أنشطةُ كوريا الشمالية النووية، ملفٌ شائكٌ لطالما حصل حولَهُ جدلٌ دوليٌ كبير نتيجةَ التهديد الذي يشكّلُهُ هذا البرنامج وطيشِ كيم جونغ اون الذي لم يتوقفْ عن إجراءِ التجارب تلو الأخرى محدثاً هزّاتٍ أرضيةً واستنفاراً سياسياً لم يرقَ حتى الآن إلّا إلى مستوى العقوبات، فيما المسارُ السياسي وصلَ إلى حائطٍ مسدود.

التسلسل الزمني لبرنامج كوريا الشمالية النووي

في العام ألفٍ وتسعِ مئةٍ وستةٍ وثمانين أطلقت كوريا الشمالية مُفاعِلاً نووياً بطاقة خمسة ميغاواط في موقع يونغبيون، وذلك بعد سبعِ سنواتٍ من إنشائه لتُعلنَ في العام ألفٍ وتسعِ مئةٍ وثلاثةٍ وتسعين نيتَها الانسحابَ من معاهدةِ عدمِ انتشارِ الأسلحةِ النووية ونفّذت ذلك في العام ألفين وثلاثة.

بعد عام وقعت كوريا الشمالية والأمم المتحدة اتفاقيةً لإغلاقِ بيونغ يانغ مُفاعل يونغبيون الذي يعملُ على البلوتونيوم مقابلَ مساعدتِها في إنشاءِ مُفاعلين نوويين جديدين لتوليدِ الكهرباء وشاركت في العام ألفين وإثنين في الجولةِ الأولى من المفاوضاتِ سُداسيةِ الأطراف الخاصة ببرنامجِها النووي في بكين وشملت المفاوضات أيضاً الصين واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

لكن في العام ألفين وخمسة أعلنت كوريا الشمالية عن امتلاكِها الأسلحةَ النووية لتجريَ في التاسع من اكتوبر ألفين وستة تجربةً لقنبلةٍ نووية تحتَ الأرض. وفي العام ألفين وأحد عشر أكّد الخبراء أنّ كوريا الشمالية استكملت أعمالَ بناءِ بُرجِ إطلاق في قاعدة صاروخية جديدة في منطقة تونغ تشانغ-ري عند سواحِلِها الغربية.

كيم جونغ اون يتسلّم زمام السلطة

في ديسمبر من العام نفسه تسلّم كيم جونغ اون زمامَ السلطة بعد وفاةِ والده وفي أبريل العام ألفين وإثني عشر أعلنت كوريا الجنوبية أنّ جارتها الشمالية أطلقت صاروخاً من قاعدة تشانغ-ري. وبعد اشهر وتحديد في ديسمبر أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً بعيدَ المدى لتُجريَ في العام ألفين وثلاثةَ عشر تجربةً نوويةً ثالثة لتُعلنَ عام ألفين وخمسة عشر عن اختبارٍ ناجح لصاروخٍ باليستي أُطلق من غواصة. وأوخرَ العامِ نفسِهِ أكّد كيم جونغ أون نجاحَ بلادِهِ في تصنيع قنبلة هيدروجينية تمّ اختبارُها مطلعَ ألفين وستةَ عشر. وتوالت بعد ذلك الشبهات بإجراء تجربةٍ نووية خامسة شمال شرق كوريا الشمالية.

في العام ألفين وسبعة عشر أعلن زعيم كوريا الشمالية أنّ بلادَه ستختبرُ صاروخاً قادراً على استهداف الولايات المتحدة وأكّدت في مايو أنّه قابل للتزويد برأسٍ نووي. وفي الشهر نفسه أطلقت كوريا الشمالية صاروخا على المياه اليابانية.

صبر دونالد ترامب نفذ 

في الأوّل من يوليو ألفين وسبعة عشر نفذ صبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكن كيم جونغ اون استمر في تجاربه وأطلق في الخامس من يوليو صاروخاً باليستياً عابراً للقارات.

عبءُ العقوباتِ دفع بيونغ يانغ إلى توعّدِ واشنطن بالانتقامِ مراتٍ عدة فيما كان دونالد ترامب يهددُ كوريا الشمالية بالنارِ والغضبِ اللذين لم يشهدْهُما العالم فردّت كوريا الشمالية بإطلاق صاروخ حلّق في أجواء اليابان كما رُصدت هزةٌ أرضية في كوريا الشمالية تبيّنَ لاحقا أنّها نتجت عن تجربةٍ نووية سادسة.

وفي أوّلِ خطابٍ له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ألفين وسبعة عشر هدّد ترامب بتدمير كوريا الشمالية بالكامل إذا أجبرت الولايات المتحدة على الدفاع عن نفسِها أو حلفائها فردّ كيم جونغ أون بتصريحات شديدة اللهجة…

 

الحرب الكلامية استمرت بين الرجلين وكذلك استمر التصعيد ففي نوفمبر أعلنت كوريا الشمالية نفسَها قوةً نوويةً كاملةَ النطاق وذلك بعد اختبارِ صاروخٍ باليستي حديثٍ عابرٍ للقارات يستطيعُ استهدافَ أيِّ منطقةٍ قاريةٍ في الولايات المتحدة… حينها هدّدَ ترامب بفرضِ عقوباتٍ عظمى على بيونغ يانغ ليتمَ في الثالث والعشرين من فبراير ألفين وسبعة عشر فرضُ أكبرَ حزمةٍ من العقوباتِ على كوريا الشمالية.

فشل المسار السياسي

رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن نقلَ أنّ كوريا الشمالية أكدت له استعدادَ بيونغ يانغ لخوضِ مفاوضاتٍ مباشَرةٍ مع الولايات المتحدة وأعلن ترامب قبولَ دعوةِ كيم جونغ أون لعقدِ لقاءٍ شخصي قبل نهاية مايو 2018.

وخلالَ لقائِهِ التاريخي مع ترامب في يونيو ألفين وثمانية عشر في سنغافورة تعهّدَ كيم جونغ أون بالعملِ من أجلِ نزعِ السلاحِ النووي بالكامل من شبهِ الجزيرة الكورية. لقاءٌ آخر جمعَ الرجلين  في العام ألفين وتسعة عشر في هانوي وفشل أيضاً في التوصلِ إلى اتفاقٍ بعدما رفضت واشنطن مطالبَ بيونغ يانغ برفعِ العقوبات. وفي خضمّ كلِّ ذلك خرقٌ وحيدٌ يسجّل أنّ ترامب أصبحَ أولَ رئيسٍ أميركي في التاريخ يدخل الأراضي الكورية الشمالية بعدما عبرَ لوقت قصير الخط الفاصل بين الكوريتين.

كوريا الشمالية: الوكالة الدولية للطاقة الذرية “دمية”

وفي كلة له في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أعلن سفير كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة كيم سونغ، الأربعاء، التقرير السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهماً الوكالة بانتهاك القانون الدولي، وبأنها “دمية” يحركها الغرب. وقال إنّ “وفد كوريا الشمالية يرفض رفضاً قاطعاً” هذا التقرير، مضيفاً أنّ “الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تفتقر إلى الحياد والموضوعية المطلوبين لمنظمة دولية، ليست سوى أداة سياسية للدول الغربية”. وأكّد أنّ “كوريا الشمالية لن تقيم أبداً علاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما دامت تفتقر إلى الحياد والموضوعية (…) وبقيت دمية ترقص على إيقاع القوى المعادية” لبيونغ يانغ.

 

وكان رافائيل ماريانو غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، صرح أنّ  “الأنشطة النووية لكوريا الشمالية لا تزال مصدر قلق جدي”. وقال إنّ “استمرار البرنامج النووي لهذا البلد هو انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن وهو أمر مؤسف للغاية”، داعياً كوريا الشمالية إلى “التنفيذ الكامل لالتزاماتها التي حددتها قرارات مجلس الأمن”.