روسيا.. سياسات بوتين تدفع الروس لمغادرة بلادهم
- بحلول نهاية مارس.. كان 60 ألف روسي قد ذهبوا إلى كازاخستان
- استقبلت جورجيا 25,000 روسي بعد ايام من الغزو
- كانت تستقبل أرمينيا حوالي 6,000 روسي يوميًا
بعد أيام من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، استقبلت جورجيا 25,000 روسي، في الوقت الذي كانت تستقبل فيه أرمينيا حوالي 6,000 روسي يوميًا، على الرغم أن أوكرانيا لم تطلق رصاصة واحدة -حتى الآن- تجاه روسيا.
تقول مجلة Foreign Affairs إنه بحلول نهاية مارس 2022، كان 60 ألف روسي قد ذهبوا إلى كازاخستان، فيما لجأ كثيرون آخرون إلى عدد من البلدان المختلفة في أوروبا الشرقية.
ومنذ أن بدأ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، كان الروس القادرون على السفر يتسابقون على الحدود، فيما وصفته المجلة بأنه “أكبر نزوح جماعي منذ الثورة البلشفية”.
وتقول المجلة إن الروس الذين ظنوا في التسعينات أن أيام التخلي عن البلاد لأسباب سياسية قد انتهت بنهاية الاتحاد السوفيتي، ثبت لهم أنهم مخطئون “عندما أصبح نظام بوتين استبداديا بشكل متزايد”.
وبدأ الخروج من روسيا أولا مع الأوليغارشيين الأثرياء الذين كان لهم وجهات نظر ومصالح مختلفة مع بوتين، لكن بعدها بدأت مجموعات كبيرة من الناشطين والمعارضين والصحفيين المستقلين والسياسيين المعارضين بالمغادرة.
تقول المجلة إن “الهجوم على أوكرانيا هو الذي حول هذا الاتجاه إلى موجة عملاقة”
وتضيف “خلال الأسابيع الأولى من الغزو، وسط القمع المشدد في الداخل، يعتقد أن مئات الآلاف من الروس قد غادروا البلاد”.
ويأتي أولئك الذين فروا من العديد من المهن والخلفيات المختلفة، ولم يفكر الكثير منهم في الهجرة من قبل، وفقا للمجلة، “لكن جميعهم تقريبا لديهم ثلاثة أشياء مشتركة، لديهم مستوى عال من التعليم، وهم من المدن الكبرى، ولديهم نظرة ليبرالية”.
مشاكل مستقبلية
ويثير خروج هذا العدد الكبير من المهنيين والأكاديميين ورجال الأعمال، بحسب المجلة، تساؤلات عميقة حول التركيبة المستقبلية للبلاد.
وبالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى تغيير سياسي واسع النطاق، فإنه يشكل أيضا تحديا جديدا، ما إذا كان من الممكن الضغط بشكل فعال على النظام من الخارج، مع وجود الكثير من المعارضة المحلية الآن في السجن.
وبالنسبة لأولئك الذين تركوا وراءهم، فإن تفريغ المجتمع المدني يعني أنهم قد يكونون عالقين في بلد يصبح أفقر ثقافيا، ومصاب بجنون العظمة، ومتشدد.
وتقول المجلة إن الجزء الأول والأكبر من المهاجرين يتكون من متخصصي تكنولوجيا المعلومات، ووفقا للجمعية الروسية للاتصالات الإلكترونية، غادر ما لا يقل عن 100 ألف من هؤلاء المهنيين منذ بدء الغزو.
وتشتهر روسيا منذ فترة طويلة بمهندسيها وعلماء الكمبيوتر، وهي واحدة من عدد قليل جدا من البلدان التي يمكن أن تتنافس فيها منصات الإنترنت المحلية بنجاح مع المنصات العالمية مثل Google و Facebook.
وقبل الحرب، كان العديد من هؤلاء المهنيين موظفين في شركات أميركية وشركات غربية أخرى. فيما امتلك آخرون شركاتهم الخاصة وعملوا لصالح زبائن أجانب.
وأعاقت العقوبات الكاسحة التي فرضها الغرب الوصول إلى التقنيات الغربية، ولم يتمكن العديد من العاملين من الحصول على أموال من عملائهم الغربيين أو حتى الاتصال بخوادم شركاتهم.
علاوة على ذلك، فإن العديد من هؤلاء الأشخاص هم من الشباب، بين العشرين والأربعين، ويخشون أن يتم تجنيدهم في الجيش إذا بقوا.
وتقول المجلة إن المجموعة الثانية من المهاجرين هم صحفيون وناشطون وموظفون في منظمات غير حكومية، وقدرت أن مغادرتهم، رغم أن عددهم قد لا يكون أكثر من 1000 شخص، سيكون له عواقب وخيمة ثقافيا وسياسيا على البلاد.
بالنسبة للكثيرين منهم، فإن البقاء في البلاد يمثل خطرا حقيقيا جدا بالاعتقال وربما السجن
أما المجموعة الثالثة فتتكون بحسب المجلة من المثقفين الليبراليين في المدن الكبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ.
وبسبب العداء الروسي مع الغرب المتزايد بعد الحرب، ينظر إلى هؤلاء – وأغلبهم يعمل أو يتعاون أو يشترك ببحوث مع مؤسسات أكاديمية غربية – على أنهم غير وطنيون.
وتقول المجلة إن الفئة الأخيرة من المنفيين هم من رجال الأعمال ومديري الشركات الكبرى، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة مثل غازبروم، فضلا عن البنوك الروسية.
الكرملين “يفضل أن يكونوا في الخارج”
وتقول المجلة إن بوتين نفسه شجع على الهجرة الحالية، حيث خلال الشهرين الأولين من الحرب، أوضح الكرملين أنه يفضل طرد خصومه من البلاد بدلا من جعلهم يثيرون المتاعب في الداخل.
وتستنتج المجلة إن هذا هو موقف الحكومة الروسية التي “لم تضع أي قيود على المغادرة”، من خطاب بوتين في 16 مارس الذي قال فيه “سيكون الشعب الروسي قادرا دائما على التمييز بين الوطنيين الحقيقيين والحثالة والخونة، وببساطة بصقهم مثل ذبابة طارت عن طريق الخطأ في فمهم”.
لكن هؤلاء، المعارضة الروسية في الخارج، كانت “قادرة دائما على التسبب بالمشاكل للنظام”، بحسب المجلة.
ونقلت بعض شركات البرمجيات الأمريكية العملاقة موظفيها الروس إلى أيرلندا. لكن عمال تكنولوجيا المعلومات الذين هاجروا بمفردهم إلى أوروبا القارية كافحوا للحصول على تأشيرات عمل وحسابات مصرفية.
وهذا هو السبب في أن العديد من المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات قد لجأوا إلى جورجيا وأرمينيا وكازاخستان وتركيا بدلا من أوروبا، خاصة أن تكلفة المعيشة في تبليسي أو اسطنبول، وهما وجهتان شهيرتان، أرخص بكثير مما هي عليه في دول البلطيق.
وبرزت فيلنيوس، العاصمة الصغيرة والمريحة لليتوانيا، كأهم مركز للمنفيين السياسيين الروس. وقد وافقت ريغا، عاصمة لاتفيا المجاورة، على استضافة عدد صغير من المنظمات غير الحكومية والصحفيين، وانتقل عدد أقل إلى تالين، عاصمة إستونيا، وبراغ، عاصمة جمهورية التشيك.
وتقول المجلة إن من أهم إنجازات هؤلاء أنهم يطلعون الروس في الداخل على الأخبار بشأن الحرب، والتي لا يستطيعون الوصول إليها بسبب التعتيم الإعلامي الرسمي، مما يعوض نقص الإعلام الموجه إلى الروس من العالم.
ودعت المجلة إلى الاهتمام بهؤلاء وتوفير الدعم العالمي لهم، لأن “أصواتهم المؤثرة” مهمة للغاية في نزاع قد يكون طويلا.