على مدار أكثر من عام اكتوى العالم بأسره من تعامل الصين مع وباء كورونا، خصوصا خلال المراحل الأولية لتفشي الفيروس، بعد أن عمدت إلى إخفاء الحقائق، ومخالفة القانون الدولي بعدم إبلاغ منظمة الصحة العالمية آنذاك.
وتطول قائمة الأسباب التي أدت لتفشي فيروس كورونا في العالم لكن العامل الأبرز، كان عدم استجابة بكين للدعوات الدولية المطالبة بوقف السفر من وإلى الصين، حتى تنجلي حقيقة ما يدور في مدينة ووهان على وجه التحديد، في وقت كان يستعد فيه الصينيون للسفر إلى خارج البلاد للاحتفال بالسنة القمرية الجديدة.

400 مليون مسافر

لم تتخذ السلطات ما يكفي من الإجراءات في هذا الصدد، إذ اكتفت بوقف الاحتفالات في البلاد، في وقت شهدت فيه حدودها عبور ما يصل إلى 400 مليون شخص إلى الخارج، الأمر الذي كان له عظيم الأثر في نشر وباء كورونا في الدول المحيطة بالصين، ومن ثم خرج الوباء الغامض آنذاك إلى العالم بأسره.
اليوم لا يبدو أن بكين قد تعلمت من أخطاء الماضي إذ يستعد ما يصل لـ300 مليون شخص للسفر خارج البلاد للاحتفال بالعام القمري من جديد في فبراير شباط المقبل، بحسب ما ذكرته وزارة النقل الصينية، الأمر الذي يأتي في وقت تتزايد فيه حالات الإصابة بالسلالات المتحورة من كورونا.
ويتزايد عدد الوفيات في العالم نتيجة كورونا بشكل غير مسبوق، إذ سُجلت أكثر من 18 ألف وفاة خلال 24 ساعة مع تواصل تفشي نسخه المتحورة الأكثر عدوى في دول جديدة.

نحو 300 مليون مسافر.. احتفالات الصين بالعام القمري تجدد المخاوف من زيادة تفشي كورونا في العالم

إجراءات تقول الصين إنها مشددة

بهدف وقف تفشي الفيروس خلال الاحتفالات، أعلنت الحكومة مجموعة من الإجراءات، يأتي في مقدمتها ما عرضته على المواطنين استرداد قيمة التذاكر بالكامل حال تراجعوا عن رغبتهم في السفر، في محاولة لتقليل أعداد المسافرين.
يضاف إلى ذلك ما أعلنته من أنه يتوجب على القادمين إلى العاصمة بكين من المناطق الأقل خطورة إبراز شهادة خلو من الوباء والحجر لمدة أسبوعين.
كما منع تمامًا سكان المناطق المتضررة من الدخول إلى بكين، سعيا للحد من تفشي الوباء خاصة عودة ظهور الحالات المنقولة محليًا للفيروس في جميع أنحاء البلاد.
لكن قرار وقف الاحتفالات ذاته لم تتخذه الصين، كما لم تمنع السفر إلى خارج البلاد أو منع رحلات القادمين إليها خلال فترة الاحتفالات، التي تأتي بالتزامن مع تفشي الوباء داخل البلاد وخارجها.

فريق “الصحة العالمية” يستعد للبحث عن أصل الوباء

كان فريق من خبراء منظمة الصحة الدولية، قد خرج من الحجر الصحي في ووهان الخميس، استعدادا لبدء مهمة بالغة الحساسية تتعلق بتتبع منشأ جائحة كوفيد-19 وذلك بعدما أكدت واشنطن بتحقيق أنها “ستقيّم مصداقية تقرير التحقيق عند انتهائه”، في تحذير رفضته الصين.
وقد غادر خبراء المنظمة الفندق حيث أمضوا حجرا صحيا استمر أسبوعين، قبل بدء تحقيقهم الميداني.
وجاءت دعوة الولايات المتحدة في وقت تجاوز عدد الإصابات بالفيروس عتبة المئة مليون إصابة وفيما تبذل الحكومات جهودا حثيثة للحصول على جرعات محدودة من اللقاح، وسط خلاف تفجر بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول إمدادات اللقاح الذي تنتجه شركة أسترازينيكا.
وقد صدّت الصين حتى الآن الجهود الدولية لتتبع منشأ الفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 2,1 مليون شخص في العالم، ولم تسمح إلا مؤخرا لفريق منظمة الصحة بالدخول إلى أراضيها بعد إرجاء متكرر للزيارة.

إسكات ذوي الضحايا في ووهان

تضغط السلطات الصينية على أقارب ضحايا كوفيد-19 لردعهم عن التواصل مع محققي منظمة الصحة العالمية في ووهان، كما أفاد أقرباء أشخاص فقدوا حياتهم بسبب الوباء.

وبعد أكثر من عام على ظهور الفيروس في المدينة، وصل فريق منظمة الصحة العالمية إلى المدينة للتحقيق بشأن مصدر الوباء.

 

ويتبادل نحو مئة من أهالي الضحايا الرسائل عبر تطبيق ويتشات المنتشر في الصين، لكن جرى حظر مجموعتهم بشكل مفاجئ قبل عشرة أيام تقريبا.

وتسبب الوباء رسمياً بوفاة 3900 شخص في ووهان، يشكلون غالبية الوفيات التي سجلت في الصين.

ومع أقل من 90 ألف مريض بحسب الأرقام الرسمية، يبقى عدد الإصابات في الصين أدنى بكثير مما سجل في بقية أنحاء العالم حيث بلغ عدد الإصابات 100 مليون.

ويشكك أقارب الضحايا بهذه الأرقام، مؤكدين أن عدداً من الأشخاص أصيب قبل أن يكون بالإمكان تشخيصه رسمياً كمريض كوفيد-19.