أوكرانيا: “كييف.. الجحيم في القرن الحادي والعشرين”

  • أعلنت أوكرانيا أن القوات الروسية تنسحب من مدن أساسية
  • نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بالانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين
  • اتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا روسيا بارتكاب “مجزرة متعمّدة”

اتهمت أوكرانيا روسيا بارتكاب “مجزرة متعمّدة” في بوتشا غداة العثور على عشرات الجثث في المدينة الواقعة في شمال غرب كييف بعد تحريرها من القوات الروسية، ما أثار استياء مسؤولين أجانب.

ويسعى مسؤول كبير من الأمم المتحدة الأحد في موسكو للتوصل إلى “وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية” في أوكرانيا، فيما سمعت سلسلة انفجارات في مدينة أوديسا الساحلية.

وأعلنت أوكرانيا أن القوات الروسية تنسحب من مدن أساسية في محيط العاصمة كييف وتشيرنيهيف في الشمال لإعادة الانتشار في الشرق والجنوب بهدف “الحفاظ على السيطرة” على المناطق التي تحتلها هناك.

وبعد أكثر من شهر على بدء الهجوم الروسي أعلنت مساعدة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار السبت “تحرير إيربين وبوتشا وغوستوميل ومنطقة كييف بكاملها من الغزاة”.

لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أفاد على فيسبوك أن الروس بانسحابهم سواء “من تلقاء أنفسهم” أو بعد معارك يتركون خلفهم “خرابا كاملا والكثير من المخاطر” وحذر بأن “القصف يمكن أن يتواصل” متهما العسكريين الروس بـ”تلغيم الأراضي التي ينسحبون منها ومنازل وذخائر وحتى الجثث”.

وفي بيان نشرته الأحد، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بالانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين والتي ترقى إلى مستوى “جرائم الحرب” التي ارتكبها جنود روس في مناطق تشيرنيهيف وخاركيف وكييف.

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أنها وثّقت عدة حالات “انتهاكات قوانين الحرب”، مشيرة إلى حالة اغتصاب امرأة عدة مرات وضرب جندي روسي لها وعمليات إعدام سبعة رجال و”حالات عنف أخرى” و”تهديدات ضد المدنيين”، فضلًا عن النهب.

“مكبلو اليدين”

في مدينة بوتشا بضواحي كييف أفادت فرانس برس بوجود جثث حوالى عشرين رجلا أحدهم مصاب بجرح بالغ في الرأس في أحد الشوارع على مسافة مئات الأمتار.

وقال أناتولي فيدوروك رئيس بلدية المدينة التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية، إن “كل هؤلاء الأشخاص أعدموا، قتلوا برصاصة في مؤخر الرأس” مشيرا إلى دفن نحو 300 شخص “في مقابر جماعية”.

وأضاف “في بعض الشوارع نرى 15 إلى 20 جثة على الأرض” لكن “لا يسعني أن أقول كم من الجثث لا تزال في أفنية المنازل وخلف الأسوار”، موضحا أنه عُثر على عدد من القتلى مكبلي الأيدي بواسطة شريط قماش أبيض يستخدم للإشارة إلى أنهم غير مسلحين.

ونددت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس على تويتر بـ”الفظاعات في بوتشا ومدن أخرى”.

هذا واتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا روسيا بارتكاب “مجزرة متعمّدة” في بوتشا غداة العثور على عشرات الجثث في هذه المدينة بعد تحريرها من القوات الروسية.

وكتب كوليبا على تويتر “إن مجزرة بوتشا كانت متعمّدة. الروس يريدون القضاء على أكبر عدد ممكن من الأوكرانيين. يجب أن نوقفهم ونطردهم. أطالب بعقوبات جديدة مدمرة من مجموعة السبع حالًا”.

من جهته كتب أحد مستشاري الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك على تويتر “منطقة كييف.. الجحيم في القرن الحادي والعشرين.. جثث رجال ونساء قُتلوا وأياديهم مكبّلة.. عادت أسوأ جرائم النازية إلى أوروبا.. قامت روسيا بذلك بشكل متعمّد”.

ودعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إلى التحقيق في الهجمات الروسية على مدنيين أوكرانيين باعتبارها “جرائم حرب” مع تزايد الأدلة على ارتكاب “أعمال مروّعة” في مدينتي إيربين وبوتشا.

وقالت في بيان إن الحكومة البريطانية ترى “أدلة متزايدة على ارتكاب قوات الغزو أعمالا مروعة في مدن مثل إيربين وبوتشا”.

وأعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأحد على تويتر عن “صدمته حيال الصور المخيفة للفظاعات التي ارتكبها الجيش الروسي في منطقة كييف المحررة” مضيفًا “الاتحاد الأوروبي يُساعد أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية في جمع الأدلة الضرورية لملاحقات أمام المحاكم الدولية”.

وأشار إلى تحضير “المزيد من العقوبات الأوروبية والدعم”.

وأكّد نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد روبرت هابيك لصحيفة “بيلد”، “لا يمكن أن تبقى جريمة الحرب المروعة هذه دون رد عليها”.

وأضاف “أعتقد أن هناك إشارة إلى تشديد العقوبات. هذا ما نعدّه مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي”.

وشهدت بوتشا ومدينة إيربين المجاورة بعض أعنف المعارك منذ بدء الغزو في 24 شباط/فبراير فيما كانت القوات الروسية تحاول تطويق كييف، وتعرضتا لقصف مركز تسبب بدمار كامل.

وعلى مقربة من العاصمة عثر على جثة المصور والموثق الأوكراني المخضرم ماكس ليفين مقتولا بالرصاص بعد انسحاب القوات الروسية، على ما أعلنت السلطات الأوكرانية السبت، فيما أفادت النيابة العامة الأوكرانية أنه قتل “برصاصتين أطلقهما جنود روس”.

مهاجمة أوديسا “من الجو”

ويزور مسؤول في الأمم المتحدة موسكو الأحد سعيا للتوصل إلى “وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية” في وقت أسفرت الحرب حتى الآن عن سقوط آلاف القتلى وشردت أكثر من 4,1 ملايين أوكراني.

وكانت روسيا حتى الآن ترفض أي زيارة لمسؤول كبير في الأمم المتحدة يكون موضوعها الرئيسي أوكرانيا.

من جهة أخرى، أكد كبير المفاوضين الأوكرانيين في مفاوضات السلام مع روسيا ديفيد أراخاميا السبت أن موسكو وافقت “شفهيا” على المقترحات الأوكرانية الرئيسية باستثناء مسألة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا العام 2014، مضيفا أن كييف تنتظر تأكيدا خطيا.

غير أن روسيا هددت الجمعة بتشديد موقفها في المفاوضات بعد ضربة على أراضيها اتهمت أوكرانيا بشنها بواسطة مروحيات.

وبعدما تعذر تنظيم عمليات إجلاء سكان على مدى أسابيع، بدأ إجلاء أعداد محدودة وأعلنت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك مساء السبت على تلغرام أن حوالى “1263 شخصا” انتقلوا من ماريوبول وبيرديانسك إلى زابوريجيا

بوسائلهم الخاصة فيما انطلقت قافلة من عشر حافلات تقل 300 من سكان ماريوبول. كما جرت عمليات إجلاء أخرى في شرق البلاد.

وفي أوديسا المدينة الإستراتيجية التي تؤمن منفذا على البحر الأسود في جنوب غرب أوكرانيا، سمعت سلسلة انفجارات صباح الأحد وتصاعدت ثلاثة أعمدة من الدخان الأسود على الأقل وألسنة نار في منطقة صناعية على ما يبدو، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وقالت موظفة في فندق بوسط المدينة إنها سمعت هدير طائرة، لكن عسكريا قرب موقع إحدى الضربات أكد سقوط صاروخ أو قذيفة.

وكتب مستشار وزير الداخلية أنطون غيراشتشنكو على تلغرام أن “أوديسا تعرضت لهجوم من الجو وأفيد عن حرائق في بعض المناطق. أسقطت الدفاعات الجوية قسما من الصواريخ” موصيا السكان بـ”إغلاق النوافذ”.

على صعيد آخر، لا تزال القوات الروسية “تحاصر جزئيا مدينة خاركيف” ثاني أكبر مدن أوكرانيا في الشرق، حيث تتعرض المناطق الصناعية والسكنية على السواء لقصف مدفعي، وفق هيئة أركان القوات الأوكرانية التي تشير رغم ذلك إلى تراجع في حدة القصف.

وكشفت رئاسة الأركان أن روسيا تعتزم “تشكيل كتائب مؤلفة من مقيمين متطوعين في المناطق المحتلة موقتا في أوكرانيا ومن مرتزقة”.

واصطدمت جهود القوات الروسية لتعزيز مواقعها في جنوب أوكرانيا وشرقها حتى الآن بمقاومة شرسة من الأوكرانيين في ماريوبول حيث قتل ما لا يقل من خمسة آلاف شخص فيما لا زال حوالى 160 ألفا من السكان محاصرين، وفق السلطات المحلية.

والسيطرة على ماريوبول ستسمح لموسكو بتأمين تواصل جغرافي من القرم إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا في دونباس.

دول البلطيق توقف استيراد الغاز الروسي

وفي خطوة تشدد الضغط على روسيا، أوقفت دول البلطيق استيراد الغاز الطبيعي الروسي وأعلن رئيس شركة “كونيكسوس بلطيق غريد” اللاتفية للتخزين أن الغاز الروسي “لم يعد ينقل إلى لاتفيا وإستونيا وليتوانيا منذ الأول من نيسان/أبريل”.

وباتت دول البلطيق تستمد الغاز من الاحتياطات المخزنة تحت الأرض في لاتفيا.

وكتب الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا في تغريدة “اعتبارا من هذا الشهر فصاعدا، لم يعد هناك غاز روسي في ليتوانيا”.

وبحسب يوروستات كانت روسيا تؤمن 93% من واردات إستونيا من الغاز الطبيعي و100% من واردات لاتفيا و41,8% من واردات ليتوانيا.

وحظرت الولايات المتحدة استيراد النفط والغاز الروسيين بعد غزو أوكرانيا فيما لم يصدر قرار مماثل عن الاتحاد الأوروبي الذي كان يستورد حوالى 40% من حاجاته من روسيا عام 2021.