أخبار الآن | مقال رأي

إذا أردت أن تعرف ماذا يحدث في تركيا، عليك أن تعلم ماذا يحدث في السعودية، هذه أصبحت حقيقة الآن، فالحملة الشعبية السعودية لمقاطعة المنتجات التركية قد تصاعدت وتحولت من مجرد وسم (هاشتاق) على “تويتر” إلى مقاطعة حقيقية شعبية تحمل شعارا يوضع على واجهات المحلات والأسواق وتقول بأن “هذا المحل مقاطع ولا يبيع المنتجات التركية”.

على وقع تلك الحملة التي لم توجه للشعب التركي بقدر توجيهها إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدا أن تأثير الحملة السعودية قد وصل إلى التجار في أنحاء تركيا، وبدأوا يتلمسون أضرارها المباشرة على حجم تعاملاتهم، فصدر بيان من كبار رجال الأعمال الأتراك، يمثلون رؤساء أكبر ثماني مجموعات أعمال في تركيا، ذكروا فيه أن حملة مقاطعة المنتجات التركية لن تؤثر في حجم تجارة الأتراك فقط بل في سلاسل التوريد العالمية أيضا، ما يعني الإصرار الشعبي السعودي، على بلوغ منطقة العمق التجاري الذي يؤثر في صناعة القرار التركي على طاولة رجب أردوغان.

الحملة الشعبية السعودية إمتدت لدول أخرى كالمغرب واليونان وغيرها، ومن المتوقع أن تنضم دول عربية أخرى كمصر والإمارات والبحرين والسودان والأردن وغيرها من الحملات الشعبية التي قد تعصف بالتجارة والمنتجات التركية وتدفع لثورة شعبية تركية تطالب بإستقالة أردوغان وتنحيه.

ليس كما يظن البعض، أن سبب الحملة هو المحاولات التركية الباهتة لتشويه صورة ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، الذي سطع نجمه في السنوات الأخيرة، وأصبح رمزا للإصلاح ومحاربة الفساد والجماعات المتطرفة ومواجهة إيران، ويؤسس في المملكة لصناعة وسياحة سعودية قوية، بل إن أفعال أردوغان في سوريا وليبيا والعراق وغيرها، هي السبب الرئيسي لتلك الحملات، حيث تشير التعليقات أن الأموال التي نشتري فيها المنتج التركي هي ذات الأموال التي يستخدمها أردوغان لقتل أبنائنا العرب في كل مكان.

لا أعتقد أن الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية سوف تتوقف، حتى مع بروز وسم آخر قطري إخواني يدعو لدعم المنتجات التركية، فالفرق بين الحملتين شاسع وواسع، الحملة السعودية حقيقية وليست إفتراضية، عميقة وليست سطحية، بدأت تؤثر فعلا في حجم الصادرات التركية للسعودية بشهادة التجار الأتراك أنفسهم، أما الثانية، فيقف خلفها ذباب إلكتروني إخواني إفتراضي، يهدف للمماحكة وليس لشيء آخر.

الحملة الشعبية السعودية لمقاطعة المنتجات التركية، والتي أصبحت عربية، أثارت عندي رغبة في إعادة قراءة التاريخ العثماني، منذ عثمان بن أرطغرل، ووجدت أن الإحتلال العثماني للدول العربية، يستند إلى تصوير الأتراك بأنهم كانوا فاتحين، وقد تم دس تلك الصورة الخبيثة في مناهجنا مبكرا، وقد حان الوقت لتصويبها وتصحيح صورة الأتراك بأنهم كانوا غزاة محتلين، ليس لديهم أية نوايا حسنة تجاه مجتمعاتنا العربية، بل كانوا يهدفون لتوسعة رقعة الإمبراطورية العثمانية فقط، ونهب خيرات الأمة العربية، وممارسة سياسة التجهيل بحق الشعوب العربية آنذاك.

اليوم، ومع تطور وسائل الإعلام وإنتشارها وتأثيرها، ليس هناك ثمة عاقل يصدق نوايا أردوغان، إلا قطر والإخوان المستفيدين من وجوده على سدة رئاسة تركيا، ومع أنه لا يخفي أحلامه في استعادة أمجاد الماضي، ويصدق نفسه بأنه خليفة للإخوان المسلمين، ومع ذلك ما زال الطابور الخامس يطعن في ظهر الأمة العربية وخاصرتها، ويسوقون أعدائها ويروجون لهم، بأبخس الأثمان.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولاتعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن