يعود التوتر إلى العلاقات الصينية الأسترالية إلى مستويات جديدة من التوتر، في ظل ما يوصف بالخطوات الاستفزازية التي تقوم بها الصين تجاه العديد من الدول ومن بينها أستراليا، وهو ما وصفه الخبير في القانون الدولي العام الدكتور عبدالسلام هماش بـ “عملية فرد العضلات التي تقوم بها الصين على أستراليا باعتبارها لاعبا دوليا يحاول أن يوجد له دورا مختلفا دولياً”.

وشهدت العلاقات بين الصين وأستراليا مؤخراً حالة من الشد والجذب، بعد قيام مسؤول صيني بنشر صورة “غير حقيقية” على حسابه في “تويتر” تشير إلى تورط جنود أستراليين في عمليات قتل مدنيين بأفغانستان، وهو ما طالبت معه أستراليا من الصين الاعتذار رسميا على ذلك، الأمر الذي فجر خلافاً يقول هماش إنه “ليس خلافاً جديداً، وإنما هو استئناف للخلافات السابقة بين البلدين والتي بدأت وتيرتها منذ العام 2016”.

وليس هذا فحسب، بل وجدت الصين نفسها في موقف حرج خصوصاً بعد تأييد أستراليا لموقف الولايات المتحدة الأمريكية من عدم اتخاذ الصين التدابير اللازمة وإبلاغ منظمة الصحة العالمية مبكرا بجائحة كورونا التي أدت إلى انتشار فيروس كوفيد – 19 ما أدى إلى إصابة أكثر من 60 مليون شخص حول العالم بالفيروس الخطير، ومقتل أكثر من مليون ونصف شخص.

وانتقدت أستراليا الموقف الصيني، كما اتبعت ذات النهج في وصف الفيروس حيث وصفت الفيروس بـ”الصيني”، وهو ما يبدو أنه جاء لأسباب سياسية بناء على تقارير استخباراتية أسترالية تظهر مدى تدخل الصين في السياسة الأسترالية ومحاولاتها المتكررة معرفة خبايا السياسة الأسترالية في انتهاك صارخ للسياسة الأسترالية.

ويقول د. هماش لـ أخبار الآن“: “لا تعتبر العلاقة المتوترة بين الصين وأستراليا بمثابة تصعيد جديد وإنما هي بمثابة استمرارية للتصعيد بين البلدين؛ حيث بدأت العلاقات تسوء بينهما منذ العام 2016 بسبب محاولات الصين التوغل في الشؤون الداخلية الأسترالية؛ مثل السيطرة على الجامعات الأسترالية أو دعم بعض الأحزاب الاشتراكية في أستراليا”.

وتابع د. هماش: “لا بد من التأكيد أن التوتر بين كل من الصين وأستراليا يطرح التساؤل التالي: ماذا تريد الصين من العالم، خصوصاً وأن رئيس الوزراء الأسترالي قال مؤخراً إن النموذج المتوتر في العلاقات ما بين البلدين هو نموذج لما سيجري في المستقبل؟”.

وأوضح د. هماش أن الصين تتخذ هذه المواقف العدائية ضد أستراليا نتيجة موقف أستراليا من منع شبكة 5G الصينية عبر شركة هواوي الصينية لذلك فإن الصين تحاول اليوم إبراز عضلاتها على أستراليا، لإركاعها وإيصال رسالة إلى العالم ككل بأن الصين ستعادي من يريد أن يتخذها عدوا له.

وكانت العلاقات بين الصين وأستراليا شهدت توتراً متزايدا في العام الجاري، بعدما أيدت كانبرا دعوات الولايات المتحدة إلى التحقيق في نشأة فيروس كورونا المستجد.

وخلال الأشهر الأخيرة، فرضت الصين قيودا تجارية واسعة على وارداتها من النبيذ، والشعير، ولحوم الأبقار، من أستراليا، كما ثارت العديد من المخاوف من تغيير شروط استيراد مادتي الفحم والقطن.

كما تدهورت العلاقات بين الدولتين أيضا على خلفيات ملفات الاستثمار الأجنبي والرسوم الجمركية والأمن القومي وحقوق الإنسان.

وكان وزير التجارة الأسترالي سيمون برمنجهام قال سابقا إنه “من الممكن أن تلجأ أستراليا لمنظمة التجارة العالمية كخطوة مقبلة في خلافها مع الصين بشأن الشعير”.

وتصاعدت حدة التوترات بين الدولتين خلال الأشهر الماضية، حيث فرضت بكين سلسلة من الرسوم التجارية والمتأخرات الجمركية على عدة صادرات أسترالية، تشمل النبيذ والشعير واللحوم.

وبذلت كانبرا بالفعل جهوداً للطعن على قرارات بكين بشأن الشعير الأسترالي من خلال اللجوء إلى إجراء صيني محلي، ولكن السلطات الصينية رفضت ذلك.

وتابع برمنجهام “لذلك فإن الطعن على القرار بشأن الشعير أمام منظمة التجارة الدولية هو الخطوة المقبلة”، مضيفاً أن الحكومة الأسترالية تناقش هذه الخطوة مع قطاع الحبوب.

كما كانت الصين قد أعلنت عن خططها لفرض رسوم لمكافحة الإغراق على النبيذ الأسترالي مطلع هذا الأسبوع، قائلة إن سوق النبيذ المحلي في بكين عانى من “ضرر كبير” بسبب الإغراق بالنبيذ الأسترالي المستورد.

وبلغ إجمالي التجارة 214،608 دولارًا أستراليًا في عام 2018. وشكل هذا 25.2٪ من إجمالي التجارة الأسترالية في عام 2018. والشريك التجاري الأكبر الثاني هو اليابان، ولكن بهامش كبير.