بورما تشهد تظاهرات يومية منددة بالانقلاب العسكري

أكد قائد جيش بورما الجنرال مين أونغ هلاينغ الخميس من أن صبر المؤسسة العسكرية بدأ ينفذ من احتجاجات على سيطرة الجيش على السلطة، محذّرا المتظاهرين من مواجهة “إجراءات فعّالة” ما لم يوقفوا الإضرابات.

ويأتي تحذير هلاينغ بعد يوم سادس من الاحتجاجات المناهضة للانقلاب بعد الإطاحة بالحاكمة المدنية أونغ سانغ سو تشي وفي أعقاب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن عقوبات بحق رموز المؤسسة العسكرية الأربعاء.

وبينما كانت التظاهرات سلمية بالمجمل، استخدمت قوات الأمن في وقت سابق هذا الأسبوع الغاز المسيل وخراطيم المياه والرصاص المطاطي ضد المحتجين بينما أفادت تقارير عن حالات معزولة أطلق فيها الرصاص الحي.

وبحلول مساء الخميس، دعا هلاينغ، الذي يتولى حاليا السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، الموظفين المدنيين للعودة إلى العمل بعد أيام من الإضرابات على مستوى البلاد دعما للاحتجاجات.

وقال في بيان “بسبب تحريض بعض عديمي الضمير، فشل بعد موظفي الخدمة المدنية في أداء مهامهم. سيتم اتّخاذ إجراءات فعالية”.

وتتواصل موجة الغضب منذ انقلاب 1 شباط/فبراير، وسط دعوات للإفراج عن سو تشي وشخصيات بارزة أخرى من حزبها “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية”.

ونزل المتظاهرون إلى الشارع مجددا الخميس في احتجاج سلمي في نايبيداو العاصمة ومعقل الجيش، إضافة إلى رانغون كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية حيث تدفّق عشرات الآلاف إلى الشوارع.

وهتفت مجموعة من المتظاهرين أمام البنك المركزي في رانغون “لا تذهبوا إلى مكاتبكم”، ضمن مسعى للدعوة إلى عصيان مدني حضوا في إطاره الموظفين الحكوميين وفي القطاعات الأخرى للامتناع عن العمل والضغط على الجيش.

وقال موظف في بنك انضم إلى التظاهرة لوكالة فرانس برس “لن نذهب إلى العمل لأسبوع أو شهر — نحن مصممون على القيام بذلك حتى النهاية عندما يتم إطلاق سراح (سو تشي) والرئيس يو وين ميينت”.

وانضم إلى التظاهرات العشرات من المتحدرين من عرقيات كارين وراخين وكاشين وهم من بين نحو 130 مجموعة عرقية في بورما، واجه بعض أفرادها حملات أمنية مكثّفة من قبل الجيش.

وقال المتظاهر المنتمي إلى عرقية كارين، ساو زي نت، لفرانس برس “على مجموعاتنا العرقية أن تقف صفا واحدا لمواجهة الدكتاتورية العسكرية”.

وخرج متظاهرون في ولاية شان مرتدين أزياء تقليدية حاملين رسالتهم المناهضة للانقلاب في قوارب صيد في بحيرة إنلي، كما تظاهر آخرون في مدينة باغان التراثية القديمة المدرجة على لائحة اليونسكو.

 عقوبات

ونددت دول غربية مرارا بالانقلاب ودعت الولايات المتحدة الجنرالات إلى التخلي عن السلطة.

وفي آخر خطوة بارزة ملموسة للضغط على الجيش، أعلن بايدن الأربعاء أن إدارته بصدد منع جنرالات بورما من الوصول إلى أموال بقيمة مليار دولار في الولايات المتحدة.

وقال بايدن ملوحا بمزيد من العقوبات “أدعو مجدداً الجيش البورمي إلى الإفراج الفوري عن القادة والناشطين السياسيين الديموقراطيين الذين يحتجزهم. … على الجيش التخلي عن السلطة”.

بدوره حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن الكتلة يمكن أن تفرض عقوبات جديدة على الجيش البورمي.

وأما وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، فقال الخميس إن بريطانيا تفكر بفرض عقوبات على بورما بشكل “عاجل” على خلفية الانقلاب.

وقال على تويتر إن لندن “تتطلع بشكل عاجل إلى اتّخاذ اجراءات جديدة بموجب نظامنا للعقوبات”، معربا عن دعمه خطوة بايدن في هذا الصدد.

تزايد القمع

وتحدث مزيد من التقارير عن اعتقالات الخميس، طالت أشخاصا من بينهم نائب رئيس البرلمان ومساعد كبير لسو تشي، ما يرفع عدد المعتقلين على خلفية الانقلاب إلى أكثر من مئتي شخص، بحسب مرصد “جمعية مساعدة السجناء السياسيين”.

وأكدت “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية” أيضا بعد ظهر الخميس اعتقال رئيس اللجنة الانتخابية واثنين من كبار المسؤولين بها.

وبرر الجيش الانقلاب الأسبوع الماضي بحصول تزوير واسع في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر التي حقق فيها حزب سو تشي فوزا ساحقا.

وسارع إلى تعيين موالين له في المحاكم وفي مناصب سياسية واضعا حدا لعقد من الحكم المدني.

وتتصاعد المخاوف إزاء مدى تساهل الجيش مع التظاهرات الحاشدة في الشارع.

وأطلقت ذخيرة حية على تظاهرة في نايبيداو هذا الأسبوع ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح خطيرة، أحدهما امرأة أصيبت في الرأس.

وتناقل رواد الانترنت صورة الجريحة بشكل واسع مع تعليقات تعبر عن الحزن والغضب.

وأدينت على نطاق واسع التدابير القمعية للجيش التي طالت الإعلام ووقف الانترنت، مع الطلب من شركات تكنولوجيا قطع الاتصالات بشكل متقطع.

كما تصاعد القلق الخميس من أن تكون المجموعة العسكرية تخطط لفرض تدابير أكثر صرامة واستدامة على الانترنت.

وقالت منظمة المجتمع المدني ميدو والتي تعنى بالتكنولوجيا في تغريدة أن مشروع قانون حول الأمن الإلكتروني أرسل إلى شركات اتصالات، من شأنه السماح للجيش بقطع الانترنت وفرض حظر على مواقع الكترونية.