الظواهري يائسًا.. أمير القاعدة يُنظر لمشروع قاعدي فاشل في “صفقة القرن”

  • تضمن الإصدار الجديد كلمة صوتية لأيمن الظواهري خصصها للحديث عن ما يسميه بـ”معركة الدعوة”
  • الحديث جاء بعد الانتكاسات الكبرى التي تعرض لها التنظيم
  • أمير تنظيم القاعدة أصبح يدرك أن تنظيمه خسر مكانته

بثت مؤسسة السحاب، الذراع الدعائي لتنظيم القاعدة، إصدارًا جديدًا لأمير التنظيم أيمن الظواهري، ضمن سلسلة “صفقة القرن أم حملات القرون”، وهي السلسلة التي يُخصصها “الظواهري” للحديث عن مشروع القاعدة الجهادي ورؤيته للمعركة مع أعداء التنظيم، على حد تعبيره.

وتضمن الإصدار الجديد والذي يعد سادس حلقات السلسلة كلمة صوتية لأيمن الظواهري خصصها للحديث عن ما يسميه بـ”معركة الدعوة”، وهي إحدى المراحل الخمسة  لما يطلق عليه أمير القاعدة بـ”جهاد البيان والدعوة والتوعية”، (تضم تلك المراحل وفقًا لتقسيمة التنظيم: معركة الوعي، وجهاد التربية، ومعركة الدعوة، والجهاد السياسي، والوحدة) بحسب ما ذكره “الظواهري” في سلسلته الدعائية.

ومن اللافت أن حديث أيمن الظواهري عن ما يُسمى بـ”جهاد البيان والدعوة” يأتي بعد الانتكاسات الكبرى التي تعرض لها تنظيم القاعدة، طوال السنوات الأخيرة، وفشله في تحقيق أي هدف يُذكر على مستوى صراعه الإستراتيجي مع أعداء التنظيم، في نفس الوقت الذي تصعد فيه تجارب جهادية قُطرية (تجارب الجهاد المحلي) تتضاد مع رؤية القاعدة، كتجربة حركة طالبان الأفغانية، وتجربة هيئة تحرير الشام في شمال سوريا.

ويبدو أن أمير تنظيم القاعدة أصبح يدرك أن تنظيمه خسر مكانته في قيادة ما يُسمى بـ”الجهاد العالمي“، وفقد الزخم الذي حققه نتيجة الهجمات التي قام بها ضد الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، وأصبحت علامته الجهادية مشوهة بشكل كامل، لذا فإنه يُحاول أن يُعيد تقديم التنظيم في صورة جديدة قائمة على مرتكزين هما “الدعوة والجهاد” بدلًا من الجهاد القتالي فقط، والذي اعتمده تنظيم القاعدة منذ بداياته المبكرة.

وسبق لأيمن الظواهري أن أقر بفشل نهج تنظيم القاعدة في التغيير، ودعا في كلمات سابقة إلى إجراء مراجعات للإستراتيجيات والتكتيكات التي يتبعها التنظيم، خاصةً بعد الانتكاسات التي مُني بها وحدوث حالات انشقاق هيكلية في داخله، من أهمها انشقاق الفرع العراقي (تنظيم داعش)، وانشقاق الفرع السوري السابق (هيئة تحرير الشام) عنه، بعد خلافات مع قيادة القاعدة العليا بما فيها أيمن الظواهري ونائبه سيف العدل.

وفي ثنايا حديثه عن “معركة الدعوة”، قال أيمن الظواهري إن التنظيم يواجه 6 تحديات رئيسية هي “الدولة الوطنية، والشرعية الدولية، والإلحاد، والقهر والاستبداد، والاحتلال العسكري، والتنصير”، وذلك وفق تعبيره، مضيفًا أن على التنظيم وأنصاره أن يعملوا لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها.

ولفت “الظواهري” إلى أن فكرة الدولة القومية أو الوطنية الحديثة تتضاد مع مفاهيم التنظيم، والذي يؤمن بفكرة الجهاد العالمي، مردفًا أنه ينبغي العمل على التخلص من الدول الوطنية وتأسيس الخلافة العالمية، وفق مفهوم تنظيم القاعدة.

ورغم أن أيمن الظواهري هاجم فكرة الدولة القومية بإطلاقها وانتقادها في أكثر من مناسبة، إلا أنه لم يتطرق إلى نقد نظام الولي الفقيه في إيران، فيما يعد استمرارًا لنهج قيادات القاعدة المصابين بـ”متلازمة طهران”، (كسيف العدل، وصهره مصطفى حامد/ أبو الوليد المصري) والذين يتحاشون مهاجمة إيران.

واعتبر أمير تنظيم القاعدة أنه من الضروري أن يُبين خطر الدولة الوطنية لأنها بديل عن مفهوم الخلافة، حسب اعتقاده، مشيرًا إلى أن الخلافة التي يقصدها تختلف عن “خلافة داعش” الذي يبايع مجاهيل وصفهم الظواهري بـ”أبي الملثم وأبي المكمم، وأبي المتخفي، وأبي المبرقع، وأبي المُجهل”، قائلًا إن قادة داعش لا يُعرف شيء عن تاريخهم الجهادي سوى الكذب وتكفير المسلمين واستهدافهم بالعمليات الإرهابية، كما أن البيعة التي عقدت لداعش هي بيعة القهر والتغلب وجرى تزيينها بالإصدارات والأناشيد الحماسية، بحسب قوله.

وبناءً على كلام “الظواهري” السابق يمكن استنتاج أن أمير تنظيم القاعدة يُهاجم نموذجين جهاديين هما نموذج حركة طالبان، وهيئة تحرير الشام القائم على فكرة الجهاد المحلي (القتال من أجل حكم دولة وطنية بعكس أيديولوجيا الجهاد المعولم)، وكذلك نموذج تنظيم داعش الذي أعلن تأسيس خلافته المزعومة بناءً على قاعدة “الحاكم المتغلب” أي إعلان الخلافة بقوة السلاح، وفقًا لأدبيات الجهاديين.

كما هاجم أيمن الظواهري المؤسسات والهيئات الدينية في الدولة المسلمة، معتبرًا أنها لا تُحرض على الخروج على الحكام، وتصد عن فكرة الثورة وتعتبرها، على حد تعبيره.

ويُلاحظ أن زعيم التنظيم يواصل خوض المعارك الكلامية والدعائية مع كل خصوم التنظيم، في كل مرة يظهر فيها، ومع أنه يحاول تسويق نموذج القاعدة كنموذج جهادي مثالي، إلا أنه يُناقض نفسه خاصةً عندما يتحدث عن ما يسميه “جهاد الدعوة”، وعندما يُهاجم تنظيم داعش لاعتماده على العمليات الإرهابية والإصدارات الدعائية، إذ أن تنظيم القاعدة وكذلك أميره أيمن الظواهري يقوم بنفس الأمر، لكن الأخير يواصل انفصاله عن الواقع ويستمر في التنظير لمشروعه المبتسر الذي لا يبدو أنه يحظى بأي تفاعل في إطار الدوائر الجهادية التقليدية، لا سيما في الفترة الأخيرة.