استمرار البحث عن العدالة في حادث الطائرة الأوكرانية

عامان على سقوط الطائرة الاوكرانية ذكرى مؤلمة وموجعة تابعت القضية بأدق تفاصيلها وغطيا كل احداثها،،اليوم وبعد مرور عامين التقيت محامي أسر ضحايا الطائرة الاوكرانية  “مارك ارنولد” الذي كسب القضية ضد ايران لأحصل على هذا الحديث الخاص.

في البداية سألته هل كنت تتوقع ان تكسب القضية؟ أجاب مبتسما “نعم” لأنها جريمة ارهابية وكنت متأكد ان القانون والمحاكم الكندية ستنصف هذه الاسر، ست عائلات فقط من رفعوا هذه الدعوى القضائية التي اتهموا فيها كل من المرشد الاعلى علي خامنئي والحرس الثوري الايراني وامير حاجي زاده قائد الحرس الجوي.

ثم سالته اخبرني ماذا حدث في جلسة مايو الماضي؟

أجاب قائلا: جلسة شهر مايو كانت مهمة جدا القاضي “إدورد بيلوبابا” صنف الحادث بأنها جريمة ارهابية وعملا متعمدا وفقا للأدلة التي قدمها الفريق والتي عملنا على جمعها لاشهر مع اسر الضحايا، كسبنا القضية واعتبرت جريمة ارهابية. واضاف مارك ان الحكومة الكندية صنفت ايران دولة داعمة للإرهاب منذ عام 2012 وهذا القانون هو من سمح لأسر الضحايا بملاحقة النظام الايراني في قضايا ادعاء مدني داخل كندا.

سألت “مارك” عن الجلسة الاخيرة التي حكمت فيها محكمة اونتاريو بدفع تعويض لست من عائلات الضحايا،، اجاب المحامي مسترسلا في كلامه وكان النجاح والفرح واضحا على وجهه قائلا: كانت الخطوة الثانية بعد جلسة مايو هي محكمة مفتوحة مع شهود للمطالبة بالتعويضات والعدالة،،وهذا ما حصل الان بالتزامن مع الذكرى السنوية للضحايا،،حكم القاضي “إدورد بيلوبابا” بتعويض الست اسر بمبلغ قدره 107 ملايين دولار كندي زائدا الفوائد كتعويض عقابي ضد ايران ولفقدان التوجيه والرعاية والرفقة وتعويض عن الالام والمعاناة التي تعيشها أسر الضحايا.

وهنا السؤال الاهم، سألت “مارك” كيف ستحصل الاسر على هذه الاموال وإيران ترفض التعويض بل وحتى ترفض التفاوض؟

ابتسم مارك قائلا: هذا عملنا ان وفريقي ايران لديها اصول واموال مجمدة في كندا وحول العالم كما لديها بواخر نفط في مناطق عدة سنصل لها وسنحصل على حق العائلات في التعويض.

وهنا قاطعته وسألته كيف ستحصل عليها ماهي الطرق؟ اجاب، هذا السؤال لا يمكنني الرد عليه لأنني لا اريد النظام الايراني يعلم ماذا نفعل وكيف نتحرك للوصول الى هذه الاصول ولا الوقت،لكننا سنسعى انا وفريقي للحصول عليها.

أسر الضحايا والبحث عن العدالة

اسر الضحايا اعتبروا قرار المحكمة بالعادل وانه انتصار لكن غير مكتمل وسيكتمل عندما تكشف إيران الحقيقة امام محكمة العدل الدولية.. هذا ما قاله “شاهين بودربراستو” في تصريح خاص لأخبار الان، مضيفا ان القضية ليست للمطالبة بالتعويض الاهم هو العدالة، سنتان مرت على سقوط الطائرة الاوكرانية “بوينغ 737” التي تحطمت بعيد إقلاعها من مطار الإمام الخميني في طهران في الثامن من يناير 2020 الحادث أدى إلى مقتل 176 شخصا كانوا على متنها، غالبيتهم من الكنديين من اصول إيرانية ومقيمين في كندا.

صاروخان من طراز TOR-M1 أُطلقا باتجاه الطائرة الأوكرانية بعد ان انكرت ايران فعلتها لإيام قائلة ان الطائرة انحرفت عن مسارها للعودة لكن اوكرانيا نفت هذا التصريح مثبتة ذلك بالخرائط…وما ان اعترفت ايران بإطلاق الصواريخ الا ووجدت طريقا للتملص من مسؤوليتها على لسان قائد القوة الجوية في الحرس أمير علي حاجي زاده حيث اعلن  أن الحرس ظن أن الطائرة الأوكرانية صاروخ كروز، فاستهدفها، لكن الحقائق تكشفت الواحدة تلو الاخرى واثبتت اسر الضحايا ان ايران استخدمت الطائرة المدنية الاوكرانية كدرع بشري خوفا من استهداف القوات الاميركية لها، بعد قصفها قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق ردا على مقتل قاسم سليماني، العائلات اثبتت ان استهداف الطائرة متعمد بالأدلة والبراهين.

من خلال اكثر من تحقيق اجرته العائلات بالتعاون مع خبراء في الطيران، العائلات والحكومة الكندية وحلفائها الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد واوكرانيا وعلى مدى عامين طالبوا النظام الايراني بكشف الحقيقة والاجابة عن اسئلة اسر الضحايا واهم تلك الاسئلة:  لماذا اسقط الحرس الطائرة وماذا حصل في تلك الليلة ولماذا هذه الطائرة بالذات خاصة وان ايران تركت مجالها الجوي مفتوحا عمدا رغم ان تلك الليلة كانت تشهد توترا عسكريا، وبحسب خبراء عسكريون فأن في مثل هذه الحالات كان الاجدر بإيران أن تغلق مجالها الجوي..

عامان مرت كنت الاقرب في متابعة احداث الطائرة سمعت قصص اهالي الضحايا المأساوية والانسانية المحزنة المبُكية عن قرب ،،عائلات تحطمت وخسرت اعز الاحباب، “شاهين بودربراستو” خسر زوجته وابنه بقي لوحده في منزل يخلو من مرح العائلة يعيش على الذكريات والصور، اما “ميرزا زاده” فقد خسر ابنه الوحيد الذي كان على وشك الدخول الى الجامعة، يعيش ميزرا حياته الان بين الصور والشموع، شارد الذهن وحزين.

الطائرة الأوكرانية

صورة لنصب تذكاري لضحايا الطائرة الأوكرانية في العاصمة كييف – غيتي

ايضا زرت ” امير ارسلاني” الذي فقد شقيقته وزوجها وابنتهما ذات العامين من العمر والتي انتشرت صورها في كل المواقع والتلفزيونات، كان حزنهم عميق فالعائلة قضت بأكملها، وكذلك حامد اسماعيليون الذي يترأس الان مؤسسة اسر ضحايا الطائرة الاوكرانية طبيب الاسنان الذي فقد زوجته وابنه،،قصص مؤلمة كنت قد عشت لحظات الحزن معهم.

عامان مرت لم يلتئم فيها جروح اسر الضحايا، باحثين عن الحقيقة لعلها تخفف من الآمهم

كندا من جهتها حاولت مرارا اسال الرسائل الى النظام الايراني من اجل الجلوس على طاولة المفاوضات وكشف الحقيقة لإسر الضحايا وتعويضهم لكن وبعد مرور عامين وبعد امهلت كندا ايران الى الخامس من يناير الجاري للتفاوض، اعلنت كندا رسميا ان ايران رفضت الحوار وان اوتاوا اوقفت نهائيا التفاوض مع ايران وستلجأ الى احكام القانون الدولي. وكانت اسر الضحايا تنتظر انتهاء هذه المهلة حتى تتحول قضيتهم الى المنظمة الدولية للطيران المدني والتي تضم ستة وثلاثين بلدا سيقررون كيف يتعاملوا مع نظام طهران.