مساء الأربعاء ١٠ فبراير ٢٠٢١، بثت مؤسسة الملاحم، الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، إصداراً مرئياً من ٢٠ دقيقة بعنوان “أمريكا والأخذ الأليم،” فيه مؤشرات تدل على أن زعيم التنظيم خالد باطرفي كان طليقاً في شهر يناير ٢٠٢١ بحيث صوّر هذه الكلمة، ويأتي هذا في ضوء تقرير للأمم المتحدة صدر مطلع الأسبوع يقول إن باطرفي اعتُقل في أكتوبر الماضي ٢٠٢٠.

في الدقيقة ١١ من الإصدار يتحدث باطرفي عن “اقتحام الكونغرس” ويقول: “وما حادثة اقتحام الكونغرس إلا غيض من فيض ما سيأتي عليهم (أي الساسة الأمريكيين).” في ٦ يناير ٢٠٢١، اقتحم أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب مبنى الكونغرس في محاولة لتعطيل تثبيت الأصوات الأنتخابية والإعلان رسمياً عن جو بايدن رئيساً. 

في مؤشر آخر، يتحدث باطرفي عن أن “أمريكا اليوم تأخذ النصيب الأكبر (من وباء كوفيد ١٩) وتتصدر الوفيات والمصابين من الوباء بأكثر من ٤٠٠ ألف هالك.” في ١٩ يناير ٢٠٢١، قالت وسائل الإعلام الأمريكية إن الوفيات من الوباء في أمريكا تخطت حاجز ألـ ٤٠٠ ألف. الدكتورة إليزابيث كندال، المتخصصة في شؤون اليمن، والباحثة في جامعة أكسفورد، كتبت أيضاً في هذه المسألة. وعليه، يكون باطرفي حراً طليقاً على الأقل في تاريخ ١٩ يناير ٢٠٢١. 

يبدأ إصدار الملاحم بمشاهد اقتحام الكونغرس، ثم كلمة باطرفي وينتهي بمشاهد من إصدارات أخيرة لفروع القاعدة خاصة فرع الصومال يُظهر هجمات قام بها التنظيم منذ عام على الأقل. ومن المقاطع التي يختم فيها الإصدار مقطع يظهر فيه باطرفي مع الشرعي خبيب السوداني، وآخرون. حساب رد عدوان البغاة المناصر للقاعدة علّق بأن الصورة “جديدة.” لكن حقيقة لم نستطع تحديد ذلك أو هوية شخصين آخرين ظهرا ولم يُموّه وجهيهما ما يوحي بأنهما توفيا أو شخصيات معروفة لكن كاتبة هذا المقال لم تتعرف عليهما. 

تنظيم القاعدة في جزيرة العرب: باطرفي يظهر في إصدار جديد

أنصار القاعدة تنفسوا الصعداء بعد هذا الإصدار حتى بدا من التعليقات أن “بطل المرحلة” هو خالد باطرفي. 

تقرير الأمم المتحدة

إذا، يوم الجمعة ٥ فبراير ٢٠٢١، نشر فريق المتابعة التابع لمجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة تقريراً دورياً عن حال تنظيمي داعش والقاعدة وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات. في الجزء الخاص بشبه جزيرة العرب، قال التقرير إن زعيم التنظيم هناك خالد باطرفي اعتُقل في غارة “نُفذت” في مدينة الغيضة بمحافظة المهرة جنوب شرق اليمن في أكتوبر الماضي ٢٠٢٠. وأضاف أن الرجل الثاني في التنظيم، سعد عاطف العولقي، قُتل في الغارة نفسها. 

والحقيقة أن الأنباء عن “اعتقال” باطرفي وردت أول مرة في منشور لجماعة تُسمي نفسها “بيضاء الموحدين” وهي تابعة لداعش اليمن. المنشور المؤرخ في ٣ أكتوبر ٢٠٢٠، قال إن هذه الأنباء “غير مؤكدة”، وأوضح أن باطرفي “سلّم نفسه إلى القوات اليمنية في محافظة المهرة بعد مداهمة مأواه في مدينة الغيضة.” وأضاف أن قياديين اثنين في التنظيم قُتلا أحدهما كان سعد عاطف العولقي، القيادي العسكري والرجل الثاني في التنظيم. وأردف المنشور أن الغارة وقعت صباح يوم الجمعة ٢ أكتوبر. في ذلك الأسبوع، نقلت وسائل إعلام يمنية أن القوات اليمنية الحكومية أغارت على مخبأ لتنظيم القاعدة واعتقلت قيادياً مهماً. 

في نفس الوقت، بدأت مؤسسة الملاحم التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن باستئناف بث سلسلة “مفاهيم” التي بُث جزؤها السادس عشر في أكتوبر ٢٠١٦. وهي سلسلة “دروس” قدمها مجموعة من قياديي التنظيم أبرزهم قاسم الريمي الزعيم السابق الذي قُتل في يناير ٢٠٢٠. وفي الأثناء، واصلت المؤسسة بث سلسلة “أصول التعامل مع أهل البدع والمخالفين” لباطرفي.  الدكتورة كندال لاحظت أن الإصدار الأول من هذه السلسلة وكان بعنوان “مقدمة” كُتب في بدايته بخط رفيع إنه تسجيل من العام ٢٠١٦. واستدلت أيضاً على أن تسجيل الدرس رقم ١٨ من سلسلة مفاهيم للريمي تمّ في نفس موقع تسجيل سلسلة “أصول التعامل.” 

كل هذا وضع التنظيم وإعلامه في موقف صعب. هذا الإصدار الأخير لا شك أخرجهم من عنق الزجاجة ولو قليلاً. 

الآن، هل باطرفي حرٌّ؟

بالعودة إلى تقرير الأمم المتحدة وإلى تصريحات أوردها موقع Al-Monitor قبل أيام، لا يبدو أن هذا الفيديو حاسم في تحديد وضع باطرفي. موقع Al-Monitor نقل أن القيادة المركزية للقوات الأمريكية CENTCOM أكدت لهم ما جاء في تقرير الأمم المتحدة وأن القوات اليمنية اعتقلت باطرفي وسلمته للسعودية. وعليه، أليس ثمة احتمال أن الرجل اعتقل وهرب؟ أو أطلق سراحه مقابل صفقة؟ ربما.

 

الصورة: من إصدار “أمريكا والأخذ الأليم” لمؤسسة الملاحم 
للمزيد: تنظيم القاعدة في جزيرة العرب: تقرير أممي يقول إن باطرفي اعتقل وسعد العولقي قُتل في أكتوبر الماضي