يجلس عبد الله البالغ من العمر 12 عاما في أحد مهاجع الإيغور في سيليفري، في ضواحي إسطنبول. وهو واحد من 120 طفلا من هذه الأقلية الذين يدرسون ويقطنون في مهجع إيغور بيليج الذي شُيّد في 2016.

يعرف عبد الله مكان والديه في الوقت الحالي، مثل الكثير من الأطفال الآخرين، الذين وصلوا إلى تركيا خلال السنوات الخمس الماضية بعد رحلة طويلة من منطقة شينجيانغ في الصين. وهو من مجموعة تصل إلى 50 ألف فرّوا إلى تركيا هربا من اضطهاد الحكومة الصينية للأقلية الإيغورية في البلاد.

وتُتّهم الحكومة الصينية بمواصلة حملة اضطهاد استمرت لسنوات ضد الأقلية التي يبلغ عددها حوالي 11 مليونا، وفقا لبيانات صينية رسمية. وتشمل انتهاكات الحكومة احتجاز ما يصل إلى مليون شخص على مدى السنوات القليلة الماضية فيما تعرّفه الدولة بـ”معسكرات إعادة التثقيف” وبرنامج التعقيم القسري ضد النساء. وقد اعترفت الصين باعتماد معسكرات إعادة التثقيف، وهي مرافق احتجاز وتلقين عقائدي، وتعتبرها ضرورية لمكافحة ما تسميه العنف الانفصالي في المنطقة.

ويمكن أن يشهد مدير إيغور بيليج، عبد الرحمن تايماس، على اضطهاد الأقلية الصينية المسلمة. فقد وصل إلى تركيا قبل ثماني سنوات مع عائلته. وتمكن من الحصول على الجنسية التركية العام الماضي بعد رحلة شاقة لخلق حياة جديدة لنفسه.

وأوضح أن الأطفال هجروا أو تيتموا ويقيمون في المهجع، أين يتعلمون لغة الإيغور وثقافتهم، بالإضافة إلى دراسات القرآن، باللغتين العربية والإنكليزية. وأضاف: “يصعب علينا شرح الاضطهاد الذي يحدث للإيغور. لقد سُجنتُ ست مرات لمدة سبع سنوات في شينجيانغ. كان الأمر صعبا حتى بعد وصولي إلى هنا. وعلمت قبل شهر واحد أن والدي توفي قبل سنتين”. كما أكد أنه من المستحيل الحفاظ على الاتصال مع أي شخص في أرض الوطن، أين تراقب الحكومة جميع الإيغور عبر نظام صارم ولا يُسمح باستخدام الهواتف الذكية.

وأشار إلى أن هذا الحال ينطبق على جميع الطلاب. إذ لا يمكنهم التواصل مع أسرهم، فقد اعتُقل جلهم. وكان هناك شباب يدرسون في أوروبا واحتجزوهم عند عودتهم أيضا. كما زُج بأقارب أولئك الذين رفضوا دخول المعتقلات في السجن.

غطت الحكومة الصينية شينجيانغ بشبكة مراقبة واسعة، وتشمل الشرطة ونقاط التفتيش والكاميرات التي تمسح كل شيء من وجوه الأفراد إلى لوحات تراخيص السيارات. وحدّدت عواقب وخيمة حتى للمكالمات الهاتفية مع العالم الخارجي.

وقال تايماس: “الوضع سيء حقا. ليس لدينا اتصال مع الوطن. ألقي بعض من آباء طلابي في السجن. لا يعرف البعض شيئا عما يحدث مع عائلاتهم في الوطن. نحن نعيش في تركيا، ولا ندري ما يحدث هناك”.

تتشكل سياسات بكين الحالية بهدف محو هوية هذه الأقلية وجعلهم “صينيين بالكامل”، كما يقول تايماس، مشيرا إلى “نقل الأطفال إلى معسكرات لتلقين الأفكار الصينية بينما تُجبر الإيغوريات على الزواج من رجال صينيين، مما يؤدي إلى انتحار البعض”. وأكد أن هناك جهدا حقيقيا بين الإيغور في الشتات لنشر الوعي بالقمع، لكن الكثيرين يخشون من العواقب التي قد تمسّ أسرهم في الوطن.

وأضاف: “عندما يشرح شعب الإيغور ما يحدث لهم في أوروبا والولايات المتحدة، يقول الناس إن هذا لا يمكن فهمه. تتعرض النساء للاعتداء، ويُجبر الكل على أن يصبحوا أشخاصا آخرين ويموت المئات في الحجز كل يوم”.

ودعا البرلمانيون الأوروبيون الاتحاد الأوروبي مؤخرا لفرض عقوبات على بكين بسبب سياساتها في شينجيانغ. كما حذّرت المملكة المتحدة في يوليو من أنها قد تفرض عقوبات على بكين بسبب ما وصفته بالانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان في شينجيانغ.

وقال تايماس: “لقد تأخروا كثيرا، إذ تعرض الأويغور الذين يقارب عددهم 30 مليون نسمة إلى مذبحة وحشية منذ سنة 2014”. أما بالنسبة لتركيا، التي التزمت من قبل بموقفها الصريح الداعم للإيغور، قال تايماس إن الدولة لا تفعل ما يكفي لمساعدة أولئك الذين يعانون في شينجيانغ.

 

الإيغور يخشون من نفوذ الصين في تركيا

 

يخشى عدد متزايد من الإيغور في تركيا من نفوذ الصين، ويجادل بعض النشطاء بأن اعتماد أنقرة الاقتصادي المتزايد على بكين يضعف قدرتها على تحمل الضغط الصيني وحماية هذه الأقليات. كما ساهم الاقتصاد التركي المتعثر والعلاقات المتوترة مع أوروبا إلى تقريب تركيا من الصين، التي يعتقد المنقتدون أنها تدفع أنقرة إلى الصمت عن الإنتهاكات.

خلال سنة 2020، أبلغت أعداد من المنافذ الإخبارية الوطنية والدولية عن عدة حالات أرسلت فيها تركيا الإيغور إلى دول مثل طاجيكستان، أين يسهل على الصين تأمين تسليمهم.

وقال تايماس: “العديد من شباب الإيغور، الذين درسوا في تركيا وعادوا إلى شينجيانغ، هم الآن في السجن… تعيد العديد من البلدان الإيغور ويجب أن يسمع العالم أصواتنا. يتعرض الأويغور للقمع الجماعي. يجب على العالم أن يساعدهم”.

 

 

نساء الإيغور يخضعن لاغتصاب يومي وجماعي وحقن تمنع الحيض وتسبب العقم للرجال​​​​​​​