نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً جديداً عن ناشط مدافع عن حقوق الإيغور يُدعى سيريكجان بيلاش، مشيرة إلى أنه انتقل إلى اسطنبول في سبتمبر/أيلول الماضي، مودعاً كازاخستان موطنه منذ ما يقرب الـ20 عاماً.

ولفت بيلاش المولود في الصين، إلى أنّه أجبر على الفرار من كازاخستان بعد حملة من الترهيب والمضايقات التي تعرض لها بسبب عمله المؤيد والمناصر للإيغور والأقليات المسلمة الأخرى في مقاطعة شينجيانغ غرب الصين. ووفقاً لـ”فايننشال تايمز”، فإن بيلاش يعتبر أن ضغوط الصين دفعته لترك كازاخستان.

الصين تمارس تأثيراً كبيراً على السياسة الكازاخستانية

بعد حملة ترهيب ومضايقات.. ناشط مناصر لأقلية الإيغور يفرّ من كازاخستان

صورة تظهر علم الصين. المصدر: getty

وأقامت بكين علاقات وثيقة بشكل مُتزايد مع كازاخستان على مدى السنوات الـ15 الماضية، وقد حظيت الأخيرة بمليارات الدولارات من الإستثمارات الصينية في النفط والغاز والتعدين وقطاعات أخرى.

واعتبر بيلاش (46 عاماً) أنّ الصين تمارس تأثيراً كبيراً على السياسة الكازاخستانية، كما رأى أن الضغط الصيني هو السبب في مواجهته لتحذيرات متكررة من الأجهزة الأمنية واعتقالات متعددة في السنوات الأخيرة، ويقول: “حكومة كازاخستان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببكين”.

ووُلد بيلاش، وهو من القازاق، في شينجيانغ، إلا أنه انتقل إلى كازاخستان في العام 2000 رداً على الضغط المتزايد على الأقليات في الصين. وبعد ذلك، بدأ الرجل عمله كناشط، وهو الدور الذي ازدادت أهميته منذ العام 2014 عندما قام بجمع التقارير بشأن حملة القمع ضد الأقليات في شينجيانغ.

وجمع بيلاش معلومات عديدة تكشف عن الاعتقالات غير المبررة والمعسكرات الصينية التي يُحتجز فيها أكثر من مليون شخص من الإيغور وغيرهم من أبناء الأقليات المسلمة الأخرى.

وذكر الناشط الحقوقي أنه في العام 2017، زاره عدد من عناصر من الأمن القومي الكازاخستاني وطلبوا منه التوقف عن استخدام كلمتي “الإبادة الجماعية” و “التطهير العرقي” كوصف للحملة الصينية القائمة في شينجيانغ، مشيرين إلى أنّ “ذلك سيضرّ بالصداقة بين البلدين”.

ووفقاً للصحيفة، فقد ألقي القبض مرات عديدة على بيلاش وفرضت عليه غرامة لإدراته  مجموعة “أتاجورت” غير الرسمية، علماً أنه حاول مرات عديدة تسجيلها.

وفي العام الماضي، وضع بيلاش في الإقامة الجبرية، ووجهت إليه تهمة “التحريض على الكراهية الاجتماعية أو القومية أو العشائرية أو العرقية أو الطبقية أو الدينية” – وهو اتهام وصفته منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان بأنه “زائف”.

ووافق بيلاش على صفقة أنقذته من عقوبة بالسجن لـ7 سنوات مقابل وعد بإنهاء نشاطه، وهو قرار قال إنه اتخذه بعد ضغوط من مستشار كبير لرئيس كازاخستان.

ومع هذا، فقد أوضح بيلاش أن التخويف استمر عقب ذلك، واتخذ قراره بالمغادرة مع عائلته إلى اسطنبول، وقد ترك البلاد من دون أي يواجه أي مشاكل، وقال: “لقد كان ذلك مفاجئاً للغاية. ربما كانوا سعداء لأن صانع المشاكل كان يغادر كازاخستان”.

وكان المنفى مؤلماً لبيلاش، إذ أنه لم يتمكّن من حضور جنازة والده الذي توفي الشهر الماضي، إلا أنه تعهد بمواصلة عمله لإنقاذ الأقليات العرقية في شينجيانغ، خصوصاً أقلية الإيغور التي تواجه اضطهاداً كبيراً من قبل السلطات الصينية.

الموت يلاحق الإيغور في الصين

وكشف تقرير جديد لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية تفاصيل مروّعة عن معاناة الإيغور في إقليم شينجيانغ في الصين، حيث تحتجز السلطات هناك أكثر من 1.8 مليون مسلم من الإيغور والأقليات العرقية الأخرى.

وبحسب الصحيفة التي زار موظفون منها شينجيانغ، فإنّ العديد من الأشخاص تحدثوا عن فترة سجنهم وخوفهم، كاشفين عن معاناة ترسخت في حياتهم بسبب القمع الصيني والإضطهاد الذي تمارسه الحكومة الصينية ضد الإيغور بشكل أساسي.

والتقت الصحيفة جيفلان شيرميمت (29 عاماً)، وهو من الإيغور وقد غادر الصين كطالب في العام 2011، ويعمل الآن كمرشدٍ سياحي في اسطنبول.

وفي حديثه، يلفت شيرميمت إلى أنه فقد الاتصال بوالديه وشقيقه عندما تم نقلهم إلى المعسكرات في عام 2018، مشيراً إلى أنه في يونيو/حزيران من هذا العام، تلقى أول اتصال من والده من مركز الشرطة بعد عامين على الفراق.

وكشف شيرميمت إلى أن والده أخبره في بداية الكلام قبل أي شيء أنه تم اكتشاف انضمامه (أي انضمام شيرميمت) إلى مجموعات مزعجة في الخارج.

وهنا، يقول شيرميمت عن هذا الموقف: “لقد أصبت بالصدمة. أخبرتُ والدي أنني لم أنضم إلى أي حركات سياسية. لقد كانت السلطات الصينية في شينجيانغ هي التي تتحدث من خلال والدي”.

وأشار شريممت إلى أن والدته أرسلت إلى السجن، وسبب ذلك على الأرجح هو زيارتها له في تركيا عام 2013. ويضيف: “عندما طلبت من السفارة الصينية في تركيا إثباتاً لمحاكمة والدتي أو إدانتها، اقترحوا عليّ بدلاً من ذلك كتابة قائمة بأنشطته و اتصالاته بالخارج. لقد قال مسؤول في السفارة: إذا كان بإمكانك معرفة أين أخطأت، فأخبرنا”.

وكان والدا شيرميمت من موظفي الخدمة المدنية الذين علموه التحدث بلغة الماندرين بطلاقة وتجنب السياسة. ومع هذا، يقول شيرميمت: “لأنني من الإيغور، فإن هذا الأمر يجعلني هدفاً للحزب الشيوعي الصيني”.

وفي شينجيانغ اليوم، تعلق الكاميرات في كل شارع وداخل كل سيارة أجرة، ويتمّ إرسال اللقطات إلى الشرطة. كذلك، تتم مراقبة المجمعات السكنية من خلال أنظمة التعرف على الوجه وحراس الأمن، ورموز QR التي يتم مسحها ضوئياً عند كل مدخل أو مخرج.

ومع هذا، يقف رجال الشرطة الذين يرتدون السترات الواقية من الرصاص عند محطات الحافلات والمتاجر و “محطات الراحة” المنتشرة في كل مكان والتي غالباً ما تحتوي على صور كبيرة للرئيس الصيني شي جينبينغ.

ووفقاً لـ”لوس أنجلوس تايمز”، فإنّ الصين تفرض رقابة شديدة جداً على الصحفيين، وفي الكثير من المرات جرى التعامل معهم بخشونة من قبل أفراد الأمن، كما طُلب منهم عدم التحدث إلى الناس والإلتزام بلائحة تضعها الشرطة لهم.

وتشير الصحيفة إلى أنّ السجون التي بنتها الصين لاحتجاز الإيغور محاطة بجدران خرسانية عالية وأسوار من الأسلاك الشائعة، في حين أن الشرطة تقوم بدوريات بين أبراج المراقبة. ومع هذا، تقول “لوس أنجلوس تايمز” أنّ بعض معسكرات إعادة التأهيل قد تم تحويلها مباشرة إلى مرافق عمل.

 

في معسكرات اعتقال شينجيانغ.. الإيغور يدانون في محاكم صورية

إن كنت من أقلية الإيغور وتعيش في معسكرات الاعتقال الصينية, فعليك ان تختار جريمتك التي ستحاكم عليها من بين قائمة من الجرائم تُقدم اليك في ورقة تحدد سجنك في البلد الشيوعي . في معسكرات إعادة التأهيل في إقليم شينجيانغ ، كانت الحياة اليومية تتسم بالرعب والروتين والملل..كان على المعتقلين تحمل ساعات لا تحصى من التلقين . وكان عليهم ايضا مشاهدة الدعاية التلفزيونية التي تمدح الرئيس شي جين بينغ لساعات متواصلة, وأي محادثات جانبية او مجرد همس, يقابل بعقوبة سريعة وقاسية. لكن الأمر لم يكن يقف عند هذا الحدّ من الرعب والظلم.