فضحت نفسها بنفسها.. قرار الصين لزيادة المواليد يؤكد حقائق كثيرة

قرّرت السلطات في الصّين مؤخراً، السماح للعائلات بإنجاب 3 أطفال، وذلك أملاً منها برفع معدل المواليد في البلاد.

وأفادت وكالة الصين الجديدة الرسمية للأنباء (شينخوا)، الإثنين (31 مايو/أيار)، أن الصين ستلغي الحدّ الأقصى للإنجاب المحدد بطفلين وستسمح للعائلات بـ3 أطفال.

وفي الواقع، فإنّ هذا القرار يأتي بعد بضعة أسابيع من نشر نتائج التعداد العشري الأخير التي كشفت عن تراجع حاد في معدّل الولادات في البلد الأكثر تعداداً بالسكان في العالم.

وأوردت “شينخوا” نقلا عن نتائج اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي برئاسة رئيس البلاد شي جينبينغ “في مواجهة تشيّخ المجتمع (…) يسمح للزوجين بإنجاب ثلاثة أطفال”.

تناقض كبير

وفعلياً، فإن الصين تسعى بشكل كبير إلى توسيع قاعدة الولادات في مجتمع “الهان”، لكنها في المقابل تعمد باستمرار إلى ضرب مجتمعات عرقية أخرى، خصوصاً مجتمع أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ.

وهناك، فإنّ ممارسات الصّين تتجلى في الحد من نسل الإيغور من خلال اعتماد إجراءات التعقيم القسري للنساء فضلاً عن سجن الرجال في معسكرات اعتقال تشهد على أبشع أنواع الاضطهاد.

وخلال الفترات الماضية، كشفت الوثائق والأدلة عن سياسات الصّين الهادفة لضرب جذور أقلية الإيغور ومنع التكاثر فيها، الأمر الذي يكشف عن تناقض كبير بين سياسات بكين في المجتمعات الصينية وبين السياسات التي تستهدف مجتمعات الأقليات العرقية.

وفي الواقع، فإن الصّين لا تريدُ زيادة معدلات المواليد في شينجيانغ، وهي تتفاخر دائماً بأن معدل المواليد انخفض هناك. فقبل أشهر قليلة، دافعت السفارة الصينية في الولايات المتحدة عن تقرير نشرته يؤكد أن بكين نجحت في تقليل إنجاب النساء المسلمات من أقلية “الإيغور” للأطفال، زاعمةً أن السكان رحبوا بجهود الحد من الزيادة السكانية من خلال مكافحة الأفكار المتطرفة.

وصدر التقرير في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو يظهر انخفاضاً في معدل المواليد ومعدل النمو الطبيعي للسكان في منطقة شينجيانغ التي يعيش بها الإيغور، وذلك في العام 2018، مشيراً إلى أن انخفاض الإنجاب نتج عن القضاء على التطرف الديني.

وزعم التقرير عن التغير السكاني في شينجيانغ إن “التطرف حرض الناس على مقاومة تنظيم الأسرة وأن القضاء عليه منح نساء الإيغور مزيداً من الاستقلالية عند اتخاذ قرار بشأن إنجاب الأطفال”.

وخلال العام الماضي، كشف تقرير لصحيفة “إندبندنت” البريطانية أنّ مسؤولين صينيين أقروا بحدوث انخفاض كبير في معدلات المواليد في شينجيانغ، وذلك بعد اتهامات دولية للحزب للشيوعي الحاكم بإجراء عمليات تعقيم قسرية لمسلمات الإيغور.

وأفاد المسؤولون أن عدد المواليد في المنطقة انخفض بمقدار الثلث بين عامي 2017 و2018، إلا أن حكومة شينجيانغ الشيوعية نفت عمليات التعقيم القسرية، وزعمت أن جميع الإجراءات كانت طوعية.

كذلك، ذكر تقرير لموقع “صوت أمريكا” بتاريخ 27 مارس/آذار 2021، أنّ بيانات إحصائيّة جديدة كشفت عن آثار الإبادة التي تمارسها الصّين ضدّ أقلية الإيغور المسلمة في شينجيانغ، والتي تعاني من الاضطهاد والقمع.

ووفقاً للموقع الأمريكي، فإنّ البيانات هذه برزت في الكتاب الإحصائي السنوي الصّيني 2020، والذي أعدّه المكتب الوطني للإحصاء. وفعلياً، فإن المعطيات التي تقدمها الأرقام تؤكد تماماً على نهج الصين في شنّ حملة إبادة جماعية ضدّ أقلية الإيغور في البلاد.

وتشيرُ البيانات إلى أنّ معدّل المواليد في شينجيانغ عام 2019 بلغ 8.14 مولوداً لكل 1000 شخص فقط، علماً أنه في العام 2017 كان معدل المواليد 15.88 ولادة لكل 1000 شخص. ولهذا، فإن هذه البيانات تكشف الآثار الناجمة عن حملة الصين في شينجيانغ التي تهدف بالأساس إلى الحد من نسل أقلية الإيغور وضرب مجتمعاتها.

ومع هذا، فإنّ معدل النمو السكاني الطبيعي في شينجيانغ (الذي يمثل الوفيات والمواليد)، انخفض بشكل كبير، إذ أشارت الأرقام أيضاً إلى أنّه كان 11.4 لكل 1000 شخص في العام 2017 وقد أصبح 3.69 لكل 1000 في العام 2019، وهذا انخفاض بأكثر من 67%.

إلى ذلك، قال تيم غروس، الأستاذ المشارك في الدراسات الصّينية في معهد روز هولمان للتكنولوجيا في إنديانا: “لدينا أكوام من الأدلة التي تظهر أن الأزواج الذين يتجاوزون حدود الولادة يتعرضون للسجن، بشكل أساسي في شكل إعادة تعليم”.

ومع هذا، فقد أكّد مركز أبحاث أسترالي في تقرير جديد له أنّ السياسات القسرية في منطقة شينجيانغ – غرب الصين، أدت إلى انخفاض حادٍ في معدلات المواليد في صفوف أبناء أقلية الإيغور المسلمة والأقليات العرقية الأخرى، وهو أمرٌ قد يضاف إلى الأدلة على ارتكاب إبادة جماعية هناك.

ووفقاً لوكالة “رويترز“، فقد قال تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي (ASPI) ، نقلاً عن بيانات صينية رسمية، إنه كان هناك “انخفاض غير مسبوق وسريع في معدلات المواليد الرسمية في شينجيانغ منذ عام 2017″، وذلك عندما بدأت الصّين حملة للسيطرة على معدلات المواليد في المنطقة.

وذكر المعهد في تقريره أن معدل المواليد في شينجيانغ انخفض بمقدار النصف تقريباً من العام 2017 إلى العام 2019، في وقتٍ شهدت المقاطعات التي تعتبر غالبية سكانها من مسلمي الإيغور أو أقلية أخرى، انخفاضاً أكثر حدة من المقاطعات الأخرى.

ووسط ذلك، تدّعي الصين أنّ التغيرات في معدلات المواليد مرتبطة بتحسين السياسة الصحية والاقتصادية، وهي ترفض بشدةّ اتهامات الابادة الجماعية.

وبشكل أساسي، فإن الصين لا ترغب في توسّع قاعدة المواليد الإيغور وبالتالي ضرب المجتمع المسلم في شينجيانغ. فتارة تتفاخر في ذلك هناك، لكنها لا تريد تكريس ذلك في مجتمعاتها، والتناقض هذا فاضحٌ ويؤكد سياساتها القمعية في شينجيانغ.

كذلك، فإن الصين باتت تستشعر الخطر الكبير والقلق من النمو المرتفع للأقليات العرقية مقارنة بسكان الهان، على الرغم من أن الأقلية العرقية لا تزال تشكل أقل من 9٪ فقط من إجمالي سكان جمهورية الصين الشعبية، وذلك وفقاً لجوان سميث فينلي، خبيرة الشؤون الصينية بجامعة نيوكاسل البريطانية.

ورأت فينلي أنّ الحزب الشيوعي الصيني يريد المزيد من أطفال الهان بدلاً من أطفال الأقليات العرقية لدعم دولة الأغلبية الهانية.

شاهد أيضاً: سلطات الصين تراقب مسلمي الإيغور في كل مكان والقمع مستمر