المعارضة في إيران تحت خطر أكبر.. النظام يجذر نفسه أكثر وأكثر

  • الانتخابات ستؤدي لإحداث تحوّل في النظام السياسي في إيران
  • القمع الاستبدادي ازداد بشكل كبير في ظلّ عهد الرئيس حسن روحاني
  • شخصيات عديدة في إيران تعتبر أنّ ما سيحصل هو تعيين وليس انتخابات
  • يمكن توقع عمليات التطهير والقمع العنيف للمعارضة في الشوارع 

تنطلق الانتخابات الرئاسية في إيران، يوم غدٍ الجمعة (18 يونيو/حزيران)، في وقتٍ يرى فيه المراقبون أنها لن تكون حرّة أبداً.

ووفقاً لمجلة “تايم“، فإنّ الانتخابات لن تُسفر عن رئيس جديد فحسب، بل ستؤدي إلى إحداث تحوّل في النظام السياسي في إيران، مما يمثل مرحلة جديدة من “الثورة الإسلامية”، مشيرة إلى أنّ “الانتخابات وسط النظام القائم ليست حرة ولا نزيهة، ويتم تنظيمها بعناية من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي ومجلس صيانة الدستور التابع له”.

وفي السابق، كان خامنئي يسمح على مضض لأحد المطلعين على النظام بالترشح تحت ستار أجندة “إصلاحية” من أجل “تسخين فرن الانتخابات مسبقاً”، وتشجيع التصويت. وفي الواقع، فقد قدّمت الانتخابات صوراً لإخفاء نظام خامنئي الإسلامي تحت ثوب “الجمهورية”، كما أنه كان هناك تشديد على تصوير بأن النظام لا يهدّد الحرية وذلك من خلال إبراز صور الإيرَانيين وهم يقفون في طوابير عند صناديق الاقتراع.

وهذا الانقسام المصطنع، أي تقاتل المتشديين ضد من يسمّون أنفسهم بالإصلاحيين، خدم خامنئي جيداً لأكثر من 30 عاماً، وأعطى جيلاً من الشباب الإيراني أملاً زائفاً بالتغيير  وشجع الغرب على الاعتقاد بأنه يمكن تمكين “المعتدلين”.

والآن، فإن خامنئي تخلى عن هذا التكتيك، مدركاً أن اللعبة “الإصلاحية – المتشددة” لم تعد تحظى بقبول لدى الإيرَانيين الذين يعتزمون مقاطعة الانتخابات بشكل جماعي.

وترجع مقاطعة الانتخابات جزئياً إلى الاقتصاد الإيرَاني المتدهور، الناجم عن مزيج من العقوبات على طهران فضلاً عن سوء إدارة الدولة وتفشي فساد النخبة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ القمع الاستبدادي ازداد بشكل كبير في ظلّ عهد الرئيس حسن روحاني، إذ كان لإدارته دور في دعم وتسهيل القمع العنيف للاحتجاجات المناهضة للنظام في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 والتي شهدت قتل قوات أمن الدولة لما يصل إلى 1500 مدني لا يحملون أية أسلحة.

وبالنسبة لخامنئي وأتباعه الشيعة المتشددين، فإن الثورة التي بدأت في عام 1979 لم تنته أبداً، وهو مفهوم طالما كافح الغرب لفهمه. وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي، حدّد خامنئي 5 مراحل ضرورية مرتبطة بالثورة الإيرَانية وهي: الثورة الإسلامية، إنشاء نظام إسلامي، إنشاء حكومة إسلامية، تأسيس مجتمع إسلامي، وإنشاء عالم إسلامي. وبينما يعتقد خامنئي وأتباعه المتشددون أن إيرَان حققت المرحلتين الأوليين، فإن السعي قائم لإتمام المراحل المتبقية.

ولكي يتحقق ذلك، أطلق خامنئي في العام 2019 ورقة تحدّد رؤيته المستقبلية التي تتضمن تنصيب جيل من الشباب الموالين لخامنئي عبر الحكومة. وإدراكاً منه أن الانقسامات بين الفصائل قد تظهر بعد وفاته، فإن خامنئي يبذل قصارى جهده لضمان بقاء أيديولوجيته الإسلامية بعده.

وفي وقت سابق، أعلن رجل الدين المتشدد وحليف خامنئي مهدي طائب أنه تم الوصول إلى مرحلة “تطهير الثورة الإسلامية”. وفعلياً، فإن هندسة الانتخابات الحالية تعكس ذلك، إذ أنه من بين 529 شخصاً تقدموا للترشح، تمت الموافقة على 7 منهم، و 2 فقط (إبراهيم رئيسي – سعيد جليلي) لديهما الفرصة للفوز وتشكيل إدارة جديدة ويشتركان في أجندات سياسية متطابقة فضلاً عن قواعد دعم إيديولجي إلى جانب ولاء مطلق للزعيم والقيادة العليا.

وإلى جانب كل ذلك، فإن هناك العديد من الشخصيات في إيران تعتبر أنّ ما سيحصل هو تعيين وليس انتخابات، ويتحدثون بصراحة عن الانتقال من “جمهورية إسلامية” إلى “دولة إسلامية”.

وسيكون الحرس الثوري الإيراني الفصيل الأكثر التزاماً وولاء لنظام خامنئي. وخلال الأسبوع الماضي، قال المسؤول العسكري الإيراني محمد رضا نقدي أن “الهدف لدى الخامنئي وقبل الخميني، هو تشكيل دولة إسلامية”.

وفي ظل هذه الخلفية، من المرجح جداً أن أعضاء الحرس الثوري الإيراني، الذين ينتمون إلى شريحة المجتمع الإيراني التي توفر الأساس المتين لدعم خامنئي، سيشغلون 850 منصباً سياسياً رفيع المستوى في الإدارة المقبلة. ونتيجة لذلك ، سيحتل الحرس الثوري الإيراني “الدولة العميقة” مع ترسيخ نفسه داخل الدولة “المرئية”، مما يزيد من وصوله إلى الموارد والسلطة.

ومع كل ذلك، فإنّ هناك سعياً كبيراً لتوسيع قوة الحرس الثوري الإيرَاني، إذ كان على الصعيد الداخلي في المحاربين ضمن “معركة إيران ضد الغزو الثقافي الغربي”، وقد تجلى ذلك في حملات القمع العنيفة ضد المعارضة للنظام فضلاً عن خنق المجتمع الإيراني. وعملياً، فإن المرحلة التالية ستكون بمتابعة عملية التطهير الإيديولوجي في جميع أنحاء المجتمع الإيراني.

وفي العام 2019، هدد سعيد قاسمي، قائد الحرس الثوري الإيرَاني باستخدام العنف ضد أي شخصٍ ينتقد النظام، ما يعني أنه يمكن توقع عمليات التطهير والقمع العنيف للمعارضة في الشوارع بحسب “تايم”.

شاهد أيضاً: وثائق تكشف خطة إيرانية لبناء سلاح نووي بتصميمات مبتكرة