قتلى وجرحى في احتجاجات واسعة جنوب إيران

قالت الخارجية الإيرانية، الجمعة، إنها تحقق في واقعة قُتل خلالها إيرانيون بالرصاص هذا الأسبوع على حدودها مع باكستان، مضيفة أن إسلام آباد سلمت طهران جثة أحدهم.

وأدى إطلاق النار يوم الإثنين، إلى مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص أثناء نقل وقود عبر الحدود إلى احتجاجات امتدت من مدينة ساراوان إلى مناطق أخرى في إقليم سستان وبلوخستان بما في ذلك العاصمة زاهدان، بحسب مصادر محلية.

ونقلت وسائل الإعلام عن المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده قوله “سلم حرس الحدود الباكستاني جثة واحدة على الأقل، نحن نحقق في الحادث”.

ما الذي يحدث في إيران

شهدت محافظة بوشستان، الثلاثاء الماضي، احتجاجات واسعة أمام مبنى قائم مقامية سروان، وسيطر المحتجون على المبنى، تنديدا بمقتل 10 أشخاص برصاص الحرس الثوري.

وبدأت الأزمة حين احتج مجموعة من ناقلي الوقود، جنوبي البلاد، على منعهم من بيع المواد البترولية على الحدود الباكستانية، قبل أن يباغتهم الحرس الثوري بإطلاق الرصاص الحي.

وبحسب حملة “النشطاء البلوش” فإن قوات الحرس قد فتحت النار على ما لا يقل عن 15 شخصا يعملون في نقل الوقود عند نقطة حدودية عصر الاثنين.

كما نشرت الحملة مقاطع فيديو تظهر إطلاق الحرس الثوري النار بكثافة، قائلة إن ذلك أدى إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة آخرين.

وبحسب المتحدث باسم منظمة هيومن رايتس ووتش، أحمد الشمسي، فإن نشطاء محليين أكدوا سقوط 10 أشخاص على الأقل برصاص الحرس الثوري.

ويشير الشمسي في حديثه لـ”أخبار الآن” إلى أن السلطات الرسمية الإيرانية، تقول إن إطلاق النيران بدأ من الجانب الباكستاني، وهو ما ينفيه النشطاء المحليون بحسب الشمسي”.

قطع الإنترنت ووضع إنساني صعب

كشفت وسائل الإعلام المحلية في بلوشستان، عن قطع خدمة الإنترنت في مدينة سراوان، كما تم إغلاق بعض مداخل ومخارج المدينة.

وأشارت التقارير إلى وجود نقص حاد في الدم في مستشفى الرازي في مدينة سراوان، لإنقاذ الأشخاص الذين أصيبوا بجروح خطيرة خلال إطلاق النار.

يأتي هذا في بالتزامن مع الأنباء التي ترددت عن أن قوات الحرس الثوري أغلقت الحدود وعملت على منع حركة بائعي وقود البلوش، مما أدى إلى احتجاجات في الإقليم الذي يعد الأكثر فقرا وحرمانا في إيران.

⁠وبحسب حملة النشطاء البلوش، فقد تجمع عدد من بائعي الوقود أمام قاعدة الحرس الثوري الإيراني، مطالبين بإعادة فتح الحدود والسماح بمرور شاحناتهم لكن قوات الحرس الثوري ردت بإطلاق النار على المحتجين.

ودشن ناشطون هاشتاغ “سراوان ليست وحيدة” في خطوة لدعم الاحتجاجات التي انطلقت في المدينة، وفق ما نقل موقع “إيران انترناشيونال”.

ودعا مركز  حقوقي إيراني، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في رسالة، إلى إجراء تحقيق دولي في مقتل ما لا يقل عن 10 من ناقلي الوقود في جريمة وصفها بـ”الوحشية”.

وأشار المركز في رسالته، وفق ما نقل الموقع، إلى أن إطلاق النار على ناقلي الوقود يشبه تماما “القتل الوحشي للمحتجين على ارتفاع أسعار البنزين في نوفمبر 2019 من قبل قوات الأمن”.

وشهدت نحو مئة مدينة إيرانية، بين 15 و18 نوفمبر 2019، حركة احتجاج تعرضت لقمع عنيف، ضد إعلان مفاجئ عن زيادة أسعار الوقود في خضم أزمة اقتصادية.
وأفاد باحث في مجال الحقوق الرقمية أن عددا من شركات شبكات الهاتف المحمول قطع الإنترنت في 25 فبراير/شباط عن عدة أجزاء من المحافظة، منها زاهدان وسروان.

ويقول المتحدث باسم منظمة هيومن رايتس ووتش أحمد الشمسي،  إن العديد من شركات المحمول قطعت الإنترنت، جنوبي البلاد، وهو ما يذكر بما فعلته السلطات المحلية خلال الأعوام الماضية حين كانت تلجأ إلى الخطوات ذاتها كلما حدثت احتجاجات في البلاد، وهو ما يؤشر إلى وجود تحركات شعبية.

قتلى وجرحى واستخدام مفرط للقوة.. ما الذي أشعل فتيل الغضب من جديد في إيران؟

وخلال حديثه لـ”أخبار الآن” اعتبر الشمسي أن تلك المؤشرات تؤكد مصداقية الرواية التي نقلتها المصادر المحلية لهيومن رايتس ووتش بوجود احتجاجات في إيران.

 

تنديد دولي

أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن شديد قلقها بشأن تقارير تفيد بانقطاع خدمة الإنترنت في إيران، بالإضافة إلى “العنف” ضد ناقلي النفط والمحتجين في أماكن مختلفة من البلاد.

وقالت الوزارة في تغريدة: “تقارير مثيرة للقلق بشدة حول انقطاعات الإنترنت وعنف الحكومة ضد حاملي الوقود والمحتجين في مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية”.

وأضافت: “ندعو إيران للامتثال لالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما يشمل خرية التعبير والتجمع السلمي”.

يأتي هذا فيما دعت “هيومن رايتس ووتش” السلطات الإيرانية للتحقيق بشفافية في استخدام قوات الأمن الحكومية المزعوم للقوة المفرطة في محافظة سيستان وبلوشستان في 22 فبراير/شباط 2021.

وقالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: “على السلطات الإيرانية إجراء تحقيق شفاف ونزيه على وجه السرعة في إطلاق النار على حدود سروان، على السلطات محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا بشكل مناسب، والتأكد من اتخاذ حرس الحدود أقصى الاحتياطات لاحترام الحق في الحياة وحقوق الإنسان الأخرى”.

استمرار الاحتجاجات

أفادت مصادر محلية أن الاحتجاجات استمرت في مناطق زاهدان، رغم الانتشار الأمني الواسع؛ وفي الوقت نفسه، أفادت الأنباء عن دفن عدد من ناقلي الوقود الذين سقطوا برصاص الحرس الثوري في سراوان يوم الخميس.

وبحسب تقارير نقلها موقع إيران “إنترناشيونال” فقد أقيمت يوم الخميس جنازة ما لا يقل عن 10 من ناقلي الوقود الذين قتلوا بنيران مباشرة من قبل القوات المسلحة الإيرانية.

يأتي هذا بينما واصل المتظاهرون في منطقة كريم آباد في زاهدان الاحتجاج على مقتل ناقلي الوقود مساء الخميس وقاموا بإغلاق الشوارع.

وتستمر الاحتجاجات في زاهدان، عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان، وأجزاء أخرى من المحافظة، بينما انقطعت أو تعطلت الإنترنت عبر الهاتف المحمول أو تعطلت بشدة في المحافظة منذ ليلة الأربعاء.

في الوقت نفسه، تشير تقارير غير رسمية إلى إرسال جزء من قوات “ثار الله” من محافظة كرمان إلى زاهدان وعدة مدن أخرى في سيستان وبلوشستان لقمع الاحتجاجات وتكثيف الوضع الأمني.

وبحسب صور ومقاطع فيديو وتقارير من مصادر محلية في اليوم الثالث للاحتجاجات، أطلقت قوات الأمن النار من أسطح بعض المباني على المتظاهرين في مناطق مختلفة من محافظة سيستان وبلوشستان.

لماذا اندلعت حرب الوقود

يقول الدكتور جاسم تقي رئيس مؤسسة الباب للدراسات الاستراتيجية، إن تراجع أسعار الوقود الإيرانية بسبب العقوبات الدولية هو سبب تهريب الوقود في المناطق المتاخمة للحدود الباكستانية.

قتلى وجرحى واستخدام مفرط للقوة.. ما الذي أشعل فتيل الغضب من جديد في إيران؟

وأوضح تقي لـ”أخبار الآن” أن أسعار الوقود في باكستان مرتفعة للغاية، في وقت تتراجع فيه أسعار الوقود في إيران، الأمر الذي تسبب في ازدهار تجارة التهريب على حدود البلدين.

ويرى التقي أن عنف الأجهزة الأمنية واستهداف السنة في إيران كان السبب وراء الاحتجاجات، متوقعا أن تشهد الأيام المقبلة تصعيدا جديدا في بلوشستان.