قبل أكثر من عشر سنوات دخلت مصر وإثيوبيا والسودان دوامة من المفاوضات بشأن الوصول إلى اتفاق حول سد النهضة, الذي بدأ العمل به في إثيوبيا في عام 2011.
ومنذ ذلك الحين شرعت إثيوبيا في بناء السد, في وقت دخلت فيه حربا كلامية مع القاهرة، تزامنت مع جولات تفاوض لم تفض لأي نتيجة، قبل أن تدخل السودان على الخط ذاته، بالانضمام إلى معسكر إثيوبيا في البداية، ومن ثم تعديل الوجهة نحو القاهرة، ليتحول مسار الأزمة إلى تصريحات لا تتوقف، وجولات تفاوض بدون نتيجة بين مسؤولي مصر والسودان من جهة , وإثيوبيا من جهة أخرى.
وتتفق مصر والسودان على ضرورة التوصل إلى الاتفاق الملزم قبل بدء إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة المقرر في يوليو هذا العام، لكن أديس أبابا تعارض تلك الخطوة , كما أنها ترفض إضافة وسطاء إلى عملية التفاوض القائمة التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

ملء السد

ومع استمرار الفشل في التوصل إلى نتيجة، أعلنت إثيوبيا في يوليو من العام الماضي, إتمام الملء الأول للسد، قبل أن تعلن أنها ستنهي المرحلة الثانية من عملية الملء في الشهر ذاته من هذا العام، على أن تبدأ إنتاج الطاقة من السد في أغسطس/آب المقبل.
ووصل التصعيد بين الأطراف الثلاثة، ذروته، أواخر مارس الماضي، حين قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه لن يستطيع أحد المساس بأمن بلاده المائي.
أضاف: “محدش يقدر ياخد نقطة مياه من مصر.. واللي عاوز يجرب يجرب”.
وأكد السيسي، أن مصر تكسب كل يوم أرضا جديدة في سبيل قضيتها العادلة وحقوقها في مياه النيل، مضيفاً: “موضوع المياه شاغلني وشاغلكم كلكم، وموضوع التفاوض خيارنا اللي احنا بدأنا به”.
تصريحات السيسي نالت تأييدا كبيرا على مواقع التواصل الإجتماعي، تلخصت، في إعلان كثير من رواد الشبكات الاجتماعية في مصر، عن رغبتهم في الدخول في حرب عسكرية مع الجانب الإثيوبي.

ماذا يمثل سد النهضة بالنسبة للشعب الإثيوبي؟

كاميرا أخبار الآن تجولت في شوارع العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لسؤال المواطنين حول ما الذي يمثله لهم سج النهضة , وكيف سيكون موقفهم إذا تسبب في ضرر لمصر أو السودان.

اللي عاوز يجرب يجرب".. كيف يرى الشعب الإثيوبي أحاديث استهداف سد النهضة؟"

يقول ألمو اماري وهو مواطن إثيوبي إنه يشعر بسعادة بالغة لأن السد قد تم بناؤه في العصر الحالي، مشيرا إلى أن رؤيته عند الانتهاء هو حلم حياته الذي يسعى إليه.
يضيف ألمو: “إن سد النهضة الإثيوبي الكبير ليس ملكا للأمهرا أو الأورومو أو التجراي فقط , بل هو ملك لجميع أفراد الشعب الإثيوبي لذلك يجب على الجميع أن يهتم به ويدعمه.
ويقول ألمو إن مصر والسودان لن يتمكنا من المساس بالسد موضحا: ” إن ضرب سد النهضة شيء لا يمكن حدوثه، قد يفكرون في ذلك لكنهم لن يضربونه , ليس الآن فقط وحتى في المستقبل لن يفعلوا ذلك”.

يختتم ألمو بالتأكيد على أن منافع بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير لن تكون مقصورة على الشعب الإثيوبي فقط. اضاف: “علينا أن نواصل شراء السندات المالية لإكمال بناء السد , لأن ذلك سيلعب دورا كبيرا في إكمال عملية بنائه”.

مسألة حياة أو موت

أشنافي موسي مواطن إثيوبي آخر، لا يؤمن أن بناء السد مسألة حياة أو موت للشعب الإثيوبي فحسب، بل هو بمثابة تحديد المصير لجميع دول شرق القارة الإفريقية، مؤكدا أن بعض السياسيين في مصر والسودان يحاولون تسييس عملية بناء السد على حد تعبيره.
ويؤكد موسي أن إثيوبيا بلد ذات سيادة لا تمس مضيفا : “لا يمكنك أن توقف أي تنمية في بلد ذات سيادة, لأنك عندما تهاجم ذلك البلد فإنه لن يقف مكتوف الأيدي”.
ويضيف: ” التنمية في إثيوبيا لن تستفيد منها إثيوبيا وحدها أو مصر والسودان فقط ,فكل العالم سيستطيع الاستفادة من التنمية التي تقوم بها إثيوبيا“.
يقول داني جبراميكائيل وهو مواطن إثيوبي كذلك إن سد النهضة يعد شريان حياة لمواطني بلاده، مشيرا إلى أن إثيوبيا لم تستفد منه في الماضي، في وقت كانت تجري المياه إلى مصر والسودان ومن ثم إلى البحر المتوسط.
ويعتبر داني أن لبلاده الحق في الاستفادة من السد في توليد الكهرباء والري والثروة السمكية والسياحة مضيفا: “هذه مياهنا وثروتنا وهي تكفي الجميع
أما القس كيدان ماريام فلم تختلف تصريحاته عن سابقيه, حيث اعتبر أن السد هو مسألة حياة بالنسبة له، مشيرا إلى أن المشروع سيعود بالنفع على الجميع وسيتسبب في وقف النزاعات.