فرنسا “قلقها” إزاء توقيف عدد من المخرجين بإيران.

وجددت الوزارة المطالبة بالافراج “الفوري” عن بناهي ووضع حدّ لـ”توقيفه الاعتباطي”.

وشهدت الآونة الأخيرة توقيف عدد من الأسماء المعروفة في إيران، من بينهم في الثامن من تموز/يوليو مصطفى تاج زاده، أحد أبرز وجوه التيار الإصلاحي الذي سبق له أن شغل منصبا حكوميا.

وأوضح ستايشي أن الأخير “قيد التوقيف الاحتياطي في إوين”، ومتهم “بالتجمع والتآمر ضد الأمن القومي والدعاية ضد الجمهورية الإسلامية”.

شغل تاج زاده منصب نائب وزير الداخلية في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997-2005).

الا أنه أدخل السجن في 2009 على هامش الاحتجاجات التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتمت إدانته بالمسّ بالأمن القومي والدعاية ضد النظام السياسي، وأطلق سراحه في 2016.

وخلال الأعوام الماضية، عمل تاج زاده للدفع من أجل إجراء “تغييرات هيكلية” وإجراءات لتعزيز الديموقراطية في إيران.

وتقدّم تاج زاده بطلب ترشّح الى الانتخابات الرئاسية لعام 2021. الا أن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على ترشّحه، ما حال بالتالي دون خوضه السباق الرئاسي الذي انتهى لصالح المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.