طرق النظام الإيراني في قمع الاحتجاجات.. وما هو دور وحدة قوة الشرطة الخاصة “نجا”؟

ينعكس الوضع المعيشي المتردي والاقتصادي المنهار في إيران فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الإيراني، على غليان واحتقان الشارع الإيراني ويزيد من معاناته ما يزيد من حركة الاحتجاجات في البلاد.

وفي السنوات الأخيرة، لعبت وحدة قوة الشرطة الإيرانية الخاصة “نجا” دورًا رئيسيًا في قمع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران.

تقرير مرتبط باتحاد الشرطة الإيراني يكشف الأساليب التي استخدمتها “نجا”، مع التركيز بشكل خاص على “الرقابة الاستخباراتية” للوحدة.

ويبحث التقرير أيضًا في استراتيجيات اختراق وحدة الشرطة “نجا”، أي تكتيكها المتمثل في إرسال عملاء سريين أو أعضاء متطوعين من شرطة الباسيج إلى الاحتجاجات لجمع المعلومات عن المتظاهرين.

التقرير، بعنوان “دور الرقابة الاستخباراتية في السيطرة على الاحتجاجات” والتي كتبتها الوحدة الخاصة “نجا”، ونُشرت في خريف 2020 في مجلة للبحوث في العلوم الشرطية، التي تتبع إلى إدارة الشرطة في محافظة كرمان الإيرانية.

ويعرض التقرير آراء قادة لواء الوحدة الخاصة في نجا، جنبًا إلى جنب مع تقييم استراتيجيات نجا للتعامل مع الاحتجاجات والطرق التي تستخدمها الوحدة لقمعها، بما في ذلك عنصر المراقبة المخابراتي الحاسم.

وتم تكليف قوات نجا بقمع الاحتجاجات التي يشارك بها العمال والعاطلين عن العمل والضعفاء.

وفي السنوات الأخيرة، تفاخرت وحدة الشرطة الخاصة بثلاثة “إنجازات” محددة: القمع الدموي للاحتجاجات في كانون الأول \ ديسمبر 2017، وآب \أغسطس 2018، وتشرين الثاني \نوفمبر 2019.

كانت الاحتجاجات التي وقعت في عام 2020 ، وفي أوائل عام 2021 ، آخر شهرين ونصف الشهر من السنة التقويمية الفارسية، في الغالب مسيرات متفرقة ومسيرات محدودة نفذتها مجموعات من الأشخاص المنددين بالظروف المعيشية السيئة في إيران.

ومع ذلك ، فإن وحدة نجا لم تتسامح حتى مع هذه التجمعات، وقمعتها بشدة، بما في ذلك الاحتجاجات في الغيزانية وقرية أبو الفضل، وكلاهما بالقرب من الأهواز في محافظة خوزستان ، وفي مدينة سرافان في سيستان وبلوشستان.

وبالنسبة لوحدة نجا، يشير التقرير إلى أن مصطلح “الرقابة الاستخباراتية ” يعني الحصول على معلومات شاملة حول عدد المتظاهرين المتوقع في مسيرة معينة، وتفاصيل موقع الاحتجاج والوقت المخطط له، بالإضافة إلى الدوافع والمطالب المتوقع أو المعروفة.

ويقول التقرير أن الوحدة الخاصة “نجا” تكون مجهزة بمعلومات استخباراتية كاملة عند تنفيذ مهامها في قمع المتظاهرين السلميين، مضيفاً أنه بسبب عمليات الرقابة الاستخباراتية للوحدة الخاصة، فقد لعب قادتها دورًا حاسمًا في قمع التظاهرات في المدن”. إذ تعتمد جميع العمليات على المعلومات الاستخباراتية وتكون البوصلة الموجهة لعمليات صنع القرار.

يتم اختيار قادة الوحدات التي ستقمع الاحتجاجات بناء على معرفتهم بطبيعة السكان أو الأشخاص الذين يخرجون للاحتجاج، والجغرافيا أو مخطط المدينة ومكان حدوث الاحتجاج، والتهديدات المحتملة المطروحة، فضلاً عن عوامل اخرى مثل القدرة على تحييد وعزل المتظاهرين.

أجندة وحدة نجا الاستخباراتية

وضع قادة نجا أجندة لاكتساب المعرفة والمعلومات الأساسية، وأهم نقاطها كما يلي:

معلومات كاملة عن المناطق: يرسل القادة قوات الشرطة إلى المدينة حيث من المتوقع أن يتم تنظيم احتجاجات فيها، ليصبح الضباط على دراية بالجغرافيا والسكان والتهديدات المحتملة.

وهذا مهم بشكل خاص للمدن الكبيرة. حيث يجب على ضباط الوحدة”نجا” تحديد المناطق والمجتمعات الأكثر غلياناً على النظام الإيراني، حتى تكون وحدة نجا على استعداد لقمع الاحتجاجات عند اندلاعها.

وأوضح التقرير أيضًا، أن “نجا” ترسل أفرادًا من وحدات خارجية إلى مدينة أو منطقة؛ بمعنى آخر ، لن ترسل الشرطة المحلية لتقييم الوضع، ومن المرجح إرسال ضباط من المقاطعات المجاورة. ويشار إلى هذه الخطة الأمنية من قبل القادة باسم “علم إيران”.

وتتضمن خطة علم إيران، بالإضافة إلى تحديد الأهداف في خطة الإلمام بالمناطق الحضرية، أيضًا تقييم مراكز المرور والنقل، بما في ذلك تحديد كيفية التنقل في منطقة معينة عن طريق البر، والسكك الحديدية والسفر الجوي.

أهداف

وهنا يحدد مقال مجلة البحوث في العلوم الشرطية، أهم أهداف الوحدة الخاصة “نجا” فيما يتعلق بالوصول إلى معلومات شاملة عن المحتجين:

1- تطوير أنظمة التشغيل وقواعد البيانات

2- تنمية قدرات وإمكانيات المخاطر المستقبلية وتحديد الاتجاهات

3- تطوير البنية التحتية لعمليات المراقبة

4- تسهيل الوصول إلى البنوك وأنظمة المعلومات

5- تنمية القدرات الاستيعابية للمنطقة وتصنيف الخصائص الجغرافية والاجتماعية والسياسية والطبقية للمحافظات.

6- تنمية القدرة على تخطيط وتنفيذ التدريبات الميدانية وفق السيناريوهات والتهديدات المحتملة.

دور المتسللين

إن نشر القوات المحلية  الباسيج للتمركز بين المتظاهرين واستخدام التسلل لتحقيق أهداف محددة، هو أيضًا محور رئيسي للتقرير.

وبحسب التقرير، فإن قوات “الباسيج” تتسلل إلى صفوف المتظاهرين لجمع المعلومات عنهم، بما في ذلك تحديد الأشخاص أو المجموعات التي تقود أو تحشد الحشود، كما تساعد الباسيج على إطلاق عمليات نفسية، ما يقلل من قدرة المتظاهرين ويحولهم عن مسارهم الأصلي، ما أدى إلى زرع الإحباط وانخفاض سقف التوقعات على الأرجح بين المحتجين.

كما أجرى التحقق مقابلات مع قادة الوحدات الخاصة في جميع أنحاء البلاد، واستفسر منهم عن رأيهم في الدور الذي لعبته “الرقابة الاستخباراتية” في قمع الاحتجاجات.

وأخبر القادة فريق البحث بأن “الرقابة الاستخباراتية في مجال الخصوم، فعالة في مهمات التحكم في المظاهرات. وبالإضافة إلى زيادة قدرة القادة على تحقيق الرقابة الاستخباراتية، فإن اختراق المتظاهرين له تأثير كبير على نجاحهم في قمعهم.

كما خلصت الدراسة إلى أن “القوى العاملة المتخصصة والمدربة، إلى جانب الأجهزة التقنية الحديثة والحديثة مثل الدوائر التلفزيونية المغلقة والمراقبة بالكاميرات للساحة ومراقبة الفضاء الإلكتروني، عامل مهم بالإضافة إلى اللعب على الوتر النفسي للمتظاهرين.

وبالحديث عن الجانب النفسي فإن الحرب النفسية هي جزء حيوي من عمل هذه الوحدات الخاصة في إيران. حيث كان هذا النوع من الحرب مفتاحًا لقمع الاحتجاجات، ومحورًا للعديد من التقارير الأكاديمية والتحليلات السياسية والاستراتيجية والتغطية الإخبارية ومعرفة كافة التفاصيل عن المتظاهرين والتظاهرات.