صائد العذارى.. قصة سفاح فرنسي

بث الرعب في فرنسا وبلجيكا، بميول منحرفة للغاية ليست بغريبة على سلوك وأنماط السفاحين، لكن كقصة إليزابيث باثوري المجرية النبيلة التي تبين أنها بعد ذلك سفاحة فالأمر ليس غريبا على هذا النمط بينهما.

باثوري التي ولدت عام 1560 في مملكة المجر وتوفيت بعمر الـ54، دخلت موسوعة غينيس بأفظع شكل ممكن، كونها أكثر امرأة قتلت، رغم أن عدد ضحاياها ليس معروفا بشكل محدد.

إليزابيث كانت متهمة بتعذيب وقتل مئات من البنات والنساء في الفترة من 1590 وحتى 1610، البعض قال إن هذا حدث بالفعل وآخرون قالوا إن السياسة كانت المحرك الرئيسي لتلك الاتهامات.

فماذا عن فورنيريه؟

في عام 1987 قابل ميشال فورنيريه، مونيك أوليفيه، وقتها كان ميشال يقضي فترة عقوبته في سجن مقاطعة فليوري ميرجويس بفرنسا.

حينما غادر السجن كان قد كون ثنائيا مع مونيك وقاما بعمليتهما الأولى معا، اختطاف الفتاة ذات الـ14 عاما إيزابيل لافيل، كانت في طريقها للمدرسة.

بعد ذلك احتفلا بزواجهما في 28 يوليو 1989 في مقاطعة فلوان بأردين في فرنسا. بعد أشهر قليل من ولادة ابنهما سيليم.

زواج الثنائي كان قائما على توافق إجرامي قوي بينهما، استمر لـ20 عاما حتى تطلقا في السجن عام 2010.

 

بعد وفاته.. من هو ميشال فورنيريه السفاح الفرنسي "صائد العذارى"

السفاح الفرنسي ميشال فورنيريه. المصدر: أ ف ب

 

لكن لماذا دخلا السجن؟ “وحش أردين”

بالطبع نظرية القاتل المتسلسل المجنون أو المهووس أو سيء الشكل لا تنطبق هنا، فورنيريه كان مهووسا بالأدب، بل وكانت السلطات الفرنسية تصفه بـ”الذكي” لما يقوله ويفعله، وكان دوما يقتبس أقوال أدباء وشعراء مثل فيودور دوستويفسكي وراينر ماريا ريلكه وألبير كامو، كما أنه خدم خلال فترة شبابه في سلاح الطيران الفرنسي في الجزائر.

بعد ذلك عاد للعمل في التجارة وأصبح عامل طحن ونجار بعد ذلك، تزوج 3 مرات ومونيك كانت الثالثة.

في الفترة من 1966 وحتى 1973 تم توجيه أكثر من اتهام له بالعنف والتلصص في فردان ونانت. ودخل السجن في مارس 1984 لعدد كبير من تهم الاعتداء واغتصاب القٌصر في منطقة باريس وحكم عليه بعد ذلك بالسجن لسبع سنوات مع إيقاف عامين منها و3 سنوات مراقبة.

كتب ميشال إعلانا في صحيفة أسبوعية يقول فيه: “سجين يرغب في مراسلة أي شخص في أي عمر لنسيان وحدته”.

تبادل الخطابات مع مونيك، وبعد عدد منها، أتت لزيارته ثم أصبحت الزيارة منتظمة بعد ذلك خلال فترة حبسه، ثم أطلق سراحه بعد ذلك لحسن السير والسلوك. ليرتبطا بعد ذلك ويظلان معا.

خلال عام 1988 تواصلت معه فريدة هاميش، رفيقة أحد زملائه السابقين في الزنزانة وهو جون بيير هيليغوراش، وألقي القبض عليه بتهمة السرقة والإتجار في المخدرات.

بعد صداقة جمعت جون بيير بفورنيريه، طلب من الأخير أن يذهب مع فريدة للبحث عن غنيمة مخبأة في مقبرة بوادي واز، وتتكون من عدة عشرات من الكيلوغرامات من الذهب، ونقلها إلى شقة في فيتري سور سين.

فورنيريه وفريدة قاما بنقل الصندوق بعد العثور عليه، لكن بعد نهاية عملية النقل قام الأول بقتلها بعدما أقنعها أنهما سيذهبان للبحث عن أسلحة ليجذبها إلى منطقة كليرفونتاين ويقتلها.

في عام 1989 وبفضل المال الذي حصل عليه من الذهب، الذي باعه في بروكسل اشترى منزلا صغيرا محاطا بغابة في بلدية دونشيري في إقليم الأردين بفرنسا.

بعد ذلك بوقت قصير خرج هيليغوراش من محبسه، وذهب لرؤية صديقه، الذي قال إنه لا يعلم أي شيء عن اختفاء زوجته ولا المسروقات، ليرحل هيليغوراش مقتنعا بأن صديقه لا علاقة له باختفاء رفيقته.

لكن رغم ذلك، بسبب خطأ في التحقيقات، أعادت الشرطة فتح القضية مرة أخرى، ليذهب هيليغوراش مجددا إلى فورنيريه الذي نجح في التهرب منه، ثم باع منزله في 1991.

اتجه ميشال بعد ذلك مع زوجته وابنه إلى بلجيكا وعاش على بعد 10 كيلومترات من الحدود مع فرنسا، في 1999 عاد هيليغوراش إلى السجن بسبب قضية أخرى، لكنه في أثناء ذلك رفع قضية ضد فورنيريه لاختفاء زوجته، لكن التحقيقات فشلت في إيجاد أي رابط.

في يونيو 2003، اختطف فورنيريه فتاة في الـ13 من عمرها تدعى ماري، كانت في طريقها للمدرسة.

في جرائمه الأخرى كان مخادعا للغاية، كان يخبر الفتيات أنه يبحث عن المدرسة فيصحبهن ثم يختطفهن.

لكن مع ماري حاول إقناعها بركوب السيارة فعل كل شيء، لكنها رفضت ليلجأ إلى العنف، ويقيدها ويلقيها في مؤخرة السيارة، وأثناء توقف السيارة في تقاطع طرق على بعد 10 كيلومترات من موقع الاختطاف، نجحت ماري في فتح صندوق السيارة والهرب.

بمساعدة راكب دراجة بخارية، مرا بجوار السيارة الخاصة بميشال، وشاهد اللوحة والتي سمحت باعتقاله بعد ذلك وكان في الـ61 حينها.

خلال تحقيقات الشرطة البلجيكية، علمت بتاريخه من الشرطة الفرنسية، ثم بحثت في الأطفال المفقودين في بلجيكا، وبعد عام من التحقيقات غير الناجحة والاستجوابات، نجح الثنائي ميشال ومونيك في تنظيم دفاعهما وكاد أن يتم إطلاق سراحه، لولا أنه بعد أكثر من 120 تحقيقا مع مونيك، انهارت واعترفت في 2004.

بعد اعترافها بيوم واحد، اعترف فورنيريه بارتكاب 6 جرائم قتل في اعترافات مسجلة بالفيديو.

ثم تم بعد ذلك تسجيل الاعترافات التالية وفقا لتقارير صحفية فرنسية:

 

  • إيزابيل لافيل فتاة في الـ17 من عمرها، اختطفها مع زوجته في ديسمبر 1987 أثناء عودتها من المدرسة، وتم اكتشاف الجثة في 2006.
  • فريدة هاميش امرأة في الـ31 من عمرها، اختفت منذ 1988.
  • ماري أنجيليه دوميسي فتاة في الـ19 من عمرها اختفت عام 1988، واعترف فورنيريه بهذه التهمة بعد إنكارها أكثر من مرة عام 2018، لكن لم يتم العثور على الجثة.
  • فابيان ليروي، امرأة في الـ20 من عمرها، اختفت عام 1988 ووجد جسدها فيما بعد في الغابات بعد اغتصابها ثم قتلها رميا بالرصاص.
  • جيان ماري ديرامو، طالبة في الـ22 من عمرها، اختفت في عام 1989 ووجد جسدها فيما بعد في ملكية فورنيريه عام 2004.
  • إليزابيث بريشيه، فتاة بلجيكية في الـ12 من عمرها، اختفت عام 1989، اعتقد لفترة طويلة أن مرتكب الواقعة مارك دوترو قبل أن يعترف فورنيريه بعد ذلك عام 2004 ويقود الشرطة لموقع الحادث.
  • جوانا باريش، امرأة بريطانية في الـ20 من عمرها، وجدت عام 1990 في نهر في مونوتو تم اغتصابها وقتلها، واعترف بالواقعة عام 2008.
  • ناتاشا دانيس فتاة في الـ13 من عمرها، اختفت في 1990، في جنوب ضواحي نانت.
  • سيلين سايسون فتاة في الـ18 من عمرها وجدت جثتها عام 2000 في بلجيكا.
  • مانانيا ثامبونج، فتاة فرنسية في الـ13 من عمرها، اختفت عام 2001 في سيدان، ووجدت عظامها في مارس 2002 في بلجيكا.
  • إستيل موزين، فتاة في التاسعة من عمرها، اختفت في 2003، اعترف ميشال فورنيريه بقتلها في مارس 2020 بعد 17 عاما من اختفائها.

في البداية نفى فورنيريه أي صلة بقتل سيلين ومانانيا، لكنه اعترف بعد استجوابات طويلة للغاية.

كيف اكتسب لقبه؟

حتى اللحظة لم يُعرف متى وكيف تمت تسمية فورنيريه بلقب “صائد العذارى”، لكن وفقا لتقارير زوجته مونيك ربما تكون قد وعدته باصطياد العذارى كنوع من التسلية فيما بينهما، في مقابل مساعدته لها بقتل زوجها الأول (وهذا لم يحدث إذ أنه لم يتم قتله).

أثبتت أكثر من 16 جريمة قتل على فورنييه حتى الآن فيما يعتقد أنه ارتكب 19 جريمة قتل، بعض الجثث وجدت بالفعل وبعضها لم يتم العثور عليه حتى اللحظة.

فورنيريه توفي في الـ10 من شهر مايو عام 2021 عن عمر يناهز 79 عاما، بعدما تم إيداعه المستشفى بسبب مشاكل في الجهاز التنفسي.

ربما لا يدخل فورنيريه ضمن قائمة القتلة المتسلسلين أصحاب الأعداد الكبيرة هناك من قتل 100 مثل فيرناندو هيرنانديز ليفايا، لكن بكل تأكيد، سيكون في قائمة تضم أكثر القتلة رعبا واختلالا بما فعله في ضحاياه.

يبدو لبقا، مثقف، شخص عادي، لكنه من أخطر الأشخاص على الإطلاق. هكذا وصفته الحصف ووصف نفسه بنفسه.