حظر إنستغرام سيزيد من عزلة إيران

 

الضغوط على الإيرانيين ما زالت قائمة. العقوبات الأمريكية، التي أشار الرئيس جو بايدن إلى أنها لن ترفع حتى تمتثل إيران بالكامل لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الإتفاق النووي)، بالإضافة إلى سوء الإدارة من قبل الوكالات الحكومية الإيرانية والفساد المستشري، أدت إلى تضاعف الأزمة الإقتصادية التي يُعاني منها المواطنون.

أضف إلى التحديات العديدة التي تواجه الإيرانيين، مخططات المتشددين والمتطرفين في مختلف قطاعات الدولة، ولا سيما البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون، لتقييد الحريات المدنية للمواطنين بشكل أكبر وتجريد الشباب الإيراني من وسائل الاتصال الرقمية.

في الأسابيع الأخيرة ، وقع خلاف بين إدارة الرئيس حسن روحاني والقضاة المتشددين بسبب موقفهم الذي يدعو الى فرض حظر علني على استخدام تطبيق انستغرام، أحد منصات التواصل الاجتماعي القليلة التي لا تزال متاحة للإيرانيين.

في الوقت نفسه، هناك خطط جارية لإنشاء شبكة معلومات وطنية، وهي خدمة شبكة داخلية محلية يقول النقاد إنها ستمنع وصول الإيرانيين إلى اتصال الإنترنت العالمي إذا تم تنفيذها بالكامل.

وفي تقرير لـ “آسيا تايمز” قام الخبير الإيراني في دراسات الاتصال والإعلام يحيى كمال بور بالإجابة عن بعض الأسئلة التي يمكن أن تُبيّن تأثير حظر إنستغرام في ايران على حياة الناس، والتداعيات الاجتماعية لتقييد الحريات عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الخطة الناشئة لـ “الإنترنت الوطني” التي روجت لها السلطات الإيرانية. فإليكم هذا الحوار:

1- لماذا تعارض بعض شرائح الحكومة الإيرانية، ولا سيما المحافظون، تقارب الرئيس روحاني مع الغرب، وتصر على فرض قيود متزايدة على وصول الشعب الإيراني إلى الخدمات عبر الإنترنت، والدعوة إلى إنشاء “شبكة معلومات وطنية” لتحل محل الإنترنت العالمي ؟

 

الجواب البسيط وهو الحفاظ على السلطة والسيطرة. الطرفان السياسيان الإيرانيان، وهما المتشددون والإصلاحيون، يشبهون الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة. ومن الأمثلة على ذلك، الخلافات الأخيرة حول الانتخابات الرئاسية التي بلغت ذروتها باقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في محاولة لفرض نتائج الانتخابات بالقوة.

بشكل عام، الحكومات التي لا تريد مواطنين مطلعين ومتعلمين تنخرط في مجموعة متنوعة من أساليب الرقابة بما في ذلك الحد من تدفق الأخبار والمعلومات إلى عامة السكان، ولا سيما أولئك الذين لا يلتزمون بأيديولوجية الدولة. لذلك، فإن استبدال الإنترنت العالمي بشبكة إنترنت وطنية سيحد من وصول الناس إلى الأخبار والمعلومات الحيوية، مما يسمح للحكومة بالتحكم في تدفق المعلومات والاتصالات عبر الإنترنت ومراقبته.

فيما يتعلق بعلاقات إيران مع بقية العالم، أعتقد أنه من الأهمية بمكان استبدال الخطاب والشعارات “المناهضة” للغرب بشعارات وأفعال “مؤيدة” للتعاون العالمي. إن العزلة تخنق تقدم إيران من جميع النواحي. في عالم اليوم الذي يتميز بالترابط الشديد بين الدول والاعتماد التجاري المتبادل، لا يمكن لأي دولة أن تتقدم إلى الأمام وتزدهر بفصل نفسها عن الدول الأخرى. بمعنى آخر ، بناء الجسور أكثر إنتاجية بكثير من بناء الجدران.

2- إنستغرام هو أحد منصات التواصل الاجتماعي القليلة التي لا تزال متاحة للمستخدمين الإيرانيين. هل تعتقد أن حكومة الرئيس روحاني ستذعن لضغوط المتشددين في البرلمان والقضاء وتحجب المنصة؟

تقييد أو حذف إنستغرام سيحد من تفاعل الايرانيين وتواصلهم وتجارتهم وتبادلهم للمعلومات، وبالتالي زيادة عزلة ايران في المجتمع الدولي. كما هو واضح في السنوات الأخيرة، أدت العقوبات الأمريكية والدولية على ايران إلى صعوبات اقتصادية خطيرة من ضمنها البطالة ونقص الإمدادات الحيوية مثل الأدوية.

آمل ألا يرضخ الرئيس روحاني ويواصل الإصرار على السماح للايرانيين بالوصول إلى إنستغرام والمنصات الرقمية الأخرى ، بما في ذلك تويتر وتليغرام. حرمان الناس من الوصول إلى الأخبار والمعلومات المتوفرة على الشبكات الرقمية العالمية يعيق التعليم والتنمية والتواصل والتفاعل بين الثقافات.

في رأيي ، يجب على الحكومة توسيع، وليس تقييد، الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء ايران وفي نفس الوقت تعزيز محو الأمية الرقمية من خلال المؤسسات التعليمية والإعلامية.

المعلومات سلعة حيوية وعامل أساسي في ازدهار الدول وتقدمها، ومن ثم لا ينبغي فرض الرقابة عليه أو تقييده، إلا في الحالات التي يتم فيها الترويج للكراهية والعنف.

على سبيل المثال ، أدت الاضطرابات الأمريكية الأخيرة الناتجة عن نظريات المؤامرة التي روجها الرئيس السابق دونالد ترامب وأنصاره بأن نتائج الانتخابات الرئاسية قد زورها الديمقراطيون إلى قيام شركات خاصة، وليس جهات رسمية، بمنعه هو وبعض أتباعه من الوصول إلى تويتر إنستغرام ومنصات الوسائط الاجتماعية الأخرى.

 

انستغرام

صورة تظهر شعار تطبيق انستغرام. المصدر: getty

3- ما هي التداعيات الاجتماعية للحظر المحتمل على إنستغرام في ايران؟ قدرت حكومة الرئيس روحاني فقدان مليون وظيفة على الأقل. فهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات اجتماعية واحتجاجات في جميع أنحاء البلاد؟

ليس من السهل تقييم التداعيات المحتملة، لكن حظر إنستغرام سيؤثر بالتأكيد على ملايين الأشخاص وربما الآلاف من الشركات التي تعتمد على هذه المنصة لشراء المنتجات وبيعها والترويج لها. وبالتالي، فإنه من المحتمل أن يعترض المواطنين عل هذا الإجراء ويعبرون عن رفضهم من خلال التظاهر والعصيان المدني السلمي.

4- سيحافظ غالبية القيادات الإيرانية رفيعة المستوى، بما في ذلك المرشد الأعلى ومسؤولو الإدارة والنواب والشخصيات العسكرية، على وجود نشط على منصات التواصل الاجتماعي بينما يُحرم المواطنين من هذه الخدمات. يشعر الكثير من الناس أن هذه السياسة هي سياسة مزدوجة. ما هو رأيكم؟

 

كوني مُستخدمًا نشطًا لوسائل التواصل الاجتماعي، فأنا على دراية بوجود القادة السياسيين الإيرانيين على مختلف المنصات العالمية. في الواقع ، يستخدم العديد منهم ، ولا سيما وزير الخارجية جواد ظريف، تويتر كقناة اتصال مباشرة للتعليق على القضايا الوطنية والإقليمية والدولية التي تؤثر على ايران ومنطقة الخليج العربي.

تعتبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي طريقة في التواصل على المستوى العالمي. في ضوء علاقة ايران السياسية الرسمية المحدودة بالعديد من الدول، تصبح هذه البرامج حيوية وضرورية للغاية.

في حين أن معظم المسؤولين الإيرانيين يمكنهم الوصول إلى المنصات الاجتماعية، فمن النفاق منع عامة الناس من الوصول إلى الشبكات العالمية.

5- يتوقع الكثير من المراقبين أن يكون الرئيس المقبل متشددًا أو قائدًا في الحرس الثوري. فهل يجب أن سنشهد زيادة في قيود الإنترنت إلى جانب القيود الأخرى على الحريات المدنية؟

إنه احتمال، لكن غالبًا ما تؤدي القيود والأكاذيب ونظريات المؤامرة والتخويف إلى فوضى واضطراب ومظاهرات.

يأمل المرء أن يتعلم جميع المسؤولين الحكوميين من أخطائهم وأخطاء الدول الأخرى وأن يتجنبوا التعدي على الحريات المدنية للشعب وحقهم في المعرفة.

6- هل ترى ايران كوريا الشمالية كنموذج يحتذى به لناحية منع الوصول الى الانترنت؟

لا اتمنى، وآمل ألا يقوموا بحرمان المواطنين من الوصول إلى شبكة الويب العالمية.

 

خبير في الشأن الايراني لـ “أخبار الآن”: العرب الأحواز يناضلون منذ 9 عقود وعزل ايران ممكن
دعا الخبير في الشأن الايراني حسن راضي الأحوازي إلى “دعم قضية الأحواز العرب في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني”، قائلاً إنه “إذا ما نظرنا إلى العرب الأحواز في داخل إيران، فإنهم يناضلون منذ نحو 9 عقود”.