وباء كورونا وتهريب المخدرات إلى أوروبا

في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، ألقت سلطات الجمارك في كل من ألمانيا وبلجيكا، كمية غير مسبوقة من المخدرات، وصلت إلى 23 طنا من الكوكايين، كانت في طريقها إلى هولندا.

وعثرت السلطات في ألمانيا على 16 طنا من الكوكايين في خمس حاويات شحن، وصلت إلى مرفأ هامبورغ من باراغواي في بداية الشهر، فيما ضبطت السلطات 7.2 طن كوكايين في مرفأ أنتويرب في بلجيكا.

وتُقدر القيمة السوقية للكوكايين المصادر بمليارات اليورو بحسب مسؤولين في ألمانيا.

كيف ضُبطت تلك الكمية الضخمة؟

خبأت المخدرات، التي ضبطت في أنتويرب، داخل حاويات مليئة بألواح خشبية، أما التي ضبطت في هامبورغ فكانت داخل علب مادة لحشو الجدران، وقد وصلت إلى أوروبا في حاويات شحنت من باراغواي.

وتقول الكاتبة والباحثة في الشؤون الأوروبية، ليلى حداد، إن الجمارك البلجيكية استثمرت خلال الفترة الأخيرة في البنى التحتية والتقنيات الحديثة لمواجهة خطر تهريب المخدرات عبر أراضيها.

وأضافت حداد لـ“أخبار الآن” أن أهمية ميناء أنتويرب، حملت السلطات في بلجيكا على استخدام تقنيات حديثة في التعامل مع فحص البضائع التي تدخل البلاد، كالمسح الضوئي واستخدام الليزر وغيرهم من التقنيات وهو الأمر الذي أدى إلى إحكام الرقابة على الموانئ في عموما بلجيكا.

وكان ضباط الجمارك في أنتويرب قد طلبوا إجراء المزيد من الفحوص على الشحنة الآتية من باراغوي بعد رصد “عدم اتساق واضح” في بعض محتوياتها من عبوات من الصفيح من المفترض أنها تحتوي على المعجون.

وقال المسؤولون: “خلف طبقة من البضائع الأصلية الموضوعة مباشرة خلف باب الحاوية، كان هناك عدد كبير من العبوات ملئت ببضائع أخرى”.

وطلب المحققون إفراغ الحاويات، حيث عثروا على الكوكايين مخبأً في أكثر من 1700 عبوة.

وقالت سلطات الجمارك في ألمانيا: “إنها أكبر كمية من الكوكايين ضبطت في أوروبا وواحدة من أكبر المضبوطات حجماً في العالم”.

 

 

كيف أثر كورونا على تهريب المخدرات في أوروبا؟

مع تفشي كورونا حول العالم، اضطرت دول العالم لتشديد إجراءاتها الاحترازية، داخل البلاد، فيما ضاعفت تلك الإجراءات في الموانئ والمناطق الحدودية.

وفي هذا السياق تشير الكاتبة والباحثة في الشؤون الأوروبية، ليلى حداد، إلى أن تشديد الإجراءات الخاصة بفيروس كورونا، أدى إلى صعوبة تهريب شحنات المخدرات عبر الموانئ بشكل مباشر، الأمر الذي حمل تلك العصابات الإجرامية على تغيير خططها الخاصة بالتهريب.

وتقول حداد في حديثها لـ”أخبار الآن” إن الجمارك البلجيكية مثلا وجدت الكوكايين في إحدى المرات داخل علب سمك، الأمر الذي يؤكد الصعوبة التي باتت تواجهها تلك العصابات في محاولة العبور إلى الداخل البلجيكي.

وكانت السلطات البلجيكية في 2020 قد ضبطت ما يقرب من 65,5 طنا من الكوكايين في أنتويرب، في مستوى قياسي جديد، ليحافظ ميناء هذه المدينة الساحلية على موقعه كأبرز مدخل لهذه المخدرات إلى أوروبا، وفق ما أعلنت وزارة المال في الخامس من يناير 2021.

لماذا ميناء أنتويرب؟

أنتويرب هي مدينة وبلدية في بلجيكا وعاصمة مقاطعة أنتويرب في الإقليم الفلامندي، وتعتبر بلجيكا دولة ترانزيت مهمة بين وسط وغرب أوروبا.

ويعد أنتويرب أهم موانئ البلاد، بل أحد أهم مؤانئ العالم، وتقع أنتويرب على الضفة الشرقية من نهر سخيلده، الذي يرتبط ببحر الشمال، كما تربطها قناة ألبرت بمدينة لييج البلجيكية الداخلية.

وبحسب الكاتبة والباحثة في الشؤون الأوروبية، ليلى حداد، فإن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله ميناء أنتويرب هو العامل الأساسي، وراء تزايد محاولات تهريب المخدرات من خلاله، في ضوء ابتعاده ببضعة كيلومترات فقط عن ميناء مدينة روتردام الهولندية.

وأوضحت حداد أن ميناء أنتويرب، كان أحد العوامل الرئيسية وراء ازدهار الاقتصاد البلجيكي بشكل عام.

خلال العام الماضي، ضبط نحو 102 طن من الكوكايين أثناء تهريبها إلى أوروبا.

في أكتوبر/ تشرين الأول، عُثر على 11.5 طن من الكوكايين في شحنة خردة معدنية لدى وصولها إلى مرفأ أنتويرب آتية من أمريكا الجنوبية.

وفي أغسطس/ آب 2019، صادرت سلطة الجمارك في مرفأ هامبورغ نحو 4.5 طن من الكوكايين في شحنة مدرجة على أنها حبوب صويا.

 

 

هولندا.. الوجهة الدائمة لعصابات المخدرات

أعلنت الشرطة في هولندا إلقاء القبض على رجل، يبلغ من العمر 28 عاماً، للاشتباه في تورطه في عملية تهريب المخدرات الضخمة التي ضبطت في هامبورغ وأنتويرب.

ولا تعد تلك المرة الأولى، التي تكون فيها هولندا هي الوجهة لشحنات مخدرات ضخمة، في ظل المساعي التي تبذلها عصابات التهريب من أجل الوصول إلى البلاد.

وتقول الكاتبة والباحثة في الشؤون الأوروبية، ليلى حداد، إن تعاطي المخدرات ينتشر في هولندا بشكل واسع الأمر الذي يزيد من عمليات الإتجار في البلاد، في وقت تشهد فيه عمليات ترويج المواد المخدرة على نحو واسع.

وتضيف حداد لـ”أخبار الآن” أن هولندا من الدول المعروف عنها ترخيص المخدرات وتناولها في المقاهي والحانات، بل واستخدامها حتى في أشكال متعددة كالأطعمة والحلويات وغيرها.