مقتل مسلحين موالين لإيران في سوريا

في أوّل عمليّة عسكريّة لإدارة جو بايدن ردّاً على هجمات طالت مؤخّراً مصالح غربيّة في العراق، قُتل 22 مسلّحاً عراقيّاً موالين لإيران جرّاء قصف أمريكي استهدف ليل الخميس الجمعة بنى تحتيّة تابعة لهم في شرق سوريا.

وقال بايدن، الجمعة، خلال جولة له في تكساس لتفقّد الأضرار الناجمة عن عاصفة ضربت المنطقة إن الضربات الجوية الأمريكية في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير، وأضاف محذراً إيران انها لن تفلت من العقاب.

وتأتي الضربات التي ندّدت بها دمشق وحليفتها موسكو، على خلفيّة توتّر بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الايراني والعودة إلى طاولة المفاوضات.

بايدن: الضربات الأمريكية في سوريا تحذير لـ إيران

الرئيس الأمريكي جو بايدن يخاطب جنوداً من وحدة طبية يساعدون في إدارة موقع تطعيم ضد مرض فيروس كورونا في هيوستن، تكساس، الولايات المتحدة/ رويترز

إيران.. تحذيرات أمريكية من التمادي

قال البيت الأبيض مساء الجمعة، إنّ الولايات المتحدة بعثت “رسالة لا لبس فيها” عبر شنّها الغارات.

وقالت المتحدثة جين ساكي إنّ الرئيس جو بايدن “يبعث رسالةً لا لبس فيها بأنّه سيتحرّك لحماية الأمريكيّين. وعندما يتمّ توجيه التهديدات، يكون له الحقّ في اتّخاذ إجراء في الوقت والطريقة اللذين يختارهما”.

من جهته، قال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي، إنّ طائرتَي “إف -15 إي” من طراز “سترايك إيغلز” أسقطتا سبع ذخائر دقيقة التوجيه الخميس على منشآت في شرق سوريا تستخدمها مجموعات مسلّحة يُعتقد أنّها وراء سلسلة هجمات صاروخيّة على القوّات الأمريكيّة في العراق.

ووصف كيربي في بيان الضربات بأنها “دفاعية”، موضحاً أنها دمّرت “بنى تحتيّة عدّة تقع في نقطة حدودية تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران“، وتحديداً كتائب حزب الله وسيد الشهداء، المنضويان في الحشد الشعبي العراقي.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الانسان 22 قتيلاً على الأقلّ من فصائل عراقيّة موالية لإيران، غالبيّتهم من كتائب حزب الله.

تنشر السلطات العراقية الحشد الشعبي، وهو ائتلاف فصائل عراقية بارزة شبه عسكرية، على طول الحدود المتداخلة مع سوريا منذ الإعلان في العام 2017 عن الانتصار على تنظيم داعش. وتنفي قيادة الحشد عمل فصائلها خارج العراق، لكنّ مقاتلين من مجموعات منضوية فيه يشاركون في القتال داخل سوريا.

دمّرت الغارات الأمريكية، وفق المرصد، ثلاث شاحنات تحمل ذخيرة عند الساعة الواحدة فجراً (23,00 ت غ)، لحظة دخولها من معبر غير شرعي من العراق إلى جنوب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي.

وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال والميادين لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل الى جانب قوات النظام السوري. وغالباً ما تتعرّض شاحنات تنقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل التي تؤكد غالباً عزمها على إنهاء “التموضع الإيراني” في سوريا.

والجمعة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان “طالما أنّي رئيس للوزراء، لن تمتلك إيران أسلحة نوويّة. سأفعل كلّ شيء لمنع ذلك، وقلت ذلك للرئيس بايدن. باتّفاق أو من دونه”.

وندّدت وزارة الخارجية السورية بـ”الهجوم الأمريكي”، معتبرةً أنّه “يشكّل مؤشّراً سلبياً” على سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة.

وحذّرت في بيان من أنّه “سيؤدّي إلى عواقب من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة”، مطالبة واشنطن “بتغيير نهجها تجاهها”.

ونفت وزارة الدفاع العراقية تلقّيها معلومات من الجانب الأمريكي قبل تنفيذ القصف، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ واشنطن أخطرت الجيش الروسي قبل أربع أو خمس دقائق فقط. وقال “هذا النوع من التحذير، عندما تكون الضربات قيد التنفيذ، لا ينفعنا”.

ونددت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “بشدة” بالقصف الأمريكي، داعية إلى “احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها من دون شروط”.

عملية انتقامية “محسوبة”

وبينما ينتظر بايدن رداً من طهران حول العودة الى طاولة التفاوض، قال كيربي إنّ الضربات جاءت “رداً على الهجمات الأخيرة على الطاقم الأمريكي وقوات التحالف في العراق والتهديدات المستمرة ضد هؤلاء”.

سقطت صواريخ الاثنين بالقرب من السفارة الأمريكية في بغداد، بينما استهدف قصفٌ السبت قاعدة بلد الجوية العراقية الواقعة إلى الشمال، ما أدى إلى إصابة موظف عراقي في شركة أمريكية مسؤولة عن صيانة طائرات “اف-16”.

في 15 شباط/فبراير، أصابت صواريخ قاعدةً عسكرية تتمركز فيها قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في مطار أربيل (شمال). وقُتل شخصان أحدهما متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.

ورغم أنّ كتائب حزب الله لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الفصيل مسؤول عنها. وقال لصحافيين على متن طائرة نقلته إلى واشنطن بعد جولة سريعة لحاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” قبالة سواحل كاليفورنيا “نحن متأكدون من الهدف الذي اخترناه”. وأضاف “نحن على يقين بأنّ هدفنا كان الميلشيا التي نفذت الهجمات الأخيرة” ضد مصالح غربية في العراق.

وجاءت الهجمات الأخيرة بعد أشهر على هدوء نسبي في إطار هدنة وافقت عليها الفصائل الموالية لإيران في مواجهة تهديدات من واشنطن بإغلاق سفارتها في العراق.

وأكد المتحدث باسم البنتاغون أنّ “هذا الرد العسكري المتكافئ تمّ بالتوازي مع إجراءات دبلوماسية ولا سيما مشاورات مع شركاء” التحالف الدولي.

وبعد إطلاق النار الأخير الاثنين، أعلنت واشنطن أنّ إيران ستتحمّل “مسؤولية تصرفات شركائها الذين يهاجمون الأمريكيين”، لكنها شددت على أن قواتها ستتجنب “التصعيد”.

وبدت الضربة فجراً بمثابة تحذير لطهران.