4 عوامل إيجابية خلقها الغزو الروسي في أوكرانيا
- روسيا ظنت أنها ستجد أوكرانيا كما كانت في 2014 ولكنها اصطدمت بالواقع
- موسكو تتكبد خسائر هي الأكبر في تاريخها الحديث
- ماريوبول مدينة تابعة للإقليم الانفصالي ولكنها خارج سيطرة الميليشيات الروسية
- سكان ماريوبول يقتربون من نصف مليون نسمة ويتقاسمها الأوكران والروس
“من رحم الأزمات تولد المعجزات” هكذا الوضع في أوكرانيا الدولة التي وقعت فريسة للغزو الروسي منذ قرابة الشهر، فعلى الرغم من أن كييف تعيش حقبة سياسية صعبة للغاية بسبب الحرب الروسية إلا أنه في نفس الوقت صارت هناك لُحمه وتمساك وترابط بين كافة الأطياف السياسية في مواجهة العدو الغاشم.
قصف متواصل، دمار في كل مكان، رائحة الموت تفوح في كل أرجاء أوكرانيا، ما دفع الملايين للهرب ما بين النزوح إلى الداخل أو اللجوء إلى الخارج أو حتى الهجرة بلا رجعة، ولكن رغم كل هذا لاتزال كييف متماسكة، قوية، أبية،تدافع عن سيادتها أمام عدو لا يعرف سوى لغة الحرب.
“العامل الأساسي الذي يرتكز عليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو وحدة الشعب”، هذا ما قاله عماد أبو الرُب عضو مجلس القوميات التابع لرئاسة الوزراء الأوكراني خلال حديثه لـ “برنامج ستديو الآن مع الزميل سيف الدين ونوس” حول تطورات الأوضاع في أوكرانيا على خلفية الحرب الروسية.
وأضاف أبو الرُب أن “المعارضة الأوكرانية متحدة حالياً مع الحكومة ولا صوت يعلو فوق صوت الوحدة التماسك والحرية وسيادة أوكرانيا”.
كما أوضح أن هناك المزيد من النقاط الإيجابية التي خلقتها الحرب الروسية ولعل أبرزها التعاون غير المسبوق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حتى أن كييف لم تتوقع أن تحظى بهذا الدعم العسكر اللامحدود على خلفية الأزمة الحالية.
بينما يأتي العامل الثالث وهو العقوبات الاقتصادية المتزايدة على الجانب الروسي بسبب غزو أوكرانيا وهو ما يساهم في إضعاف روسيا بشكل أو بآخر.
فيما أكد أبو الرُب أن العامل الأخير الذي يمنح أوكرانيا بصيصا من الأمل في هذه الأزمة هو الجانب المعنوي الذي يصب في صالح كييف، خاصة وأن القوات الروسية تدفع ضريبة كبيرة – على حد تعبيره – وتعاني من نفسية محطمة والإحباط، واعتقدت أنها ستجد أوكرانيا كما كانت في 2014 ولكن اصطدمت بالواقع حيث أن القوات الأوكرانية تدافع ببسالة عن أراضيها وتسبب خسائر هي الأكبر في تاريخ روسيا الحديث، موضحاً أن القوات الروسية تعاني من قلة الدعم اللوجيستي والإمدادات على خط القتال في أوكرانيا.
مما لاشك فيه أن أوكرانيا تتمتع بأهمية سياسية واقتصادية وجغرافية كبيرة جداً في أوروبا، هناك العديد من المدن الكبيرة في أوكرانيا تتمتع بأهمية بالغة وأبرزها مدينة ماريوبول، وهي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي لأوكرانيا، ولها منفذ على بحر آزوف.
المحلل العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو تحدث في برنامج ستديو الآن عن أهمية المدينة من الناحية الاستراتيجية، مؤكداً أن عدد سكانها يقترب من نصف مليون نسمه ويتقاسمها الروس والأوكرانيين.
وأوضح الحلو أنه وعلى الرغم من وقوع هذه المدينة في إقليم دونيتسك الذي فصلته روسيا عن أوكرانيا إلا أنها كانت خارج سيطرة الميليشيات الروسية.
ماريوبول تقع على شاطئ بحر آزوف شمال البحر الأسود، وقد سيطرت روسيا على الجزء الأكبر من ناحية أوكرانيا عن طريق هجومين متوازيين من الجانب الشرقي عن طريق شبه جزيرة القرم، والجانب الغربي عن طريق إقليم دونباس.
وعن الحديث عن قدرتها على الصمود قال العميد خليل الحلو إن ماريوبول لديها بعض مقومات الصمود حيث أن عدد السكان الذين لايزالون فيها يزيد عن النصف.
مدينة ماريوبول الأوكرانية تتعرض للقصف منذ 3 أسابيع
يستمر الغزو الروسي لأوكرانيا ، و تتعرض مدينة ماريوبول للقصف المستمر منذ 3 أسابيع.
وأعلن وزير الدفاع الأوكراني، أليكسي ريزنيكوف، أن “الهجوم الروسي دمر منشآت مدنية، ولا نعرف تحديدا عدد القتلى في صفوف المدنيين”، لافتاً إلى أن عديد المنشآت في ماريوبول دمرت تماما جراء القصف المستمر”، وأوضح قائلاً “علينا العمل معا وأخذ إجراءات من أجل وقف الغزو الروسي، مثل فرض حظر جوي بأوكرانيا”.
وأعلن إغلاق موانئ مدن ماريوبول وبيرديانسك وسكادوفسك وخيرسون في جنوبي أوكرانيا.
مواطن أوكراني: الروس يقصفون ماريوبول كل 15 دقيقة
تتعرض مدينة ماريوبول الأوكرانية لشتى أنواع القصف، إذ يقصفها الروس كل 15 دقيقة من جميع الاتجاهات: براً وبحراً وجواً.
بيد أن الحال في المناطق الأوكرانية الأخرى ليس أفضل بكثير من مدينة ماريوبول، إذ يضطر كثير من الأوكرانيين إلى النزوح من مدينة إلى أخرى بسببالقصف الروسي المكثف.
إقناعهم بالمغادرة وقضيت ثلاث ساعات لنقلهم وأخذ الأمتعة والهرب من المدينة بالسيارة ذلك اليوم، وأمضينا يومين للوصول إلى كييف لذا فإن معظم أصدقائي والذين أعرفهم لا يزالون هناك بعض الناس غادروا قبل بضعة أيام.
عن حال المدن الأوكرانية يقول رومان إن إحدى صديقاته اتصلت به قبل يومين وقالت إن حالة المدن مروعة للغاية، قالت إنها كارثية، مضيفة أن ما نراه في الأخبار لا شيء مقارنة بالواقع، فهو أسوأ بكثير لأن الكثير من المدنيين قتلوا بقصف روسي، وكل 15 دقيقة يقصفون المدينة بواسطة السفن البحرية وبواسطة الطائرات المقاتلة والدبابات، كماأن الأمر لا يتوقف وهناك لا يوجد طعام أو كهرباء وخدمة الهاتف المحمول مقطوعة، وكل يوم يحاول الاتصال بالبعض ولكن لا أحد يجيب.
كيف هو الحال في ماريوبول؟
يقول المواطن الأوكراني رومان سكلياروف إنه علم من أقاربه أن المدينة الآن في حالة مروعة، إذ تم قصف جميع المباني والمخازن والمراكز تقريباً وحرق الكثير من المنازل، وقبل أيام قليلة شاهد مقطع فيديو وصور كانت إحداها لمنزله المدمر، وكم كانت دهشته كبيرة عندما رأى ذلك بعينيه بأن منزله دمر تماماً وحُرق، وهو يعلم أنه في هذه المدينة الكثير من القتلى الذين كانوا ملقين على الأرض ولا يمكن لأحد انتشالهم.
يضيف رومان أنها كارثة حقيقة إذ لا يسمح الروس بإحضار بعض الطعام إلى المدينة، كما أنه لا توجد أي ممرات إنسانية، رغم أن السلطات في أوكرانيا حاولت المساعدة في إنشاء ممرات إنسانية لكن ذلك لم يحدث.
يؤكد المواطن الأوكراني أن الناس يحاولون الإخلاء بأنفسهم وخاصة ممن لديهم سيارات وبنزين، بينما ما تزال جدته هناك في ماريوبول
هل يمكن العودة إلى المدينة؟
يجيب رومان على هذا السؤال بالقول إنه لا يستطيع أن يتخيل كيف يمكننه العودة الآن لأن كل شيء مدمر بالكامل.
يقول المواطن الأوكراني إنه يتمنى أن يعود ليرى كيف هو الوضع في الواقع لكنه يفهم أنه في هذه الحالة لا يمكن العيش في المكان المدمر.
يضيف رومان بحسرة أنه خسر كل شيء.. ليس فقط منزله بل فقدت كل المدينة، لكنه بعد كل هذه الأشياء الكارثية التي يراها ويسمع عنها سيبحث عن مكان آخر لبدء حياة جديدة
يؤكد المواطن الأوكراني إنه عندما كان في كييف بدأ الأمر يتفاقم أكثر فأكثر، لذلك تحرك (شأنه في ذلك شأن الكثير من الأوكرانيين) بعيداً قليلاً عن كييف بالقرب من المطار، وكان هناك مدينة أخرى قريبة من كييف وكانت آمنة ولكن بالأمس كان القصف على كييف بقنابل كبيرة من قبل الروس، حيث دمر الكثير من المباني الكبيرة مع المركز الترفيهي والمتاجر.
يقول رومان إنه أمر لا يصدق.. هو لا يعرف ما نوع القنبلة لأنها سقطت في الليل لكن الكثير من أصدقائه سمعوها جميعاً.
ويخشى رومان أن يحاول الروس تكرار ما حدث في ماريوبول لكنه يأمل ألا يحدث ذلك.
رسالة للأوكرانيين..
يوجه رومان رسالة لجميع الأوكرانيين وهي أنهم يجب ألا يستسلموا وعليهم أن يقاوموا لأن ثمن هذه الحرب هو حرية الأوكرانيين وإذا خسروها فسوف يخسرون حريتهم في ظل النظام الروسي الذي يقوده ديكتاتور، لذا فهو يعتقد أن على الأوكرانيين الإيمان بأمر أفضل.
إضافة إلى ذلك يوجه رومان الشكر لكثير من الأشخاص الذين يدعمون أوكرانيا والشعب الأوكراني.
يرى رومان مدى اتحاد الأوكرانيين في هذه المحنة، يساعده من الأشخاص ويساعدون أصدقائه في هذا الموقف الصعب، وهي لحظة مهمة للغاية لأن الكثير من البلدان الآن متحدة كما لم يحدث من قبل.